1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

عينه على الحكم.. 10 سنوات على حزب "البديل" اليميني الشعبوي!

٧ فبراير ٢٠٢٣

انطلق الحزب كمشكك بأوروبا وعملتها اليورو، ولكنه مع مرور الزمن تحول إلى مأوى للساخطين وبعض أجنحة اليمين المتطرف. والآن وبعد عقد على تأسيسه، يسعى "البديل من أجل ألمانيا" (AfD) اليميني الشعبوي للمشاركة في الحكم. فما فرصه؟

https://p.dw.com/p/4NAKU
شعار حزب "البديل من أجل ألمانيا" (AfD)، الذي تأسس عام 2013 ويحلم الآن بالخروج من صفوف المعارضة إلى المشاركة في الحكم.
شعار حزب "البديل من أجل ألمانيا" (AfD)، الذي تأسس عام 2013 ويحلم الآن بالخروج من صفوف المعارضة إلى المشاركة في الحكم.صورة من: Jakub Porzycki/NurPhoto/picture alliance

من وجهة نظر حزب "البديل من أجل ألمانيا"، الذي يعرف اختصارا باسم "AfD"، هناك الكثير للاحتفال به في الذكرى السنوية العاشرة لتأسيسه. فالحزب متواجد في البرلمان الألماني "البوندستاغ" منذ عام 2017 وهو الآن ممثل في 15 برلمانا من برلمانات الولايات الـ16.

وبحسب استطلاعات الرأي، فإن حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني الشعبوي يحظى حاليا بتأييد  ما بين 13 و15 في المائة من الناخبين في عموم ألمانيا. وفي بعض ولايات شرق ألمانيا تبلغ نسبة التأييد له أكثر من ذلك بكثير.

وردا على سؤال من دويتشه فيله (DW)، كتبت أليس فايدل، الرئيسة المشاركة للحزب: "لقد أصبح البديل من أجل ألمانيا عنصرًا ثابتًا في نظام الأحزاب الألماني، الذي كان يفتقر قبل ذلك قطعا وبشدة إلى قوة ليبرالية محافظة"، هكذا تصف حزبها.

 

"مأوى للتطرف ومعاداة السامية والعنصرية"

تم الاحتفال بإطلاق الحزب رسميًا في 6 فبراير/ شباط 2013. وأصبح حزب "البديل من أجل ألمانيا" سريعا مركز تجمع للأشخاص ذوي المواقف اليمينية، الذين أصبحوا محبطين من الميول الليبرالية للحزب المسيحي الديمقراطي في عهد المستشارة السابقة أنغيلا ميركل. هؤلاء وجدوا أن الأحزاب اليمينية التي كانت سائدة يومها متطرفة للغاية بالنسبة إليهم.

ومنذ ذلك الحين، تطور "البديل" من "حزب البروفيسورات تقريبا" (أبرز مؤسسيسه كانوا أساتذة جامعات) إلى "حزب يميني متطرف إجمالا" وأصبح اليوم "مأوى للتطرف ومعاداة السامية والعنصرية"، بحسب ما تقول المحللة السياسية أورزولا مونش في مقابلة مع DW.

في بداياته، كان "البديل من أجل ألمانيا" حزباً يناهض عملة اليورو وينتقد بشدة سياسة إنقاذ اليورو التي انتهجتها المستشارة ميركل في ذلك الوقت. وفي سبتمبر/ أيلول 2012، تم تأسيس "Wahlalternative 2013" (معناها: بديل انتخابي في 2013) كمقدمة لحزب "البديل". ومن خلال هذا التجمع شكّل أستاذ الاقتصاد بيرند لوكه والصحفي كونراد آدم والعضو السابق في الحزب المسيحي  الديمقراطي (حزب ميركل) ألكسندر غاولاند حزب "البديل من أجل ألمانيا" (AfD).

التوجه نحو التطرف منذ عام 2015

كان لحزب البديل ثلاثة تيارات منذ البداية: ليبرالي اقتصادي، محافظ وطني ويميني شعبوي. اثنان من الأعضاء الثلاثة المؤسسين أدارا ظهريهما للحزب منذ فترة طويلة. التغيير المتكرر للقيادة مسألة ثابتة أيضا في حزب "البديل". وتقول مونش لـDW إنه "حزب منقسم في الغالب يتوجب عليه مرارا وتكرارا خوض معارك بين القيادة والقاعدة الشعبية".

مؤسسو حزب "البديل من أجل ألمانيا" (من اليمين) ألكسندر غاولاند، ثم بيرند لوكه ثم كونراد آدم (برلين 14.04.2013).
مؤسسو حزب "البديل من أجل ألمانيا" (من اليمين) ألكسندر غاولاند، ثم بيرند لوكه ثم كونراد آدم (برلين 14.04.2013).صورة من: Marc Tirl/dpa/picture alliance

بدأ حزب "البديل من أجل ألمانيا" ببرنامج اقتصادي ليبرالي للسوق. وظهر تطرف الحزب عندما فر مئات الآلاف من الأشخاص إلى ألمانيا منذ عام 2015 لأنهم كانوا يبحثون عن الحماية من الحرب في سوريا. ووصف العضو المؤسس ألكسندر غاولاند تلك الفترة بأنها "هدية" للحزب.

وأصبحت اللهجة ضد حكومة المستشارة السابقة أنغيلا ميركل قاسية على نحو متزايد. وتحدثت زعيمة الحزب في ذلك الوقت، فراوكه بيتري، لصالح منع اللاجئين من عبور الحدود بقوة السلاح إذا لزم الأمر. وقد تركت بيتري بدورها الحزب فيما بعد.

من الليبرالية الاقتصادية إلى التطرف

في بداية يونيو/ حزيران 2018، قلل زعيم الكتلة البرلمانية للحزب آنذاك، ألكسندر غاولاند، من شأن الحقبة النازية، التي أودت بحياة ستة ملايين يهودي. وفي إحدى فعاليات الحزب قال: "هتلر والنازيون مجرد فضلات طيور في أكثر من 1000 عام من التاريخ الألماني الناجح". 

وتعتقد الباحثة والمحللة السياسية مونش أن نجاح حزب "البديل" يرجع أيضًا إلى كون "مثل هذه التصريحات المتطرفة تلقى استحسانًا من جانب قطاعات من سكان ألمانيا".

مثل هذه التصريحات وما شابهها دعت السلطات الأمنية الألمانية إلى اتخاذ إجراءات ضد الحزب، فصنف المكتب الاتحادي لحماية الدستور (المخابرات الداخلية) الحزب بأكمله في مارس/ آذار 2021 على أنه "حالة يمينية متطرفة مشبوهة". ووفقًا لمكتب حماية الدستور، ثبت أن جناحا قوميا في حزب "البديل" يعرف باسم "الجناح" (بالألمانية: Der Flügel) يعتبر مجموعة يمينية متطرفة.

ومنذ ذلك الحين، سمح جهاز المخابرات الداخلية بمراقبة ممثلي "الجناح". وهذا يعني أن وجود محققين سريين والتنصت على المحادثات الهاتفية أمور ممكنة أيضًا من حيث المبدأ. واعتبرت أليس فايدل، في ردها على DW أن ذلك "استغلال واضح الانحياز من قبل جهاز المخابرات الداخلية".

بينما تقول الباحثة أورزولا مونش إن "البديل من أجل ألمانيا" أصبح إلى حد كبير "حزبًا يمينيًا متطرفًا".

أورزولا مونش أستاذة العلوم السياسية بجامعة "بوندسفير" (الجيش الألماني) في ميونيخ
أورزولا مونش أستاذة العلوم السياسية بجامعة "بوندسفير" (الجيش الألماني) في ميونيخصورة من: Eventpress Stauffenberg/ Eventpress/picture alliance

وبمناسبة الذكرى العاشرة لتأسيس حزب البديل، سأل معهد أبحاث الرأي "إنفراتيست ديماب Infratest dimap" الألمان كيف يرون الأمر، فأجاب ثلاثة من كل أربعة مشاركين في الاستبيان أن حزب "البديل من أجل ألمانيا" لا ينأى بنفسه بشكل كافٍ عن المواقف اليمينية المتطرفة.

"البديل" حزب رجالي

يضم حزب "البديل من أجل ألمانيا" ما يقرب من 30 ألف عضو، بينما يبلغ عدد أعضاء الحزب الاشتراكي الديمقراطي، حزب المستشار شولتس ، حوالي 380 ألف عضو، وهو بذلك الحزب الذي لديه أكبر عدد من الأعضاء في ألمانيا. وأكثر من 80 في المائة من أعضاء حزب "البديل" هم من الرجال.

وأظهر استطلاع تمثيلي عبر الإنترنت أجرته مؤسسة برتلسمان في صيف عام 2020 أن 29 في المائة من ناخبي حزب "البديل" لديهم مواقف يمينية متطرفة. وتنتشر كراهية الأجانب ومعاداة السامية والميل إلى الأنظمة الاستبدادية بين ناخبيه بشكل أكثر مما هي الحال عليه عند مؤيدي الأحزاب الأخرى.

على سبيل المثال تشن روسيا حربًا عدوانية وحشية ضد أوكرانيا منذ عام تقريبا، وتعارض الرئيسة المشاركة للحزب أليس فايدل تقديم فلاديمير بوتين إلى محكمة لجرائم الحرب أو فرض عقوبات على روسيا. وقد رفض حزب "البديل" تزويد أوكرانيا بالأسلحة منذ البداية، واعتبر تلك الخطوة "تحريضا حربيا". وانتقدت زعيمته أليس فايدل تسليم ألمانيا دبابات ليوبارد إلى أوكرانيا ووصفته بأنه "قرار قاتل".

موقف الحزب من حرب أوكرانيا أثار أيضا اهتمام منظمي استطلاعات الرأي من مؤسسة "إنفراتيست ديماب". وتظهر النتيجة أن وجهات النظر في ألمانيا الشرقية والغربية تختلف حول هذه القضية على وجه الخصوص. فيعتقد 13 في المائة فقط من الألمان الغربيين أنه من الجيد أن يظهر حزب "البديل" تفهماً للمواقف الروسية في حرب أوكرانيا. أما في الشرق فهناك ما يقرب من ضعف هذا العدد؛ أي نسبة 25 في المائة.

أليس فايدل الرئيسة المشاركة لحزب البديل من أجل ألمانيا (28/11/2022)
بحسب أليس فايدل فإن "الأحزاب الراسخة ترقص على أنغام الأيديولوجية الخضراء"صورة من: Political-Moments/IMAGO

الهدف هو الخروج من المعارضة 

هدف حزب "البديل من أجل ألمانيا" هو الوصول إلى السلطة. ومع ذلك، لم يشارك حتى الآن في أي حكومة. والآن يريد الحزب أخيرًا الخروج من دور المعارضة في برلمانات الولايات. والأغلب أنه لن يشارك في حكومة على مستوى ألمانيا، لكن حزب "البديل" يتوقع فرصاً للمشاركة في حكومات ولايات شرق ألمانيا.

فهناك يحقق الحزب بانتظام نتائج انتخابات تزيد عن 20 في المائة، خاصة في المناطق الريفية المهملة. ووفقًا للاستطلاعات، فهو أقوى حزب في ولايتي ساكسونيا وتورنغن بشرق ألمانيا. وفيهما وكذلك في ولاية براندنبورغ، ستجرى انتخابات لبرلمانات الولايات العام المقبل.

وتبدو زعيمة "البديل" أليس فايدل متفائلة بفرص حزبها وتقول لـDW: "المشاركة في تشكيل الحكومات (في الولايات) ستكون الخطوة المنطقية التالية". ومن ثمّ يمكن أن يصبح الحزب المسيحي الديمقراطي (حزب ميركل) شريكًا في ائتلاف حكومي مع "البديل". ومع ذلك، استبعد المحافظون المسيحيون مثل هذه الائتلافات ووصل الأمر إلى إصدار قرار بذلك في اجتماع عام للحزب.

"لكن هذا من ناحية واحدة" كما تقول الباحثة والمحللة السياسية مونش. لكن داخل بعض الاتحادات الحكومية التابعة للحزب المسيحي الديمقراطي، يتساءل الناس بالفعل "بصوت عالٍ وهدوء" ما هو الشيء "السيء جدًا" في الواقع بشأن حزب "البديلط؟.

وتقول مونش لـDW إنه في حالة نشوء ائتلاف بين البديل والمسيحي الديمقراطي فعليًا، "فسيتسبب ذلك أزمة كبرى بالنسبة للاتحاد المسيحي".

مظاهرة ضد مؤتمر حزب "البديل من أجل ألمانيا" في كولونيا عام 2017.
مظاهرة ضد مؤتمر حزب "البديل من أجل ألمانيا" في كولونيا في عام 2017. المتظاهرون يرون هذا الحزب "خطرا على الديمقراطية" في ألمانيا. صورة من: Getty Images/AFP/O. Andersen

تهديد أم دليل على ديمقراطية ألمانيا؟

وأقام حزب "البديل" احتفالا بالذكرى السنوية العاشرة لتأسيسه، في "دار اللقاءات" بكونيغشتاين بالقرب من فرانكفورت بولاية هيسن. وبنبرة تحد وجهت أليس فايدل، خلال الاحتفال كلاما إلى الخصوم السياسيين، مجددة التأكيد على الرغبة في المشاركة في الحكومة في ألمانيا في المستقبل ولتقول: "نحن الشوكة في جسد الراسخين"، في إشارة إلى الأحزاب الألمانية السائدة.

أمّا الرئيس المشارك للحزب تينو كروبالا فيقول: "لقد جئنا لنبقى يا أصدقائي الأعزاء وسوف نفعل ذلك أيضا".

وقبل يوم الاحتفال أعلن تحالف اجتماعي واسع أنه سيحتج على الاحتفال بالذكرى العاشرة لتأسيس الحزب، وكتب المنظمون أن حزب البديل من أجل ألمانيا يمثل "تهديدا رئيسيا للديمقراطية".

الباحثة والمحللة السياسية أورزولا مونش لديها نظرة مختلفة لذكرى تأسيس حزب اليمينيين الشعبويين. فهي ترى أنه يظهر استقرار الديمقراطية الألمانية. وتقول إن نظامنا البرلماني ليس بالضبط ما يفترضه هذا الحزب، اي أنه "نظام نخبة معزول". وتضيف أن عشر سنوات من عمر حزب "البديل" تمثل أيضًا "قابلية التغيير في نظام الحزبي" في ألمانيا.

فولكر فيتينغ/ صلاح شرارة