1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

العراق والعالم العربي: عقد بعد سقوط صدام

ملهم الملائكة ٥ أبريل ٢٠١٣

تمر هذا الأسبوع الذكرى العاشرة لإسقاط نظام صدام حسين. تغير العالم العربي وتغير وضع العراق بشكل شبه كامل. مراكز القوى في الشرق الأوسط اختلت، وتساقطت حكومات وتهتك نسيج سياسي واجتماعي بقي مستقرا منذ اتفاقيات سايكس بيكو.

https://p.dw.com/p/18Adt
FILE - A U.S. Marine watches a statue of Saddam Hussein being toppled in Firdaus Square in downtown Baghdad on April 9, 2003 file photo. (AP Photo/Jerome Delay, File)
صورة من: picture alliance/AP Photo

بعد عقد من الزمن على إسقاط نظام صدام حسين، حكومات العربية سقطت ونخب سياسية تغيرت، وعصر القوميات انتهى ليحل محله عصر الإسلام السياسي. العرب لا يقبلون أن يقروا أن التغيير بدأ في العراق ثم انتقل إليهم، ربما لأن الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش لم يستشرهم في التغيير ولم يقم لرأيهم وزنا فغضبوا منه. بل أنهم مصرون على أن يسموا صدام حسين بطلا، وقد علل ذلك معن بشور الأمين العام السابق للتجمع القومي العربي في حديث لـ DWعربية بالقول إن صداما لطالما تبنى قضية فلسطين كهم قومي وحيد له ما جعل الفلسطينيين يدينون له بالوفاء والحب. وجاء حديث بشور في معرض الدفاع عن قيام الفلسطينيين برفع صور صدام حسين على محلاتهم وبيوتهم، وعلى إقامتهم مجالس العزاء له بعد محاكمته وإعدامه.

"العرب انحازوا للقاتل ووقفوا ضد الضحية".

الإعلامي كريم بدر في حديث إلى DWعربية رد على هذا بالقول "إن التعامل مع الضحية والجلاد بنفس المنطق لا يتفق مع المنطق الرباني. أوروبا نهضت حينما وقفت بكل جرأة ضد العنصرية وأفكار القتلة والمجرمين، وقد طُرد 500 ألف نازي في ألمانيا من وظائفهم، وحوكم كثير منهم، ولا يستطيع أحد في أي مكان بأوروبا أن يرفع اليوم صورة هتلر، ولا يمكن التسامح مع هذا الأمر لأنه ممارسة ضد الإنسانية وليست مجرد وجهة نظر، فقتل الناس ليست وجه نظر، ورفع صور المجرمين ليست وجهة نظر بل موقف، وهو موقف الانحياز إلى القاتل والوقوف ضد الضحية".

Bildergalerie Irak 10 Jahre nach der US-Invasion
تظاهرات في ساحة التحرير ببغداد عام 2011 ضد الحكومة.صورة من: DW/K. Zurutuza

"كردستان لم يطلها الدمار لأنها كانت خارج سلطة صدام ومنظومته"

إقليم كردستان العراق كان الأكثر تفاؤلا بالتغيير، وهو خير من جنى ثماره، ونظر الكرد إلى المتغير التاريخي الذي طال المنطقة آنذاك باعتباره مفتاحا لباب الخلاص من نظام مارس الإبادة العرقية بحقهم عبر استخدام عمليات التهجير الاثني ( الأنفال) وعبر عمليات الإبادة الجماعية ( حلبجة) وعبر التغييب والتصفيات ومحاولات تغيير ديموغرافية للسكان ( خانقين، مندلي، كركوك..الخ). والى ذلك أشار الإعلامي كفاح محمود كريم المستشار الإعلامي في مكتب رئيس الإقليم مسعود بارزاني في حديثه مع مايكروفون برنامج العراق اليوم من DWعربية ، لكنه أبدى أسفه وحزنه العميق لعمليات تدمير البنى التحتية التي رافقت مسيرة التغيير وعمليات تحرير العراق مبينا" أن كردستان كانت خارج عمليات التدمير التي طالت البنية التحتية، لأن عمليات تحرير العراق العسكرية شملت المناطق التي كان يهيمن عليها نظام صدام حسين ومنظومة جيوشه، وكانت كردستان خارج هذه المنظومة".

إقليم كردستان العراق كان قد حصل منذ انتفاضة عام 1991 على حكم ذاتي غير معلن، مكّنه من التصرف باستقلال كبير عن حكومة المركز ( نظام صدام حسين آنذاك)، وقد ساهمت منطقة الحظر الجوي التي فرضها التحالف الدولي فوق خط العرض 36 في منع صدام من الاعتداء على الإقليم. ويعتقد البعض أن هذه السنوات تشكل عمرا إضافيا اليوم في حساب تاريخ استقلال الإقليم، والى ذلك ذهب د عبد الخالق حسين في حديثه مع مايكروفون برنامج العراق اليوم من DWعربية مشيرا إلى " أن التغيير الذي حصل في كردستان سبق التغيير الذي أصاب القسم العربي من العراق 13 سنة" ، معتبر أن هذه السنوات مثلت مرحلة انتقالية لشعب وسلطة الإقليم  أهلتهم للإفادة من التغيير الذي حصل في 9 نيسان 2003 بشكل أفضل.

علاوة على ذلك اعتبر د حسين أن كردستان عن طريق برنامج حماية الأمم المتحدة نجت تقريبا من آثار الحصار الاقتصادي، وكانت تصلها بانتظام حصتها من برنامج الغذاء مقابل النفط بعيدا عن ابتزاز نظام صدام حسين.

JAHRESRÜCKBLICK 2003 APRIL IRAK USA
في كل مكان كان العراقيون يرون صورة صدام ، فانتقموا منها بعد سقوطه.صورة من: AP

" صدام لم يكن حاكما سنيا، بل كان صداما"

وفي معرض تحليله لنجاح التجربة الكردية أشار د حسين إلى انه لا يوجد في كردستان صراع سني شيعي " أما في سائر العراق فقد سيطر السنة على السلطة في العراق كله منذ قيام الدولة العراقية الحديثة كما أشار الملك فيصل الأول بصراحة"، مبينا أن هذه المعادلة قد تغيرت بعد 2003، ما بعث كل تلك الصراعات التي يشهدها البلد اليوم.

المستمعة رنا في اتصال من بغداد اعترضت على ما ذهب إليه د حسين معتبرة أن حديث الطائفية مرفوض" لأن العراق في عهد صدام لم يكن تحت حكم السنة، بل كان تحت حكم صدام الذي كان يعتدي على السنة والشيعة والكرد ممن كانوا يرفضون سلطته "، معتبرة أن ايجابية عهد صدام كانت أمان المواطن المحفوظ، ولكنها عادت لتشير إلى أن سلبيات ذلك العهد كانت أيضا كثيرة.

المؤسسات التي أقامها نظلم البعث والجمهوريات التي سبقته في العراق انهارت كلها، وما تبقى منها اليوم يعمل بسبب حاجة الناس، لكن الوضع الاقتصادي تحسن بعد إسقاط نظام صدام حسين، بل تحسن بنسبة 1000% تقريبا. العراق دخل في اقتصاد السوق، وصار سوقا حرة ، سوق العقار فيه هو واحد من أنشط الأسواق في العالم. لكن النسيج الاجتماعي يتمزق، والنسيج السياسي ينهار، والدولة تتفتت وهذا ما يخافه العراقيون. العراقيون يقولون إلى متى علينا أن ننظر؟

Flash-Galerie US-Abzug aus dem Irak
لحظة اعتقال صدام في حفرته بمدينة الدور.صورة من: picture-alliance/dpa

"لولا التحالف الدولي لم يسقط صدام، ولننظر إلى ما يحصل في سوريا "

ويذهب كثير من العراقيين إلى أن التغيير الذي تشهده المنطقة اليوم قد انطلق من التغيير في العراق قبل 10 سنوات، ولو افترضنا أن صدام حسين قد ظل في السلطة حتى اليوم، فكيف سيكون وضع المنطقة؟

الإعلامي كفاح محمود كريم وفي معرض إجابته عن هذا السؤال اعتبر أن التحالف الدولي لو لم يقم بإسقاط نظام صدام حسين، " لبقي حتى اليوم جاثما على صدر الشعب العراقي ولسنوات طويلة قادمة، ولننظر ماذا يحصل في سوريا اليوم".

وذهب الإعلامي الكوردي إلى أن الأنظمة البوليسية تنشأ في مناطق ذات مزاج اجتماعي يغيب عنه مفهوم المواطنة والولاء للوطن، ليحل محله مفهوم الولاء للعشيرة والطائفة والقرية والحزب والدين. وذكر كفاح محمود كريم أن انتفاضتي عام 1991 الموسومتين ب( الشعبانية في جنوب العراق، والربيع في كردستان) كانتا أولى تجارب شعوب المنطقة في كسر حاجز الخوف والخروج على الطغيان.

المستشار الإعلامي في مكتب رئيس إقليم كردستان اعتبر أن وصف التغيير ينطبق على حد كبير على ما حدث في تونس ومصر، أما ما جرى في ليبيا واليمن وما يجري في سوريا فمن الصعب وصفقه بأنه تغيير حسب تعبيره.

كفاح محمود كريم: " شئنا أم أبينا نحن نتجه إلى فدرلة العراق"

نتاج التغيير لم يستقر في العراق حتى اليوم، رغم أن الدستور العراقي ينصّ على أن العراق دولة فدرالية، ويتمسك الكرد كمكون سياسي كبير بهذا المفهوم، إلا أنّ المكونين الآخرين، يرفضان المبدأ خوفا على العراق من التقسيم- كما يقولون. 

وقد علّق الإعلامي كفاح محمود كريم على تغييب الفدرالية مشيرا إلى أن كثيرا من القوى والأحزاب والساسة تمارس هامش نفاق كبير بتعاملها ألازدواجي مع مبدأ الفدرالية فقد سمعت شخصيا من بعض الساسة  "خلف الكواليس يقولون يجب أن يقسم العراق إلى 3 أو 4 فدراليات ولا يمكن أن يتعايش السنة والشيعة، ولا يمكن أن يتعايش الكرد والعرب ".

وأشار الإعلامي الكردي إلى أن بعض الأحزاب الدينية أشاعت بين الناس تخوفا من الفدرالية، وهذه الأحزاب بذاتها لم تدرك ماذا يعني النظام الفدرالي ملخصا كلامه بالقول: " شئنا أم أبينا نحن نتجه إلى فدرلة العراق" .

من جانبه اعتبر د عبد الخالق حسين أن " الفدرالية هي الحل الصحيح، لاسيما ونحن نرى الموقف الكردي الصريح من هذا المبدأ ونسمع الأصوات الحاقدة على الشيعة في المنطقة الغربية".

ودعا د حسين إلى تبني الفدرالية لكن وفق ضوابط أسوة بدول مثل بريطانيا وأمريكا وسويسرا والهند، معتبرا أن إقليم كردستان يستحق أن ينال استقلاله باعتباره دولة تمتلك كل لوازم الدولة، وهذا يمثل طموحا قوميا مشروعا نفهمه، " أما بالنسبة للعرب الشيعة والعرب السنة فلا يمكن أن ينقسموا إلى دولتين، لكن الفدرالية هي خير الحلول".

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد