ألمانيا: آثار يهودية تحت الأنقاض في كولونيا
٧ يونيو ٢٠١٣يشير غاري وايت إلى حفرة يقع في قاعها حمام يهودي للإناث يعود تاريخه للعصور الوسطى، حيث يقف عالم الآثار وسط مدينة كولونيا بين البلدية و متحف فالراف ريتشارتز وسط أعمال حفرية محمية من المطر و الشمس بخيمة. كما اكتشف العلماء آثاراً عمرها يبلغ 2000 عاماً متواجدة حول ساحة البلدية.
حي يهودي فوق بقايا رومانية
تبعاً لدراسات عالمي الآثار، تواجد حي يهودي على ركام مدينة رومانية، و هو ما يجيب على سؤال علماء الآثار، حول ما إذا كانت كولونيا مأهولة دائماً بالسكان ابتداءً من العصور الوسطى. و يضيف ماركس ترير، مدير المتحف الروماني الجرماني والذي يتولى أيضاً إدارة الحفريات:" تضم الحفريات في حي البلدية بقايا لدار الحكم و القصر وباقي منشآت المدينة في جرمانيا السفلى، إضافة إلى بقايا من العصور الوسطى و أجزاء من حي يهودي".
تقنيات رقمية لإعادة هيكلة المدينة
حتى في الخمسينيات و الستينيات اهتم علماء الآثار بالبقايا المندثرة تحت ساحة البلدية قرب كاتدرائية كولونيا. ففي عام 1956 اكتشفوا آثار حمام يهودي وكنيس من العصور الوسطى في كولونيا. استمرت هذه الحفريات مدة 20 عاماً، لكنها ردمت وحولت الأعمال الحفرية لموقع آخر. افتتحت هذه الأعمال من جديد في عام 2007، في الوقت الذي ساهمت فيه تقنيات رقمية و طرق حيوية في إعادة تفسير هذه الحفريات و إعادة هيكلتها بأبعاد ثلاثية.
هدفت هذه الحفريات إلى اكتشاف عمر التجمع اليهودي في كولونيا. إلى اليوم تمكن علماء الآثار من اكتشاف بقايا الكنيس و منبره، إضافة إلى بقايا طعام "كوشر" يهودي و جواهر وألواح عليها أمثال يهودية. و يعقب ماركس ترير: " إذن، في القرن الرابع الميلادي تواجد تجمع يهودي في كولونيا". إلا أنه ليس من المعروف حتى اليوم حجم هذا التجمع ومكان سكنه، رغم أن بحوث الآثار تشير منذ القرن العاشر إلى تواجد الكثير من اليهود في كولونيا.
" تعايش مشترك قديم"
يعد الكنيس في كولونيا المتواجد في ساحة البلدية الأقدم في شمال جبال الألب، و بناءً على الآثار المتواجدة في المنطقة، فإن التعايش بين اليهود والمسيحيين كان هادئا. " رغم أن الحي اليهودي كان منفصلاً عن أحياء المسيحيين، إلا أن عمليات تبادلية كانت تقوم بينهما. مما يشير إلى تعايش مشترك قديم"، يوضح ترير. لكن الوضع تغير بعد مذبحة وقعت سنة 1349، تلاها عدد من ملاحقات لليهود، أدت لتركهم للمدينة في 1424.
كما وجد علماء الآثار قرطاً ذهبياً في المنطقة، يعتقد بعودته لوقت المذبحة، حيث وجدوه في ساحة البلدية. و يعد هذا القرط مثالاًَ رائعاً على فن صياغة الذهب خلال عصر الساليين في نهايات القرن العاشر وبدايات الحادي عشر. و يخمن العلماء أن تكون صاحبة القرط قد خبأته هناك لحمايته من الوقوع بأيدي اللصوص، إذ " لا يمكن للمرء فقد هكذا جوهرة"، يقول ترير.
كنوز من عصر الأنتيك إلى القرون الوسطى
المميز في المتحف اليهودي الجديد هو أن عرض الآثار سيتم في نفس مكان تواجدها الأصلي، فالكنيس على سبيل المثال سيحافظ على قدسيته و روحانيته في موقعه الأصلي. كما سيضم المتحف بقايا المعبد و الحمام اليهودي وفقاً لمخطط التصميم، الذي طرحته مجموعة المهندسين فاندل و هوفر ولورخ و هيرش في مسابقة عام 2007. أما بالنسبة لكنوز الأنتيك و القرون الوسطى، فسيتم ربطها بطريق تحت أرضي.
يذكر أن للمشروع معارضون كثر، خاصة و أن كولونيا تواجه صعوبات مالية في الإنفاق على متاحفها المتواجدة حالياً. و كلما طال الخلاف حول المشروع، تأخر بطبيعة الحال البدء بتنفيذه.