فيلم "عجمي"- العودة إلى الجذور الإنسانية المشتركة
١٥ مارس ٢٠١٠دخل فيلم "عجمي" لائحة الأفلام المرشحة لنيل جائزة أوسكار هذا العام. وعلى الرغم من أنه لم ينل أي جائزة، إلا أن ترشيحه بحد ذاته يعتبر نجاحاً كبيراً. ويعتبر هذا الفيلم إلى جانب فيلم "فالتس مع بشير"، الذي أُنتج في العالم الماضي من أفضل الأفلام المنتجة في إسرائيل والممولة ألمانياً. في أول يوم أحد من هذا العام لنتابع أحداث فيلم عجمي يستقل مساعد المخرج اسكندر قبطي الفلسطيني الأصل للسفر إلى يافا، لزيارة صديقه الإسرائيلي يوران شان، وتحديداً إلى حي عجمي في المدينة لنلتقي هناك بصديقه العزيز الإسرائيلي. وصور الصديقان الفلسطيني والإسرائيلي أحداث فيلم "عجمي".
زوايا متباينة
وتدور أحداث الفيلم في مدينة يافا، وتتناول قصصا مختلفة تروى من زوايا ومنظور متفاوت. ويسلط الفيلم الضوء على مجرمين أو عصابات عربية تمارس العدالة بطريقتها الخاصة، وعن قصة صفقة مخدرات فاشلة تنتهي بموت أفراد العصابة. اللافت أن الشرطة الإسرائيلية تسهل أمر هذه العصابة من خلال غض الطرف عن نشاطاتها. ولكن احد أفراد الشرطة يعاني من فقدان شقيقه والذي يبحث عنه منذ فترة طويلة دون جدوى. شاهد الفيلم في دور السينما الإسرائيلية حوالي 200 ألف من عشاق الفن السابع.
وعن هذا الفيلم يقول اسكندر قبطي إن قوته تكمن في أن المشاهد الإسرائيلي يتعاطف مع الشخصية الفلسطينية لأنه يجد نفسه في تلك الشخصية. فهم يبكون مع أم فلسطينية تنتظر ولدها المهدد بالخطر والذي يعود بعد منصف الليل إلى البيت. هنا يعيد المرء الصراعات القائمة إلى جذورها الإنسانية. ولكن في نفس الوقت يحدث عكس ذلك. فالمشاهد الفلسطيني يرى أيضا أن الشرطي الإسرائيلي الذي يمثل الدولة وينبغي أن يكون عدواً للعربي، يراه يبكي بسبب فقد شقيقه ومنذ فترة طويلة. ويضيف قبطي قائلاً: "عندما أرى العربي يبكي لحال الشرطي الإسرائيلي، أقول عندها: لقد حققت غايتي ووصلت إلى ما أريد".
التمويل الألماني جعل الفيلم يرى النور
ولولا المشاركة الألمانية في تمويل الفيلم لما رأى فيلم "عجمي" النور. فالممولون الإسرائيليون لم يرغبوا في الاستثمار في فيلم مقعد تجري حوارات معظم أحداثه باللغة العربية. ولكن منتجاً ألمانياً قفز إلى الحلبة عندما سمع بقصة الفيلم وعرضه على محطة البرنامج الثاني في التلفزيون ألألماني "تست دي أف" والتي ساهمت بدورها في إنتاج الفيلم. فكل مراحل إنتاج الفيلم في مرحلة ما بعد التصوير، كالتقطيع ومزج الأصوات جرت في ألمانيا، الأمر الذي جاء لصالح الفيلم.
ويستخدم الفيلم أساليب مختلفة لسرد الأحداث الدرامية ويعرض شخصيات الحدث من زوايا مختلفة. يوران شان، مخرج الفيلم يتحدث عن عمله قائلاً: "إن الفيلم يخاطب شرائح عديدة من المشاهدين لأنه يمس مشاعرهم وذلك بغض النظر عن موقعهم الاجتماعي". ويضيف شان بالقول إن فيلم "عجمي" يعد الفيلم الإسرائيلي الوحيد الذي جذب المشاهد العربي ودفعه إلى دخول دور السينما الإسرائيلية. فالعرب، كما يوضح شان، لا يشاهدون أفلاما إسرائيلية على الإطلاق، فهم لا يجدون أنفسهم في هذه الأفلام والزاوية التي يعرض منها العربي في إسرائيل لا تتطابق مع وجهات نظرهم. ولم يحصل فيلم "عجمي" بعد عرضه على جائزة دولية بعد. ولكن ترشيحه لنيل جائزة أوسكار يعد بحد ذاته نجاحاً كبيراً للعمل الدرامي الفلسطيني الإسرائيلي المشترك، والممول ألمانياً. وربما ينال الفيلم في ألمانيا وفي بقية دول أوروبا إقبالاً كبيراً، فهو عمل درامي كبير ومثير على أي حال من الأحوال.
الكاتب: يورغ تاسمان/ حسن ع. حسين
مراجعة: عماد م. غانم