آثار غيبتها أوراق الشجر
بلغ عدد سكان برلين في بدايات القرن العشرين حوالي 3 ملايين لتصبح ثالث أكبر مركز مدني في أوروبا. وبما أن برلين لم تعد تتسع للمقابر داخل المدينة، فقد بنيت مقبرة زودفيست كيرشهوف شتانسدورف على مشارف العاصمة الألمانية.
على أطلال برلين
أسست المقبرة في عام 1909 وافتتحت سكة حديد لها في عام 1913 لتصبح منذئذ وجهة سياحية، ولترقد اليوم تحت حماية دائرة حفظ الآثار.
مقبرة في أحضان الطبيعة
صمم مهندس الحدائق لويس ماير هذه المقبرة الخضراء على أرض مساحتها حوالي 200 هكتار، مستوحياً التصميم من بيتر لينيه. ويحيط بالمقبرة طريق يبلغ طوله كيلومترين، يقوده عدد من الأحصنة ليؤدي إلى القبور في ظلال الأشجار.
بناء معماري مذهل
صممت المقبرة طبقاً للكنائس النرويجية القديمة من الخشب الخام وحده. لكنها في الآن ذاته تميزت عن غيرها بكون أعمدتها أفقية.
تحول رائع
تبعاً لتصور لويس ماير للمقبرة، فإن البساطة في العلامات المميزة للقبور أمر مرغوب به. لكن سكان برلين الأغنياء لم يرغبوا بالتخلي عن العلامات الدالة على الثراء لقبورهم، وهو ما دعاهم إلى تصميم أضرحة وقبور فخمة.
الانتقال القسري
تتواجد هذه الأضرحة فوق رفات ما سبق أن كان مقابر القديس ماثيوس والرسول الثاني عشر في شونينبيرغ. في سبيل نيل برلين لقب "عاصمة العالم"، كان لا بد من تصميم طريق فخم طوله 40 كيلومتراً في منطقة شونينبيرغ. ولذا، فقد تم نقل 1500 قبر من هناك إلى منطقة شتانزدورف في عام 1939.
أقدم مقابر في برلين
نظراً لتميز المقبرة بغناها الطبيعي والجمالي، تم دفن الكثير من مشاهير العشرينيات والثلاثينيات فيها. أحدهم المصور والرسام البرليني هاينريش زيله والذي يعد قبره شديد التميز وتتولى بلدية برلين رعايته.
علاقة حب مدمرة
يقبع قبر إليزابيث بارونين فون أردينه أيضاً هناك، وهي التي استوحى ثيودور فونتين من قصة حبها روايته " إفي بريست". وقد مسح اسم إليزابيث من العديد من الأوراق الرسمية العائلية، بعد أن طلقها زوجها أرماند ليو فون أردينه عقب اكتشافه لعلاقتها الغرامية. ولذا، لم يذكر على شاهد قبرها سوى القليل.
قبر أشبه بقطعة فنية
قد يخطأ المرء الظن في قبر التاجر والمهتم بالفنون أوغست فينيغر، ليعتبره تحفة فنية عصرية، رغم أن صنعه يعود لعامي 1922- 1923. إذ صممه المهندس ماكس تاوت تبعاً للمدرسة التعبيرية في الفن.
جدار برلين
عقب بناء جدار برلين في 1961 واعتبار مقبرة شتانسدورف جزءاً من ألمانيا الشرقية، فككت سكة الحديد المؤدية إلى المقبرة. ورغم استمرار استخدام المقبرة، إلا أنها بدأت بالتآكل بشكل ملحوظ. لكن، وفي بداية التسعينيات بدأت رحلة إعادة إعمار المقبرة وإصلاحها.
تزايد الطلب على الدفن في الغابات
دفن بالمعدل حوالي 80 شخصاً في المقبرة سنوياً قبيل سقوط ألمانيا الشرقية، في حين يبلغ عدد من يدفنون اليوم حوالي الألف. بهدوء وسكينة دون أي إزعاج أو أذى، يقطن الأموات في الغابة، تماماً كما شاء لهم لويس ماير.
نشاطات رأس السنة
تساهم جمعية تنمية مقبرة زودفيست كيرشهوف الإدارة في تنظيف وصيانة المقبرة، ففي بداية كل عام يلتقي المتطوعون للمساعدة في نبش الأوراق وتشذيب الأشجار وتنظيف الأحجار من الطحالب. إضافة إلى ذلك، تنظم الجمعية حفلات ولقاءات ومنتديات.
دور العرابين
تواجه إدارة المقبرة بعض الصعوبات، إذ إن حقوق استخدام مطارح هذه القبور التاريخية بأغلبيتها انقضت. ويبلغ عمر القبر الواحد عشرين عاماً في ألمانيا. وإذا لم يجدد أقارب المتوفى رغبتهم في الإبقاء على القبر، تسوى الأرض من جديد وتسلم مميزات القبر إلى العراب.