دورات لتعريف الشرطة الألمانية بتقاليد الجالية المسلمة
٣٠ يوليو ٢٠٠٩يقترف أفراد الشرطة الألمانية أثناء مهامهم التي تحدث في أوساط اجتماعية ذات أصول مهاجرة الكثير من الأخطاء بسب الجهل بعادات وتقاليد هذه الأوساط، ويقومون أحياناً وعن غير قصد بتصرفات تثير حفيظة المسلمين، من ذلك مثلاً القيام بعمليات تفتيش في الجوامع بالاستعانة بالكلاب.
لهذا بدأت ولاية شمال الراين ووستفاليا ببرنامج لتدريب الشرطة على التعامل مع أبناء الجاليات الأخرى في المجتمع الألماني. ويستند المشروع بشكل رئيسي على توعية رجال الشرطة على عادات الأوساط الثقافية والدينية الأخرى، لأنها الطريق الوحيد حسب رأي الخبراء لتحاشي حالات التوتر أثناء القيام بعمليات التحقيق في الجرائم والأعمال الأخرى المخالفة للقانون.
أمور بسيطة تساعد على تجنب التصعيد
ومن بين القائمين على تنفيذ المشروع المحقق الجنائي فيلهيلم ستراتمان الذي مر خلال عمله بتجارب عديدة. وعندما يتحدث عن ذلك يعترف بأنه اقترف خلال عمله منذ 38 سنة الكثير من الأخطاء قائلا: "كنت أخطئ التصرف في الكثير من الأحيان على الرغم من أنني تصرفت على الدوام وفق ضميري."
ثم يوضح ستراتمان أن سبب ذلك راجع الى الجهل بعادات الآخر، ويعطي مثالاً على ذلك قائلا: "يعتبر كثير من أبناء المهاجرين النظر المباشر الى عيني الشخص لدى الحديث معه إشارة الى عدم الاحترام، بينما يعتبر الألماني أن عدم النظر اليه أثناء الحديث معه إشارة الى عدم الاحترام. "
قد تبدو هذه الأمور في غاية البساطة، لكنها تخلق حالة من التوتر وتؤدي الى تصعيد تأزم الحالة.
برنامج من أجل التعريف بالإسلام
وفي هذا السياق يجري المعهد العالي في مدينة كولونيا أبحاثاً منذ سنوات عديدة على التعامل مع المجموعات المتعددة الثقافات. ومن بين القائمين على المشروع هارالد غروش المختص في شؤون التربية. وهو يعرف من خلال أبحاثه نوعية الحالات التي تجابه الشرطي في عمله ويقول "من الحالات الشائعة في يوميات عمل الشرطي تلك التي تحمل طابعاً دينياً ، من ذلك مثلاً عندما تقع جرائم بدعوى إنقاذ الشرف". ومن الحالات الأخرى التي ذكرها الباحث غروش الزواج القسري أو خطف العروس أو نقل خبر وفاة.
ويشير الى أن المعتقدات الدينية تمارس في حالات من هذا النوع تأثيراً كبيراً على طبيعة التصرف إزاء الآخر، لهذا يشكل التعريف بالدين الإسلامي أحد المواضيع الرئيسية في الدورات التعليمية، كما أن زيادة عدد أفراد الشرطة من أصول مهاجرة يشكل أحد الأهداف الرئيسية للمشروع.
مطلوب زيادة عدد أفراد الشرطة من المهاجرين
ففي الوقت الراهن لا تتعدى نسبة رجال الشرطة من أصول مهاجرة الخمسة بالمائة. ويوضح الكسندر شياتزا مدير البرنامج في المعهد العالي هذه الأهمية من خلال الإشارة الى أن نسبة المهاجرين في المجتمع تزيد على 20 بالمائة لهذا من البديهي كما يقول "أن ينعكس التنوع الثقافي في المجتمع في مؤسساته أيضاً".
وهو الأمر الذي أدركته الشرطة أيضاً. وتسعى الآن الى تحقيقه .
وتسعى الولايات الألمانية الأخرى أيضاً الى زيادة عدد أفراد الشرطة الذين ينحدرون من أصول مهاجرة، ففي ولاية هسن مثلاً ستبلغ عما قريب نسبة الذين يعينون في سلك الشرطة من أصول مهاجرة عشرين بالمائة.
وستحذو الولايات الألمانية الأخرى عما قريب حذو ولاية شمال الراين ووستفاليا في تأهيل رجال الشرطة على التعامل السليم مع أبناء الجاليات ذات الأصول المهاجرة وبشكل خاص منها الجاليات المسلمة. وينبثق هذا البرنامج الذي يستمر ثلاث سنوات عن المشروع الأوروبي المسمى " Xenos الاندماج والتنوع" والهادف الى مواجهة التحديات المستقبلية الناجمة عن تغير التركيبة السكانية في المجتمع،
ففي غضون عشرين سنة سيكون نصف الأطفال الذين يولدون في المانيا من أسر ذات أصول مهاجرة.
أولريكة هومل /منى صالح
مراجعة: هيثم عبد العظيم