الثوب الأسود: علامة فارقة في عالم الأزياء
ثوب بسيط دخل عالم الأزياء من أوسع أبوابه، إنه الثوب الأسود الذي يحظى بتقديرنا وإعجابنا سواء أكان أنيقاً، أو استفزازياً، طويلاً أو قصيراً، ضيقاً كان أم فضفاضاً.
عندما ظهرت "كوكو شانيل" عام 1926 على صفحات مجلة فوغ بثوبٍ أسودٍ وقصير لم يصدق قراء المجلة ما رأته أعينهم. كان اللون الأسود آنذاك مخصصاً للنساء والأرامل من أجل التعبير عن حزنهن على وفاة أزواجهن، وقد اعتبر الكثير من الناس أن هذه الموضة ما هي إلا تعبير صارخ عن ثقة المرأة بأنوثتها وأن باستطاعة الأرملة أن تُعَبِر عن حزنها دون أن تخرج عن سياق الموضة.
لم يتغير الأمر في عالم الموضة بشكل جوهري حتى عام 1978، عندما عرضت صالة كريستي مجموعة من الأعمال تضمنت بعض الأزياء التي استخدمت من قبل، وهي تنتمي إلى ماركات عالمية مشهورة. وقدعُرِضَت في مزاد ذلك العام قرابة الـ 120 ثوباً من تصميم "كوكو شانيل" إضافة إلى ملحقاتها، وقد بيعت هذه الثياب بما يعادل نصف مليون يورو في أيامنا هذه.
كان يُنْظر إليها باعتبارها تُمَثل الإثارة غير أن تلك النظرة لم تمنع "مارلين مونرو" من ارتداء الفستان أسود اللون، والظهور به على شاشة السينما وفي حياتها اليومية أيضاَ. يرجع تاريخ هذه الصورة إلى عام 1956.
المغنية الفرنسية "إديث جيوفانا غاسيون 1915-1963"، والدتها من أصول مغربية، ارتدت في بداية حياتها المهنية ثوباً أسود اللون، ويقول البعض: إنه "الثوب الوحيد الذي كانت تمتلكه، وإنه لم يكن بمقدورها أن تشتري ثوباً جديداً". ويقول البعض الآخر: إنها "كانت ترتدي الثوب أسود اللون في محاولة منها لدفع جمهورها للتركيز على صوتها".
نزلت الممثلة الإيطالية " أنيتا إيكبرغ" في بركة "تريفي" في "روما" لأداء أشهر مشهد من فيلم "لا دولشي فيتا - الحياة الجميلة" عام 1960، وقد نزل الممثل الإيطالي"مارسيلو ماستروياني" معها إلى البركة أيضاً في هذا المشهد الذي صُوِرَ في شهر يناير/ كانون الثاني وكان لابد للممثل "مارسيلو" أن يحتسي بضعة كؤوس من "الفودكا" لتشجعيه على القفز في مياه البركة المتجمدة.
حققت النجمة بريطانية الأصل أودي هيبورن (1929-1993) إنجازاً متميزاً عندما لعبت دور "هولي غولايتلي" في فيلم "الإفطار عند تيفاني" عام 1961. ارتدت الممثلة "أودي" هذا الثوب الأسود اللون الذي سيظل عالقاً بالذاكرة، وهو من تصميم الفرنسي "هوبير دو جيفنشي"، ظهرت أودري في هذا الثوب بأبهى حللها، وهو الأمر الذي أدى إلى تقبل المجتمع للثوب الأسود.
في الصورة ترتدي الممثلة الفرنسية "كاثرين دينوف" ثوباً أسود اللون من تصميم الفرنسي " إيف سان لوران" (1936-2008) والثوب تصميم علامته التجارية للملابس الجاهزة "ريف غوش" عام 1966. كانت "كاثرين" الصديقة المفضلة للمصمم "إيف سان لوران" الذي صمم الكثير من ملابس "كاثرين دينوف" التي لبستها في أفلامها، بما في ذلك فيلمها الشهير "بيل دو جور- يوم جميل".
في اليوم الذي باح فيه الأمير "تشارلز" بحبه لـ "كاميليا باركر باولز" قامت الأميرة "ديانا" بارتداء ثوب أسود اللون، وحضرت حفلة أقيمت في قاعة سيربينتاين في لندن. ارتدت الأميرة هذا الثوب الجريء الذي وشِيت أطرافه بالحرير الأسود، وصممته اليونانية "كريستينا ستامبوليان"، وقد دخل هذا الثوب التاريخ من أوسع أبوابه تحت اسم ثوب الانتقام، واحتلت أخباره في اليوم التالي صدارة العناوين الرئيسة في شتى وسائل الإعلام.
في عام 2005 كانت المغنية "تينا تيرنر" تبلغ الـ 65 عاماً من عمرها، وهي جذابة وتتألق بهذا الثوب الأسود اللون، و تُغني في حفل أقيم في مدينة "كوبنهاغن". "تينا" هي الآن في الـ 76 من العمر وتقول إنها تقاعدت. تعيش حاليا في "سويسرا" وتقضي وقتها بدراسة الديانة البوذية وتعمل على دمج موسيقاها بنفحات روحانية.
الثوب الأسود يتجدد ويتجدد باستمرار، وحتى بعد مرور 90 عاماً على تصميمه من قبل "كوكو شانيل"، يقوم مصمم الأزياء "مارسيل أوستيغرتاغ" بإعادة إحياء اللون الأسود من خلال تقديمة لهذه الكنزة السوداء اللون في أسبوع نيويورك للموضة في شهر سبتمبر/ أيلول 2016. سيلكه فونش/غالية داغستاني