1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

قاعدة الحصة النسائية في الانتخابات تقسِّم الطبقة السياسية في الجزائر

١٧ أكتوبر ٢٠١١

يحتد الجدل في الجزائر حول مشروع قانون جديد منظم للانتخابات، بسبب تضمنه فقرات تنص على تخصيص حصة للمرأة (كوطا). معارضو المشروع يقولون ان نظام الحكم يريد من خلاله إجراء عملية لتجميل النظام والتغطية على اخفاقاته.

https://p.dw.com/p/12rdd
صورة من: AP

أثار مشروع القانون المنظم للانتخابات جدلا واسعا داخل البرلمان الجزائري، وانقساما بين مؤيد ومعارض للمواد التي تجبر الأحزاب على مشاركة المرأة بنسبة 30 بالمائة ضمن قوائم المرشحين، وعدد المقاعد المحصل عليها، وهو ما يعرف بنظام الكوطا أو الحصة. الأمر الذي اعتبرته بعض الأحزاب منافيا للدستور والمواثيق الدولية لحقوق الانسان، ويرى مراقبون أن السلطة الجزائرية تحاول عبثاً إستعمال ورقة المرأة لتجاوز عقدة "العزوف الجماعي" عن المشاركة السياسية لمختلف شرائح المجتمع خلال الانتخابات السابقة.

وقد أكد الطيب بلعيز وزير العدل حافظ الأختام أن المادتين (02) و (05) من مشروع قانون الانتخابات تهدفان إلى توسيع حظوظ المرأة في صنع السياسات العامة، وتفعيل مبادئ الديمقراطية والمساواة بين المواطنات والمواطنين، وتعزيز تمثيلها في المجالس المنتخبة بطريقة عادلة تتناسب ومكانتها في المجتمع. ولتحفيز الأحزاب على توسيع مشاركة المرأة في قوائمها، جاء في نص المشروع، "أن الدولة ترصد مساعدة مالية خاصة للحزب حسب عدد مرشحاته المنتخبات في المجالس الشعبية، البلدية والولائية وكذلك البرلمانية".

حضور رمزي للمرأة في السياسة

Nationale Volksversammmlung Algerien
مبنى المجلس الشعبي الوطني(البرلمان) بالجزائرصورة من: DW

وتعتبر فتيحة مواسة الأمينة الوطنية المكلف بالاعلام في الاتحاد الوطني للنساء الجزائريات ان "مشروع القانون هو ثمرة نضال المرأة الجزائرية منذ الاستقلال لأجل العدالة والمساواة مع أخيها الرجل"، وتضيف مواسة في حوار مع دويتشه فيله،"أن المرأة فرضت وجودها ومكانتها في ميدان العمل، وأثبثت كفاءتها في الوظائف العليا في الإدارة وسلك القضاء، ومجالات أخرى لكن حضورها في المجال السياسي لازال رمزيا وضعيفا، وقانون "الكوطة" جاء لتحقيق ذلك". وناشدت مواسة الأحزاب على العمل من أجل تحقيق "روح" مشروع القانون، والدفع بالمرأة للمشاركة في العملية السياسية بكل قوة، إنسجاما مع الاتفاقيات التي وقعتها الجزائر بخصوص المرأة ومنها إتفاقية القضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة".

جدل تحت قبة البرلمان

Tayeb Belaiz
الطيب بلعيز وزير العدل الجزائريصورة من: DW

وقد أثار موضوع الحصة النسائية( الكوطا) ونسب تمثيل المرأة، جدلا بين نواب المجلس الشعبي الوطني(البرلمان) باختلاف أحزابهم، حتى قبل بدء مناقشته في الجلسات العلنية يوم 13 أكتوبر الحالي، حيث اصطفت الكتل السياسة داخل قبة البرلمان بين مؤيد ومعارض ومتحفظ على النسبة المقترحة.

وحسب ما تسرب عن مناقشات لجنة الشؤون القانونية في البرلمان فان ممثلي حزب التجمع الوطني الديمقراطي (أغلبية ) تمسكوا بنص المشروع وقد أفضت المناقشات إلى تخفيض النسبة من 30 إلى 20 بالمئة، غير أن أطراف حزبية لازالت متخوفة من استحالة بلوغ هذه النسبة وخاصة في المناطق الداخلية والنائية بسبب العادات والتقاليد التي تمنع من دخول المرأة معترك العمل السياسي.

ومن المنتظر أن تعرف جلسات المناقشة حول قانون الانتخابات سجالا حادا بين القوى السياسية المتباينة، وخاصة حول المادة الخامسة التي تنص على رفض القائمة الانتخابية التي لاتستجيب لشرط الكوطا المحدد في المادة الثانية، ويقول في هذا الاطار عيسى قاسا المكلف بالاعلام في حزب جبهة التحرير الوطني( أغلبية) "ان هناك الكثير من العراقيل تواجه المرأة للانخراط في الحقل السياسي، لذلك يتوجب علينا العمل على تذليل هذه العقبات، وإعطاء القانون نوعا من المرونة التي تأخد بعين الاعتبار التنوع الثقافي والاجتماعي في مختلف مناطق الوطن".

معارضو مشروع القانون يهددون

أما حركة النهضة (إسلامية، معارضة) فقد أكدت على لسان رئيس كتلتها علي حفظ الله بأن المشروع مناقض لثقافة وواقع المجتمع الجزائري، وأن "أحزاب الحكومة فشلت في تنفيذ برنامج رئيس الجمهورية في التنمية الشاملة، ومحاربة الفساد والرشوة والمحسوبية، وكسب الرأي العام للمساهمة في تأييد الإصلاحات، تريد اليوم تبيض وجهها باستعمال ورقة النهوض بمشاركة المرأة باسم رئيس الجمهورية من أجل البقاء في السلطة"، وأضاف حفظ الله "إن مضمون القانون لم يستند إلى منطق ولا عقل ولا واقع، ومخالف لمبادئ الاعلان العالمي لحقوق الانسان في المساواة، فتخصيص "كوطا" بنسبة 30 بالمائة للمرأة كتمثيل لها في المجالس المنتخبة هو"احتقار لها كمكون رئيسي في المجتمع الجزائري، واستغلال لا أخلاقي لإسمها من أجل تحقيق مكاسب مادية".

ولم يبق الجدل حول نظام "كوطا المرأة" حبيس جدران البرلمان، فقد بدأت تتشكل جيوب الرفض في بعض المناطق ذات الخصوصية الثقافية، ومن ذلك فقد استنكر مشايخ وأعيان منطقة بني ميزاب في الجنوب الجزائري هذا القانون، وتساءلوا عن الهدف من إقحام المرأة عنوة وبدون رغبة منها في الحياة السياسية، وأعتبروا المضي في هذا القانون "يهدد الاستحقاقات القادمة وسيحدث شرخا كبيرا في المجتمع ويسبب شللا وعجزا كبيرا في المجالس المنتخبة وخاصة المحلية"، وطالب أعيان بني ميزاب السلطة قبل فرض هذه النسبة على المجالس المنتخبة تطبيقها في هياكل الدولة وإداراتها لأنها مناصب تستحقها المرأة بشهاداتها وجدارتها كالمناصب الوزارية والولاة ورؤساء الدوائر والسفراء...

استقلالية المرأة الجزائرية

Laib Chebila
الدكتورة شبيلة العايب الباحثة في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، بجامعة الجزائرصورة من: DW

وترى الدكتورة شبيلة العايب الباحثة في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، بأن النقاش الحاصل الآن حول قضية "كوطا المرأة" دليل على "عجز النظام في فرز سياسات توزيعية وتنظيمية قوية فيلجأ إلى السياسات الرمزية"، وقالت الباحثة الجزائرية في حوار مع دويتشه فيله "إن الجدل الدائر حاليا عقيم لا يهم المرأة من قريب أو بعيد، لكنه قضية السلطة الأولى، التي تريد من خلالها التسويق لمشروعها في التحول الديمقراطي للخارج، وتغطية لإخفاقاتها في تمكين المجتمع من الوظيفة السياسية، حتى لا تضظر إلى إعادة النظر في إعادة هيكلة النظام السياسي برمته". وعزت شبيلة العايب ضعف اهتمام المرأة الجزائرية بالحياة السياسية لأنها "تساهم بشكل كبير في الحقل الاجتماعي من خلال نفوذها الاجتماعي في مؤسسة الأسرة، بمعنى انها تساهم في الحياة العامة بطريقة غير مباشرة، فالمرأة الجزائرية محافظة في تربيتها، تخاف الأضواء، وتخاف أن تكشفها الأضواء".

وتؤكد الدكتورة شبيلة أن المطالب الحقيقية للمرأة الجزائرية لم يتم الاهتمام بها بطريقة كافية؛ فهي تطالب بالمواطنة في المجال السياسي والانصاف الاقتصادي والكرامة الانسانية، وبالتالي فهي ليست بحاجة إلى مرافقة السلطة لها كي تنخرط في العمل السياسي، لأنها عندما أرادت الدخول للجامعة دخلت وتفوقت على الرجل ونفس الشىء بالنسبة لقطاعات كثير تسيطر عليها المرأة، وأثبثت كفاءتها فيها بامتياز.

توفيق بوقاعدة - الجزائر

مراجعة: منصف السليمي