1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

الجزائر تخمد حرائقها.. فهل تخمد جدل مقتل جمال بن إسماعيل؟

إيمان ملوك
٢٠ أغسطس ٢٠٢١

أعلنت الجزائر سيطرتها على الحرائق المهولة التي تسببت في أضرار بشرية ومادية كبيرة، غير أن الجدل بشأن خلفيات هذه الحرائق، وبشأن مقتل الشاب جمال بن إسماعيل لم يخمد بعد. فهل تظهر الحقيقية؟

https://p.dw.com/p/3zHKU
Jamal bin Ismail
هل تفك خيوط جريمة قتل جمال بن اسماعيل وعلاقتها بالحرائق؟صورة من: Privat

خمدت حرائق الغابات في الجزائر، ولكن الجدل بشأن ما إن كانت متعمدة أم لا لم يخمد بعد. الحرائق التي تسببت في أضرار بشرية ومادية في عدة محافظات خاصة تيزي وزو في منطقة القبائل شرقي العاصمة الجزائرية ووصفتها بـ "الأشرس" التي تشهدها البلاد. رغم حجم الكارثة، فقد طغتجريمة القتل التي راح ضحيّتها شاب أشتبه بمشاركته في إشعال الحرائق في منطقة القبائل، وهي المنطقة الأكثر تضرّراً، على المشهد والتفاعل على مواقع التواصل الاجتماعيأثارت مشاهد قتل الشاب والتنكيل بجثته في وضح النهار، بشبهة إشعال الحرائق صدمة للشارع الجزائري، خاصة بعد أن تبين أن وجوده في المكان كان بدافع التضامن مع المتضررين والمساعدة في إطفاء الحرائق، وفق مقاطع فيديو تم تداولها بشكل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي. من خلال تصريحاته قبل وقوع جريمة قتله، وجّه الشاب الجزائري جمال بن إسماعيل نداءً للجزائريين ليتضامنوا مع ولاية تيزي وزو ويوفروا للمتضررين من الحرائق الطعام والمياه

والد المجني عليه سعى لإخماد نار الفتنة

في تصريحاته مع وسائل أعلام محلية، ُوصفت بـ "الحكيمة والوطنية" دعا والد جمال بن إسماعيل، إلى تجنب وقوع فتنة في البلاد وضبط النفس مع رفضه خطاب الانتقام وتحميل منطقة القبائل المسؤولية، مطالبا بتحقيق العدالة وكشف الحقيقة. موقف والد الشاب الجزائري جمال بن إسماعيل، أثلج صدور الجزائريين وساهم في تخفيف الغضب الشعبي، وحد من توظيف جريمة قتله، من أجل نشر الكراهية وإثارة الانقسامات في البلاد، بحسب آراء مثقفين ونشطاء جزائريين. 

جريمة قتل وحرق جثة الشاب بعد اتهامه بإشعال الحرائق أثارت مطالبات شعبية واسعة بمحاسبة المتورطين وبإنزال أقصى العقوبات على الجناة. على إثر ذلك ألقت السلطات الأمنية الجزائرية القبض على عدد من الأشخاص المشتبه في تورطهم بواقعة قتل وحرق الشاب جمال بن إسماعيل، في قرية الأربعاء ناث إيراثن ولاية تيزي وزو، شرق البلاد. قيام المواطنين بنشر مقاطع الفيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، ساعد في اعتقال المتورطين الذين يتم استجوابهم قبل محاكمتهم، وفق السلطات الأمنية.

في وقت سابق أعلنت المديرية العامة للأمن الوطني في الجزائر أن "شبكة مختصة في الإجرام، تقف وراء مخطط تصفية الشاب جمال بن إسماعيل، لاشتباه في تورطه بحرق غابات بولاية تيزي وزو شرقي الجزائر".

السلطات تحاول فك خيوط الجريمة

حسب السلطات الجزائرية، فإن معظم الحرائق التي اندلعت في الجزائر مفتعلة. وقال الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، في خطاب تلفزيوني سابق، إن معظم حرائق الغابات التي اجتاحت البلاد "مدبرة من جهات تعرف جيدا المنطقة وتضاريسها، وقصدوا أن تكون بمناطق آهلة بالسكان". بعد ذلك أعلنت الجزائر أن المسؤولية الأساسية في ذلك تقع على عاتق حركتي "رشاد" الإسلامية و"الماك" وهي حركة انفصالية في منطقة القبائل وأتهمتها رسمياً بالوقوف وراء جريمة القتل البشعة لشاب متطوع في إخماد الحرائق، وكذا في حرائق الغابات. من جهة أخرى أقرّ بعض المشتبه بهم الذين أوقفوا على ذمّة جريمة قتل الشاب جمال بن إسماعيل بانتمائهم إلى حركة" ماك"، بحسب اعترافات صوّرها وبثها التلفزيون الجزائري. لكن "الماك"، الحركة المصنّفة "إرهابية" في الجزائر، رفضت في اتصال مع وكالة فرانس برس في مقرّها في باريس هذه الاتهامات.

بعد اتهام الجزائر للحركتين اللتان صنفتهما مؤخرا ضمن المنظمات الإرهابية، بالتسبب في اشتعال حرائق الغابات المدمرة هذا الشهر، قالت إن إحداهما مدعومة من المغرب وإسرائيل. وإن "الماك" "تتلقى الدعم والمساعدة من أطراف أجنبية وخاصة المغرب وإسرائيل". بعد ذلك أعلنت السلطات الجزائرية عن"اعادة النظر" في علاقاتها مع المغرب الذي اتّهمته بالتورّط في الحرائق الضخمة التي اجتاحت شمال البلاد، في تصعيد إضافي للأزمة الدبلوماسية بين البلدين الجارين. وقالت الرئاسة الجزائرية في بيان لها إنّ "الأفعال العدائية المتكرّرة من طرف المغرب ضدّ الجزائر تطلّبت إعادة النظر في العلاقات بين البلدين وتكثيف المراقبة الأمنية على الحدود الغربية". كما اتّهمت في بيانها المغرب وإسرائيل بالتآمر ضدّها وتقديم الدعم لحركة "ماك"، المطالبة باستقلال منطقة القبائل في البلاد.

ولم يصدر إلى وقت تحرير هذا الموضوع أيّ ردّ رسمي من جانب الرباط على الاتهامات الجزائرية. 

من جانبه أدلى المغني القبائلي، المقيم حاليا في فرنسا، عميروش، بشهادات وصفت بـ "الخطيرة" عن حركة "الماك" في مقطع فيديو تداولته صفحات على موقع التواصل الإجتماعي فيدسبوك. من خلال تصريحاته كشف عميروش عن انسحابه من الحركة "بعد كشفه مخططاتها الإرهابية ومؤمراتها مع جهات خارجية ضد الجزائر"، على حد قوله.

"ضرب عدة عصافير بجريمة واحدة"

في المقابل انتقد نشطاء وخبراء جزائريون تضارب الرواية الرسمية للسطات الجزائرية بشأن أسباب الحرائق وخلفيات جريمة مقتل وحرق الشاب الجزائري جمال بن إسماعيل، مما عزز الانتقادات وأجج الجدل في مواقع التواصل الاجتماعي.

 من جانبه خرج الناشط الجزائري المقيم في فرنسا، هشام عبود بتصريحات وصفت أيضا بـ "الخطيرة". في مقطع فيديو متداول على "يوتيوب" أشار عبود إلى هوية أحد الموقوفين المتهمين بالتورط في مقتل الشاب جمال بن إسماعيل، والذين عرضت اعترافاتهم على التلفزيون الجزائري، وقال بأنه هو نفس الشخص الذي يعمل في حديقة منزل الجنرال المتقاعد خالد نزار. وعرض عبود صوراً من الحساب الشخصي في فيسبوك للمتهم  يثبت من خلالها هويتها الحقيقية. واتهم الناشط الجزائري الجنرال خالد نزار ومن معه بالتورط في حرق الغابات وبجريمة مقتل وحرق الشاب جمال بن إسماعيل.

ويعتبر خالد نزار واحدا من أبرز الشخصيات المثيرة للجدل في الجزائر، وهو رابع رئيس أركان للجيش الجزائري، ويلقب بالرجل القوي في النظام الجزائري خلال الفترة بين 1990 و1993. 

الصحفي الاستقصائي الجزائري، أمير ديزاد الذي كشف النقاب على عدة ملفات ومستندات تخص سياسيين وجنرالات عسكريين في الجزائر، كشف عن معطيات تخالف الرواية الرسمية للسلطات الجزائرية.

في مقطع فيديو على قناته على موقع يوتيوب تحت عنوان:" أمير ديزاد يواصل كشف المستور" أشار ديزاد أن السلطات الجزائرية و"أبواقها" تحاول فرض روايتها بشأن ما حدث مؤخراً في البلاد، وقال:" كفي من الكذب على الشعب... ما حدث هو صراع الأجهزة والمخابرات وكلاهما يتحمل المسؤولية.. من تم توقيفهم هم مشاركون في الجريمة، المجرم الحقيقي، العقل المدبر للجريمة هم الجنرالات وهم لازالوا طلقاء ...". كما ذكر الصحفي الجزائري بعض من أعتبرهم متورطين في إشعال الحرائق وفي جريمة مقتل جمال بن إسماعيل.

من جانبه أدان العضو المؤسس في حركة "رشاد" والمعارض الديبلوماسي السابق محمد العربي زيتوت، في بث مباشر نشره على صفحته الرسمية على "فيسبوك" جريمة مقتل الشاب جمال وكذا الحرائق التي طالت البلاد وأشار إلى ما وصفهم بـ "العصابات" بالوقوف خلفها وقال: "هي عملية منظمة يقصد بها ضرب مجموعة من العصافير (...). من جهة الإلهاء عن قضية المياه والفقر في الصحراء، من جهة أخرى مقتل شاب عربي في منطقة القبائل" في إشارة إلى زرع الفتنة (...)".

إيمان ملوك