عبر إجراءات حازمة - الاتحاد الأوروبي يعتزم حماية أفضل لليهود
٤ ديسمبر ٢٠٢٠منذ مدة طويلة والحكومة المجرية تعتبر الملياردير الأمريكي جورج سوروس هو الصورة النمطية للعدو أو "البعبع". ورغم ذلك كان سوروس يوم السبت (28/11/2020) عنوانا رئيسيا في الصحافة المجرية بعدما تعرض لهجوم غادر من قبل مدير متحف بيتوفي في بودابيست، سيلار ديميتر. ففي تعليق له نشرته بوابة إلكترونية على الانترنت قريبة من الحكومة اتهم الكاتب جورج سوروس بأنه حوَل أوروبا إلى "غرفة غاز". وكتب ديميتر الموظف بالثقافة المجرية: "من براميل المجتمع المتعدد الثقافات والمنفتح يسيل الغاز السام المميت بالنسبة إلى نموذج العيش الأوروبي". علما بأن جورج سوروس هو يهودي يبلغ من العمر 90 عاما ونجا، عندما كان طفلا، من المحرقة النازية "الهولوكوست".
وهذا النوع من الهجمات المعادية للسامية ليس حالة نادرة لا في المجر ولا في باقي بلدان الاتحاد الأوروبي. وهذا ما كشفت عنه دراسة للوكالة الأوروبية لحقوق الانسان من عام 2018. فنحو 85 في المائة من الأشخاص اليهود في اثنتي عشرة دولة عضو بالاتحاد الأوروبي يقولون إن معاداة السامية زادت، وحوالي 40 في المائة منهم فكروا في الهجرة.
معاداة اليهود مقبولة إجتماعيا من جديد
وهذا التطور يمكن لمارام شتيرن أن يؤكده. فالرجل البالغ من العمر 65 عاما هو المدير الإداري للمؤتمر اليهودي العالمي الذي ينضوي تحته عدة منظمات يهودية ويعمل من أجل القضايا السياسية ليهود الشتات. "الإعلان اليوم عن تصريحات معادية للسامية بات مقبولا إجتماعيا. وهذا لم يكن واردا قبل بضع سنين"، كما يشتكي شتيرن. ومن أجل مواجهة معاداة اليهود، التي يقول إنها تزداد قوة كل يوم، بلورت دول الاتحاد الأوروبي في السنتين الأخيرتين إعلانا مشتركا سيتم تبنيه في القمة الأوروبية الأسبوع المقبل. وهذه عملية طويلة بدأت بمبادرة من المؤتمر اليهودي العالمي والحكومة النمساوية، ومن شأنها الآن التأكيد على الجوانب الرئيسية قبيل نهاية الرئاسة الألمانية للاتحاد الأوروبي. وتتعهد الدول الأعضاء، من بين أمور أخرى، بالدفاع عن أمن المجتمعات اليهودية، وتعريف الهجمات المعادية للسامية في الشارع وعلى الإنترنت على هذا النحو وملاحقاتها باستمرار.
خطر اعتداءات
وكما يبدو هذا مشروع طموح، لأن بعض زعماء دول وحكومات الاتحاد الأوروبي لم يعتبروا الإجراءات الملموسة شيئا ضروريا. ومحاربة معاداة السامية ليس لها عندهم أولوية. "هناك بلدان لا تريد رؤية ذلك ولا ترى الجدوى من حماية كنيس يهودي. فلا توجد حماية من الشرطة أمام الكنيس في لوكسمبورغ، لأن الأخيرة تعتبر أنه ليس هناك مشكلة"، كما قال مارام شتيرن. والاعتداءات المميتة على منشآت يهودية مثل الهجوم على المتحف اليهودي في بروكسل في 2014 وعملية احتجاز رهائن في متجر يهودي في باريس 2015 أو الهجوم على الكنيس في مدينة هاله في السنة الماضية هي الدليل المحزن الذي يشهد على الحاجة إلى الحماية وكيف أنه من الصعب أو الخطير عيش حياة عامة يهودية في أوروبا. وهذا ما تريد أيضا دول الاتحاد الأوروبي تغييره. فالحياة اليهودية يجب أن تظهر كجزء من الهوية الأوروبية بحيث يصبح من الممكن في أحد الأيام أن تستغني المطاعم اليهودية عن إجراءات المراقبة عند دخولها ومنظمو المهرجانات الثقافية اليهودية يمكنهم الدعاية دون الخوف من التعرض للهجمات.
الكراهية عبر الشبكة في صلب الاهتمام
ومنصة إضافية لمكافحة معاداة السامية تتمثل في المواقع الالكترونية. فالوكالة الأوروبية لحقوق الانسان تذكر كمثال حي بأن نظريات المؤامرة المعادية للسامية وعمليات التضليل بشأن وباء كورونا عززت خطاب الكراهية في الشبكة. "الناس يلومون اليهود على إنتاج الفيروس ونشره"، كما ورد في بلاغ من الوكالة الأوروبية لحقوق الانسان.
وبالتحديد هنا، كما يصف ذلك مارام شتيرن يكون العمل الحازم إضافة إلى التوعية مقومات ضرورية. فالمواقع الالكترونية يجب تحميلها المسؤولية. فليس من المقبول أن ينشر شاب على منصة الكترونية نكتا حول الكاتبة اليهودية "آنّى فرانك" ويكررها دون معرفة ما يقول. وفي الإعلان المشترك للدول الأوروبية يُذكر بأنه يجب وضع حد بأسرع وقت ممكن لخطاب الكراهية والمضامين الإرهابية. والواقفون على المنصات الالكترونية يتحملون هنا المسؤولية.
ويدرك مارام شتيرن تماما أن القوانين الأكثر صرامة والملاحقة الجنائية الحازمة قد تمنع السلوكيات الفظة المعادية للسامية، لكن المواقف المعادية لليهود داخل المجتمع لن تختفي على الفور، ولابد من أن تكون هناك بداية من مكان ما. وكما يقول رئيس المؤتمر اليهودي العالمي فإن "الناس لا يولدون معادين للسامية، بل يتم تربيتهم ليكونوا كذلك".
ماكس تساندير/ م.أ.م