فضيحة التجسس الروسي.. ماذا بشأن تحذير الاستخبارات الألمانية؟
٦ مارس ٢٠٢٤يتبادل ضباط القوات الجوية في الجيش الألماني أطراف الحديث حول السيناريوهات العسكرية المحتملة في حالة قيام ألمانيا بتسليم صواريخ من طراز "تاوروس" إلى أوكرانيا على الرغم من معارضة المستشارالألماني أولاف شولتس. بيد أنّ المشكلة ليست هنا، بل هي تكمن في أن روسيا كانت تستمع إلى كل هذا.
وما زاد الطين بلة أن وسائل الإعلام الحكومية في موسكو قد كشفت عن التسجيل السري. ما دفع بالبعض داخل حلف شمال الأطلسي (الناتو) إلى التشكيك في مصداقية ألمانيا. وفي رد فعل أولي، قيّم وزير الدفاع الألماني، بوريس بيستوريوس، هجوم التنصت الروسي بأنه "هجوم تضليل هجين". وبأنه "جزء من حرب المعلومات التي يشنها بوتين".
نقطة تحول بالنسبة للأمن الداخلي
وأضاف متحدث باسم الوزارة بعد ذلك بقليل أن الهدف كان "خلق حالة من عدم اليقين والتقسيم". غير أن هذا ليس مفاجئا - بل على العكس من ذلك. وقد سبق وأن حذرت وزيرة الداخلية الألمانية، نانسي فيزر في يونيو/حزيرا العام الماضي2023: من أنّ "حرب روسيا ضد أوكرانيا تعني أيضاً نقطة تحول بالنسبة للأمن الداخلي".
والمناسبة كانت الكشف عن التقرير الصادر عن المكتب الاتحادي لحماية الدستور (جهاز الاستخبارات الداخلية)، والذي قدمته مع توماس هالدينوانغ، رئيس الجهاز. وذكر التقرير أن التهديدات الناجمة عن أنشطة التجسس الروسية زادت بوتيرة سريعة مجددا.
وذلك على الرغم من أن ألمانيا كانت قد طردت بالفعل 40 دبلوماسياً روسياً في ذلك الوقت، وهم أشخاص يشتبه في استخدامهم كجواسيس في سفارة بلادهم في برلين.
الحذر من ضباط بالمخابرات الروسية
وتوقع هالدينوانغ بأن تكيف روسيا من أساليبها وتتصرف بشكل أكثر سرية وعدوانية في المستقبل. وتُظهر قضية التنصت على المكالمات الهاتفية للجيش الألماني، والتي أصبحت معروفة الآن، مدى صحة ذلك. كما ألمح رئيس جهاز الاستخبارات الداخلية الألماني إلى الأساليب التي يثق في أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين سيستخدمها والمتمثلة في استخدام ضباط الخدمة السرية ذوي الهويات المزورة في ألمانيا.
وشدد هالدينوانغ على أن "الأجهزة الروسية لا تخجل من قتل الناس"، في إشارة إلى ما بات يعرف بـ"جريمة حديقة تيرغارتن" التي قتل فيها رجل جورجي من أصل شيشاني في برلين بـ"أمر من الحكومة الروسية"، بحسب ما يقول الإدعاء الألماني. الضحية كان منفي وطلب اللجوء في ألمانيا عام 2019. وقد حكم الآن على الجاني بالسجن مدى الحياة بتهمة القتل.
الدعاية العدائية في تزايد
ومنذ الهجوم الروسي على أوكرانيا، سجل مكتب حماية الدستور (الاستخبارات الداخلية) دعاية عدائية في ألمانيا أكثر من أي وقت مضى. وتستهدف هذه الدعاية الجماعات الموالية لروسيا والتي تتغاضى عن الحرب العدوانية التي تشنها. الهدف من ذلك هو استقطاب الناس من جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق الذين يعيشون الآن في ألمانيا إلى صفهم.
وقال رئيس المكتب المكتب الاتحادي لحماية الدستور،هالدينوانغ: "ينظر بوتين إلى هذه المجموعة من الأشخاص على أنهم "روس. أشخاص يود أن يمارس نفوذه عليهم". وأضاف أنه مع ذلك فإن غالبية الجالية الروسية في ألمانيا ليست عرضة للانسياق خلف الدعاية الروسية.
رجل موسكو في قلب الاستخبارات الألمانية!
لقد كان لدى برونو كال، رئيس جهاز الاستخبارات الألمانية الخارجية (BND)، سبب للقلق بشكل خاص. ففي ديسمبر/ كانون الأول عام 2022، بعد عشرة أشهر من بدء الحرب الأوكرانية، تم القبض على أحد موظفي الجهاز بتهمة الخيانة يدعى "كارستن إل."، المشتبه بإرساله وثائق حساسة إلى جهاز الأمن الفيدرالي الروسي (FSB).
ويخضع الجاسوس للمحاكمة في برلين منذ يناير/ كانون الثاني عام 2023. كما اعتقل شريكه المزعوم، رجل الأعمال "آرثر إي"التي تذكر لائحة الاتهام الخاصة به تسع وثائق مسربة. ويفترض أن يكون الأمرمتعلقاً بخطة جمع معلومات تقنية. واتخذ رئيس جهاز المخابرات الخارجية بعد التسريبات بمنزله إجراءات أمنية مشددة، منها فحص الحقائب في جميع الأوقات.
حسابات فلاديمير بوتين
بعد بضعة أشهر فقط من الهجوم على أوكرانيا، أوضح كال مدى خطورة التجسس والدعاية الروسية خلال جلسة استماع علنية للجنة المراقبة البرلمانية للأجهزة السرية (PKGr). وتضمنت جلسة الأسئلة والأجوبة مع أعضاء اللجنة أيضًا تقارير حول طائرات صغيرة بدون طيار قيل إنها تم رصدها في قواعد الجيش الألماني.
كما كان هناك حديث عن مواقع سيتم فيها تدريب الجنود الأوكرانيين على الأسلحة الألمانية.
ومن جهتها ذكرت رئيسة جهاز مكافحة التجسس العسكري (MAD)، مارتينا روزنبرغ، في ذلك الوقت: "نحن نتعامل مع هذا الأمر لأنه يمثل تهديداً حقيقياً". وتابعت: "ولا يمكن أن تعزى محاولات التجسس بشكل مباشر إلى روسيا، لكن الأمر محتمل. ولكن في حالة التجسس على المحادثات بين ضباط القوات الجوية، ليس هناك شك في من يقف وراء ذلك: الكرملين".
أعدته للعربية: إيمان ملوك