أحدث حزب الشعوب الديمقراطي (HDP) الموالي للأكراد الفارق في الانتخابات الكبرى الأخيرة في تركيا. وبشكل خاص الانتخابات المحلية في مارس/ آذار من العام الماضي التي ساهمت في تأكيد سمعته كـ "صانع للملوك". ففي خطوة ذكية ساهم في الهزيمة الانتخابية الأولى للرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحزبه الحاكم، حزب العدالة والتنمية، بعدما سحبت قيادة حزب الشعوب الديمقراطي مرشحيها في بعض المدن وطالبوا ناخبيهم بالتصويت بدلاً من ذلك لمرشحي حزب الشعب الجمهوري المعارض (CHP) فبدون الدعم الكردي، كان فوز حزب الشعب الجمهوري في الانتخابات في بعض المدن التركية غير وارد.
لكن هذه الخطوة التي أفادت حزب الشعب الجمهوري، سيدفع ثمنها حزب الشعوب الديمقراطي في الأشهر التي تلت الاستحقاقات الانتخابية. فخلال الأسبوع الماضي فقط، تم اعتقال 17 سياسيا ينتمي إلى الحزب الكردي.
ويبرر الادعاء العام في أنقرة هذه الاعتقالات بأحداث شغب اندلعت بسبب ما كان يقع في مدينة كوباني شمال سوريا في عام 2014.
أدلة مختلقة؟
عندما حاصر تنظيم "الدولة الإسلامية" مدينة كوباني ذات الأغلبية الكردية خلال الحرب الأهلية السورية قبل ست سنوات، دعت التكتلات الكردية - بما في ذلك حزب الشعوب الديمقراطي - إلى تنظيم مظاهرات لحمل الحكومة التركية على اتخاذ موقف أكثر حزما تجاه تنظيم "داعش". ولم تكن كل التظاهرات سلمية، حيث اندلعت آنذاك أعمال شغب في عدة مدن جنوب الأناضول، مما أسفر عن مقتل العشرات. ويقول المدعي العام الآن إن "جرائم القتل ومحاولات القتل وعمليات النهب" خلال أعمال الشغب هي سبب أوامر الاعتقال الصادرة.
أيهان بيلغن ، عمدة مدينة كارس السابق ، أحد سياسيي حزب الشعوب الديمقراطي الذين اعتقلوا الأسبوع الماضي
بالنسبة لخبراء سياسيين وقانونيين تحدثوا إلى DW، فإن هذه الاعتقالات المتعلقة باحتجاجات كوباني هي ذريعة أخرى بالنسبة للحكومة التركية للتخلص من المعارضين المزعجين. وينتقد المحامي فيغان جاليكوسو من حزب الشعب الجمهوري قائلاً: "ما الدليل الذي يُفترض أنه ظهر فجأة بين عشية وضحاها، بحيث يمكن اعتقال 82 شخصًا؟".
وبالإضافة إلى 17 سياسياً من حزب الشعوب الديمقراطي، تم اعتقال أشخاص آخرين خلال الأشهر القليلة الماضية. وانتقد السياسي المعارض هذه الاعتقالات باعتبارها "لم تتم في إطار إجراءات التحقيق والادعاء المعتادة".
وذهب المحلل السياسي التركي بوراك بيلجيهان أوزبيك في نفس الاتجاه في تقييمه لموجة الاعتقالات الأخيرة. ويقول أوزبيك: "يبدو أن أحداث كوباني أصبحت أداة لنسف المواقف السياسية للحركة الكردية وحزب الشعوب الديمقراطي وحلفائه".
تكتيكات سياسية؟
نجحت مؤخرًا المعارضة في تركيا، التي كانت منقسمة غالبا في الماضي لأسباب أيديولوجية، في حشد قواها ضد حكومة أردوغان. وقد ظهر ذلك جليا بشكل خاص في الانتخابات المحلية العام الماضي، حيث وحدت مجموعة واسعة من أحزاب المعارضة – إسلاميين وقوميين وديمقراطيين اجتماعيين وليبراليين يساريين - رغم كل الخلافات السياسية، قواها لأول مرة ضد "عدوها المشترك" أردوغان. وبذلك أصبحت تمثل وحدة المعارضة إلى جانب الأزمة الاقتصادية، أحد أكبر التحديات التي تواجه أردوغان للاحتفاظ بالسلطة.
سيدة تحمل صورة صلاح الدين دمرداش، الرئيس السابق لحزب الشعوب الديمقراطي، يقبع في السجن منذ ما يقرب من أربع سنوات
وعلى ضوء ذلك، يعتقد بعض خبراء السياسة الأتراك أن الحكومة التركية تحاول تشتيت صفوف المعارضة باستخدام القضية الكردية الحساسة للغاية، حيث تقوم حسابات السلطة، حسب مراقبين، على التالي: كتلة المعارضة تضم الجمهوريين ممثلين بحزب الشعب الجمهوري وحزب "الخير" (IYI) القومي. وأي تقارب بين هذين الحزبين وحزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد الذي تتهمه الحكومة بـ"الإرهاب" قد يردع قاعدة الناخبين الأساسيين لديهما.
لكن من الواضح أن استراتيجية شرخ المعارضة، التي تحاول الحكومة التركية اتباعها، لم تحقق أي نجاح. فقد أبدى زعيم الاشتراكيين الديمقراطيين كمال كيليجدار أوغلو تضامنه مع سياسيي حزب الشعوب الديمقراطي مرة أخرى هذا الأسبوع؛ وانتقد موجة الاعتقالات منوها بالتعاون الجيد مع حزب الخير القومي. وقال كيليجدار أوغلو في كلمة بالبرلمان التركي "لا أحد يستطيع تدمير تحالفنا. سنقيم دائما علاقات طيبة".
آيدين أوستونيل/ع.ش
-
"آيا صوفيا" تحفة البوسفور تثير الجدل من جديد
معلم من معالم العمارة
في عام 532 ميلادية أمر الإمبراطور الروماني جستنيان، الذي كان يقيم آنذاك في القسطنطينية ببناء كنيسة صخمة "ليس لها مثيل منذ خلق آدم ولا شبيه في قادم الزمن." وشارك في العمل 10 آلاف عامل. وبعد مرور 15 عاما تم افتتاح المبنى. وبقيت تلك الكنيسة على مدار ألف عام أكبر كنيسة في العالم المسيحي.
-
"آيا صوفيا" تحفة البوسفور تثير الجدل من جديد
مكان تتويج حكام بيزنطة
ويقال إن جستنيان استثمر ما يقرب من 150 طناً من الذهب في بناء آيا صوفيا. مع ذلك فقد وجب إجراء تحسينات على المبنى. فالقبة كانت في البداية مسطحة للغاية وانهارت عند وقوع أحد الزلازل. "آيا صوفيا" ومعناها "الحكمة المقدسة" اعتبرت مباشرة كنيسة الدولة. ومنذ منتصف القرن السابع الميلادي جرى هنا تتويج جميع حكام بيزنطية تقريباً.
-
"آيا صوفيا" تحفة البوسفور تثير الجدل من جديد
التحول من كنيسة إلى مسجد
في عام 1453 سقطت القسطنطينية في يد السلطان العثماني محمد الفاتح، الذي أعلن تحويل آيا صوفيا إلى مسجد. وحل الهلال مكان الصلبان، ودمرت أجراس الكنيسة والمذبح وجرى تفكيك الفسيفساء والجداريات. كما أقيمت أول مئذنة بالمبنى فأعطته مظهراً إسلامياً.
-
"آيا صوفيا" تحفة البوسفور تثير الجدل من جديد
التحول من مسجد إلى متحف
في عام 1934 أمر مؤسس الدولة التركية الحديثة؛ مصطفى كمال أتاتورك بتحويل آيا صوفيا إلى متحف. ومع أعمال الترميم المكلفة لآيا صوفيا كانت هناك نية لعدم الإنحياز لدين معين فتم حينها إظهار لوحات الفسيفساء البيزنطية مرة أخرى. كما كان هناك حرص على عدم تدمير البنايات الإسلامية اللاحقة. وفي 10 يوليو 2020، ألغت محكمة تركية عليا مرسوم عام 1934، مما مهد الطريق لتحويله إلى مسجد.
-
"آيا صوفيا" تحفة البوسفور تثير الجدل من جديد
الإسلام والمسيحية على قدم المساواة
التاريخ المضطرب لآيا صوفيا يتضح اليوم للزوار في كل ركن من أركان البناية المعلمة. كتابات مثل "الله" و"محمد" تحيط بأيقونة مريم العذراء مع الطفل يسوع في حجرها. ومن الجدير بالذكر أن النوافذ الأربعين في القبة الكبيرة تسمح بمرور الضوء وتمنع انتشار الشقوق وتدمير القبة. في عام آيا صوفيا 1985 أعلنت اليونسكو المبنى كأحد مواقع التراث الإنساني.
-
"آيا صوفيا" تحفة البوسفور تثير الجدل من جديد
أيقونات بيزنطية
الفسيفساء الرائعة المعروضة على جدار الرواق الجنوبي لآيا صوفيا تعود للقرن الـ 14 الميلادي. وحتى وإن لم تكن كاملة إلا أن الوجوه المشكلة بالفسيفساء لازالت واضحة جداً للعيان. في المنتصف صورة يسوع كحاكم للعالم، وعن يساره ماريا وعن يمينه يوحنا.
-
"آيا صوفيا" تحفة البوسفور تثير الجدل من جديد
ليس مكانا للعبادة
الصلاة في آيا صوفيا ممنوعة اليوم. وقد التزم بذلك أيضاً البابا بنديكت السادس عشر، عندما زار البازيليكا في عام 2006. وجرت زيارته في ظل إجراءات أمنية مشددة، فقد سبقتها احتجاجات للقوميين ضد زيارة البابا. ومؤخراً، جمع شباب الأناضول الوطني المحافظ 15 مليون توقيع لأجل إعادة المتحف ليكون مسجداً من جديد.
-
"آيا صوفيا" تحفة البوسفور تثير الجدل من جديد
قيمة رمزية كبيرة
المنطقة المجاورة لآيا صوفيا لا تنقصها البنايات الإسلامية: ففي الجهة المقابلة مباشرة ترتفع مآذن جامع السلطان أحمد، المعروف أيضا باسم "المسجد الأزرق" (يمين). ويدعو القوميون إلى إعادة آيا صوفيا لتكون مسجدا، لأنه يرمز إلى فتح القسطنطينية على يد العثمانيين. وفي نظرهم أنه يجب حماية هذا التراث الإسلامي.
-
"آيا صوفيا" تحفة البوسفور تثير الجدل من جديد
مطلب المسيحيين الأرثوذكس
برتلماوس الأول بطريرك القسطنطينية؛ الرئيس الشرفي لجميع المسيحيين الأرثوذكس يطالب هو أيضاً بحقوق في آيا صوفيا. ويدعو منذ سنوات، لفتح الكنيسة (البازيليكا) مرة أخرى للقداس المسيحي. ويقول إن آيا صوفيا "بنيت لتكون شاهداً على الإيمان المسيحي" وينبغي أن تكون بمثابة "مكان ورمز للاجتماع والحوار والتعايش السلمي بين الشعوب والثقافات"، حسب تعبيره.
-
"آيا صوفيا" تحفة البوسفور تثير الجدل من جديد
مسجد مرة أخرى
ألغت المحكمة الإدارية العليا في تركيا المرسوم الحكومي الذي استمر لعقود والذي حول آيا صوفيا إلى متحف، مما مهد الطريق لتحويل المبنى إلى مسجد مرة أخرى، على الرغم من التحذيرات الدولية والمراجع المسيحية من هذه الخطوة وهو ما تتحفظ عليه الحكومة التركية.
-
"آيا صوفيا" تحفة البوسفور تثير الجدل من جديد
قرار فوري
وبعد أن وافق مجلس الدولة أعلى محكمة إدارية في تركيا بطلب من عدة جمعيات على إبطال قرار حكومي يعود للعام 1934 ينص على اعتبار الموقع متحفاً، أعلن الرئيس أردوغان فوراً تحويل كنيسة آيا صوفيا مسجداً.
-
"آيا صوفيا" تحفة البوسفور تثير الجدل من جديد
أردوغان يشارك في أول صلاة
ويشارك الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الجمعة (24 تموز/ يوليو 2020) بأول صلاة للمسلمين في كنيسة آيا صوفيا السابقة في اسطنبول منذ تحويلها إلى مسجد.
الكاتب: كلاوس داهمان/ صلاح شرارة/ ع.ح