1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

وجهة نظر: انكماش تاريخي للاقتصاد الألماني ينذر بأيام صعبة

٣١ يوليو ٢٠٢٠

تسببت جائحة كورونا في تراجع اقتصادي غير مسبوق في ألمانيا. وعلى الرغم من رسائل التفاؤل هنا وهناك، فإن محلل الشؤون الاقتصادية في دويتشه فيله هنريك بومه، يرى أن الأوقات الصعبة لا تزال أمامنا.

https://p.dw.com/p/3gCe4
أرشيف: صناعة محركات السيارات في معمل فولكسفاغن بمدبنة شيمينتس الألمانية (يونيو/ حزيران 2017)
أرشيف: صناعة محركات السيارات في معمل فولكسفاغن بمدبنة شيمينتس الألمانية (يونيو/ حزيران 2017)صورة من: Imago/STAR-MEDIA

سجل إجمالي الناتج الداخلي الخام الألماني تراجعا قياسيا وصل لناقص 10.1 في المائة، خلال الربع الثاني من العام الجاري (2020). ولم يحدث قط في تاريخ ألمانيا ما بعد الحرب العالمية الثانية أن انهار اقتصاد البلاد بهذا القدر. وبالتالي فالأمر يتعلق بحدث تاريخي سيتم الأخذ به في السنوات المقبلة كرقم مرجعي كلما تراجع الاقتصاد. وهذا ما حدث أيضا مع نسبة ناقص 7.9 بالمائة المسجلة في الربع الثاني من عام 2009، حينما كان الاقتصاد العالمي على حافة أزمة مالية كبرى.

هذا الانهيار ليس مفاجئاً، بعد توقف المصانع عن الإنتاج، وسفن الشحن عن تحميل الحاويات، فيما لم يعد ممكناً توفير العديد من الخدمات. كما تمّ تجميد أنشطة المعارض التجارية واضطرت المطاعم لإغلاق أبوابها. أمام هذا المشهد، كان السؤال المطروح هو ما إذا كان تراجع الاقتصاد سيتجاوز 10بالمئة أم لا. على الأقل، يمكن القول إننا نعرف الإجابة الآن. بطبيعة الحال، يحاول الكثير من المبشرين تحويل الأنظار إلى المستقبل بالتأكيد على أنه وبمجرد تخفيف إجراءات الحجر الصحي الذي دام شهرين، فإن محركات العجلة الاقتصادية ستستعيد طاقتها العادية، معتبرين أنه تم تجاوز أوج الأزمة.

نور في نهاية النفق 

"بكل تأكيد" سينموالاقتصاد الألماني مرة أخرى في الربع الثالث بشكل ملحوظ، بل وهناك بعض استطلاعات تبشر بـ"نمو سريع" والعودة إلى مسار ما قبل زمن الجائحة. غير أن آخرين التزموا بما يمكن تسميته بـ"تشاؤم متضائل" في قطاع الأعمال ولدى الشركات. كل هذا لا يتطلب معرفة عميقة بالموضوع، فلا ننسى أن الحكومة الألمانية بلورت أكبر حزمة تحفيز اقتصادي يمكن تخيّلها، والتي سيظهر بلا شك، مفعولها الأوّلي بسرعة. ثم إن كلّ من كان في نفق مظلم، فإنه ينجذب لأول بصيص من الضوء يراه أمامه.

هنريك بومه، خبير الشؤون الاقتصادية بدويتشه فيله
هنريك بومه، خبير الشؤون الاقتصادية بدويتشه فيله

في المقابل، هذا الطرح هو الجانب الإيجابي الوحيد المتبقي وسط مشهد تطغى عليه السلبية. فكيفما كان مفعول مليارات حزمة إعانات الدولة وإعفاءاتها الاستثنائية الحالية، فإنها تعمل في الغالب على حجب المشاكل الحقيقة التي تعاني منها العديد من الشركات حتى قبل جائحة كورونا. فهذا الفيروس الخبيث لا يجعل الناس مرضى فقط أو يقتلهم حتى، لا! إنه يضع الأصبع في جرح الشركات. لذا إذا كانت جائحة كورونا أنقذت البعض منها، وقامت حزمة أموال من برلين ربما بمساعدتهم، إلا أنه وبمجرد انتهاء الدعم في يوم ما (سيأتي ذلك بلا شك)، فإن الوضع سيصبح غير مطاق بالنسبة للكثير من الشركات.

الاقتصاد المُخطط بدلا من اقتصاد السوق؟

من المهم الإجابة عن السؤال التالي: إلى متى يمكن للدولة الإبقاء على دروعها الواقية مفتوحة، وحماية الشركات من الإفلاس بالتدخل المباشر في السوق؟ جزء من طبيعة اقتصاد السوق تقوم على إفلاس الشركات عند فشلها في الصمود أمام العواصف. لقد رأينا النهاية الكارثية للتخطيط الاقتصادي من قبل الدولة، في نموذج ألمانيا الشرقية سابقا قبل نحو ثلاثة عقود.

خُمس الشركات الألمانية ترى أن وجودها مهدد بسبب كورونا، ووفقًا لاستطلاع أجراه معهد "إيفو" في ميونيخ، تتوقع شركة تأمين الائتمان "أويلر هيرميس" أن ألمانيا مقبلة على "موجة غير مسبوقة من إفلاس الشركات تهدد كل القطاعات، وإن كان بعضها، كالطيران أو السياحة مهدد بشكل خاص.

انكماش تاريخي.. هل تسترجع ألمانيا قوة اقتصادها؟

وضع صناعة السيارات قاتم أيضا ويشكل خطراً داهماً على سوق العمل. قطاع كان يعاني أصلا من مجموعة من المطبات، أبرزها ما عُرف بـ"فضيحة الديزل". وترى نقابة "إيغيميتال" أن ما لا يقل عن 300 ألف وظيفة معرضة للخطر. ولا يقتصر الأمر على الشركات المصنّعة للسيارات الكبيرة فحسب، بل يشمل أيضًا العديد من الموردين المتوسطين أو العاملين في صناعة الآلات. وتشكو 80 بالمئة من الشركات العاملة في قطاع السيارات والبالغ عددها أكثر من 6.600 من انخفاض طلب "ملحوظ أو خطير". وللتذكير، يُشغل قطاع صناعة السيارات أكثر من مليون شخص في ألمانيا.

ما يجب أن يحدث الآن!

ألا تكفي هذه الأخبار السيئة؟ من المرجح أن يعاني الاقتصاد الألماني المُوجَه للتصدير بشكل كبير، لأن شركاء ألمانيا التجاريين الأساسيين مثل الولايات المتحدة الأمريكية، ولكن أيضًا البرازيل والهند، لم يسيطروا بعد على الوباء. هناك مشكلة أخرى: عدد الشركات ذات المديونية المرتفعة والأرباح المنخفضة تزداد بوتيرة كارثية. هذا الوضع يشمل أيضا بلداناً أخرى في أوروبا والولايات المتحدة. هذا يعني أن الأرباح لن تكون كافية لدفع فوائد الديون. إنها حلقة مفرغة. الديون ليست سيئة في حد ذاتها، إذ تبلغ ديون فولكس فاغن 192 مليار دولار (وهي تحتل صدارة هذه القائمة على مستوى العالم)، بيد أن الشركة تملك إمكانيات خدمة دائنيها في أي وقت. وهذا ما لم يعد في متناول الكثير من الشركات بسبب جائحة كورونا.

من المحتمل أن يتم قريبا تطوير لقاح ضد فيروس كوفيد 19، وكل شيء سيصبح حينها على ما يرام. لكن الوقت قد يداهم بعض الشركات التي تعمل أصلا وفق نموذج خاطئ.

هنريك بومه / ح.ز

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد