الذكرى الخمسون لاغتيال الرئيس الأمريكي كنيدي
يعد كينيدي الرئيس الأكثر شعبية لدى الأمريكيين: كان شابا ووسيما وناجحا رغم قصر فترة رئاسته. ورغم مرور خمسين عاما على وفاته، لا تزال عملية اغتياله تشكل ذكرى أليمة في تاريخ الولايات المتحدة وجرحا عميقا في الوعي الأمريكي.
رصاص في قلب العالم الغربي
مدينة دالاس الأمريكية في 22 من نوفمبر/ تشرين الثاني عام 1963. عدسات الكاميرات مسلطة على شخص الرئيس جون أف كيندي الذي يزور المدينة رفقة زوجته وحاكم ولاية تكساس وعقيلته وعدد من المرافقين. كانت الساعة تشير إلى 12 و31 دقيقة بالتوقيت المحلي عندما اخترق رصاص غادر عنق الرئيس ورأسه. وكذلك طالت الطلقات النارية حاكم ولاية تكساس لتصيبه بجروح بليغة. وفيما تمكن الأخير من النجاة، لفظ كيندي أنفاسه الأخيرة.
يوم أسود لا يمّحي من الذاكرة
لقد كان في يوم جمعة مشمس عندما اُستقبل الرئيس الأمريكي جوف أف كينيدي وزوجته جاكلين في مطار دالاس. وكان ذلك اليوم الثاني من حملة كينيدي الانتخابية في ولاية تكساس المحافظة. وكان من المفترض أن يجوب المدينة على متن سيارة في موكب رئاسي لتحية مواطني المدينة الذين أتوا خصيصا لاستقباله. ولهذا الغرض طلب كينيدي بنفسه إزالة الإطار الأعلى للسيارة حتى لا تحجب الرؤية.
كينيدي يلفظ أنفاسه الأخيرة
وبعد ساعة فقط من وصوله إلى مدينة دالاس وفي بالتحديد في ساحة "ديلي بلازا" يلفظ الرئيس الخامس والثلاثون للولايات المتحدة الأمريكية أنفاسه الأخيرة. وقد باءت كل المحاولات في مستشفى باركلاند ميموريل لإنقاذ حياة الرئيس بالفشل، ذلك أن إحدى الرصاصات، التي أطلقت عليه، قد اخترقت رأسه لتجعل من كل عملية إنقاذ أمرا مستحيلا. وفي ذلك اليوم الأسود توفي كينيدي عن سن لم تتجاوز السادسة والأربعين عاما.
العودة إلى واشنطن في تابوت
تقف جاكلين كينيدي وكلها لوعة وحسرة على فقدان زوجها إلى جانب نائب الرئيس جونسون الذي يؤدي القسم رئيسا للولايات المتحدة خلفا لكينيدي على متن الطائرة الرئاسية التي كانت تقل أيضا نعش الرئيس المقتول في طريق العودة إلى واشنطن. وبعدها بأربعة أيام عين جونسون لجنة كلفت مهمة التحقيق في اغتيال كينيدي. بيد أن نتائج لجنة التحقيق هذه لا تزال إلى يومنا هذا مثيرة للجدل.
القاتل المحتمل لكنيدي
يبدو أن القاتل قد أطلق الرصاص على الرئيس كينيدي من على الطابق السادس لدار نشر خاصة بكتب الأطفال. والسلاح الذي عثر عليه كان ملك الشاب لي هارفي أوسولد. وفي البداية وجهت للأخير تهمة قتل الشرطي جي. دي. تيبت، ثم بعدها وجهت له أيضا تهمة قتل الرئيس كينيدي. بيد أن أوسولد قد نفى كلا التهمتين.
اغتيال القاتل المحتمل لكينيدي
وفي 24 من نوفمبر/ تشرين الثاني كان فريق من المصورين لمؤسسة إعلامية أمريكية بصدد تصوير عملية نقل أوسولد إلى السجن عندما ظهر فجأة جاك روبي، وهو صاحب ملهى ليلي، أمام القاتل المحتمل لكينيدي وصوب إليه رصاصة قاتلة. الملايين من المشاهدين كانوا شاهدا حيا على عملية قتل أوسولد على شاشات تليفزيوناتهم. وكذلك أوسولد تم نقله إلى مستشفى باركلاند ميموريل حيث لفظ أنفاسه الأخيرة.
فاجعة تهز الولايات المتحدة
عندما نقل جثمان الرئيس الأمريكي الكاثوليكي الوحيد في 25 من نوفمبر/ تشرين الثاني إلى مثواه الأخير في المقبرة الوطنية في آرلينغتون، وقف مليون شخص على جانبي الطريق لوداع رئيسهم المحبوب. وقد شكلت مراسم دفن كينيدي حدثا إعلاميا عالميا.
الوداع الأخير
جاكي تبكي زوجها المغدور ووطن ينعى رئيسه المحبوب. وبعد الجنازة التي أقيم في كنيسة سان ماثيو في واشنطن، ودعت الأرملة واثنين من إخوان كينيدي، أحدهما روبيرت كينيدي، شقيقهما إلى مثواه الأخير. ولم يكن أحد يعلم حينها أن روبيرت كينيدي سيلقى المصير نفسه بعد خمس سنوات من اغتيال جون أف كينيدي.
لوعة وصدمة في ألمانيا أيضا
وكذلك في ألمانيا المقسمة آنذاك أصيب الناس بصدمة كبيرة لاغتيال جوف أف كينيدي. وقد كان الأخير محبوبا جدا خاصة في برلين الغربية عندما ألقى كينيدي فيها في آب/ أغسطس عام 1963 خطابا وقال فيه آنذاك باللغة الألمانية "أنا برليني" تعبيرا على تضامنه مع سكان المدينة المقسمة إلى جزء شرقي وآخر غربي. الآلاف من الألمان عبروا عن حزنهم الشديد لفقدان كينيدي بوضع ورود تحت الجدار الذي كان يقسم ألمانيا إلى جزأين.
ماذا لو عاش كنيدي؟
تزامنت فترة رئاسة كينيدي، الذي كان ينتمي للحزب الديمقراطي، بين عامي 1961 و1963 مع ذروة الحرب الباردة، حيث تم حينها بناء جدار برلين واندلعت الحرب في الفيتنام، بينما كادت أزمة الصواريخ السوفييتية في كوبا أن تفجر حربا عالمية ثالثة. وقد كان كينيدي، الرئيس الشاب والكاريزماتي، حينها يجسد آمال الكثيرين في إدخال رياح التغيير في الولايات المتحدة. وقد شكل اغتياله جرحا عميقا في الوعي الأمريكي.