صوت البرلمان البلجيكي على مشروع قانون لحظر البرقع والنقاب في الأماكن العامة وفرنسا على الطريق، كما أن بعض الأصوات الألمانية أخذت ترتفع بهذا الخصوص أيضا. فما خلفية هذا الاهتمام بالنقاب؟ دويتشه فيله حاورت ثلاثة باحثين.
يسود سجال حول النقاب في عدة دول أوروبية
احتل السجال حول البرقع والنقاب المشهد السياسي والثقافي في عدة دول أوروبية مؤخرا. فبعد تصويت البرلمان البلجيكي على مشروع قانون لحظر البرقع والنقاب في الأماكن العامة، تتجه الأنظار إلى فرنسا التي من المقرر أن يناقش برلمانها هذه القضية أيضا. في هذه الأثناء ارتفعت بعض الأصوات في ألمانيا، التي شهدت تعيين أول وزيرة مسلمة، مطالبة بحظر النقاب أيضا.
ولإلقاء المزيد من الأضواء على وضع المسلمين في أوروبا وأسباب لجوء عدد من الحكومات الأوروبية إلى حظر بعض المظاهر المتعلقة بهم أجرت دويتشه فيله حلقة نقاش مع ثلاثة مفكرين متخصصين بالشأن الإسلامي في أوروبا وهم: الأستاذ شتيفان فايدنر، مستشرق ألماني ورئيس تحرير مجلة "فكر وفن" والدكتور رالف غضبان باحث لبناني في الدراسات الإسلامية يقيم في برلين والمفكر التونسي المقيم في هولندا الدكتور خالد شوكات.
دويتشه فيله: أستاذ شتيفان فايدنر البرلمان البلجيكي صوت على مشروع قانون لحظر البرقع والنقاب وفرنسا على الطريق؛ لماذا هذا الاهتمام بالنقاب في أوروبا؟
شتيفان فايدنر: إذا علمنا أن وزير الأوقاف المصري يفكر في منع النقاب في بعض الأماكن في مصر، فلن نستغرب أن أوروبا، التي ترى في نفسها فضاء مسيحيا، نوعا ما، تنشغل بالنقاب. لكن المشكلة الأساسية هي أين النساء المنقبات؟ أنا شخصيا لم أر في ألمانيا أية امرأة منقبة في الأشهر الأخيرة.
دويتشه فيله: هذا ما يطرحه كثيرون غيرك ويقولون إن عدد المنقبات قليل جدا فلماذا هذه الضجة؟
فايدنر: أعتقد أن أسباب الضجة هي أن الفهم الأوروبي يرى في النقاب رمزا لإخضاع المرأة للرجال.
دويتشه فيله: هل تعتقد أن الاهتمام بالبرقع والنقاب يخفي وراءه أهدافا تتجاوزهما؟
فايدنر: هذا ما أفكر فيه حقا. أعتقد أن النقاب يرمز لمشكلة أخرى وهي كيف تتفاعل المجتمعات الغربية مع الإسلام؛ أي ماذا يعني الإسلام لهذه المجتمعات وخصوصا وجود بعض المتطرفين المسلمين حتى لو كان عددهم قليلا جدا. وبالطبع هناك بعض المثقفين، ذوي التوجه اليميني، الذين يستغلون وجود المسلمين لأهداف سياسية وحزبية.
شتيفان فايدنر مترجم ومستشرق ألماني ومؤلف عدة كتب حول الإسلام
دويتشه فيله: دكتور خالد شوكات أنت مفكر عربي وعضو في حزب الخضر الهولندي، ما هي قراءتك لتعاظم الاهتمام بالنقاب في أوروبا؟
خالد شوكات: بصرف النظر عن قناعتي بأن النقاب لا يمثل الإسلام، كما أفهمه وكما يفهمه غالبية المسلمين، إلا أني لا استطيع أن أؤيد أي تشريع أو تصرف تأتيه حكومة من الحكومات اتجاه ما يمكن أن يشكل رمزا دينيا أو ثقافيا أو اجتماعيا. كما أنني أقدس الحريات العامة والفردية وأرى أن المساس بها يشكل توجها خطيرا يهدد الحريات بشكل عام؛ هذه المرة يجري حظر النقاب فمن يدري ماذا سيُحظر في المرة القادمة! ثم إني لست مقتنعا بأن النساء المنقبات يشكلن مشاريع عنيفة أو إرهابية.
دويتشه فيله: هذا هو السؤال؛ فهناك من يطرح حظر النقاب أو البرقع لدواعٍ أمنية؟
شوكات: لم يثبت إلى حد الآن أن النقاب لعب دورا في أية عملية من العمليات الإرهابية التي وقف وراءها مسلمون متطرفون. أنا أعتقد أن هناك توجها للتخويف، لتكثيف درجة "الإسلاموفوبيا"، لاعتبارات سياسية وحسابات انتخابية.
دويتشه فيله: دكتور رالف غضبان أنت باحث في العلوم الإسلامية وأستاذ في الكلية الإنجيلية ببرلين، هل تتفق مع من يقول إن القوى اليمينية المتطرفة تستغل هذه المظاهر، لبث الرعب في قلوب الأوروبيين من الإسلام؟
رالف غضبان: أنا أود أن أطرح السؤال بطريقة أخرى، أي لماذا لم يتمكن المسلمون، بعد نصف قرن من العيش في أحضان المجتمع الغربي، من إقناعه بصحة المظاهر التي يعتمدونها؛ بغض النظر إذا كانت هذه المظاهر، مثل النقاب، هي فعلا إسلامية أم لا؟
دويتشه فيله: لماذا فشلوا برأيك؟
غضبان: أعتقد أن أغلبية المسلمين ليست لهم مشكلة مع المجتمعات الأوروبية. هناك أقلية صغيرة تلجأ إلى بعض المظاهر لاستفزاز المجتمعات الأوروبية. النقاب عمل استفزازي لا علاقة له بالإسلام. والدليل على ذلك قيام الأزهر بمنع ارتدائه في مدارسه.
رالف غضبان باحث متخصص في قضايا المهاجرين والحوار بين الأديان يقيم في برلين
دويتشه فيله: طيب لماذا لا تعتبره ضمن الحرية الشخصية مثل الدكتور شوكات؟
غضبان: لا أوافق على ماله قاله السيد شوكات حول الحرية الفردية والدينية بكل أشكالها. هو يتناسى أن الإسلام ليس له حرية كاملة في الغرب وأن هناك أحكاما إسلامية منصوص عليها في القرآن، تلاحق جنائيا في الغرب كتعدد الزوجات.
دويتشه فيله: ماذا تريد أن تقول؟
غضبان: الحرية الدينية ليست مطلقة وهي تصل إلى حدها عندما تمس المساواة وحرية الآخر.
دويتشه فيله: أليس النقاب مجرد نوع من اللباس؟
غضبان: النقاب ليس مجرد لبس وإنما هو رمز لدونية المرأة؛ هذا ليس رأيي وحدي بل هو رأي بعض المسلمين أيضا.
الصفحات 1 | 2 | المقال كاملاً