1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

الألمان يرفضون النقاب لكن لا يحبذون حظره على الطريقة الفرنسية

١ فبراير ٢٠١٠

يثير موضوع النقاب نقاشا واسعا في ألمانيا وخصوصا لدى وسائل الإعلام، ويرصد الباحثون حضورا ضئيلا جدا للمنقبات في أوساط مسلمات ألمانيا، لكنهم يعتقدون أن خلفيات ارتدائه في مجتمع حديث كالمجتمع الألماني تثير الاهتمام.

https://p.dw.com/p/Loee
أكثر من 70 في المائة من مسلمات ألمانيا لباسهن عصري و23 % محجبات وأقل من 1 % منقباتصورة من: picture-alliance/DW Montage

يرصد المتتبعون لظاهرة النقاب بأن نسبة ارتدائه محدودة جدا في أوساط النساء المسلمات في ألمانيا التي يعيش بها زهاء أربعة ملايين مسلم، بيد أن وسائل الإعلام الألمانية وعلى غرار نظيراتها الأوروبية تولي اهتماما ملحوظا في الآونة الأخيرة بظاهرة ارتداء النقاب في البلدان الأوروبية، ولاسيما على خلفية توصية للبرلمان الفرنسي بحظر النقاب في المؤسسات العامة ووسائل النقل العمومية.

وترصد الباحثة الألمانية الدكتورة أورسولا غونتر المتخصصة في الشؤون الإسلامية بجامعة هامبورغ في حوار لدويتشه فيله، ندرة الدراسات الاجتماعية الخاصة بهذا الموضوع في ألمانيا، وتقول بأن بعض النخب السياسية والنسائية في ألمانيا تنظر للنقاب "كرمز لاضطهاد المرأة المسلمة" لكن قرار حظر شامل للنقاب أو بالأحرى على الطريقة الفرنسية غير محبذ في ألمانيا. ويثير وجود منقبات في المجتمعات الأوروبية الحديثة أسئلة في أوساط المهتمين حول الخلفيات الاجتماعية والثقافية التي تدفع بعض النساء المسلمات لارتداء النقاب أو البرقع، وحول أنجع السبل لمعالجة المشاكل المرتبطة به وخصوصا مسألة الاندماج.

عدد المنقبات في ألمانيا ضئيل جدا قياسا للمحجبات

Burka
سيدتان ترتديان البرقع على الطريقة الأفغانية وخلفهما منقبةصورة من: Dzevad Sabljakovic

من النادر ملاحظة منقبات في شوارع كبريات المدن الألمانية التي يعيش بها عشرات الآلاف من المسلمين مثل برلين وهامبورغ وفرانكفورت وكولونيا، لكن يمكن ملاحظة وجودهن في بعض مساجد بون أو فرانكفورت أو بعض المحلات التجارية الخاصة بالأزياء "الإسلامية". وتقول الباحثة الألمانية الدكتورة أورسولا غونتر بأن "عدد المسلمات اللائي يرتدين البرقع أو النقاب ضئيل جدا قياسا لمثيلاتهن في فرنسا"، ويذكر أن عدد المنقبات في فرنسا يقدر بحوالي ألفين.

من جهتها قالت الناشطة في مجال اندماج المسلمات بألمانيا سلوى محمد مسؤولة مؤسسة "صانعي الحياة" بمدينة بون، في حوار لدويتشه فيله، إن العدد القليل من المنقبات اللائي يعشن في ألمانيا لا يظهرن كثيرا في الشارع ويملن لقضاء معظم أوقاتهن في البيت مع أسرهن وفي محيط اجتماعي ضيق. وحسب تقديرات الخبير في قضايا الإسلام بجامعة "هومبولت" ببرلين الدكتور بيتر هاينه فإن نسبة المنقبات "لا تتجاوز 1 في المائة من مجموع المسلمات في ألمانيا". ومقارنة بنسبة المحجبات في ألمانيا، تلاحظ الدكتورة أورسولا بأن نسبتهن "ضئيلة جدا"، وتقدر نسبة المحجبات بحوالي 23 في المائة من مجموع المسلمات اللائي يعشن في ألمانيا، حسب دراسة حديثة أنجزتها الباحثة الألمانية صونيا هاوغ وعنوانها "حياة المسلمين في ألمانيا".

"النقاب رمز لاضطهاد المرأة المسلمة"

وحول الخلفيات الاجتماعية والثقافية للنساء اللائي يرتدين النقاب، تعتقد الباحثة الدكتورة أورسولا إن جلهن قدمن إلى ألمانيا في وقت متقدم من حياتهن سواء مع أسرهن أو أزواجهن أو بقصد الزواج في ألمانيا. وبرأي الدكتورة أورسولا فإن القاسم المشترك بين المنقبات أن "أغلبيتهن ينتمين إلى وسط أسري تقليدي أو أبوي" وأضافت أن "تأثير المحيط الأسري التقليدي والثقافة الأبوية "الذكورية" على اللائي يرتدين النقاب أكثر من الدافع الديني أو الأصولي". وأشارت في هذا السياق بأن المتخصصين لا يجدون في القرآن أي نص يستند إليه لإضفاء طابع الواجب الديني على ارتداء النقاب أو البرقع.

Miss Deutschland 2005
أزلي بيرم مسلمة ألمانية من أصل تركي أختيرت ملكة جمال ألمانيا لعام 2005صورة من: AP

من جهتها تقول سلوى محمد أنها لاحظت من خلال جولاتها في مختلف مناطق ألمانيا ضمن أنشطتها في ميدان اندماج المسلمات، ظاهرة مثيرة وتتمثل في ارتداء بعض الفتيات اليافعات للنقاب بالإضافة للنساء، وأضافت بأن هذه المظاهر بدأت تبرز إثر أحداث الحادي عشر من سبتمبر أيلول 2001. وتقول سلوى إن "ما يثير القلق هو نزعة المنقبات إلى الانعزال عن المجتمع، وبقاء الفتيات المنقبات في البيت وعدم الذهاب إلى المدرسة". وفي تعليقها على ظاهرة عزلة بعض النساء المسلمات عن المجتمع الألماني قالت الدكتورة أورسولا بأن مردها إلى "نظرة معينة وأحكام مسبقة عن المجتمع الألماني والغرب كعدو، وهي نظرة لا تعكس الواقع أبدا". وعما إذا كان النقاب أو البرقع يحيل في ذهن الألماني إلى أحداث إرهابية أو وقائع دالة على الخوف من الإسلام، تعتقد الباحثة الألمانية بأن الخوف من الإسلام في المجتمعات الغربية "ظاهرة معقدة وربما تعود أسبابها إلى جهل أو سوء فهم للإسلام، وهي مرتبطة بتأثير الإعلام والتوجهات التي تقدم الإسلام كعدو أكثر من ارتباطها بواقع فعلي في المجتمع الألماني"، وأشارت في هذا الصدد إلى أن مظاهر ارتداء النقاب أو البرقع محدودة جدا في ألمانيا.

وفي ردها على سؤال حول طبيعة النظرة التي يحملها المجتمع الألماني عن المرأة التي ترتدي النقاب، لاحظت الدكتورة أورسولا بأن بعض النخب السياسية مثلا في البوندستاغ(البرلمان) من فيهم أعضاء أصولهم من بلدان إسلامية يعتبرون البرقع بمثابة "سجن للمرأة المسلمة"، ولا توجد لدى هذه الأوساط نظرة مطابقة تماما فيما يتعلق بالحجاب. وأضافت الدكتورة أورسولا بأن النساء الألمانيات وخصوصا النخب النسائية من دعاة تحرير المرأة في العالم، ينظرن للبرقع "كتجسيد لمنظومة اجتماعية تقليدية وأبوية متشددة، وبأن البرقع يرمز إلى نظام حركة طالبان المتشددة الذي طبق في أفغانستان وتعرضت النساء في ظله للاضطهاد"، وأضافت بأن "النظرة للنقاب على الطريقة السعودية مطابقة للبرقع، وهو في نظر الألماني أو الألمانية رمز لاضطهاد المرأة المسلمة".

النقاب بين الحوار والحظر؟

Muslime demonstrieren am letzten Verhandlungstag gegen Alex W. vor dem Gericht in Dresden Flash-Galerie
مسلمات محجبات ومنقبات ظهرن خلال تجمع إحتجاجي أمام محكمة في دريسدن على خلفية إغتيال المواطنة المصرية مروى الشربينيصورة من: picture-alliance/dpa

لا توجد في ألمانيا إجراءات عامة لمنع النقاب، لكن بعض المؤسسات الحكومية مثل إدارة الهجرة وسلطات الأمن تفرض تدابير ضد ارتدائه في بعض الحالات. وحول رأيها في إمكانية صدور قرار بحظر النقاب على النحو الذي تتجه اليه فرنسا حاليا إثر صدور توصية برلمانية بمنع النقاب في المؤسسات العامة ووسائل النقل العمومية، ترى الباحثة الألمانية الدكتورة أورسولا بأن حظرا من هذا القبيل "لن يكون محبذا في ألمانيا" وأوضحت أن السياق الألماني مختلف عن السياق الفرنسي، لسببين على الأقل، أولهما " ان الجدل المثار حاليا في فرنسا مرتبط بخلفيات انتخابية"، وثانيهما إن "حظرا بالطريقة التي تناقش بها في فرنسا، لا يمكن أن تنطبق على ألمانيا لأسباب متعددة منها أن الدستور الألماني مختلف عن الدستور الفرنسي".

وأشارت الباحثة الألمانية إلى أن "قاعدة العلمانية أو اللائكية (فصل بين الدين عن الدولة) ليس لها في النظام الألماني نفس الأهمية التي تحظى بها في النظام الفرنسي" موضحة، " إذا كان حظر النقاب في فرنسا يستند إلى مبدأ اللائكية، فإن هذه الحجة لا يمكن أن يُعتد بها في الخطاب السياسي الألماني". أما سلوى محمد الناشطة في مجال اندماج المسلمات في ألمانيا، فهي تعتقد بأن حظر النقاب "أمر وارد في ألمانيا"، وأشارت إلى الجدل المثار حول الحجاب وإجراءات منع ارتدائه بالنسبة للمدرسات. وأضافت سلوى بأن"جل الهيئات الإسلامية ومراجعها في ألمانيا يعتبرون الحجاب حقا للمرأة المسلمة ويعارضون منعه، أما النقاب فلا يرون في ارتدائه ضرورة شرعية".

وقالت سلوى بأن بعض الهيئات الإسلامية تحاول فتح حوار مع المدافعين عن النقاب لإقناعهم بأن"ارتداءه يجلب الفتنة على المسلمين في أوروبا" لكنها لاحظت بأن "المهمة صعبة وليس هنالك تجاوب كاف من الطرف المقابل". وتتفق الباحثة الألمانية الدكتورة أرسولا مع الناشطة سلوى محمد في الرأي بأن أسلوب المنع لن يحل المشاكل المرتبطة بظاهرة إرتداء النقاب، وفي تعليقها على هذه محاولات الحوار قالت الدكتورة أورسولا بأنها "مبادرة ذكية من الهيئات الإسلامية كونها تحاول تقديم وسائل وحجج تستند إلى القرآن والدين الإسلامي، وتفتح آفاق وسبل للنساء المنقبات واللائي ربما لا يعرفن جيدا حقوقهن الدينية كمسلمات أو أنهن يخضعن لسلطة أزواجهن أو آبائهن"، وأشارت الباحثة الألمانية بأن "مثل هذا الحوار لن يكون إلا صعبا ولا يمكن توقع نتائجه، لأن الحجج العقلية أو الدينية ليست ضرورة أقوى من سلطة الزوج أو الأب أو الجد في أسرة تقليدية".

الكاتب: منصف السليمي

مراجعة: حسن زنيند