1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

الدعوة للتطهير العرقي جريمة ضد الإنسانية

١٢ أبريل ٢٠١٢

يرد د.عبد الخالق حسين على دعوات الشيخ عباس المحمداوي لتهجير وطرد الأكراد من المناطق العربية وسط وجنوب وشمال العراق، مذكّرا أن هذه الدعوات تقع تحت وصف جرائم التطهير العرقي متسائلا من المستفيد من هذه الدعوات.

https://p.dw.com/p/14c10
صورة من: AP

استلمت قبل يومين رسالة من أصدقاء كورد عاشوا في بغداد، أباً عن جد، تضمنت تقريراً جاء فيه: « فوج (9بدر) يمهل الأكراد الموجودين في بغداد والمناطق العربية أسبوعا للمغادرة الى اقليمبارزاني- كردستان». وتابع: «ان أمام الأكراد أسبوعا واحدا للمغادرةاعتبارا من يوم 4/4/2012، وبخلاف ذلك سنعلن حمل السلاح ضد بارزاني ومن معه، وقداعذر من انذر.» وصاحب البيان هذا هو الشيخ عباس المحداوي، واسمه الحركي (أبو عبدالله المحمداوي)، رئيس ما يسمى بـ (تحالف أبناء العراق الغيارى)، وهو تجمع عشائري، يجمع عشائر عربية من مختلف مناطق العراق.

لم أصدق الخبر في أول الأمر، لأنه من نوع اللامعقول أو السريالزم، واعتبرته كذبة نيسان! فأجبت على رسائل الأصدقاء أن هذا التقرير لا بد وأن يكون واحداً من تلك التقارير التي يفبركها أعداء العراق، ففي هذا الزمن الرديء اختلط علينا الحابل بالنابل، وصار من الصعوبة التمييز بين الغث والسمين، وبين الحقيقي والمزيف. ولكن بعد يوم، ويا للهول، تبين أن الخبر صحيح.

"هل ينقص العراق تطهير عرقي؟"

تفيد الحكمة: "يفعل الجاهل بنفسه كما يفعل العدو بعدوه". والسيد عباس المحمداوي قدم مثالاً عملياً على صحة هذه الحكمة. فدعوته قدمت خدمة لا تقدر إلى أعداء العراق الذين يتربصون به شراً، ويعملون ليل نهار على تمزيق لحمته الوطنية، الممزقة أصلاً، وإفشال التجربة الديمقراطية الوليدة، وكأن العراق لا تكفيه الصراعات الطائفية والتطهير الطائفي، فيحتاج إلى صراعات عرقية وتطهير عرقي. ففي بغداد العاصمة وحدها يعيش أكثر من مليون ونصف المليون مواطن عراقي من أصول كوردية، يعني أكثر من سكان أية مدينة في كردستان، وصاروا جزءً لا يتجزأ من نسيج المجتمع البغدادي ولأجيال عديدة، بل وحتى نسي بعضهم لغته الكردية، ويصعب التمييز بين الكوردي وغيره من سكان بغداد والمناطق ذات الغالبية العربية الأخرى.

لم يوضح لنا الشيخ المحمداوي، عن مذهب الأكراد الذين يريد ترحيلهم من بغداد والمناطق ذات الغالبية العربية، هل هذا التطهير يشمل جميع الأكراد، سنة وشيعة، أم الأكراد السنة فقط؟. وفي هذه الحالة ما الفرق بين الشيخ المحداوي وصدام حسين الذي هجَّر مئات الألوف من الكورد الفيلية (الشيعة) لأسباب عرقية وطائفية؟ ألا يدل هذا أن الشيخ يتبع سياسة صدام حسين الفاشية؟

"تصريحات المحمداوي ليست أكثر من عاصفة في فنجان"

لقد ساهم الكورد في النضال الوطني مع أخوتهم العرب وغيرهم من مختلف الأثنيات، وقادوا أحزاباً سياسية وطنية تضم أعضاء من كل مكونات الشعب العراقي، ضد الاستعمار، وقدموا التضحيات الجسام، وأغنوا الثقافة العراقية في جميع المجالات، العلوم والآداب والفنون التشكيلية، والفنون الأخرى مثل الشعر والموسيقى والغناء...الخ وهناك أسماء كردية لامعة معروفة في هذه المجالات. ليأتي اليوم عباس المحمداوي، لينتقم من شريحة واسعة من أبناء شعبنا لأنه ضد تصريحات السيد مسعود البارزاني الأخيرة. فإذا كنا نختلف مع البارزاني في تصريحاته، فيمكن مواجهته بالأساليب الديمقراطية الحضارية، حيث حرية التعبير متاحة للجميع، وليس بإثارة الفتنة العنصرية والدعوة إلى التطهير العرقي، والانتقام من الأبرياء لا لشيء إلا لأنهم ينتمون إلى قومية السيد بارزاني. فإذا أراد الشيخ المحمداوي أن يغيض بارزاني بهذه التصريحات العقيمة الضارة، فإنه قدم خدمة لا تقدر له، لأنه دفع حتى المخالفين لدعوات بارزاني من الكورد إلى الوقوف بصفه.

لا أعتقد أن هناك أي عاقل يأخذ تصريحات المحمداوي محمل الجد، وهي ليست أكثر من عاصفة في فنجان، ولكن تأثيرها الإعلامي والتحريضي سيكون مدمراً على الوحدة الوطنية العراقية، وعلى سمعة الكتلة السياسية التي تدعي هذه الجماعة الانتماء إليها (التحالف الوطني). فمن الآن نشر خصوم المالكي الخبر بمانشيت: (ميليشيا مقربة من المالكي تمهل أكراد بغداد والمناطق العربية أسبوعالمغادرة منازلهم و الذهاب إلىكردستان).

أعتقد، أن المحمداوي وأمثاله هم البلاء الأكبر على العراق، فبيانهم سيئ الصيت هذا هو دعوة صريحة للتطهير العرقي بكل معنى الكلمة، دون أي تأويل. وهو مخالف للدستور الذي نص في مادته السابعة، أولاً: "يحظر كل كيانٍ او نهجٍ يتبنى العنصرية أو الإرهاب أوالتكفير أو التطهير الطائفي، أو يحرض أو يمهد أو يمجد او يروج أو يبرر له، ....الخ".

"على عقلاء الأمة الوقوف بحزم في وجه من يخلقون المشاكل"

والسؤال الذي يجب أن نطرحه هو: هل المحمداوي وأمثاله من خالقي المشاكل، هم فعلاً مخلصون للعراق الجديد، وتصرفاتهم هذه هي مجرد اجتهادات خاطئة ولكنها ناتجة عن نوايا حسنة؟

أليس من حقنا أن نضع عليه علامة استفهام فيما إذا كان هو أحد المخترقين للعملية السياسية؟

نحن نسأل، ألا يمكن أن يكون الشيخ عباس المحمداوي هو أحد الذين زرعهم البعثيون في النظام الجديد "على أن يستمروا في عملهم حتى آخر رمق في حياتهم"؟ وإلا لماذا كل هذه الفوضى في عمل الحكومة وبالأخص في الأجهزة الأمنية؟

خلاصة القول، إن دعوة المحمداوي مخالفة صريحة للدستور، ولجميع الشرائع السماوية، والقوانين الوضعية، والمواثيق الدولية التي صادقت عليها الدولة العراقية في مختلف العهود. لذا، فالمطلوب من عقلاء الأمة، وبالأخص الرئاسات الثلاث، الوقوف بحزم في وجوه هؤلاء الذين يخلقون المشاكل للشعب وللحكومة المركزية، ويحاولون التصيد بالماء العكر. ومن مصلحة السيد المالكي التبرؤ من هكذا شخصيات تجلب له المشاكل (فعدو عاقل خير من صديق جاهل)، ويجب إلقاء القبض على المدعو عباس المحمداوي ومن معه بتهمة إثارة الفتن الطائفية والعنصرية، والدعوة إلى التطهير العنصري، ومحاكمتهم ليكونوا عبرة لمن اعتبر.

ملاحظات

صدرت تصريحات إيجابية من قبل المسؤولين، يدينون فيها المدعو عباس المحمداوي ويتبرؤون من تنظيمه المجهول، وذلك كما يلي:

1- أكد ائتلاف دولة القانون، السبت، (7/4/2012) أن الدولة ستلاحق تنظيم "9بدر" الذي هدد الكورد خارج إقليم كردستان، فيما لفت إلى أن الحكومة مسؤولة عنحماية الكورد، بيَّن أن ائتلافه سيبحث خلفيات هذا التنظيم وتوجهاته... وقال النائب عبد السلام المالكي لـ"شفق نيوز"، إن "فصيل 9 بدرلازال من التنظيمات المجهولة، والتي لا يعرف توجهها"، مبينا أن "دولة القانون ستبحثفي اجتماعها اليوم الوصول إلى هذا الفصيل إن وجد، وملاحقته قضائياوامنيا".وأضاف أن "الدولة العراقية والأجهزة الأمنية فيها مسؤولة عن حمايةالكورد من التهديدات وجميع العراقيين... واعتقد المالكي هذه التهديدات "تدخلفي إطار خلق النعرات والإثارة، وهي مجرد تهويل، وأن الأجهزة الأمنية ستتابعالأمر".

2- أكدت منظمة بدر بزعامة هادي العامري، السبت، أن المدعو عباس المحمداوي لا يرتبط بها لا من قريب ولا من بعيد،وفي حين أشارت إلى أنها لا تمتلك أي تشكيل مسلح، طالبت القوات الأمنية بملاحقةمثيري الفتنة والحقد بين مكونات الشعب العراقي.

عبد الخالق حسين

مراجعة ملهم الملائكة