1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

انتصرت ثورة تونس و أجهضت ثورة العراق

٢٠ يناير ٢٠١١

انتصرت الانتفاضة الشعبية في تونس وهرب زين العابدين بن علي وصارت تعرف بثورة الياسمين وهذا الحدث لن يمر في المنطقة بشكل عابر،لكن انتفاضة العراق في عام 1991 أُحبطت ولم تؤثر في المنطقة.

https://p.dw.com/p/100AP
ديكتاتورية تونس ولت كما ولت قبلها ديكتاتورية صدامصورة من: AP

أطلق شرارة الانتفاضة الشاب محمد البوعزيزي الذي احرق نفسه ليموت فتتنفس تونس نسيم الحرية وتنعم بثورة الياسمين بعد أن هرب الديكتاتور زين العابدين بن علي.

وفي العراق فجّر الشعب انتفاضة في آذار عام 1991 والتي عرفت فيما بعد بالشعبانية، أطلق شرارة الانتفاضة ضابط عراقي صغير ( يقال انه م أول حسن) انسحب من الكويت بدبابته وأطلق قذيفة على جدارية صدام حسين في ساحة سعد بالبصرة فامتدت النار إلى كل العراق.

Tunesien Massendemonstrationen gegen Präsident Zine El Abidine Ben Ali in Tunis
بن علي: ممنوع في تونسصورة من: AP

انتفاضة العراق وانتفاضة تونس هما الثورتان الوحيدتان في العالم العربي، لأن الثورات المزعومة كلها انقلابات عسكرية، لكن الفرق بين الثورتين أن العراقية أجهضت والتونسية نجحت، حوارنا لهذا اليوم بين تونس والعراق.

منصف السليمي المتخصص في الشؤون المغاربية في دويتشه فيله شارك في الحوار من الأستوديو فأشار الى ان ثورة تونس كما سائر الثورات عبر التاريخ قد صنعتها عوامل عدة وكان في طليعتها واقعة إحراق محمد البوعزيزي لنفسه في منطقة سيدي بوزيد رافضا وضعه الاجتماعي السيء ثم تطور الأمر إلى احتجاجات شعبية في المنطقة وامتدت كالنار في الهشيم في مختلف مناطق البلد، واستندت بشكل عام إلى الشبان العاطلين عن العمل . وأشار السليمي إلى أن المراقبين السياسيين على وجه العموم لم يكونوا يتوقعون التغيير بهذه السرعة ولكنهم كانوا يتحدثون عن سيناريو محتمل عام 2014 بعد الانتخابات القادمة. المراقبون الغربيون لم يكونوا يرون هذه الحقيقة، بل كانوا يرون البلد بعيدا جدا عن أي تغيير محتمل في المدى المنظور.

( للاستماع اضغط على الرابط أسفل الصفحة: منصف السليمي: تغاضى الغرب عن تجاوزات بن علي لمخاوف الغرب من وصول الإسلاميين إلى السلطة)

وأيد النائب السابق في البرلمان العراقي الدكتور آزاد بامرني وجود مشتركات وأوجه تشابه كثيرة بين ثورة تونس وبين انتفاضة العراق عام 1991، مشيرا إلى أن العفوية والجماهيرية عنصر مشترك بين الحدثين، وربما كان إقليم كردستان استثناء لأن الانتفاضة نظمها الحزبان الكرديان الكبيران. وبيّن بامرني أن من أوجه التشابه الأخرى أن البلدين حكمهما حاكمان ديكتاتوريان لمدة فاقت عشرين عاما ، كما بين بامرني أن المشترك بين الثورتين هو مشاركة كل الطبقات في الانتفاضة

( للاستماع اضغط على الرابط أسفل الصفحة: آزاد بامرني: نتمنى أن تصل تونس لساحل الديمقراطية بشكل أيسر مما جرى في العراق)

الصحفية الألمانية المتخصصة بشؤون الشرق الأوسط مارتينا صبرا لم تؤيد وجود تشابه بين الثورتين مشيرة إلى أن ثورة تونس هي ثورة شعبية يمكن مقارنتها بالثورات الأوروبية، والفرق كبير بين تونس والعراق لأن دور الجيش ودور الأنظمة البوليسية متفاوت بين البلدين كما علينا أن لا ننسى دور الانترنيت وموقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك) الذي كانت وسطا حيويا لتبادل الأخبار والمعلومات فوصل الثورة بالعالم الخارجي. ثم بررت صبرا تأخر الغرب عن دعم ثورة تونس حتى هروب بن علي من البلد عازية أسبابه إلى مخاوف الغرب من وصول الإسلاميين إلى السلطة وذلك لأن نظام علي قد روج لنفسه لدى الغرب بأنه الوحيد القادر على حماية تونس من الإسلاميين. و أعربت تونس عن اعتقادها أن الإسلام المتطرف لا قاعدة له في تونس.

( للاستماع اضغط على الرابط أسفل الصفحة: مارتينا صبرا:زرت تونس العام الماضي وشعرت أن الوضع فيها على حافة الانفجار)

Irakischer Panzer aus dem Golfkrieg 1991
الجيش المكسور في حرب الكويت أطلق شرارة انتفاضة 1991 في العراقصورة من: AP

وسألنا المستمعين مشاركتنا الحوار بالإجابة عن سؤالنا:

ما رأيك بثورة تونس وهروب رئيسها زين العابدين بن علي؟

فتباينت الإجابات ولكن المستمع عبد الحميد من بغداد ذهب الى أن ثورة تونس جاءت عفوية نتيجة صراعات سياسية واقتصادية خفية، ولكنها جاءت بيضاء بالكامل وسيكون من الإنصاف السؤال: هل كان زين العابدين بن علي ديكتاتورا دمويا مثلما كان صدام حسين وهل آذى شعبه مثلما آذى صدام العراقيين؟ وهل امتلك نظام بن علي نفس أجهزة القمع التي كان يملكها صدام؟ أليس من الأجدر الاعتراف بان بن علي بعد كل شيء كان شجاعا لأنه قرر الهروب حين رفضه الشعب.

منصف السليمي وقف عند ما ذهب إليه المستمع عبد الحميد مؤيدا أن قدرة صدام على توظيف البترودولار لحماية نظامه لم تكن لتتوفر لنظام بن علي كما أن النظام التونسي لم يتمكن من تخطي النسيج الديمقراطي الذي أقامه بورقيبة في تونس. ثم علق على ما ذهبت إليه مارتينا صابرا بشان إجماع الغرب على دعم نظام بن علي لدرء الخطر الإسلامي المحتمل مشيرا إلى أن الصوت الإعلامي الغربي الذي أشارت إليه مارتينا صبرا كان ضعيفا وغير مسموع ، وبيّن السليمي أن الاختلاف جوهري في جانب تطور وسائل الإعلام والاتصال بين البلدين العراق وتونس.

ثم أشار السليمي إلى أن العنف لم يكن ثقافة سائدة في تونس، ولكن الإسلاميين في تونس على وجه العموم واجهوا قمعا وتعذيبا طالهم وأسرهم بشكل خاص على أيدي أجهزة قمع السلطة، ولكن حضور الإسلاميين في الشارع التونسي على وجه العموم ضعيف وخجول ولو جرت انتخابات جديدة في تونس فلا أتوقع أن ينالوا أكثر من 20% من الأصوات.

Tunesien Massendemonstrationen gegen Präsident Zine El Abidine Ben Ali in Tunis Flash-Galerie
الكل لا يريدون بن علي في تونسصورة من: AP

د آزاد بامرني قال ان انتفاضة العراق وقعت قبل 20 عاما، والحديث عن مقارنة تطور وسائل الإعلام ودوره لا مكان له وهو غير أساسي في تقييم الانتفاضتين. والانتفاضتان رغم فارق الزمن متشابهتان، إلا أن النتائج جاءت مختلفة، فانتفاضة العراق التي استمرت 14 يوما بدءا من الثاني من آذار/مارس 1991 قمعت بوحشية من قبل أجهزة أمن نظام صدام حسين فقتل أكثر من 300 ألف عراقي في ظرف أسبوعين ، ولم نسمع أي تعليق من الرأي العام العربي والدولي وحتى الإسلامي وسويت مدن كاملة بالأرض واستخدمت الدبابات والطائرات لسحق المنتفضين وسط صمت دولي .

مارتينا صبرا علقت على ما ذهب إليه د بامرني بالقول أن الولايات المتحدة كانت خائفة من أن تفتح في العراق جبهة ثانية علاوة على جبهة إيران، علاوة على أن للعسكر أجنداتهم التي لا يعرف عنها الإعلام شيئا.

وعاد د بامرني ليؤكد أن هناك وجوه اختلاف بين الثورتين بالتأكيد ، فالنسيج الاجتماعي الذي أنشأه بورقيبة على مدى 30 عاما والأطر الدستورية العريقة صنعتا طبقة وسطى لم تكن ترضى بديكتاتورية بن علي، لكن الثورتان تتشاركان في العفوية وتتميزان في أنهما الثورتان الوحيدتان في المنطقة العربية.كما أشار بامرني إلى انه أثناء زياراته المتكررة لتونس لحظ أن الإسلاميين التونسيين ليسوا متطرفين.

مارتينا نفت أن تونس كانت آخر مكان يمكن أن تقوم فيه ثورة مؤكدة أن الأوضاع في هذا البلد قد نضجت إلى درجة أن الثورة كانت حتمية في هذا البلد. والطبقة الوسطى و الشعب أدركا استحالة استمرار الأوضاع على ما هي عليه في تونس.

منصف السليمي بدأ من حيث توقفت مارتينا مجيبا عن سؤالنا: هل كان بن علي أسوأ ديكتاتور في المنطقة بالقول: إن بن علي بالقياس التونسي كان هو الأسوأ لأن حجم الهوة بين طبيعته كحاكم ومستبد وبين المستوى الثقافي للمجتمع التونسي كان كبيرا، في تونس نضج المجتمع لدرجة أن الحاكم المستبد لم يعد مقبولا عندهم .

وبين السليمي أن العنف السياسي كان ظاهرة تطغى على المشهد السياسي في العراق علاوة على ان أطرافا خارجية كانت تتحرك على الساحة العراقية، أما في تونس التونسيون وحدهم هم المتحكمون في مصير الانتفاضة وتوجيهها بعيدا عن أي تأثير خارجي.

Opfer des Regimes von Saddam Hussein und Ali Hassan al-Madschids
انتفاضة 1991 في العراق خلفت 300 ألف عراقي في المقابر الجماعية واحتفظ صدام بالسلطةصورة من: AP

المستمع صالح الرماحي علق على هذا الرأي بالقول أن أحدا لا يمتلك مصالح حيوية في تونس ومن هنا فإن التدخل الخارجي في الشأن التونسي معدوم مقارنة التدخل الخارجي في الشأن العراقي والعامل الأشد الباعث لهذا التدخل هو النفط وهو عنصر غائب تماما عن تونس.

آزاد بامرني نفى أن تكون انتفاضة العراق عام 1991 خاصة بالشيعة والكرد مشيرا إلى أن 15 محافظة عراقية من أصل 18 سقطت بأيدي المنتفضين وهذا وحده دليل على أنها عمّت كل طبقات الشعب العراقي، لكن الإفراط في العنف كان عاملا أساسيا في القضاء عليها وهذا ما لم يحدث في تونس. ورغم أن اتفاقية خيمة سفوان منعت نظام صدام حسين من استخدام الطيران ، لكنها عند قيام الانتفاضة سمحت له باستخدام طائرات الهليكوبتر لقمع الانتفاضة.

مارتينا ذهبت إلى أن الأنظمة العربية متخوفة إلى حد ما من التجربة التونسية ولكنها استبعدت أن تشهد البلدان العربية تجربة مماثلة لما جرى في تونس. والكارثة – حسب تعبير صبرا- أن البرلمان الأوروبي لم يصدر حتى بيانا بشأن ما حدث في تونس، لكن الشيء الايجابي في الموضوع أن ألمانيا ومن خلال مؤسسات المجتمع المدني كانت متواصلة مع ما يجري في تونس على مدى عقدين. صبرا طالبت المؤسسات الألمانية بالمسارعة في مساعدة تونس على إقامة بنية تحتية مؤهلة لنمو الديمقراطية في هذا البلد.

منصف السليمي أبدى قبوله لما قاله د بامرني مشيرا إلى أن محيط العراق مختلف بشكل كبير عن محيط تونس، لكن التأثيرات على ثورة تونس قد تأتي مشابهة للتأثيرات التي جرت على ثورة العراق. وتحدث السليمي عن خصوصية منطقة سيدي بو زيد التي انطلقت منها الثورة مبينا أنها كانت من اقل المناطق في تونس استفادة من التنمية علاوة على ارتفاع نسبة البطالة بين الخريجين. علاوة على أن ما أقدم عليه محمد البو عزيزي احدث رجة في نفوس سكان المنطقة.

د. آزاد، أشار إلى انه يقترب من رأي الصحفية صبرا نافيا إمكانية أن يمتد مبدأ الدومينو إلى شمال إفريقيا بعد ثورة الياسمين، لكنه أشار إلى المؤتمر الاقتصادي في شرم الشيخ يؤشر تطورا في الموقف الحكومي العربي تجاه التغيرات في المنطقة، ولا شك ان الديكتاتوريين سيخافون ويغيرون من لهجتهم.

مارتينا صبرا بينت وجود بعض الفوضى في تونس ، لكنه نفت إمكانية أن يسقط البلد في دوامة الفوضى بعد نجاح الثورة مشيرة إلى ضرورة أن تأخذ أوروبا وبالذات ألمانيا موقفا داعما للثورة، ودون هذا الموقف فإن الثورة قد تكون في خطر.

منصف السليمي أيّد هذا الرأي بالقول : أن الأوربيين إن لم يأخذوا الثورة على مأخذ الجد فإن المخاطر ستكون كبيرة، وسيتصاعد الخوف من التجربة ما يمكن أن يشجع على تدخل العسكر لإعادة النظام إلى نصابه الأمر الذي يمكن أن يقبر الثورة.

Der Irakische Parlament Mitglied Dr Azad Bamerni
النائب السابق في البرلمان العراقي الدكتور آزاد بامرنيصورة من: Bamerni

آزاد بامرني من جانبه أوجز المخاطر التي تواجه الثورة التونسية في:

* أن البيروقراطية الوطنية( وهي الطبقة المستفيدة من النظام السابق ) ستحاول إجهاض الثورة للمحافظة على مصالحها.

* الصراعات المتوقعة بين معارضي الأمس وحكام الغد.

* خطورة سيطرة المتطرفين على الوضع في ظل الفوضى.

* الوضع الاقتصادي المرتبك حيث قدرت الخسائر حتى الآن ب2.5 مليار يورو .

* مخاطر يمكن أن تنشأ من الجيش السابق وقادة الأمن الرئاسي السابق.

واقترح بامرني من واقع تجربته في العراق جملة من الحلول أوجزها بالنقاط التالية:

*تقصّير مدة الفترة الانتقالية بحيث لا تتجاوز 6 أشهر.

* تشكيل حكومة وحدة وطنية عريضة القاعدة بحيث لا ينحصر الحكم في قبضة حزب واحد أو حزبين.

*عدم حصر الصلاحيات في يد شخص واحد ما يمهد لانقلاب عسكري أو لعودة الانفراد بالقرار.

*ضرورة إصدار عفو عام شامل يستثنى منه حصرا من تلطخت أياديهم بالدماء.

*تفعيل دور المجتمع الدولي لدعم الثورة.

ملهم الملائكة Mulham Almalaika .

مراجعة: منى صالح