1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

مصر- قانون الهجرة غير الشرعية... هل يحد من قوارب الموت؟

٢٦ أكتوبر ٢٠١٦

أقر البرلمان المصري في 17 أكتوبر الجاري قانونا لمكافحة "الهجرة غير الشرعية" إلى أوروبا، بعد حوادث غرق مهاجرين، أبحرت قواربهم من السواحل المصرية، فهل سينجح القانون في الحد من مثل هذه الكوارث الإنسانية؟

https://p.dw.com/p/2RgmX
Ägypten | Rickety boat
صورة من: DW/M. Hashem

 

رغم الإنتهاء من إنجاز الحكومة للقانون منذ أكتوبر 2015، لم يناقش البرلمان ذلك القانون في دورة الانعقاد الأولى، التي تم فيها  إصدار 27 قانونا بخلاف تمرير 34  قانونا صدرت في غياب البرلمان، وربما عجلت من صدور هذا القانون حادثة مركب رشيد الذي راح ضحيته 202 مهاجر الشهر الماضي بعدما انقلب قاربهم في البحر.

ويعتبر اباحث في شئون الهجرة واللاجئين بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية محمد الكاشف أن الظاهرة في انتشار منذ نهايات 2012 خاصة من ليبيا، وأنها بدأت تنشط بقوة في مصر عام 2013، أما 2016 فقد ارتفع مستواها إلى الأعلى من حيث أعداد المهاجرين وضحايا الغرق بين المهاجرين المصريين أيضا في البحر المتوسط.

وحسب المنظمة الدولية للهجرة IOM، فإن نحو 7000 مهاجر وصلوا أوروبا خلال العام الماضي عبر مصر، وخلال الفترة من يناير/ كانون الثاني إلى مايو/ أيار 2016 وصل نحو 1815 من المهاجرين المصريين غير النظاميين للسواحل الإيطالية، لتحتل مصر بذلك المركز العاشر بين البلدان المصدرة للمهاجرين غير النظاميين على مستوى العالم.

Ägypten | Researcher Mohamed Al Kashef
محمد الكاشف - باحث في الهجرة غير الشرعية بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية والاجتماعية صورة من: M. al Kashef


ويرفض الخبير الكاشف تسميتها بـ"الهجرة غير الشرعية" لأنها توحي بعمل غير أخلاقي وتساوي بين المهاجر وبين متعاطي المخدرات ويقول: "إن المصطلح العالمي حاليا هو الهجرة غير الاعتيادية  irregular migration. وتقول تقارير رسمية إن العوامل الاقتصادية احتلت المرتبة الأولى في كونها أحد أهم الأسباب التي تدفع بالشباب للتفكير في الهجرة.

"المهربون لا يخشون القانون"

تحدثت DW عربية مع صاحب مركب صيد في كفر الشيخ كان يعمل أحيانا في نقل الشباب من الساحل إلى المراكب التي تقلهم إلى سواحل أوروبا. ويجب الإشارة إلى أن المهربين يخشون حاليا الكشف عن أنفسهم خاصة بعد القبض على العشرات منهم يعملون في مجال تهريب البشر بعد حادث مركب رشيد. بعد صدور القانون الذي يشدد العقوبات على المهربين والمنتفعين  من الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر، حيث وصلت العقوبات إلى السجن المؤبد بالإضافة إلى غرامات مالية قد تصل إلى 500 ألف جنيه (نحو 56 ألف دولار). 

ويقضي القانون أن كلا من له علم بتفاصيل رحلة هجرة غير شرعية أو بأعضاء شبكة ولم يقم بإبلاغها يعتبرمتورطا، حيث تصادر ممتلكاته وممتلكات شبكات التهريب، "لكن هناك تخوفات من أن يشمل ذلك أبرياء فصبحون مجرمين لمجرد الاشتباه بهم" كما يلاحظ الباحث محمد الكاشف.

قال صاحب مركب الصيد بأنه "كان يساعد أحيانا في نقل الشباب الذين يريدون السفر إلى أوروبا عبر البحر لكنه يوضح أنه توقف الآن عن ذلك خاصة بعد القبض على عدد كبير من الذين يعملون في الهجرة غير الشرعية، مشيرا إلى أن "هناك رؤوس كبيرة وأصحاب مراكب كبيرة يسيرون ذلك، حيث إنهم كونوا ثروة كبيرة".

ويقول إن سبب حادث غرق مركب رشيد الشهر الماضي الذي راح ضحيته 202 مهاجرا هو الجشع، ويلاحظ "كان من المفترض أن ينقلوا عددا محددا لكنهم طمعوا وحمّل المركب بأكثر من طاقة استعابه".

ويضيف الرجل الذي رفض ذكر اسمه وهو في الأربعينيات من العمر"أحيانا أوضح لمن يريد الهجرة بأن الحياة ليست وردية كما يظنون، حيث جربت ذلك بنفسي في إيطاليا خلال 3 سنوات، وأنصحهم بأن المبلغ الذي دفعوه، ما بين 30 إلى 60 ألف جنيه، من الأفضل أن يفتحوا به مشروعا صغيرا بدلا من مصير مجهول: إما الموت في البحر أو الحصول على عمل بمقابل متدن، فيعيش مطاردا، وقد تحتجزه السلطات في بلد الهجرة هناك، وأن الحظ حالف عددا صغيرا من هؤلاء المهاجرين".

Die Überfahrt Mittelmeer Überfüllung der Schiffe Flash-Galerie
أحد قوارب الموت التي حالفها الحظ للوصول من مصر الى إيطاليا وعلى متنها 648 لاجئاصورة من: picture-alliance/dpa

وحول مستقبل الهجرة بعد إصدار القانون يقول المهرب السابق:"الحركة الآن قليلة نسبيا، حيث تم القبض على العشرات ممن يعملون في الهجرة غير الشرعية والبعض اختفى وهرب، لكن الهجرة لن تنعدم، فقد تقل نسبيا ولكنها ستعود لأن الشباب هم الذين يلحون ويودون السفر والعيش تجربة الحظ لأنهم يضعون نصب أعينهم أصدقائهم أو أحد أقربائهم في القرية والذي نجح في تجربة الهجرة واشترى سيارة وشقة أو أرضا. كما يسمعون عن هؤلاء أن حالهم أفضل بالرغم من وجود أصدقاء آخرين انتهى بهم المطاف بالفشل في ذلك".

القانون يعفي المهاجر الذي تم تهريبه من "أي مسؤولية جناية أو مدنية ووصفه بالضحية، لكنه لا يزال يعاقب بقانون العقوبات والتي تعتبر محاولة الصفر بطريقة غير قانونية مخالفة قد تستوجب الحبس أو غرامة 500 جنيها".

وعن تأثير القانون على هذا الوضع أبدى المتحدث استغرابه وقال "قانون مين.. هؤلاء الناس لا يهمهم القانون، لأن فيه العديد من الناس يساعدونهم. هل تقنعني إن كل هذه الحراسة ولا أحد يراهم في أي مرحلة.. الدنيا هادئة نسبيا الآن.. لكنها مافيا كبيرة ومن الصعب أن يتوقفوا طويلا".

ويتفق معه الباحث في مجال الهجرة غير الشرعية نور خليل، حيث يرى أن "تجريم الهجرة غير الشرعية لن يحل الأزمة لأنها مجتمعية بالأساس فضلا عن أننا لو نظرنا إلى تجارة المخدرات فهي محرمة في الدين وقانون العقوبات فرض عليها عقوبات مشددة، وبالرغم من ذلك فهي لا تزال موجودة، بل لدينا أعلى معدلات الاتجار والتعاطي في العالم".

وكان خليل قد عمل لمدة عامين في مشروع بلدنا أولى بولادنا - للحد من الهجرة غير الشرعية  بالتعاون بين Save theChildren - Egypt CO هيئة انقاذ الطفولة، وبرنامج مصر , YAPD Alexandria Branch وبدعم مالي من الإتحاد الأوروبي.

Ägypten | Researcher Nour Khalil
الباحث نور خليلصورة من: N. Khalil

ويضيف خليل لـDW أن القانون يعالج قشور الأزمة ويترك جذورها، "جزء من الأسباب التي تؤدي لهجرة الشباب هو سوء الأحوال الاقتصادية والأزمة الاقتصادية في تصاعد ومعدلات النمو في انخفاض، وبالتالي فمعدلات النزوح القسري ترتفع".

واقترح نقيب صيادي كفر الشيخ أحمد نصار في حديث ل DW  ضرورة قيام مصر بإنشاء مركز احترافي للتدريب المهني وتعليم اللغات في المحافظات التي تكثر فيها الهجرة غير الشرعية، لتزويد البلاد الأوروبية بأصحاب المهن والحرف عبر طرق واتفاقات رسمية، حتى تستفيد منهم أوروبا وأيضا مصر من خلال إدخال العملة الصعبة للبلاد.

مساومة لأوروبا؟

أثار صدور القانون الجديد تساؤلات حول ما إذا كانت مصر تستهدف الحصول على معونات أوروبية مقابل وقف تدفق المهاجرين، في ظل الأزمة الاقتصادية وشح العملة الصعبة، كما فعلت تركيا.

وكانت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل قالت الشهر الماضي إن الاتحاد الأوروبي بحاجة للتوصل لاتفاقات بشأن المهاجرين مع مصر وتونس على غرار اتفاق أبرمته مع تركيا في مارس آذار.

ونص الاتفاق على أن تكبح أنقرة تدفق المهاجرين  غير النظاميين إلى أوروبا، مقابل الحصول على مساعدات مالية وتعهد  الاتفاق بمنح الأتراك حق دخول دول الاتحاد بدون تأشيرات سفر.

ويرى الباحث نور خليل أن "الحكومة المصرية تسوق نفسها لكسب الدعم الأوروبي والدولي على أنها الجدار العازل لعمليات الهجرة وتستطيع إيقاف جزء كبير منها، لكن الحكومة في الواقع لا تعالج الأسباب التي تؤدي للهجرة".

من جهته يشير الباحث محمد الكاشف إلى أن مقايضة الحكومة المصرية لأوروبا ما هي إلا "وجهة نظر أوروبية بحتة"، ويلاحظ أن الاتحاد الأوربي هو الذي دعا لعقد اتفاقيات وليس العكس، موضحا أنه رغم عدم وجود قانون يمنع الهجرة غير الشرعية قبل إصدار هذا القانون، فإن جهاز الأمن كان يلقي القبض كثيرا على المتورطين في شبكات التهريب وعلى الذين يحاولون السفر للخارج بشكل غير مشروع.

 

مصطفى هاشم - القاهرة

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد