1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

"تفعيل دور المرأة في المجتمعات العربية يتوقف على توفر بيئة آمنة"

٢٤ يناير ٢٠٠٦

لم يعد القضاء الدستوري في العالم العربي حكراً على الرجال بعد أن تقلدت السيدة تهاني الجبالي منصب قاض بالمحكمة الدستورية العليا في مصر. موقعنا تحدث معها في القاهرة حول سبل تحسين فرص تبوء المرأة العربية لمناصب رفيعة

https://p.dw.com/p/7pzo
الزميل سرحان يحاور السيدة تهاني الجبالي أمس في القاهرةصورة من: DW

دويتشه فيلّه: الأستاذة الدكتورة تهاني الجبالي، كسيدة مصرية وقاضية دستورية، كيف تحكمون على وضع المرأة في المجتمع المصري؟

الجبالي: وضع المرأة في المجتمع المصري مرتبط ارتباطاً عضوياً بتطور المجتمع ككل. أنا أعتبر أن المرأة المصرية مؤهلة لكي تلعب دوراً رئيسياً في هذا التطور، وذلك بحكم تاريخها وتطورها الاجتماعي وتجربتها الناجحة في التعليم والعمل. وفي مصر نشهد جهوداً مكثفة للوصول إلى ثقافة مستنيرة تمنح المرأة الحقوق والحريات باعتبارها شريك في شتى مجالات الحياة. أما بخصوص المشاركة السياسية فلا أعتقد أن وضع المرأة المصرية سيتحسن إلا إذا كان هناك إثراء شامل للحياة السياسية، ولا أتصور أنها ستتقدم في المجال الاقتصادي دون تأمين حقها في المساواة والعمل والحصول على الوظائف العامة. إن نضال المرأة هو جزء من نضال المجتمع من أجل تحسين المناخ العام. هناك محاولات عديدة داخل المجتمع المصري من أجل النهوض بدور المرأة لكنها مرهونة بتغيير الظروف العامة المحيطة بها.

لقد نجحت المرأة في إثبات ذاتها على المستوى السياسي في ألمانيا، لاسيما بعد أن تمكنت سيدة لأول مرة من الوصول إلى قمة الهرم السياسي. هل ترون أن تقلد المناصب الرفيعة يشكل ذروة طموح المرأة في عالم السياسة؟

أحيي وصول امرأة ألمانية إلى منصب المستشارية بجدارة وبعد تواصل في العمل السياسي وتواجد فعلي في المجتمع الألماني، لكنني أتصور أن المجتمعات لا تتقدم من خلال الأفراد بل من خلال الجماعات، وبالتالي لابد من أن تكون هناك مصداقية لهذا التواجد على امتداد تاريخي مناسب، وأن تتبوأ أكثر من امرأة في المستقبل هذا المنصب، من خلال تواجدها في الساحات الاجتماعية ككفاءة مرشحة لأداء مثل هذه لأدوار القيادية.

تدفعني إجابتكم إلى التطرق إلى تقرير الأمم المتحدة عن التنمية الإنسانية في العالم العربي وما أورده من مواطن ضعف في مشاركة المرأة العربية في الحياة الاجتماعية. كيف تستطيع المرأة العربية إذن الوصول إلى نفس صدارة المرأة الألمانية في مجتمعها؟

لعل أهم نقطة عالجها تقرير الأمم المتحدة في هذا الخصوص هي البيئة الآمنة، وذلك باعتبارها المدخل الطبيعي لتفعيل دور المرأة ووصولها إلى أي نقطة انطلاق في الحياة الاجتماعية أو السياسية أو الاقتصادية. إن البيئة الآمنة تعبير بالغ الدقة والأهمية، فلا يمكن أن تتطور المرأة بمفردها بمعزل عن المنظومة الاجتماعية ومجمل ما يطرأ على مجتمعها من متغيرات. إن لم يكن هناك بيئة آمنة في الحياة السياسية وتعميق للحريات ومصداقية للعملية الديمقراطية، فإن ذلك سيؤثر بالتأكيد على وضع المرأة فيما يتعلق بالمشاركة السياسية، على سبيل المثال. وإن لم يتمتع مجال الاستثمار الاقتصادي ببيئة آمنة واحترام لكفاءة وقدرات المرأة فإن ذلك سيؤدي إلى تراجع تأثيرها في عملية النمو الاقتصادي. وإن لم يكن هناك حوار ثقافي وحضاري في مجتمع يعرف كيف يختلف ويتفق على قضاياه المعاصرة، فربما ترهب المرأة خوض العمل الثقافي. إنني أربط تطور دور المرأة في المجتمع بمجمل الظروف التي تحيط بها وأعتقد على ضوء تقرير التنمية الإنسانية أنه يوجد استحقاق كبير للمرأة العربية والمصرية لتكون طرف شريك في النضال الاجتماعي من أجل ظروف أفضل ومن أجل بيئة أفضل تضمن ممارسة كل حقوقها.

يشكل التطرف الديني عائقاً أمام تحقيق المساواة بين الرجل والمرأة. كيف يمكن للمرأة تجاوز هذا العائق؟

يمكن تجاوزه بالنضال الثقافي من أجل أن يسود المجتمع فكر أكثر ارتقاء وأكثر قدرة على تأكيد الحق الإلهي في المساواة بين البشر. لابد أن تواجه الأفكار المتشددة بأفكار مستنيرة. لذلك أعتبر دائماً النضال الثقافي دائرة يجب أن تتحرك فيها كل الجهود لتحقيق المساواة بين الرجل والمرأة مع الإصرار على توفير الحماية اللازمة للمساواة من خلال القوانين والدساتير.

حقوق المرأة جزء لا يتجزأ من حقوق الإنسان. في تونس تمثل حماية حقوق المرأة أهم أوليات الدولة. كيف تقيمون النموذج التونسي؟ وهل ترون أنه صالح للتطبيق في كافة الدول العربية والإسلامية؟

للمرأة التونسية وضعية هامة في إطار المنظومة التشريعية. لكننا في حاجة إلى تقييم موضوعي لطبيعة وحقيقة وضعية المرأة التونسية في إطار شعبي وليس في إطار النخبة. ربما نجد أن الواقع لم يتغير كثيراً رغم وجود تعديلات تشريعية لصالح المرأة في تونس. إنني أقدر في النموذج التونسي أن التشريع قد سند التطور وربما سبقه في بعض الأحيان لتأمين حركة المجتمع في اتجاه الحق المتساوي بين الرجل والمرأة. كما أقدر كيفية استخدام التشريع كأداة لتغيير الواقع الاجتماعي. ومع احترامي للنموذج التونسي، إلا أنه لم ينهِ فكرة التمييز في المجتمع تجاه المرأة. مازالت المرأة التونسية تناضل من أجل استقرار المعايير المرتبطة بالحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية مثلها مثل أي امرأة عربية أخرى.

من وجهة نظركم، ما هي آفاق عملية تحقيق المساواة بين الرجل والمرأة في المجتمعات العربية؟

إن السياج الدستوري والقانوني هو الإطار، الذي يحمي حقوق المرأة. والمساواة هي نتيجة احترام سيادة الدستور والقانون وحظر التمييز على أساس الجنس. لابد أن يشكل هذا الاحترام الإطار العام للصورة. لكن يبقى داخل الصورة نفسها أهم ما يمكن أن يحقق المساواة وهو التطور الثقافي.

علاء الدين سرحان - القاهرة