"في سن جدي!"ـ ترامب وبايدن يخطبان ود الناخبين الشباب
٦ مارس ٢٠٢٤مازالت الانتخابات التمهيدية مستمرة لاختيار ممثلي الحزبين الجمهوري والديمقراطي اللذان يخوضان غمار الانتخابات الرئاسية الأمريكية أواخر العام الجاري. وفي حالة غياب أي مفاجأة من العيار الثقيل، يُتوقع أن تكون مواجهة عام 2024 تكرارا لمواجهة عام 2020 بين جو بايدن ودونالد ترامب.
وبناء على ذلك، سيكون على الناخبين الأمريكييين في الخامس من نوفمبر / تشرين الثاني المقبل الاختيار بين الرئيس الحالي جو بايدن الذي يبلغ من العمر 81 عاما وبين الرئيس السابق والأكثر إثارة للجدل دونالد ترامب الذي يبلغ من العمر 78 عاما
وأيا كان الفائز، فإن من المحتمل جدا أن المرشح الذي سيتم تنصيبه في العشرين من يناير/كانون الثاني 2025، سيكون أكبر رئيس أمريكي يؤدي اليمين الدستورية على الإطلاق في سابقة تاريخية.
وبحسب مركز بيو للأبحاث، فإن متوسط عمر الرؤساء الأمريكيين السابقين عند تنصيبهم كان 55 عاما. وفي حالة فوز بايدن أو ترامب، فإن رئيس أمريكا القادم سيكون تقريبا في عقده الثامن أو شارف على بلوغه.
ويأتي ذلك على النقيض من بيانات مكتب الإحصاء الأمريكي التي أشارت إلى أن متوسط العمر الحالي لسكان الولايات المتحدة يبلغ 38 عاما.
شكوك بشأن قدرات بايدن
ورغم تقدم بايدن وترامب الكبير في السن، إلا أن هذا الأمر لا يشكل عائقا أمام خوض الغمار الانتخابي.
وفي مقابلة مع DW، قال لاري ساباتو، مدير مركز السياسة في جامعة فيرجينيا، إن "هناك حالة قلق منطقية ومشروعة بشأن عمر الرئيس القادم. لا أعتقد أنه ينبغي الحكم على الأشخاص بناءً على أعمارهم فقط، لكن من الجلي أنه كلما تقدم الإنسان في السن، كلما زادت فرصة إصابته بمشاكل صحية خطيرة أو ربما وفاته".
لكن يبدو أن قضية كبر السن كانت أكثر إثارة للجدل بالنسبة للرئيس الحالي بايدن رغم أن الفارق بينه وبين ترامب لا يتجاوز سوى أعوام قليلة.
وكان بايدن قد أثار الكثير من الجدل عند خلطه بين أسماء وألقاب رؤساء ومشاهير في عدة مناسبات وكان أخرها وصفه نظيره المصري عبد الفتاح السيسي بأنه "رئيس المكسيك" وذلك خضم حديثه حرب غزة.
ويبدو أن بايدن لم يعد مفعما بالحيوية أثناء ظهوره العلني كما كان أثناء حملته الانتخابية للرئاسة عام 2020.
وخلال برنامجه الشهير على منصة "بودكاست"، قال الكاتب والصحافي الليبرالي عزرا كلاين إن عمر بايدن ليس ما يقلق الأمريكيين "وإنما الانطباع الذي يعطيه بايدن عن تقدمه في السن على سبيل المثال بطء الحركة والوهن".
رأي الشباب
وقال ناخبون شباب تحدثوا إلى DW أيضا إنهم قلقون خاصة بشأن عمر بايدن.
وقال زاك، البالغ من العمر 26 عاما ويعيش في الغرب الأوسط الأمريكي، إنه قرر عدم المشاركة في الانتخابات، مضيفا "لست واثقا بنسبة مئة في مئة من قدرة أيا من المرشحين على أداء مهامه بشكل كامل، لكنني أعتقد أن ترامب لديه فرصة أفضل لأنه يبدو في كامل قواه العقلية."
وفيما يتعلق بالرئيس الحالي، قال زاك، الذي فضل عدم الإفصاح عن هويته، "أحيانا عندما أشاهد بايدن، أشعر أنه لا يعي ما يحدث على الإطلاق".
واللافت أن حالة القلق تساور الشباب الذين يعارضون سياسات ترامب، إلا أنهم يفضلون حصول بايدن على فترة رئاسية ثانية.
وفي ذلك، قال جيمس دبليو، البالغ من العمر 29 عاما ويعيش في مدينة نيويورك، "أنا لا أتفق مع معظم سياسات ترامب، لكن تقدم بايدن في السن يمثل مشكلة لأنه يبدو أضعف من الناحية الجسدية في حالة مقارنته مع ترامب".
وقالت إيما لينجيل، البالغة من العمر 23 عاما وتعيش في العاصمة واشنطن، إنه "لسوء الحظ، أعتقد أن ترامب ربما يستطيع القيام بعمله بشكل أفضل من بايدن، لكنهما ليسا الشخصان المثاليان لتولي منصب الرئاسة فضلا عن أن رئاسة ترامب لا تبشر بالخير".
المرشحون الأصغر سنا.. الأقل حظا؟
وأثار تقدم بايدن وترامب في السن الكثير من التساؤلات حيال سبب عدم امتلاك المرشحين الأصغر سنا حظوظا أفضل لخوض الغمار الانتخابي.
فعلى صعيد الحزب الجمهوري، كان حاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتيس البالغ من العمر 45 عاما وحاكمة ولاية ساوث كارولينا السابقة وسفيرة أمريكا السابقة في الأمم المتحدة نيكي هيلي البالغة من العمر 52 عاما، يحلمان بالحصول على ترشيح حزبهما. ورغم بقاء هيلي في السباق، إلا أنه يبدو أن سيطرة ترامب على الحزب تظل بلا منافس.
وفيما يتعلق بالحزب الديمقراطي، يبقى بايدن بلا منافس داخل حزبه رغم أنه واجه خلال الانتخابات التمهيدية لعام 2020 منافسين أصغر سنا مثل وزير النقل الحالي بيت بوتيجيج البالغ من العمر 42 عاما ونائبته الحالية كامالا هاريس البالغة من العمر 59 عاما.
وفي حالة هاريس، فعندما جرى الإعلان عن ترشحها لمنصب نائب الرئيس لبايدن إبان الانتخابات السابقة، تكهن بعض المراقبين بأن عمر بايدن سيمنعه من السعي لإعادة انتخابه ما يفسح المجال أمام هاريس، إلا أنها لم تتمكن من تقوية مكانتها خلال السنوات الأربع الماضية، كما أنها لم تثير الحماس الكافي بين الناخبين الديمقراطيين لكي يراهن الحزب الديمقراطي عليها في خوض انتخابات عام 2024.
"سئمنا"
ويبدو أن تقدم السن لا يمثل عائقا في التواصل مع الناخبين الأصغر سنا وكسب ودهم في نهاية المطاف فيما يعد بيرني ساندرز، عضو مجلس الشيوخ عن ولاية فيرمونت، المثال الأوقع على ذلك.
فرغم أنه يبلغ من العمر 82 عاما، إلا أنه يحظى بشعبية كبيرة بين طلاب الجامعات والشباب الأمريكي بشكل عام.
وفي تعليقها، قالت إيما لينجيل إن الهَرَم ليس عاملا من شأنه أن يؤدي إلى استبعاد المرشحين بشكل تلقائيا، لكن الافتقار إلى اتخاذ إجراءات بشأن القضايا التي تهم الشباب في الولايات المتحدة يعد عاملا هاما.
وفي ذلك، قالت "نحن بحاجة إلى معالجة مخاوفنا بشكل فعلي، "لقد سئمنا من كل هؤلاء السياسيين ذوي الأعمار الكبيرة والذين باتوا منفصلين عن الواقع. انهم يحاولون فعل أشياء لاسترضائنا، لكنهم على المستوى التشريعي لا يفعلون أي شيء حقا".
ترامب وبايدن "من سن أجدادي"
ويشير مؤرخون إلى أن الرؤساء الأكبر سنا في تاريخ الولايات المتحدة تمكنوا في السابق من التواصل مع الناخبين الشباب.
وفي تعليقه، قال لاري ساباتو، مدير مركز السياسة في جامعة فيرجينيا، إن الرئيس الأسبق رونالد ريغان غادر منصبه وهو في أواخر عقده السابع فيما تبين أن الشباب كانوا يدعمونه بقوة، إذ كان يُجسد لهم شخصية الجد.
وأضاف أن تقدم السن كانت بمثابة ميزة في صالح ريغان، بيد أن هذا التفكير لم يعد مستساغا في الوقت الراهن إذ بات الشباب في ريبة بشأن عمر ترامب وبايدن.
وفي ذلك، قال زاك ""تقدم (بايدن وترامب) في السن وباتا في عمر أجدادي. هل نتقاسم الآراء ذاتها مع أجدادنا".
ويتفق في هذا الرأي جيمس، قائلا: "في كل مرة أشاهد (بايدن وترامب) يتحدثان، أشعر وكأنني أشاهد أجدادي الذين عند أثارة غضبهم مع احتدام النقاش أقدم على إيماء رأسي والقول "نعم لا بأس"، لأني أعرف أنهم لن يفهموا أسباب معارضتي."
جانيل دومالاون ساهمت في إعداد التقرير
أعده للعربية: محمد فرحان