"عربيّة" تُلقن لغة الضاد للعرب والأجانب في أوروبا!
٢٣ أبريل ٢٠٢٢وصلت سماح إلى ألمانيا في عام 2001، ومنذ ذلك الحين تحمل سماح بلحاج سعد، هم الحفاظ على هويتها وهوية أبنائها في البلد المضيف. الأمر الذي دفع المهندسة والباحثة التونسية إلى تأسيس مركز ثقافي لتعليم اللغة والثقافة العربية وتعزيز اندماج الجالية التونسية والعربية في المجتمع الألماني. إلى جانب هذه الخطوة تسعى مديرة ومؤسسة المركز إلى إدراج تعليم اللغة العربية في المناهج الدراسية بألمانيا. وفي خطوة تقربها أكثر من حلمها أطلقت المهاجرة العربية "عربيّة"، وهي منصّة تعليميّة للغة العربية والثقافة الإسلامية لأبناء المهاجرين العرب والأجانب في أوروبا المنصة تهدف إلى مكافحة التعليم العشوائي لأبناء المهاجرين ومقاومة الأفكار المتطرفة حول الدين وتأهيل المتعلمين للتعايش السملي في المجتمعات المضيفة.
إقبال متزايد من الألمان على تعلم اللغة العربية
اللغة العربية لسان وكيان!
بحسب آخر الإحصاءات يبلغ عدد أفراد الجالية العربية المقيمة في ألمانيا اليوم، نحو مليون شخص أغلبهم من المغرب وتونس وفلسطين وسوريا ومصر ولبنان والعراق ومن هؤلاء ما يقرب من 700 ألف يحملون الجنسية الألمانية وأعداد كبيرة منهم يحملون الشهادات الجامعية. كما أظهرت دراسة ألمانية رسمية عام 2021 أن نسبة المسلمين في ألمانيا وصلت إلى 6,7 بالمئة.
ترى بلحاج سعيد في اللغة العربية هويتها، كما قالت لـ مهاجر نيوز:" علاقتي باللغة العربية هي علاقة عشق وحب لجذوري وهويتي وأصالتي وديني". وتضيف:" هذا المشروع ليس وليد اللحظة. تراودني مشاعر وأحاسيس جبارة كل يوم حتى أصبحت لدي كالهاجس يحول بيني وبين النوم والراحة. كيف لي أن أنام وأرتاح وأبناء وبنات العروبة والإسلام والأصالة يتكلمون الأعجمية؟! ويحلمن بلغة لاتينية!!". تطمح سماح بلحاج سعد إلى أن يتم تدريس اللغة العربية ليس فقط في الجامعات، بل أيضاً في الروضات والمدارس الإبتدائية والثانوية الحكومية في أوروبا. كما تحرص على أن تدرس اللغة العربية من قبل أساتذة أكفاء ومتخصصين في التربية والتعليم. وتعبرعن طموحها من خلال هذا المشروع قائلة: "طموحي هو أن تتاح فرصة تعلم لغة الضاد في أوروبا لكل شخص طفل أو شاب أو كهل، ذكر أو أنثى، مسلم أو مسيحي، وبالأخص أبناء الجاليات العربية".
تحسين تدريس لغة الضاد
إلي جانب المساجد والمراكز الثقافية العربية والإسلامية في ألمانيا، تتيح العديد من الجامعات الألمانية دراسة اللغة العربية والعلوم الإسلامية، غير أن التعلم عبر المنصة التعليمية "عربيّة" يتيح للمتعلمين تعلم لغة الضاد في سن مبكر، أي بداية من الصف التحضيري حتى الجامعة، وفق ما أوضحت مؤسسة المنصة. كماقالت أن المنصة تهدف إلى تحسين برامج تعليم لغة الضاد والحضارة الإسلامية في المدارس والمعاهد والجامعات الأوروبية التي تعنى بتعليم اللغة العربية والآداب والحضارة الإسلامية.
عن النقص الكبير في تعليم لغة الضاد لأبناء المهاجرين العرب في أوروبا، قالت المهندسة والباحثة التونسية، أن الجامعات الأوروبية لا تفي سوى بنسبة خمسة في المائة من احتياجات أبناء الجاليات العربية لتعلم لغتهم وحضارتهم الإسلامية." لا يوجد عدد كاف من المعلمين والأساتذة المُعترف بهم من قبل وزارات التربية في الدول الأوروبية في نظامهم التربوي لتعليم اللغة العربية كلغة أجنبية في المعاهد الثانوية في مرحلة ثانية". للأسف منذ أكثر من خمسين سنة، ينشأ الطفل العربي في بيئة أوروبية بعيداً عن لغته الأم ودينه وهويته. ولا توجد جهود حثيثة وقيمة تذكر في أوروبا تفي بهذا الغرض، على حد قولها.
سلاح دحر التطرف والعنصرية
تشير آخر الدراسات والإحصاءات أن المواقف المعادية للأجانب ومظاهر العنصرية وعدم الإنفتاح على الآخرين تنتشر بشكل واسع في ولاية بافاريا خلال السنوات الأخيرة. من خلال تجربتها الشخصية وإقامتها منذ عشرين عاماً في مدينة ميونخ البافارية، ترى المهاجرة التونسية أن الشعب الألماني، شعب متحضر ومنفتح، وقالت:"كلمة عنصرية تبدو لكل مهاجر من الوهلة الأولى هي الكلمة التي يعبر بها عن استياءه لعدم اندماجه بسرعة في هذا المجتمع ولرفضه معايير وعادات لم ينشأ بها في وطنه". تحدثت سماح بلحاج سعد، من منطلق تجربتها الشخصية باعتبارها أم وولي أمر أطفالها الذين يدرسون في المدارس الألمانية ورئيسة مركز ثقافي عربي، عن سماعها نفس الملاحظات آلاف المرات ولكن لم تزدها إلا إصراراً وتحدي، وتابعت حديثها: "قمت بنفسي بمراسلة وزارة التربية في مقاطعة بقاريا ووجدت منهم القبول والتعاون والإنفتاح على الثقافات الأخرى".
وصفت مؤسسة "عربيّة" أن الإقبال على تعلم اللغة العربية والتعرف على الحضارة الإسلامية بـ "المشرف" سواء من العرب أو الأوروبيين، منهم ألمان. معلمة ألمانية بإحدى المدارس الإبتدائية ترى أن المنصة التعليمية عن بعد أصبحت ضرورة من الضروريات خصوصا مع انتشار جائحة الكورونا، وقالت لـ مهاجر نيوز:" اللغة العربية من أجمل لغات العالم وعن نفسي أرغب في تعلمها لأن في الصف عندي تلاميذ يتكلمون العربية وأريد أن أفهم ما يقولون وبعض ما يتحدثون به. كما أن اللغة العربية هي من أقدم اللغات التي يستطيع الإنسان أن يعبر بها عن مشاعره وأحاسيسه وعما يخلج بخاطره لثراء وتنوع كلماتها وتراكيبها اللغوية". بينكا دورينغ، كانت تدرس اللغة العربية في المركز الثقافي العربي بميونخ، وبسبب ندرة مدارس تعلم اللغة العربية في ميونخ، بذلت جهداً كبيراً في البحث عن معلمة أو معلم، وعن السبب وراء رغبتها في تعلم لغة الضاد قالت لـ "مهاجر نيوز":" أرغب في تعلم اللغة العربية لأن صديقي من أصول عربية وأجد العادات والتقاليد في الدول العربية مختلفة عنا كثيرا وحتى طبيعة العلاقات العائلية وبين الأصدقاء".وأضافت:" يسعدني كثيرا التعرف على عالم جديد وأشخاص مختلفين وما أحبه في العرب الصداقة الحميمة التي تدوم سنين".
حلم سماح بلحاج سعد هو إدراج تعليم اللغة العربية والعلوم الإسلامية في المناهج الدراسية بألمانيا، لأنها ترى أن ذلك سيحد من اتساع رقعة التطرف لدى أبناء المهاجرين ودحر العنصرية والكراهية من قبل المجتمع المضيف.
مهاجر نيوز 2022