1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

نهلة الشهال: طبول الحرب لن تنهي الإرهاب

اجرى الحوار: عباس الخشالي١٧ نوفمبر ٢٠١٥

هل يكفي قرع طبول الحرب للقضاء على داعش أم أن الأمر بحاجة لإعادة النظر على الصعيد السياسي والفكري والاجتماعي. هجمات باريس تدعو إلى اتخاذ قرارات بشأن مكافحة داعش، من الغرب ومن العرب على السواء.

https://p.dw.com/p/1H6l8
Belgien Brüssel Stadtteil Molenbeek Razzia nach Terroranschlägen in Paris
صورة من: Reuters/Y. Herman

وجه البعض في العالم العربي انتقادات للغرب بسبب ردود أفعاله المتباينة عند المقارنة بين هجمات باريس وما حدث قبل يوم في بيروت أو ما يجري في العراق وسوريا. إنها اتهامات بمواقف الكيل بمكيالين. DWعربية التقت بالباحثة نهلة الشهال أستاذة علم الاجتماع السياسي في باريس وسألتها عن صور الحرب والإرهاب في الشرق الأوسط وأوروبا. وعن مسؤولية العرب والغرب تجاه ما يحدث.

DW عربية: رد الفعل الأوروبي على هجمات باريس كان مختلفا تماما عن رد الفعل تجاه الهجوم على بيروت في منطقة برج البراجنة والضربات المستمرة في لبنان، والعراق، واليمن، وسوريا ومصر. الاتهامات الموجهة للغرب: الكيل بميكيالين، ما رأيك في ذلك؟

د. نهلة الشهال: أولا ليس كل يوم يجب الحديث عن اكتشاف مركزية أوروبية، فهي في أصلها معطى استعماري، أي معطى مرتبط بالاستعمار. هناك مركزية أوروبية مؤكدة تجعل من الضحية في أوروبا، كائنا أهم، كيفما كان شأنه. مثلا في باريس كان الضحايا شبان مميزون وهو أمر فظيع نهاية الأمر، لكنهم أيضا ضحايانا. مات في غزة مثلا في الهجوم الإسرائيلي - وليس بتفجيرات داعش - أكثر من 1500 ضحية. طبعا تم استنكار ذلك. لكن التأثر مما حدث في باريس مختلف لأننا نوجد في مكان مركزي من العالم.

إنها مسألة المركزية والأطراف، هذا ما اقصده بالمعطى الاستعماري. لكن لا يجب أن نتفاجأ، فنحن بلا شك في قلب منطقة مضطربة ومتقلبة وبكل الصفات التي نعرفها. لكن الغربيين يشعرون – سواء كانوا محقين أو غير محقين في ذلك- أن الأمر في نهاية المطاف لا يخصهم.

... لكن الحريق وصل إلى أوروبا!

ولذلك هم متفاجئون، وردود الفعل التي تهمني أكثر هي مسألة التعاطف العالمي مع غربيين يقعون ضحايا، حيث إن ردة الفعل الغربية متفاوتة جدا بالمقارنة مع من يسقط منا، كما لاحظنا.

وزيرة الدفع الألمانية اورزولا فون در لاين قالت إن داعش نشأت في العالم العربي. والعالم العربي هو الذي يمكنه القضاء على داعش. هل ذلك ممكن؟

أنا لا أعرف في الحقيقة حيثيات هذا التصريح. هل تقصد أن أوروبا والغرب إجمالا، لا دخل لهم ولا يجب أن يتدخلوا وتحمل تبعات داعش وأشباهها للعالم العربي؟. لكني سأعلق عليه. صحيح أن داعش نشأ في المنطقة العربية، لكنه لم ينشأ من فراغ، هو نشأ بناء على معطيات محددة. منها العدوان المستمر على العالم العربي، منه العدوان العسكري والعدوان الاقتصادي. نحن نعلم أن تنظيم داعش هو تطور من القاعدة. حالة انشقت عن القاعدة بناء على احتلال الأمريكيين للعراق. في عام 2004 و2005 حصل نقاش عنيف داخل القاعدة أدى إلى خروج هذه المجموعة التي راحت تعتبر أن المواجهة مع الأمريكيين غير كافية، وتطورت مفاهيم خاصة بها. هل يمكن أن نعزل الوقائع التاريخية ونأخذ كل واحد منها بصفتها منطلقا؟. نحن في منطقة بغاية البؤس ولا أحمل سوانا بؤسنا، لكن بلا شك أن غيرنا يتحمل مسؤولية كبيرة لما آلت إليه أوضاعنا، كما نتحمل نحن مسؤولية كبيرة.

أي نوع من الدعم الغربي يحتاجه العالم العربي للقضاء على داعش؟

أولا على المستوى السياسي هم بحاجة لأن يشعروا لمرة واحدة أنهم مدعومون. الأنظمة لا أناقش في مواقفها. لكن إجمالا الأجواء القائمة في المنطقة. على صفحات التواصل الاجتماعي مثلا كان هناك شيء استفزازي، كلام من أناس ليسوا أشرارا، لكنهم قالوا: فليذوقوا ما ذقناه نحن. هذا عيب وهذا عيب كبير. فأما أن يطلع الفرد من خصوصيته لمشاهدة المشهد بأكمله أو أنه يعيد إنتاج هذا المشهد مرة أخرى. لكن على المستوى العام، يجب أن تنتهي أجواء التعالي والعنصرية وملئ المواقف، وأن يحدث مثلا تضامن حقيقي. في المسألة الفلسطينية مثلا والتي هي فضيحة، وداعش وغيرها يستغلونها في نهاية المطاف. لكن على المستوى العسكري والميداني، للقضاء على داعش، وهذا ليس رأيي فقط بل حتى رئيس الوزراء الفرنسي السابق دومينيك دو فيلبان، خرج بتصريح مهم يقول فيه إن القضاء على داعش لن يتم بمنطق الحرب. قال نحن لسنا في الحرب وإن كنا في حرب ضد الإرهاب فهي حرب خاسرة ويجب أن نجد وسائل سياسية واقتصادية واجتماعية أخرى لمحاصرة داعش والقضاء عليه. وحقيقة هو أن القصف من بعيد عمل استعراضي، وما رأيناه حتى اليوم لم يؤد إلى وقف داعش ولا القضاء على القاعدة.

تحدثت عن الكراهية المنتشرة ضد الغرب والموجودة في عالمنا أيضا. هل تفعل الدول العربية ما يكفي لمواجهة تنظيم داعش، فكريا ودينيا؟

أظن لا، ما كان لتنظيم داعش أن يصبح قويا لو لا الدعم والتغاضي من طرف كثير من الدول. والأهم من الدعم والتغاضي هو أن الأساس الفكري لداعش متوفر في مفاهيم سائدة، وتتبناها دول منها السعودية. وأقول لأن هناك استنفار طائفي مقابل. بعد يوم من حادثة برج البراجنة خرج شبان إلى الشارع يتحدثون بمنطق مذهبي وبشع ولا مكان له من الأعراب في تلك اللحظة. وحتى لو كان من قام بالتفجير من السنة، وفي حالة فلسطينيون من المخيم القريب، فهذا لا يعني أنك تدين الطرف الآخر. أنا لا أقبل أيضا بالدعوات العنصرية في فرنسا، والتي تقول إن على المسلمين أن يتخذوا موقفا وتدعوا المسلمين الفرنسيين للذهاب خارج البلاد. هل طلب من البوذيين أن ينزلوا للشارع عندما جرى الاعتداء من قبل بعض البوذيين على الأقلية المسلمة من الروهينغا في بورما؟ هذا لم يحدث، لم يحدث مثلا أننا طلبنا من المسيحيين أن ينزلوا للشارع لاستنكار ماقام به بوش، وجماعته، والذين كانوا يتحدثون جزئيا بمنطق ديني. لم يحدث أن حدثت مثل ردود الفعل تلك. واعتقد أن مثل ردود الفعل هذه تسعمل في تجريم الناس الذين هم ضحايا تنظيم داعش أساسا، قبل أن تكون فرنسا أو الغرب ضحايا داعش.

في الغرب يجري الحديث عن حرب. هل نحن على أبواب حرب بين الحضارات والأديان بسبب داعش؟

هذا ليس منطق هنتغتون في صراع الحضارات فقط، بل منطق الفسطاطين لأبن لادن أيضا. أن تقول إننا في حرب وإن العالم مقسوم هو منطق يغذي القاعدة، وداعش وما يشبهم. لا، إذا نحن في حرب فهي حرب متعددة الجوانب وقديمة ولم تولد البارحة حين حدث الهجوم على باريس، هي حرب استعمارية بالأول واستغلالية ثانيا. ثم أنا لا اعتقد أن منطق الحرب وقرع طبول الحرب يفيد بشيء، يجب مراجعة النفس سياسيا فكريا واجتماعيا، هذه مهمة مطروحة على العرب والمسلمين وقد حان الأوان الآن، لكنه مطروح أيضا بسبب التعالي الغربي لأنه لا يولد المزيد من المشاكل.

الدكتور نهلة الشهال باحثة في علم الاجتماع السياسي في فرنسا

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد