1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

نتائج انتخابات شمال الراين- استنتاجات مهمة للسياسة الألمانية

١٦ مايو ٢٠٢٢

صحيح أن الحزب المسيحي فاز بانتخابات أكبر ولاية سكانا في ألمانيا إلا أنه لن يتمكن من الحكم بسهولة. وحزب الخضر قويت شكوته بحيث أصبح صانعا للملوك، أما المستشار الاشتراكي شولتس فالنتيجة عبء عليه، ومثله الحزب الليبرالي.

https://p.dw.com/p/4BNQb
السياسي المسيحي الديمقراطي هيندريك فوست رئيس الوزراء المنتهية ولاية في شمال الراين ويستتفاليا.
المسيحي الديمقراطي هيندريك فوست نجح في إلحاق الهزيمة بالحزب الاشتراكي في ولاية شمال الراين، لكن بقاءه في منصبه رئيسا للوزراء ليس مضموناصورة من: Rolf Vennenbernd/dpa/picture alliance

إنها نتائج غير تقليدية، تلك التي أسفرت عنها انتخابات برلمان ولاية شمال الراين-ويستفاليا، التي يقطنها ربع سكان ألمانيا تقريبا. فرغم فوز المسيحين بالانتخابات يوم الأحد (15 مايو/ أيار 2022)، ليس من الواضح الآن من سيقود الولاية من العاصمة دوسلدورف. وهناك عدد من الوقفات مع تلك النتائج تحدث عنها موقع تاغس شاو، التابع للقناة الألمانية الأولى (ARD) نلخصها هنا فيما يلي:

الغموض الجديد

نتيجة الانتخابات في ولاية شمال الراين-ويستفاليا واضحة لكنها مثيرة لتساؤلات عديدة. فقد فاز حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي برئاسة رئيس الوزراء هندريك فوست، ولكن حكومة ولايته السوداء والصفراء (لونا الحزب المسيحي والحزب الليبرالي) تم إقصاؤها انتخابيا. وتعرض الحزب الاشتراكي الديمقراطي لهزيمة تاريخية في ولاية ذات رمزية مهمة جدا بالنسبة إليه. وبالمناسبة، هذه هي الهزيمة الثانية للحزب خلال أسبوعين بعد الخسارة في ولاية شليزفيغ-هولشتاين.

رغم ذلك لا يزال بإمكان الحزب أن يتولى الحكم في شمال الراين-ويستفاليا. والخضر حققوا انتصارا كبيرا، لكن لديهم الآن مشكلة كبيرة واحدة على الأقل. فقد انخفض مؤيدو الحزب الديمقراطي الحر (الليبرالي) إلى النصف، لكنه رغم ذلك نجح بصعوبة بالغة في الدخول إلى برلمان الولاية في دوسلدورف. ولا يزال من الممكن أن تكون هناك حاجة إليه من أجل تشكيل ائتلاف حكومي. ومع هذا القدر من الغموض، هناك شيء واحد واضح: تواجه ولاية شمال الراين-وستفاليا بعض الأسابيع المثيرة سياسياً في طريقها إلى حكومة جديدة. ولأنها ولاية شمال الراين- ويستفاليا فالأمر سيكون شاقا أيضا بالنسبة للحكومة الاتحادية.

دوسلدورف جاهزة لسابقة في ألمانيا

منذ مدة طويلة لم تعد ولاية شمال الراين-وستفاليا ولاية اشتراكية، لكنها أيضًا لم تعد الآن مسيحية ليبرالية، ولا اشتراكية خضراء. والآن تجبر نتائج الانتخابات الأحزاب على تفكيك تحالفاتها وفتح آفاق جديدة. فإذا تم التفاوض على تشكيل حكومة من ائتلاف بين المسيحيين والخضر، أو ائتلاف إشارة مرور مكون من الاشتراكيين والخضر والليبراليين فإنها ستكون سابقة في تاريخ هذه الولاية، التي عاصمتها دورسلدورف.

مرشحون من أصول أجنبية يسعون لتعزيز حضورهم في الحياة السياسية

ويفترض أن السياسي المسيحي هندريك فوست الفائز بالانتخابات وكذلك السياسية الخضراء مونا نويباور لديهما المرونة الكافية التي تسمح بتشكيل ائتلاف مسيحي أخضر، بيد أن الأمر ربما يتوقف في النهاية على ما يمكن أن يقدمه الاتحاد المسيحي الديمقراطي للخضر، وما إذا كان بمقدور نويباور جعل نتيجة تفاوضها مع المسيحيين مقبولة لدى القاعدة الحزبية للخضر، ذات الميول اليسارية.

لكن ميشائيل كريتشمر، رئيس وزراء ولاية ساكسونيا، وهو في الوقت نفسه نائب رئيس الحزب المسيحي على مستوى ألمانيا، يحذر من تشكيل ائتلاف مسيحي أخضر في شمال الراين-ويستفاليا. وخلال لقاء تشاوري مع قيادات الحزب بشأن نتائج الانتخابات قال كريتشمر الاثنين (16 مايو/ أيار): "نرى صورًا مصممة بشكل رائع وإخراجا إعلاميًا مثاليًا. وشعوري هو: لا ينبغي أن ندع ذلك يخدعنا".

حزب الخضر في وضع مريح يتمثل في القدرة أيضا على تشكيل ائتلاف حكومي مع الحزب الاشتراكي الديمقراطي والحزب الديمقراطي الحر (الليبرالي)، مثلما هو الحال على مستوى الاتحاد. لكن بما أن كوتشاتي، مرشح الاشتراكيين، لم يكسب الانتخابات في شمال الراين فلابد من أن يقدم مثل هذا التحالف مبررات ذات مصداقية لظهوره في العلن. فعلى مستوى الاتحاد الألماني حاول السياسي المسيحي آمين لاشيت، الذي خسر الانتخابات بفارق ضئيل أمام شولتس، أن يصبح مستشارا على حساب شولتس، لكنه قوبل بغضب شديد من الحزب الاشتراكي.

لافتات الدعاية الانتخابية في شمال الراين ويظهر فيها المرشح المسيحي فوست، والمرشح الاشتراكي كوتشاتي بصبحة المستشار شولتس
هزيمة الحزب الاشتراكي في انتخابات شمال الراين ويستفاليا تزيد من أعباء المستشار أولاف شولتس وتثير التساؤل عن مدى مسؤوليته عن النتيجة المخيبةصورة من: Revierfoto/IMAGO

بدلا من المكافأة.. مزيد من الأعباء على المستشار

عندما خسرت السياسية الاشتراكية هانيلوره كرافت الانتخابات في شمال الراين-ويستفاليا عام 2017، أي في نفس العام الذي عقدت فيه انتخابات البرلمان الألماني (بوندستاغ)، كانت النتيجة هي صفر- 3، لصالح الحزب المسيحي. فقد ضاعت حينها من الاشتراكيين ولاية السار (سارلاند) وشليزفيغ هولشتاين. وبعد ذلك بقليل، خسر الحزب الاشتراكي الديمقراطي بمرشحه للمستشارية آنذاك مارتين شولتس الانتخابات البرلمانية الألمانية (انتخابات البوندستاغ).

لكن هذه المرة، الآن في 2022، الأمر ليس بهذا السوء، من وجهة نظر الاشتراكيين الديمقراطيين. فمستشار ألمانيا حاليا هو أولاف شولتس. وهناك حكومة اشتراكية تحكم وحدها في سارلاند، وفي شليزفيغ-هولشتاين لم يكن هناك شيء يمكن الفوز به أمام المرشح المسيحي دانيل غونتر. لكن بالتأكيد الأمر كان مختلفا في شمال الراين. ولهذا قام شولتس بحملة دعم للمرشح الرئيسي للحزب توماس كوتشاتي، الذي لم يكن موقفه قويا إلى حد ما، على أمل أن تكون هناك مكافأة ولو قليلة للمستشار. ولكن بدلاً من مكافأة المستشار، أصبحت هناك أعباء إضافية. فإلى أي مدى يُسأل شولتس عن فشل الحزب في انتخابات شمال الراين-ويستفاليا؟ وما مقدار المسؤولية التي يراها هو في نفسه؟ شولتس سيتعين عليه تحمل مثل هذا السؤال.

هندريك فوست في حوار مع بتينا شاوستن، المذيعة بالقناة الثانية الألمانية حول الانتخابات البرلمانية في شمال الراين ويستفاليا
فوز فوست يجعله منافسا لرئيس الحزب ومرشحا محتملا لمنصب المستشارية في الانتخابات البرلمانية الاتحادية عام 2025صورة من: Marius Becker/ZDF/dpa/picture alliance

"صناع الملوك" يزدادون قوة داخل الحكومة الألمانية

وبدأ حزب الخضر طرح بعض مطالبه السياسية بعدما زادت حصته في نتائج الانتخابات لأكثر من الضعف. وأصبح الحزب الآن من صانعي الملوك في الولاية، وقالت النائبة البارزة عن حزب الخضر في البرلمان الاتحادي (بوندستاغ)، كاتارينا دروغه، إنه سيتعين على زعيم الحزب المسيحي الديمقراطي في ولاية شمال الراين-ويستفاليا، هندريك فوست، التفكير مليا في سياساته البيئية قبل بدء أي مفاوضات ائتلافية محتملة.

نتيجة الانتخابات في ولاية شمال الراين-ويستفاليا ستغير بشكل شبه مؤكد هيكل ائتلاف إشارة المرور الحاكم في ألمانيا لصالح حزب الخضر. فالحزب الذي على رأسه الوزيران روبرت هابيك وأنالينا بيربوك يستفيد على المدى الطويل من المشاركة في الحكم في الحكومة الاتحادية والآن يستفيد أيضا في شمال الراين-ويستفاليا. لقد أصبح حزب الخضر قوة، فعلى الرغم من ضعف المرشحة الرئيسية للحزب نسبيًا، إلا أن الخضر حصلوا على النتيجة القياسية الثانية على التوالي. ويمكن لهم أن يظهروا الآن أكثر ثقة في الحكومة الاتحادية.

تراجع نتائج الليبراليين خطر على الائتلاف الحاكم

وفي المقابل، يتعين على الحزب الديمقراطي الحر (الحزب الليبرالي) أن يسأل نفسه لماذا من الواضح أنه لن يشارك في الحكومة المقبلة في شمال الراين. فزعيم الحزب كريستيان ليندنر أراد تولي وزارة المالية في الخريف الماضي، وهو الآن مسؤول عن ميزانية بها مديونية قياسية، أيضًا نتيجة لحرب أوكرانيا وآثارها. وبصفته مرشحًا بارزًا سابقًا في ولاية شمال الراين-ويستفاليا، قدم ليندنر دعما ولو بسيطا لحزبه، لكن حتى هذا لم يكن كافيًا. ولا يزال وزراء الحزب الديمقراطي الحر الآخرون في حكومة إشارة المرور خافتين إلى حد ما. ومن المحتمل جدًا أن يجري الحزب داخل جدرانه مناقشة حول مساره واستراتيجيته وأن يحاول سياسيوه بعد ذلك صقل صورتهم داخل الحكومة الاتحادية. وبعبارة أخرى: يمكن أن يصبح الحزب محموما وأن يسبب قلاقل أكبر داخل ائتلاف إشارة المرور، وهنا سيكون شولتس، الذي هو نفسه يعاني من ضغوط، مطلوبا للتدخل كوسيط داخل الائتلاف الاتحادي.

ميرتس سعيد لكن عليه الحذر!

ومن الناحية الاستراتيجية، فإن الفوز في انتخابات ولاية شمال الراين-ويستفاليا مهم للغاية بالنسبة لزعيم المعارضة،السياسي المسيحي فريدريش ميرتس. فإذا نجح فوست في تشكيل ائتلاف من المسيحيين والخضر في الولاية الأكثر اكتظاظًا بالسكان في ألمانيا، فسيوفر هذا أيضًا لحزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي منظورًا واقعيًا للسلطة في ألمانيا عام 2025، أي بعد ثلاث سنوات، أو حتى إذا لم يستمر ائتلاف إشارة المرور في الحكم وتفكك قبل موعد الانتخابات القادمة.

لكن لا يمكن أن يكون فريدريش ميرتس متأكدًا تمامًا من أنه سيظل حتى موعد الانتخابات القادمة على رأس الحزب المسيحي الديمقراطي. لأنه في ظل وجود دانيل غونتر الفائز في شليزفيغ-هولشتاين وكذلك هندريك فوست، الفائز في شمال الراين، يكبر منافسون له من داخل الحزب، يمكن أن تكون لديهم طموحات على المستوى الاتحادي. ومن المرجح أن يزداد وزن غونتر في الحزب بشكل كبير بعد حصوله في شليزفيغ-هولشتاين على 40 في المائة من الأصوات، وبسنه البالغ 48 عاما يعتبر غونتر أحد مخزونات المستقبل للحزب.

ويجب أيضا وضع فوست في الاعتبار، فأي شخص يفوز ويحكم في شمال الراين- ويستفاليا ينتمي تلقائيًا إلى دائرة المرشحين المحتملين لمنصب المستشار في حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي. وكلا الرجلين، يمكنهما وبسرعة أن يجعلا ميرتس يبدو من مدرسة قديمة. خاصة وأن غونتر وفوست، بفوزهما، يمثلان نوعا من السياسيين، الذين يمثلون أسلوبًا سياسيًا مختلفًا ومسارًا مختلفًا عن ميرتس. فهما أكثر ليبرالية وأقل محافظة وأقل تصادمية.

المصدر: تاغس شاو/ صلاح شرارة (د ب أ)