1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

انتخابات شمال الراين ـ ويستفاليا.. اختبار صعب لسياسة شولتس

١٤ مايو ٢٠٢٢

على وقع الحرب في أوكرانيا وأزمة الطاقة، تجرى الانتخابات الإقليمية في ولاية شمال الراين- ويستفاليا، وتشكل انتخابات أكبر ولاية في ألمانيا من حيث عدد السكان، الاختبار الصعب لسياسة المستشار شولتس ولحزبه وحكومته الائتلافية.

https://p.dw.com/p/4BGQq
ملصقات من الحملة الانتخابية في شمال الراين ـ ويستفاليا (2022)
ملصقات الحملة الانتخابية للحزبين الديمقراطي الاشتراكي والمسيحي الديمقراطيصورة من: Rene Traut/IMAGO

تنطلق الأحد المقبل (15 مايور/ أيار 2022) الانتخابات الإقليمية في ولاية شمال الراين-ويستفاليا، والتي تعد الأكبر في ألمانيا من حيث عدد السكان فضلا عن كونها الولاية الأكثر أهمية من الناحية الاقتصادية فيما تزداد أهميتها بتنوع سكانها ما دفع المراقبين إلى اعتبار انتخابات الولاية بمثابة "انتخابات تشريعية مصغرة".

كذلك يُنظر إلى الانتخابات المحلية في ولاية شمال الراين-ويستفاليا التي يبلغ عدد سكانها18  مليون نسمة؛ أي قرابة ربع سكان ألمانيا، على أنها ستمثل استفاءً على الحكومة الألمانية الحالية برئاسة  المستشار أولاف شولتس  خاصة أنها تأتي عقب ثمانية أشهر من إجراء الانتخابات التشريعية على المستوى الاتحادي والتي تمخض عنها الحكومة ائتلافية الحالية، المشكلة من حزب المستشار شولتس، الديمقراطي الاشتراكي  مع  حزب الخضر  و الحزب الحزب الديمقراطي الحر  (الليبيرالي).

بيد أن تعاطي حكومة  شولتس المثير للجدل مع الغزو الروسي لأوكرانيا و التضخم المتزايد وأزمة الطاقة  جراء مساعي برلين تقليل اعتمادها على الغاز الروسي، يثير تساؤلات حول مدى دعم الناخبين ورضاهم عن الائتلاف الحاكمالذي يُطلق عليه اسم "إشارة المرور" حيث تعود التسمية إلى الألوان التقليدية التي ترمز للأحزاب الثلاثة المنضوية في التحالف؛ الأحمر للحزب الاشتراكي والأخضر لحزب الخضر والأصفر للحزب الديمقراطي الحر.

وتعد الولاية أحد المعاقل التقليدية للحزب الديمقراطي الاشتراكي، بيد أن حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي يحكم الولاية في ائتلاف مع الحزب الديمقراطي الحر بعد تحقيق مفاجأة صغيرة خلال الانتخابات المحلية في الولاية عام 2017.

لكن في الوقت الحالي اشتد التنافس بين الحزبين إذ تظهر استطلاعات الرأي أن نسبة تقدم الحزب الديمقراطي المسيحي تصل إلى30 بالمائة فيما بلغت نسبة الدعم للحزب الديمقراطي الاشتراكي28  بالمائة.

ويؤكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة مونستر، كلاوس شوبرت، على أهمية انتخابات ولاية شمال الراين-ويستفاليا في إطار الدولة بأسرها، مضيفا "أنها تشبه دولة كهولندا على سبيل المثال حيث يتساوى الناتج المحلي الإجمالي لهما. وتعكس القضايا المثارة في الولاية نفس القضايا التي تهم الألمان عموما مثل الحرب في أوكرانيا وإمدادات الطاقة... وكلها قضايا حاليا في أذهان الجميع".

ويعلني الكثير من أبناء الطبقة منخفضة الدخل في الولاية، مثلهم مثل غيرهم من نفس الطبقة على مستوى ألمانيا، من ارتفاع أسعار الوقود والمواد الغذائية بسبب الأزمة الأوكرانية.

فرص الديمقراطي المسيحي

وفيما يتعلق بالمرشحين في الولاية، قال شوبرت إن بعض المرشحين على مستوى شمال الراين-ويستفاليا يمثلون أهمية أكثر من الحزب الذي يمثلونه، مؤكدا أن هذا السبب يجعل السباق الانتخابي في الولاية "سباقا مفتوحا".

وأضاف الأستاذ في العلوم السياسية أن هندريك فوست، رئيس وزراء ولاية شمال الراين- ويستفاليا الحالي، الذي ينتمي إلى الحزب المسيحي لم يمض عليه سوى حوالي نصف عام في هذا المنصب، وبالتالي "لا يمتلك صورة راسخة في أذهان الناخبين".

وكان فوست قد صعد إلى رئاسة الوزراء بالولاية عقب فشل سلفه  أرمين لاشيت من الحزب المسيحي في خلافة المستشارة الألمانية السابقة أنغيلا ميركل، حيث تولى فوست المنصب في أكتوبر تشرين الأول، لكن دون أن يُجرى انتخابه بشكل مباشر.

وقد أشاد فوست بما حققه دانيال غونتر،العضو في الحزب الديمقراطي المسيحي، في انتخابات ولاية شلزفيغ-هولشتاين إذ أُعيد انتخابه في منصب رئيس وزراء الولاية بأغلبية ساحقة وهو الفوز الذي نال على إشادة رئيس الحزب  فريدريش ميرتس . وقبيل الانتخابات المحلية، سعى ميرتس إلى تحقيق انتصارات رمزية قدر الإمكان بما في ذلك قيامه بزيارة العاصمة الأوكرانية كييف في الوقت الذي لم يحسم فيه شولتس زيارته إلى أوكرانيا.

وأكد ميرتس على أن حزبه سوف يفوز بأكثر من 30٪ من الأصوات في الانتخابات، مضيفا "لن أتخلى عن القول بأننا الحزب الكبير في ألمانيا وستكون الانتخابات في شمال الراين-ويستفاليا خطوة مهمة لتحقيق ذلك.".

لكن الأستاذ في العلوم السياسية، كلاوس شوبرت، يختلف فيما تكهن به ميرتس من تحقيق الحزب انتصار وشيك، مشيرا إلى أن الأمر يحمل في طياته مؤشرا على انقسام الناخبين بين الحزب الديمقراطي المسيحي والحزب الديمقراطي الاشتراكي. وأضاف "نعم فقد  فاز الحزب المسيحي في انتخابات ولاية شلزفيغ-هولشتاين ، لكن هذا الفوز جاء عقب فوز الحزب الاشتراكي الديمقراطي بانتخابات ولاية سارلاند بفارق كبير."

وقال إن ميرتس يتحدث أيضا عن القضايا الاقتصادية من منظور شامل، لكن ما يشغل أذهان الناخبين في ولاية شمال الراين-ويستفاليا قضايا البيئة والخدمات الاجتماعية مثل التعليم ووسائل النقل. وبشكل عام لم يتطرق الحزب إلى القضايا الاجتماعية بشكل كافٍ في السنوات القليلة الماضية".

فرص مرشح حزب شولتس

يعد توماس كوتشاتي من حزب الديمقراطي الاشتراكي والعضو في برلمان الولاية منذ 2005 وتولى منصب وزير العدل في حكومة الولاية لسبع سنوات، المنافس الأشرس أمام فوست.

ويروج كوتشاتي لعلاقته مع شولتس خلال حملاته الانتخابية في الولاية رغم تضرر سمعة الأخير بين الكثير من العامة بسبب ما يعتبرونه ترددا في تسليم أسلحة ثقيلة إلى أوكرانيا وفي فرض حظر على النفط الروسي.

بدوره، لا يعتقد شوبرت أن يصب أي دعم من شولتس في صالح فوست خلال انتخابات الأحد المقبل.

وقال "سيتعين على أحد الحزبين الفوز بفارق يبلغ 1 أو 2 بالمائة عن ترجيحات استطلاعات الرأي حتى يتمكن من الحصول على أغلبية مع الحزب الذي يفضل أن يدخل في ائتلاف معه سواء حزب الخضر بالنسبة للديمقراطي الاشتراكي، أو الحزب الديمقراطي الحر (الليبرالي) بالنسبة للحزب المسيحي الديمقراطي".

الأحزاب الصغيرة.. ضابط الايقاع والترجيح

وفي ظل اشتداد التنافس بين الحزبين الكبيرين: المسيحي الديمقراطي والاشتراكي الديمقراطي وصعوبة حصولهما على أغلبية مطلقة، تبرز أهمية الأحزاب الصغيرة في ترجيح كفة أحد الحزبين في تشكيل حكومة ائتلافية في الولاية.

فعلى سبيل المثال، بذل "الحزب الديمقراطي الحر" القليل لكسب ود الناخبين خلال السنوات الخمس الماضية باعتباره أحد ركائز الائتلاف الحاكم بالولاية إذ عقب تحقيقه فوزا بلغ 12.6 بالمائة في الانتخابات المحلية السابقة، تُرجح استطلاعات الرأي ألا يتجاوز نسبة 7 بالمائة في انتخابات الأحد المقبل.

ويأتي ذلك رغم تعهد الحزب بضخ استثمارات جديدة في قطاع التكنولوجيا الحديثة لجعل الاقتصاد أكثر استدامة. ويتولى الحزب حقيبة الاقتصاد والطاقة في حكومة الولاية، لكن ظهرت على الساحة خلال السنوات الأخيرة خلافات كبيرة بشأن هل جرى  إزالة الغابات القديمة لإفساح المجال أمام إنشاء منجم لاستخراج الفحم  البني في وقت تعهدت فيه الحكومة بالتخلص التدريجي من الفحم بحلول عام 2030.

يشار إلى أن الحزبين المسيحي الديمقراطي والاشتراكي الديمقراطي قد ألمحا إلى استعدادهما لتأجيل التخلص التدريجي من الفحم لسنوات.

وفي هذا السياق، قال كوتشاتي خلال لقاء صحافي "لن أقوم بإغلاق أي شيء حتى يكون لدينا مصادر أخرى للطاقة".

تراجع قوة اليمين الشعبوي

وفيما يتعلق بالأحزاب اليمينية والشعبوية، فقد تكبد حزب " البديل من أجل ألمانيا " الشعبوي أول هزيمة كبيرة له في الانتخابات المحلية إذ لم يتجاوز عتبة 5 بالمائة في انتخابات ولاية شليسفيغ هولشتاين الأسبوع الماضي ما يعني فشله في العودة إلى برلمان الولاية.

الانتخابات المحلية رينانيا الشمالية ووستفاليا
مرشح الحزب الاشتراكي الديمقراطي توماس كوتشاتي (يسار الصورة)صورة من: Elizabeth Schumacher/DW

وفي ذلك، اعتبر شوبرت ذلك "بالأمر الهام نظرا لأن أداء الحزب ضعيف في ولاية شمال الراين-فيستفاليا، ما يعني أنه من المحتمل أن يدخل الحزب برلمان الولاية لكن بمقاعد أقل مع تراجع الدعم".

ويتفق في هذا الرأي مارتن فلوراك، أستاذ العلوم السياسة في جامعة دويسبورغ، مشيرا في ذلك إلى  "تقارب الحزب مع روسيا وحقيقة سفر نواب الحزب من ولاية شمال الراين-ويستفاليا إلى شبه جزيرة القرم " وأضاف "في ضوء ذلك، من المرجح عدم تمكن الحزب من الفوز بأصوات كثيرة خارج معاقله الأساسية".

أما  حزب اليسار ،ـ  فرغم امتلاكه كتلة هي الأكبر من الأعضاء في ولاية شمال الراين-ويستفاليا بأكثر من 8830 عضوا، إلا أن الحزب من المحتمل أن يفشل في تجاوز عتبة 5 بالمائة اللازمة لدخول برلمان الولاية.

حزب الخضر ودور "صناع الملوك"

في المقابل، من المرجح أن يكون حزب الخضر التكتل السياسي الوحيد الذي سيحقق مكاسب كبيرة في انتخابات الولاية الأحد المقبل إذ يتوقع أن يحصل على نسبة 16٪ ما يمثل ارتفاعا عن 6.4٪ التي حققها الحزب في الانتخابات السابقة التي جرت قبل خمس سنوات.

وفي هذا السياق، قال فلوراك إن "حزب الخضر نجح بامتياز في التواصل مع الناخبين خاصة من فئة الشباب وصغار السن بعد أن عزز الحزب مصداقية في السنوات الأخيرة عبر الانضمام إلى الائتلاف الحاكم على مستوى الولاية والآن على صعيد الحكومة الألمانية". 

وحسب شوبرت فقد لعبت قضية التغير المناخي دورا كبيرا في حياة سكان الولاية وفي المزاج العام في أعقاب حرائق الغابات المدمرة عام 2018 وموجات الحر الشديدة بالإضافة إلى الفيضانات العارمة التي ضربت وادي آر الصيف الماضي. 

وأضاف شوبرت "باتت قضية الكوارث الطبيعية غاية في الأهمية في الولاية وهو ما عزز من تعاطف الناخبين مع حزب الخضر".

وفي حالة تحقيق الحزب انتصارا كبيرا كما تشير استطلاعات الرأي، فقد يتحول الحزب لـ"صانع الملوك" خاصة إذا اشتد التنافس بين الحزبين المسيحي الديمقراطي والديمقراطي الاشتراكي وتقاربا في نسب التصويت.

 إليزابيث شوستر / م ع