1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

المشاورات السياسية في الجزائر بين المقاطعة والتمييع

٣ يونيو ٢٠١١

تستمر المشاورات التي أطلقتها السلطة مع الأحزاب وشخصيات وطنية حول الإصلاحات التي أقرها الرئيس الجزائري استجابة لحركات الاحتجاج، حين اعترف بوجود أزمة سياسية. أما أحزاب التحالف فتعتبر الاحتجاجات حراكا اجتماعيا محدودا.

https://p.dw.com/p/11QFS
صورة من: AP

جاء اختيار رئيس مجلس الأمة، عبد القادر بن صالح، على رأس هيئة المشاورات السياسية بمساعدة اثنين من مستشاري الرئيس هما؛ اللواء المتقاعد محمد تواتي والوزير السابق محمد علي بوغازي، بداية للانقسام بين أطياف الطبقة السياسية حول المشاورات وأهدافها. ففيما اعتبرته أحزاب التحالف "شخصية وطنية تتميز برجاحة الرأي، وتتوفر فيه مواصفات المسؤول الذي يضع مصلحة البلاد فوق كل اعتبار"، ترى أحزابُ وشخصياتُ المعارضة في تعيينه دليلا على عدم وجود نية صادقة في التوجه للإصلاحات المعلنة، وأنها تريد سماع صوتها وحدها في حوار أشبه بـ"المونولوج السياسي".

غير أن أطرافا أخرى في المعارضة، ومنها حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية RCD ، ترى أن المشكلة ليست في الأشخاص وإنما في المسار ككل، حيث يقول نائب "الأرسيدي" بالمجلس الشعبي الوطني الدكتور الطاهر بسباس لدويتشه فيله "لحد الآن لم نلمس على الأرض نوايا جادة من الرئيس في تحقيق الإصلاح المعلن، ولذلك لن نذهب للمشاورات مع السلطة".

مشاورات ربح الوقت

Abderrazak Saghour
صغور عبد الرزاق، الأستاذ بجامعة الجزائر 3صورة من: DW

دعوة رئيس مجلس الأمة لجميع الفاعلين في البلاد، وتطميناته بأن الهيئة التي يرأسها ليست لجنة حوار، وإنما هيئة لإدارة الاستشارات وتلقي الاقتراحات، وأن عملها سينتهي في شهر حزيران/يونيو المقبل بتقرير مفصل للآراء يُسلم إلى الرئيس شخصيا، وهو من سيكلف الحكومة بإعداد مشاريع القوانين وتقديمها إلى البرلمان الخريف القادم، هذه التطمينات لم تقنع المعارضة التقليدية مثل جبهة القوى الاشتراكية FFS.

ويؤكد السكرتير الأول للجبهة كريم طابو لدوتشيه فيله "بأن المسار المعلن من طرف النظام لن يؤدي إلى التغيير المنشود، وطريقة إدارة المشاورات تبين أن النظام الفعلي ليس مقتنعا بفكرة الإصلاح نهائيا".

وفي تعليقه على تعيين بن صالح على رأس هيئة المشاورات، قال طابو "النظام مازال متمسكا بالانسداد السياسي، وتعيين بن صالح ما هو إلا جزئية في مسار خاطئ من البداية إلى النهاية".

فيما وصف أول رئيس حكومة في عهد الرئيس بوتفليقة، أحمد بن بيتور، هيئة المشاورات بصندوق البريد : "لا تملك أي هدف ولا سلطة"، وأن السلطة تعاطت مع مطلب التغيير بوصفات قديمة ومستهلكة من أجل ربح الوقت وتمييع مطالب الإصلاح.

من جهته، اعتبر رئيس الحكومة الأسبق، سيد أحمد غزالي، في تصريح للإذاعة الجزائرية "أن مواجهة تحديات البلاد لا تأتي عن طريق القوانين"، وأضاف " نحن في الجزائر لا نحتاج إلى قوانين بل إلى تطبيقها". واتهم غزالي في هذا السياق السلطة بأنها أول منتهك لهذه القوانين. واعتبر أن المصالحة الحقيقية التي يحتاجها الجزائريون "يجب أن تتم بين الشعب والسلطة". ولذلك يدعو رئيس حزب الجبهة الديمقراطية، غير المعتمد، السلطة لإعادة تشخيص الواقع بشكل جيد، وطرح بدائل حقيقية للخروج من الأزمة.

حوار الفرصة الأخيرة

على نقيض الأحزاب السياسية والشخصيات الوطنية المعارضة، اعتبرت أحزاب التحالف الرئاسي وبعض المعارضة مشاورات بن صالح، التي تدخل أسبوعها الثاني، فرصة تاريخية لتحقيق الإصلاح وتعميق المسار الديمقراطي وتجنيب البلاد هزات أخرى تعيدنا "للمربع الأول".

Abdelkader ben Salah
عبد القادر بن صالح، رئيس مجلس الأمة وهيئة المشاورات السياسيةصورة من: DW

ودعت قيادات الأحزاب الثلاثة جميع أطراف المعارضة لترك "سياسة الكرسي الشاغر" والاندماج في مسار الإصلاح، الذي بدأ بالمشاورات التي لطالما ناضلت المعارضة من أجلها. واعتبروا تخوفات بعض الأطراف غير مبررة.

وحسب ميلود شرفي، الناطق باسم التجمع الوطني الديمقراطي، فإن المشاورات التي تجريها لجنة المشاورات مع مختلف التشكيلات السياسية والجمعيات ''تعبير صادق من الرئيس في بعث حوار شامل وفعال للخروج من الانسداد السياسي الحاصل''. وقال شرفي، إن صاحب الدعوة إلى مشاورات ''أسكت كل التأويلات التي شككت في نية الإصلاح سواء من داخل البلاد أو من خارجها بإعطائه الضمانات الكافية".

الشعب أولى بالمشاورات من "الجثث السياسية"

Louiza Hannoune
الناطقة باسم حزب العمال لويزة حنونصورة من: DW

غير أن شكوك الإصلاح برزت منذ الأسبوع الأول للمشاورات من طرف أحد الشركاء الأساسين للسلطة في هذا التوجه، حيث اعتبرت الناطقة باسم حزب العمال لويزة حنون أن "المشاورات السياسية الجارية، بدأت تنحرف عن مسارها من خلال دعوة كل من هب ودب"، وطالبت بإنزال النقاش إلى الشارع، باعتبار أن الأحزاب، كما الشخصيات الوطنية، لا يمكنها أن تكون وصية على الشعب.

وقالت حنون "إن مصداقية المشاورات السياسية باتت على المحك، بعدما لاحظ المواطن تمييعا جراء دعوة ''الجثث السياسية'' للمشاورات، التي دعيت لها منظمات تابعة لأحزاب لا تمثّل شيئا، وشخصيات لا وزن لها في الساحة الوطنية". غير أن الهيئة كان لها مبرراتها في دعوة 250 طرفا بين أحزاب ومنظمات وشخصيات مستقلة، واعتبرت الأمر استجابة للتوجه الذي أكد عليه الرئيس بوتفليقة في خطابه بإشراك الجميع من خلال نقاش واسع ومعمق.

وفي تقيمه لمسار المشاورات في أسبوعها الأول، يقول الأستاذ بجامعة الجزائر3 الدكتور صغور عبد الرزاق لدويتشه فيله "لا توجد لحد الآن بوادر لعمل جاد" وأضاف "إن المشاورات خلال هذه المرحلة التاريخية الحاسمة لن تنجح دون إشراك القوى الحقيقية الفاعلة في الساحة السياسية، والتي أعتقد أنها لا تزال بعيدة عن طاولة المشاورات، فبغير هؤلاء نحن نشهد فقط فلكلورا سياسيا، فأغلب من مروا على هيئة بن صالح لا وجود لهم في الساحة السياسية". وعن آلية المشاورات ومضامينها يقول صغور: "إن المشاورات إذا استمرت بهذه الطريقة، محكوم عليها بالفشل مسبقا". وفي تقدير الدكتور صغور كان من الأحسن لو تم الذهاب إلى ندوة وطنية تجمع جميع القوى السياسية الفاعلة حقا للنقاش حول المسالك السليمة لتجاوز الأزمة، والخروج بأرضية عمل يتم على أساسها تحقيق الإصلاح المنشود من الجميع، ابتداء بالدستور".

توفيق بوقاعدة- الجزائر

مراجعة: عبد الرحمن عثمان

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد