ذكرت مجلة "دير شبيغل" الألمانية اليوم الأحد ( 14 أبريل 2019) على موقعها الإلكتروني أن الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي نجح في تحقيق المستحيل بتوحيد الجمهوريين والديمقراطيين داخل الكونغرس الأمريكي، ففي الأسبوع الماضي وافق مجلس الشيوخ ومجلس النواب على قرار يطالب بوقف الدعم العسكري للحرب التي تشنها العربية السعودية في اليمن. وجاء هذا القرار كرد فعل على اتهامات منظمات حقوق الإنسان التي تفيد بأن القوات السعودية لا تراعي في هجماتها في اليمن بما يكفي المدنيين. كما أن القرار ثأر من مقتل كاتب العمود في صحيفة "واشنطن بوست" جمال خاشقجي في بداية أكتوبر في اسطنبول.
وقد يلجأ الرئيس دونالد ترامب إلى تجاوز هذا القرار في الأسابيع المقبلة باستخدام حق الفيتو ـ لكن نواب من الحزبين الرئيسيين الأمريكيين اهتموا بجانب مثير آخر للتعاون بين واشنطن والرياض. ففي يوم الأربعاء تقدمت مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ تحت قيادة الجمهوري ماركو روبيو والديمقراطي تيم كاين بمشروع قانون من شأنه إجبار الحكومة الأمريكية على الكشف عن حجم التعاون في مجال التكنولوجيا النووية بين الولايات المتحدة الأمريكية والعربية السعودية.
العربية السعودية تتحول إلى دولة نووية
والعامل المثير كان تقريرا من موقع "بلومبيرغ"الأمريكي: فبمساعدة خبراء نوويين وصور أقمار اصطناعية أشار الموقع إلى أن أعمال البناء في أول مفاعل نووي سعودي قد تقدمت خطى إلى الأمام. والمنشأة قد تصبح جاهزة للعمل في غضون سنة واحدة، كما قدر روبرت كيلي، مفتش سابق في المنظمة الدولية للطاقة النووية.
والمنشأة الواقعة في شمال غرب الرياض هي مفاعل بحوث يهدف في المقام الأول إلى تكوين فنيين نوويين. وتحصل المملكة على إمكانية تخصيب اليورانيوم أو البلوتونيوم ـ وهي خطوة مهمة في الطريق لتطوير أسلحة نووية.
والمشكلة تتمثل حاليا في أنه من غير المضمون أن يفتش مراقبو المنظمة الدولية للطاقة النووية المفاعل عقب تشغيله. وصادقت العربية السعودية قبل عقود على اتفاقية الحد من الأسلحة النووية. إلا أن المملكة تركت لنفسها بابا خلفيا مفتوحا بتوقيعها في 2005 على بروتوكول إضافي للاتفاقية يسمح "بالتعامل مع كميات ضعيفة من المواد النووية". وقامت منظمة الطاقة النووية الدولية في الأثناء بتشديد البروتوكول الإضافي، إلا أن السعوديين يرفضون إلى حد الآن الموافقة على إدخال تعديلات. وهذا أمر مثير على خلفية تصريح من ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان الذي سبق وصرح أنه في حال إقدام إيران على صنع قنبلة نووية، فإن السعوديين لن يتأخروا في اللحاق بذلك.
هل يحق للسعودية ما لا يحق لإيران؟
وفي الوقت الذي يلغي فيه ترامب العمل بالاتفاقية النووية من جانب واحد مع إيران، فإن وزارة الطاقة الأمريكية أصدرت سبعة تصاريح لنقل معلومات حساسة حول الطاقة النووية للعربية السعودية ـ بدون أن يضمن ذلك القيام بأعمال تفتيش داخل المملكة.
ويرفض وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو ووزير الطاقة ريك بيري إلى حد الآن الكشف عن معلومات حول من هي الشركات الأمريكية المشاركة في نقل المعرفة العلمية وطبيعة التراخيص الصادرة. وهذه الشفافية يريد روبيو وكين وأعضاء آخرون في مجلس الشيوخ الحصول عليها من خلال القانون.
ويفيد تقرير مجلة "دير شبيغل" الألمانية أن الولايات المتحدة الأمريكية توجد في منافسة مع شركات من روسيا وكوريا الجنوبية والصين التي تتطلع إلى تحقيق صفقات، لأن المملكة السعودية تعتزم في السنوات المقبلة بناء 16 مفاعلا نوويا. ويُتوقع في السنة المقبلة البدء في المفاعلين الأولين ـ ومن سيحصل على الصفقة ما يزال مفتوحا.
م.أ. م. / م.س( تقاير إعلامية ألمانية وأميريكية)
-
البرنامج النووي- محطات من الشد الإيراني والجذب الغربي
البداية النووية
كان العام 1957، بداية البرنامج النووي الأيراني حين وقع شاه إيران اتفاق برنامج نووي مع أمريكا، ليتم الإعلان عن "الاتفاق المقترح للتعاون في مجال البحوث ومجال الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية" تحت رعاية برنامج أيزنهاور "الذرة من أجل السلام". وفي1967، أسس مركز طهران للبحوث النووية. لكن توقيع إيران معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية في 1968، جعلها تخضع للتفتيش والتحقيق من قبل الوكالة الدولية للطاقة.
-
البرنامج النووي- محطات من الشد الإيراني والجذب الغربي
إنهاء التدخل الغربي في البرنامج النووي
الإطاحة بحكم الشاه وقيام جمهورية إسلامية في إيران سنة 1979، جعلت أواصر العلاقات بين إيران والدول الغربية موسومة بقطيعة، فدخل البرنامج النووي في مرحلة سبات بعد انسحاب الشركات الغربية من العمل في المشاريع النووية وإمدادات اليورانيوم عالي التخصيب؛ فتوقف لفترة برنامج إيران النووي .
-
البرنامج النووي- محطات من الشد الإيراني والجذب الغربي
البحث عن حلول
سمح خميني عام 1981 بإجراء بحوث في الطاقة النووية. وفي 1983، تعاونت إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية لمساعدة طهران على الصعيد الكيميائي وتصميم المحطات التجريبية لتحويل اليورانيوم، خاصة في موقع أصفهان للتكنولوجيا النووية، لكن الموقف الغربي عموما كان رافضا لمثل هذا التعاون. ومع اندلاع الحرب بين إيران والعراق تضرر مفاعل محطة بوشهر النووية فتوقفت عن العمل.
-
البرنامج النووي- محطات من الشد الإيراني والجذب الغربي
روسيا تدخل على الخط، والصين تنسحب!
في التسعينات تم تزويد إيران بخبراء في الطاقة النووية من طرف روسيا. وفي 1992، انتشرت مزاعم في الإعلام الدولي بوجود أنشطة نووية إيرانية غير معلنة، مما جعل إيران تستدعي مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية لزيارة المنشآت النووية، وخلصت التفتيشات حينها إلى أن الأنشطة سلمية. في 1995، وقعت إيران مع روسيا عقدا لتشغيل محطة بوشهر بالكامل، في حين انسحبت الصين من مشروع بناء محطة لتحويل اليورانيوم.
-
البرنامج النووي- محطات من الشد الإيراني والجذب الغربي
إعلان طهران وزيارة البرادعي لإيران
طلبت الوكالة الدولية، في 2002، زيارة موقعين نوويين قيل أنهما غير معلنين، لكن إيران لم تسمح بذلك حتى مرور ستة أشهر على شيوع الخبر. وفي 2003، زار محمد البرادعي، المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، إيران للحصول على إيضاحات في ما يخص استئناف أنشطة تخصيب اليورانيوم، واصدرت الوكالة تقريرا سلبيا تجاه تعاون إيران.
-
البرنامج النووي- محطات من الشد الإيراني والجذب الغربي
شد وجذب
أصدرت الوكالة الدولية، في 2004، قرارا يطالب إيران بالإجابة عن جميع الأسئلة العالقة، وبتسهيل إمكانية الوصول الفوري إلى كل المواقع التي تريد الوكالة زيارتها، وبتجميد جميع الأنشطة المتعلقة بتخصيب اليورانيوم بمستوى يتيح إنتاج الوقود النووي والشحنة الانشطارية. لكن الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد وبعد انتخابه، عمل على تفعيل البرنامج النووي ولم يكترث للتهديدات الغربية، كما أسس مفاعل "أراك" للماء الثقيل.
-
البرنامج النووي- محطات من الشد الإيراني والجذب الغربي
فصل جديد
في 2006، صوت أعضاء الوكالة الدولية على إحالة الملف الإيراني إلى مجلس الأمن، الذي فرض حظرا على تزويد إيران بالمعدات اللازمة لتخصيب اليورانيوم وإنتاج صواريخ بالستية. وردت إيران على هذا الإجراء بتعليق العمل بالبروتوكول الإضافي وجميع أشكال التعاون الطوعي. وفي نفس السنة، أعلن الرئيس الإيراني؛ أحمدي نجاد، عن نجاح بلده في تخصيب اليورانيوم بنسبة 3,5 بالمائة. الصورة لوفد قطر أثناء التصويت على القرار.
-
البرنامج النووي- محطات من الشد الإيراني والجذب الغربي
مفاعلات نووية سرية
في عام2009 ، تحدث بعض المسؤولين الأميركيين والبريطانيين والفرنسيين، عبر وسائل الاعلام، عن قيام إيران ببناء مفاعل نووي في ضواحي مدينة قم، كما قال هؤلاء بأنه تحت الأرض ويبنى بكل سرية، دون أن تخبر به إيران الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في حين نفت طهران ذلك واعتبرته مجرد ادعاءات.
-
البرنامج النووي- محطات من الشد الإيراني والجذب الغربي
على مشارف حل
في عام 2014، تم الاتفاق على وقف تجميد الولايات المتحدة لأموال إيرانية قدرت بمليارات الدولارات، مقابل توقف إيران عن تحويل اليورانيوم المخصب بنسبة 20 بالمائة إلى وقود. وفي نفس السنة، قامت منظمة الطاقة الذرية الإيرانية باجراء تعديلات على منشأة "أراك" لضمان إنتاج حجم أقل من البلوتونيوم.
-
البرنامج النووي- محطات من الشد الإيراني والجذب الغربي
الاتفاق التاريخي
في عام 2015، وبعد سلسلة من الاجتماعات، في فيينا، أعلن عن التوصل لاتفاق نهائي؛ سمي اتفاق إطار، بخصوص برنامج إيران النووي. الاتفاق جمع الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وألمانيا بإيران. وكان من المرجح أن ينهي هذا الاتفاق التهديدات والمواجهة بين إيران والغرب.
-
البرنامج النووي- محطات من الشد الإيراني والجذب الغربي
طموحات حدها الاتفاق!
كان باراك أوباما، الرئيس الأمريكي السابق، واحدا من رؤساء الدول المتفقة مع إيران، فيما يخص البرنامج النووي، من الذين رأوا في الخطوة ضمانا لأمن العالم، بالمقابل قال نظيره الإيراني؛ حسن روحاني، إن بلاده حققت كل أهدافها من خلال الاتفاق. لكن الأمور لم تعرف استقرارا، خاصة مع رغبة إيران في تطوير برنامجها نووي، دون أن تلفت اليها الأنظار.
-
البرنامج النووي- محطات من الشد الإيراني والجذب الغربي
أمريكا تنسحب
آخر التطورات في الاتفاق النووي، كانت يوم الثلاثاء 8 أيار/مايو 2018، حيث أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قرار الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، متعهداً بأن تفرض بلاده "أعلى مستوى من العقوبات الاقتصادية على النظام الإيراني". وفي هذا الصدد، عبرت طهران عن عدم رغبتها في الدخول في جولات جديدة من المفاوضات الشاقة مع أمريكا.
-
البرنامج النووي- محطات من الشد الإيراني والجذب الغربي
شروط أي "اتفاق جديد"
بعد الانسحاب الأميركي، أعلن وزير الخارجية مايك بومبيو 12 شرطاً أميركياً للتوصل إلى "اتفاق جديد". وتضمنت هذه الشروط مطالب شديدة الصرامة بخصوص البرنامج النووي وبرامج طهران البالستية ودور إيران في الشرق الأوسط. وهدّد بومبيو إيران بالعقوبات "الأقوى في التاريخ" إذا لم تلتزم بالشروط الأميركية.
-
البرنامج النووي- محطات من الشد الإيراني والجذب الغربي
واشنطن تشدد الخناق
فرضت إدارة ترامب أول حزمة عقوبات في آب/أغسطس ثم أعقبتها بأخرى في تشرين الثاني/نوفمبر. وشملت هذه العقوبات تعطيل معاملات مالية وواردات المواد الأولية إضافة إلى إجراءات عقابية في مجالي صناعة السيارات والطيران المدني. وفي نيسان/أبريل من عام 2019، أدرجت الولايات المتحدة الحرس الثوري الإيراني على لائحتها السوداء لـ"المنظمات الإرهابية الأجنبية"، وكذلك فيلق القدس المكلف بالعمليات الخارجية للحرس الثوري.
-
البرنامج النووي- محطات من الشد الإيراني والجذب الغربي
أوروبا تغرد خارج السرب
في 31 كانون الثاني/يناير 2019، أعلنت باريس وبرلين ولندن إنشاء آلية مقايضة عرفت باسم "إنستكس" من أجل السماح لشركات الاتحاد الأوروبي بمواصلة المبادلات التجارية مع إيران رغم العقوبات الأميركية. ولم تفعل الآلية بعد، كما رفضتها القيادة العليا في إيران. وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني أكدت على "مواصلة دعمنا الكامل للاتفاق النووي مع إيران، وتطبيقه كاملاً"، داعية إيران إلى التمسك به.
-
البرنامج النووي- محطات من الشد الإيراني والجذب الغربي
طهران ترد
في أيار/مايو الماضي، قررت طهران تعليق بعض تعهداتها في الاتفاق النووي التاريخي المبرم عام 2015 مع الدول الكبرى بعد عام على القرار الأميركي الانسحاب من الاتفاق. وحذرت الجمهورية الإسلامية من أنها ستستأنف تخصيب اليورانيوم بدرجة أعلى من المسموح بها في الاتفاق خلال 60 يوماً، إذا لم يوفر لها الأوروبيون الحماية من العقوبات الأمريكية. مريم مرغيش/خالد سلامة