Daheim statt Heim
١٨ مايو ٢٠٠٩كان المأوى الأول الذي أقام فيه أوتو غوبل عبارة عن صالة نوم كبيرة تقاسمها مع عشرة أشخاص آخرين. أوتو المصاب بإعاقة ذهنية والذي تجاوز الآن السبعين من عمره لا ينسى أبدا تلك الأيام، وهو يتصفح ألبوم الصور الخاص به، الذي يحتوي على عدد من الصور. وتظهر هذه الصور أسرة محاطة بالقضبان والأماكن المخصصة لغسل الملابس وكذلك الكافتيريا. لكن ملامح الفرح تغطي وجه أوتو عند رؤيته الصور التي تظهر فيها ورشة الخياطة، فقد كان يحب العمل هناك، إلا أنه لا يرغب في الإقامة في ذلك المأوى.
نموذج المستقبل
وقبل سبع سنوات انتقل اوتو إلى تجمع سكني مع مجموعة صغيرة وسط مدينة مونشنغلادباخ، وهذا التغيير منحه إحساسا أفضل. ويصف اوتو المسكن الجديد بأنه رائع، فهناك غرفة جميلة ملحقة بشرفة أرضية، وهذا ما منحه شعورا بأنه أخيراً في منزله الخاص المترع بالراحة والاطمئنان. وعن سكنه يقول اوتو: "كل شيء جميل في منزلي الجديد، فلدينا شرفة جميلة وغرف مريحة".
ويرى ديتر كاليسا من المؤسسة الإنجيلية هيفاتا أن نموذج السكن الذي يصلح للمستقبل هو نموذج السكن في مجموعات صغيرة. ويذكر كاليسا بفخر أن مؤسسته قامت بتوفير سكن لحوالي ألف شخص مقسمين على مائة مسكن. واليوم تقدم في هذه المساكن التابعة للمؤسسة أيضا تقوم بمعالجة أكثر من مائتي ساكن طبياً.
بيت حقيقي وليس مجرد مخيم للإقامة
"توفير ظروف أفضل لسكن المعاقين في ألمانيا، أسوة بالسويد، التي تعتبر رائدة في هذا المجال."، هذا هو الهدف الذي وضعته المؤسسة الإنجيلية. ففي السويد يسكن المعاقون من ذوي الاحتياجات الخاصة في مجموعة صغيرة تتكون من ثلاثة أشخاص فقط. وتعتبر الخطوات التي اتخذت في مدينة هامبورغ مثالا فريداً من نوعه للمعاقين، إذ لم تشهد أيا من المدن الألمانية الأخرى منذ التسعينيات تطور جذريا مماثلا لذلك الذي شهدته هامبورغ. ففي الماضي أسست قرية كاملة تسع لأكثر من مائتي شخص على أطراف المدينة ضمت كل الملحقات الضرورية بذوي الاحتياجات الخاصة، كالمطابخ والمطاعم وورش العمل. وكما يقول المتحدث باسم المؤسسة الإنجيلية فولفغانغ شارنبيرغ عن تلك القرية، فإنها تحولت إلى "غيتو" حقيقي بأسواره وحواجزه وحراسه.
الانفتاح على العالم الخارجي
ومع مرور الوقت تحولت تلك القرية التي كانت تقبع على أطراف مدينة هامبورغ إلى مركز حي لذلك الجزء من المدينة يضم سوقاً كبيراً. ويعيش المعاقون اليوم في مساكن تتكون من شقق عديدة، وأصبحوا جزءا لا يتجزأ من الحياة الاجتماعية في المدينة، فهم يقومون بإدارة أعمال المطاعم. إضافة إلى ذلك فإنهم يشاركون بشكل فعال في الحياة الثقافية وبشكل خاص في لعب أدوار على المسرح، كما أن من بينهم فنانين يمتلكون استوديوهات خاصة بهم.
وبعد تفكيك نظام "المحميات السكنية" وإدخال نظام السكن الجديد، زادت ثقة كثير من المعاقين بأنفسهم، وأصبحوا أكثر استقلالية واعتمادا على النفس. كما أن التغيير الإيجابي انعكس بدوره على القدرة في التصرف بشكل أفضل فيما يتصل بالنقود والنواحي المادية، وعلى التعامل بلطف خاص مع الآخرين وخصوصا الغرباء، وأخيرا في التعبير بشكل أوضح عن رغباتهم واحتياجاتهم.
قصور الاستيعاب التعليمي والمهني
يعتبر رئيس اللجنة الخاصة بالمعاقين في الكنيسة الإنجيلية هيرمان أن الكثير من نماذج السكن الجديدة تمثل تقدما كبيرا في مجال رعاية المعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة، لكنه ينتقد التقصير في عملية دمجهم في الإطارين التعليمي والمهني. وبحسب هيرمان فإنه يتم استيعاب 15 بالمائة فقط من الأطفال المعاقين في النظام التعليمي العادي في ألمانيا، وذلك بالرغم من حاجتهم إلى دعم من نوع خاص. أما النسبة على النطاق العالمي فتبلغ 60 بالمائة. كما يقول رئيس لجنة المعاقين فإنه يشعر بخيبة أمل لبطء إدماج المعاقين في سوق العمل، ويرى أنه يتوجب عمل الكثير في هذا الصدد، وأن الأمل كبير في تفعيل مبادئ الأمم المتحدة لحقوق المعاقين والتي وقعت عليها ألمانيا عام 2008، فهذه المبادئ تركز على أن المعاقين مواطنون كغيرهم ويتمتعون بحقوق تماما كالآخرين.
الكاتبة: سابينا داماشكا/ نهلة طاهر
تحرير: عماد م. غانم