"الحكومات الغربية تقبل بالديمقراطيات الشكلية خوفا على مصالحها"
١ فبراير ٢٠٠٨أكدت منظمة "هيومان رايتس ووتش" المعنية بحقوق الإنسان، والتي تتخذ من نيويورك مقرا لها في تقريرها السنوي الذي صدر أمس الخميس (31 يناير/كانون ثاني) أن واشنطن وبروكسل والعواصم الأوروبية تكتفي بأن تنظم دولة ما لانتخابات حتى تعتبرها دولة ديمقراطية. وقال التقرير إن دولا تتبع إجراءات غير قانونية وغير ديمقراطية بمقتضى القانون المحلي أو الدولي لكن نادرا ما تدعو القوى الخارجية الحكومات لتفسير ذلك، بل إنه في أغلب الأحيان لا ترغب الحكومات الغربية في القيام بذلك خوفا من فقدان موارد أو فرص تجارية أو نظرا لمتطلبات مكافحة الإرهاب المعروفة. وأضاف التقرير "يبدو أن حكومة واشنطن والحكومات الأوروبية ستقبل حتى الانتخابات المشكوك في نزاهتها مادام المنتصر حليف تجاري استراتيجي".
ديمقراطية المستبدين مزيفة
وجاء في التقرير أن هناك دولا ترفع لواء الديمقراطية دون وجه حق ومن بينها كينيا وباكستان، بينما تعتقد دول أخرى مثل البحرين والأردن ونيجيريا وروسيا وتايلاند أن الانتخابات أمر معادل للديمقراطية. وقال كينيث روث المدير التنفيذي للمنظمة "أصبح الآن من السهل على الحكام المستبدين الإفلات من الانتقاد بإقامة ديمقراطية مزيفة، ذلك لأن الكثير من الحكومات الغربية تصر على الانتخابات ثم تكتفي بذلك. وأضاف إنهم لا يضغطون على الحكومات فيما يتعلق بقضايا حقوق الإنسان الأساسية التي تضمن استقرار الديمقراطية مثل حرية الصحافة وحق التجمع السلمي والسماح بتكوين مجتمع مدني ناشط يمكنه معارضة السلطة، حسب تعبير المسؤول الحقوقي الدولي.
"ميركل حازمة تجاه روسيا ولكن ليس بدرجة كافية"
وانتقد التقرير موقف الحكومة الألمانية "المتحفظ جدا"من انتهاكات حقوق الإنسان عندما يتعلق الأمر بدول ذات نفوذ كبير مثل روسيا تحت رئاسة فلاديمير بوتين. فرغم أن المستشارة الحالية انجيلا ميركل تبدو ـ وفق التقرير ـ أكثر حزما في التعامل مع هذا الملف مقارنة بسابقها جيرهارد شرودر، إلا أنها ليست حازمة بما فيه الكفاية عندما يتعلق الأمر بانتهاك الحقوق الديمقراطية الأساسية: "فعندما يبدو الرئيس الروسي مستعدا لضخ كميات كبيرة من الغاز والنفط أو لأن يصبح شريكا في مكافحة الإرهاب فإنه يقابل بالتسامح مقابل ذلك".
وفي مقابلة مع دويتشه فيله يقول الخبير الألماني ماتياس باسيدادو من المعهد الألماني للدراسات الدولية والإقليمية في هامبورج إن ذلك يرجع إلى أن هناك عدة أهداف تحكم السياسة الخارجية للدول الديمقراطية منها تشجيع الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، لكن ـ والكلام للخبير الألماني ـ هناك أيضا أهداف اقتصادية وسياسية قد تحتل مرتبة متقدمة على سلم الأولويات مثل تأمين الحصول على الطاقة والمواد الخام وما شابه ذلك. كما أن هناك بعض الأحيان أولويات أخرى مثل الحفاظ على الاستقرار في منطقة ما مثل مكافحة الإرهاب التي يحتاج فيها للتحالفات.
وحول الفرق بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة فيما يتعلق بالتسامح مع انتهاك حقوق الإنسان والقبول بالانتخابات الشكلية يرى باسيدادو انه ليس هناك اختلافا من حيث المبدأ، مشيرا في هذا الجانب إلى أنه في الوقت الذي يتسامح فيه الاتحاد الأوروبي مع دول بعينها وفقا لمصالحه مثلما هو الحال مع روسيا فإن الولايات المتحدة تعمل الشيء نفسه مع دول لها معها مصالح مثل السعودية وباكستان على سبيل المثال.
"فظائع" في حق المدنيين في دار فور
وأشار التقرير إلى أن انتهاكات حقوق الإنسان الفادحة قد أججت الأزمات الإنسانية في الصومال وإقليم أوجادين في شرق إثيوبيا حيث يعاني ملايين الأشخاص. واتهمت المنظمة الحقوقية كل الأطراف الضالعة في النزاع في دارفور (الحكومة والمتمردين) بارتكاب "فظائع" ضد المدنيين في الإقليم الواقع غرب السودان.
وسجل التقرير "عمليات احتيال واضحة" بالانتخابات في تشاد وكازاخستان ونيجيريا وأوزبكستان، بينما سيطرت الحكومات على آلية الانتخابات في دول أخرى مثل أذربيجان والبحرين وماليزيا وتايلاند وزيمبابوي. كما تدخلت روسيا البيضاء ومصر وإيران وكوبا وإسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة لمنع أو وضع العراقيل أمام مرشحي المعارضة. وذكر التقرير أن روسيا وتونس تفرضان قيودا على حرية الإعلام كما تحد باكستان والصين من سيادة حكم القانون.