1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

تدخل مصري محتمل في ليبيا.. مخاوف أمنية أم أطماع اقتصادية؟

١٥ يوليو ٢٠٢٠

في ضوء دعوة برلمان طبرق لمصر للتدخل عسكرياً في ليبيا، أسئلة عديدة مثيرة للجدل طرحت حول حرب محتملة بين مصر وتركيا على الأرض الليبية. فهل يمكن لمصر الدخول في مواجهة عسكرية مع تركيا في ظل الأزمات التي تواجهها البلاد؟

https://p.dw.com/p/3fNaX
الرئيس السيسي خلال استقباله للمشير حفتر في إحدى زياراته للقاهرة عام 2019.
الرئيس السيسي حذّر من أنّ تقدّم القوات الموالية لحكومة الوفاق المدعومة من تركيا نحو الشرق الليبي سيدفع بلاده إلى التدخّل العسكري المباشرفي ليبيا. صورة من: picture-alliance/Anadolu Agency/H. Presidency of Egypt

طبول حرب جديدة قد تقرع في المنطقة، التي لا تزال تحت نيران النزاعات الأهلية والأطماع الخارجية. فبعد فشل حملته العسكرية على العاصمة الليبية طرابلس، يمارس معسكر المشير خليفة حفتر التصعيد الكلامي مُرحباً بتدخل عسكري مصري بمواجهة النفوذ المتزايد لأنقرة، التي ألقت بثقلها العسكري خلف حكومة الوفاق الوطني.
وليبيا التي تملك أكبر احتياطي من النفط في أفريقيا، منقسمة منذ عام 2014 وتشهد نزاعاً بين سلطتين: حكومة الوفاق الوطني المعترف بها من الأمم المتحدة ومقرّها طرابلس، والمشير خليفة حفتر، الذي يسيطر على شرق البلاد وجزء من جنوبها والمدعوم من البرلمان المنتخب ومقرّه طبرق. 
إضافة إلى ذلك هنالك أطراف خارجية متعددة تلعب دوراً بارزاً في النزاع الليبي. فمن جهة تدعم روسيا ومصر والإمارات العربية المتحدة، المشير حفتر، ومن جهة أخرى تدعم تركيا حكومة الوفاق برئاسة فايز السراج.
ومؤخراً أعلن مجلس النواب الليبي المؤيد لحفتر، أنه أجاز لمصر التدخل عسكرياً في ليبيا "لحماية الأمن القومي" للبلدين، مشدّداً على أهمية تضافر جهودهما من أجل "دحر المُحتلّ الغازي" التّركي.
سيناريو المواجهة المحتملة

تواجه مصر العديد من الأزمات ولعل أبرزها أزمة سد النهضة مع أثيوبيا، المستمرة منذ سنوات والتي انتقلت إلى مرحلة أكثر تصعيداً وتهديداً على أمن مصر المائي في الآونة الأخيرة، الأمر الذي يثير التساؤلات حول قدرة الحكومة المصرية على الدخول في مواجهة عسكرية في ظل التوتر الذي تمر به البلاد.

وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قد حذّر في 20 حزيران/ يونيو من أنّ تقدّم القوات الموالية لحكومة الوفاق الوطني التي تسيطر على طرابلس والمدعومة من تركيا نحو الشرق سيدفع بلاده إلى التدخّل العسكري المباشرفي ليبيا.

وأعرب ناصر زهير، مستشار العلاقات الدولية والاقتصاد السياسي في مركز جنيف، عن اعتقاده بأن التدخل المصري في ليبيا "أمر محتوم في حال تجاوز خط سرت والجفرة". وأوضح في حوار مع DW عربية أنه بغض النظر عن التحالفات العسكرية أو السياسية في الصراع الليبي، ما بين مصر والسعودية والإمارات وفرنسا، وأيضاً ما بين تركيا وقطر وعدة دول أخرى على الجانب الآخر، "هناك أيضاً مصالح الأمن القومي المصري بتأمين الحدود الليبية المصرية خوفاً من فكرة تشكيل الجيش المصري الحر أو تشكيل عسكري مشابه .. لذا لا يمكن لمصر أن تسمح لقوات حكومة الوفاق وتركيا الوصول إلى حدودها وستواجه الأمر في سرت والجفرة".

وأكد مستشار العلاقات الدولية والاقتصاد السياسي في مركز جنيف: "المواجهة العسكرية الشاملة مستبعدة، ولكن قد تكون هناك مواجهات سريعة أو مواجهات لاستعراض القوة ومن ثم العودة إلى الحل السياسي".

الجيش المصري مقابل الجيش التركي!

وفقاً لما كشفه موقع "غلوبال فاير باور" العالمي المتخصص بالشأن العسكري للدول، جاء الجيش المصري ضمن أقوى عشرة جيوش في تصنيف الموقع لعام 2020. وقفز تصنيف جيش مصر من المركز الـ 12 على المستوى العالمي إلى المركز التاسع، وعلى المستوى الإقليمي من المركز الثاني إلى المركز الأول.

وبهذا التصنيف يكون قد تفوق على جيوش كبيرة في العالم ومنها الجيش التركي الذي تراجع إلى المركز 11 بعدما كان يحتل المركز التاسع عالمياً والأول في منطقة الشرق الأوسط.

جنود مصريون في استعراض عسكري في السعودية (أبريل/ نيسان 2018)
الجيش المصري يتقدم في تصنيف أقوى جيوش العالم عام 2020 ويتفوق على الجيش التركي. صورة من: picture-alliance/Photoshot/M. Tao

وبحسب الخبير ناصر زهير فإن "الجيش المصري لديه قوة لمواجهة الجيش التركي وعلى الجانب الآخر أيضاً الجيش التركي يمتلك قوة كبيرة وقد تكون القوة بينهما متكافئة أو بوجود فروق طفيفة."

وأوضح زهير "قد يتفوق جانب من حيث القوة البحرية بمقابل قوة برية وجوية ولكن بالمجمل نظراً لقوة الجيشين الخسارة ستكون كبيرة على الجانبين عسكرياً إذا دخلوا في مواجهة شاملة".

وأضاف مستشار العلاقات الدولية بمركز جنيف: "أيضاً تعول تركيا نوعاً ما على حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وفي حال دخلت في نزاع عسكري مع مصر فستقوم بتفعيل المادة الخامسة، ولكنها قد تكون بداية تفكك الناتو فعلاً، فمن المستبعد أن تدعم أي دولة في الناتو تركيا في نزاعها مع مصر".

وأكد زهير لـDW عربية أن: "الأزمة في ليبيا لا يمكن حلها عسكرياً نتيجة لتوازن القوى نوعاً ما. ويبدو ذلك واضحاً على سبيل المثال عندما تصاعد دور روسيا في ليبيا، تدخلت الولايات المتحدة بثقلها بعد أن كانت غائبة عن المشهد"، وأضاف: "الأدوار الإقليمية أو الدولية متكافئة" ويتابع أنه "بالنسبة للأوربيين وإن كانوا غير فاعلين الآن عسكرياً، إلا أنهم معنيين جداً بعدم سيطرة تركيا على السواحل الليبية، لأن ذلك سيعني سيطرة تركيا على بوابة الهجرة الأفريقية".

جنود من القوات الخاصة بالجيش التركي خلال زيارة للرئيس أردوغان لمقر القوات الخاصة في أنقرة (فبراير/ شباط 2016)
جنود من القوات الخاصة بالجيش التركي خلال زيارة للرئيس أردوغان لمقر القوات الخاصة في أنقرة (فبراير/ شباط 2016)صورة من: Getty Images/AFP/A. Altan

أبعاد اقتصادية ؟

مما لا شك فيه أن الثروة الكبيرة التي تنعم بها ليبيا من مخزونات الغاز والنفط قد جعلتها مستهدفة من قبل العديد من الأطراف الخارجية، التي لم تتحرك فعلياً باتجاه إخماد حرائق النزاع والتوصل إلى حلول لإنهاء النزاعات، لكنها في الوقت نفسه لم تتلكأ في تغذيتها وإشعال الصراع أكثر.

ومن الواضح أن المصلحة الليبية التي تتمثل في إنهاء النزاع لا تندرج ضمن قائمة أولويات الأطراف الخارجية أو ضمن أسباب تدخلها.  فتركيا ترى في ليبيا فرصة ذهبية لكسب نفوذ سياسي واقتصادي، خصوصاً بعد تدهور الليرة التركية وتداعيات أزمة كورونا التي انعكست سلباً على اقتصاد تركيا.

ويبدو أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مستعد لدخول حرب إقليمية لبسط نفوذه وتحقيق أهدافه الاقتصادية في ليبيا، كما قام بضخ الأسلحة وإرسال آلاف المقاتلين المرتزقة، الأمر الذي من شأنه أن يساهم بتأجيج الصراع وإطالته.

وبحسب الخبير ناصر زهير فإن تدهور الأوضاع الاقتصادية هو دافع لكلا الجانبين لدخول ليبيا والحصول على مكاسب اقتصادية أو سياسية، "لكن الدافع الأكبر بالنسبة لمصر هو تأمين الحدود والأمن القومي المصري، وبالنسبة لتركيا اكتساب أكبر قدر من المصالح في ليبيا سواء في قضية ترسيم الحدود أو في موضوع حقول النفط والغاز المكتشفة حديثاً في شرق المتوسط".

وأوضح زهير أنه في حال حدوث مواجهة عسكرية فإن كل طرف يعتمد على رافد اقتصادي يقوم بدعمه. من جهة، تعتمد تركيا على قطر من حيث الدعم الاقتصادي، في حين تعتمد مصر على السعودية والإمارات اقتصادياً في هذه المواجهة العسكرية المحتملة.

الكاتبة: ريم ضوا