1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

مواقع التواصل وسيلة الجهاديين لاستقطاب مقاتلين جدد

مصطفى هاشم - القاهرة٢٩ يونيو ٢٠١٥

تطور استخدام الجهاديين للشبكة العنكبوتية في مصر بتزايد التواجد على مواقع التواصل الاجتماعي، التي أصبحت أداة لجذب المزيد من المقاتلين في ظل ازدياد أعداد القتلى في صفوفهم بفعل الضربات الأمنية المتلاحقة.

https://p.dw.com/p/1Foa6
Symbolbild Islamischer Staat und Social Media EINSCHRÄNKUNG
صورة من: thedailybeast.com

كان اعتماد الجهاديين في السابق على المنتديات مثل "المنبر الإعلامي الجهادي" و"شموخ الإسلام" و"فداء". وكانت العضوية فيها تتطلب تزكية عدد معين من الأعضاء القدامى للمنتمين الجدد. ثم حلت وسائل اتصال محل المنتديات مثل تويتر أو مجموعات مغلقة على الفيسبوك، فضلا عن برامج الاتصال الحديثة لاين وواتس آب، وهذه يتم تغيير الأرقام المستخدمة فيها باستمرار تجنبا للرصد الأمني. وهذه الوسائل الأخيرة أعطت الجهاديين فرصة للتواصل مع معجبين يريدون الانضمام إليهم.

الإرهاب الإلكتروني في مصر

جماعة أنصار بيت المقدس هي من أبرز الجماعات الجهادية في مصر، التي استخدمت موقع تويتر لبث بياناتها. وهي تنشط في شمال سيناء وأعلنت مسئوليتها عن مقتل المئات من عناصر الجيش والشرطة. وهي غيرت اسمها إلى "ولاية سيناء" بعد إعلان بيعتها لتنظيم الدولة الإسلامية في نوفمبر الماضي. وقد أغلقت حسابات التنظيم عشرات المرات إلى أن توقف مؤخرا عن إنشاء صفحات له، لكنه يصدر بياناته ورسائله عبر عناصره ومؤيديه.

وعلى غرار التنظيم الأم "داعش" ينشر التنظيم تفاصيل عملياته ضد الجيش والشرطة في مقاطع فيديو أعدت بدقة وعلى مستوى عال من الحرفية التقنية، ومحرضا أهالي سيناء للانضمام إليه. ويستغل التنظيم الحياة المعيشية الصعبة وتهجير أهالي رفح وعزل المنطقة الحدودية وفرض حالة الطوارئ.

Dr. Adel Abd el-Maksoud
عادل عبد المقصود:اتساع توظيف الشبكات الاجتماعية في الإرهاب مرتبط بققدرة الأجهزة الأمنية على مواجهتهصورة من: Mokhtar Awad

ويرى الدكتور عادل عبد المقصود الباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية أن الجماعات المتطرفة استغلت مواقع التواصل الاجتماعي كمنفذ لوجستي داعم للنشاط الإعلامي لها في العالم، ليشكل مجتمعًا افتراضيًا يتحول من مجموعة قليلة من الناس متوزعة جغرافيا لتشكل مجتمعا خاصًا بها. وهذا يساعدها على الالتحام والتواصل الدائم، الأمر الذي يوهم البعض بأن هذا المجتمع غير محدد الأبعاد، وهو ما كان له دور كبير في تضخيم الصورة الذهنية لقوة تلك المجموعات وحجمها.

ويتفق معه مختار عوض الباحث بمركز التقدم الأمريكي، بأن الشبكات الاجتماعية تساعد هذه المجموعات في تصدير صورة أنهم دائما منتصرون ومسيطرون، وهذا يساعد في تجنيد الشباب وجلب التبرعات. ويشير إلى أنه عند التحدث بشكل أوسع "نرى أن "داعش" تتألق في البشاعة على الإنترنت لإعطاء الشعور بأنها مسيطرة، في نفس الوقت الذي لا يتحدثون فيه عن تقدم الأكراد في إصداراتهم أو كيف أن ريف الرقة الذي يسيطرون عليه محاصر".

حركات على خطى الإرهاب الإلكتروني

بعد عزل الرئيس محمد مرسي، نشأ في مصر عدد من الجماعات الجهادية الجديدة، وأطلقت صفحاتها على موقعي تويتر وفيسبوك، مثل جماعة أجناد مصر. وتزامنت معها حركات كثيرة مثل حركات "إعدام" و"ولع" و"مولوتوف"، والتي كانت تحض على الجيش والشرطة وتشرح كيفية عمل القنابل اليدوية وقنابل الصوت.

معظم هذه المجموعات لم تعرض وثيقة مرجعيتها الشرعية وإطارها الفقهي، إلا مجموعة "أجناد مصر"، التي أعلنت عن مبايعتها لتنظيم القاعدة في بيانها الأول في يناير 2014، مما يشير إلى أن بعض هذه المجموعات هم من الشباب الغاضبين من السلطة الحالية، فضلا عن أن معظمهم تعلم الوسائل الحديثة لحماية نفسه، حيث يستخدم مسئولو الصفحات متصفحات أكثر حماية من المراقبة الإلكترونية، كما يستخدمون برامج لتغيير الـIP الخاص بالكمبيوتر، فضلا عن طرق أخرى لضمان الأمان.

وبالرغم من أن معظم هذه المجموعات الجديدة ليس لها خبرة كبيرة في أعمال العنف، إلا أنها تتطور بشكل سريع بفضل التطور التكنولوجي. وفي المقابل، نجحت السلطات في إغلاق العديد من هذه الصفحات والقبض على المئات من مؤسسيها والنشطاء فيها، إلا أنه تنشأ مجموعات جديدة تنشر تفاصيل عملياتها على مواقع التواصل الاجتماعي، مثل حركة "العقاب الثوري"، التي بدأت مؤخرا في نشر فيديوهات احترافية تحث الشباب للانضمام إليها.

Mokhtar Awad, Center for American Progress
مختار عوض: الشبكات الاجتماعية تساعد الإرهابيين في تصوير أنفسهم كمنتصرينصورة من: Mokhtar Awad

ويحلل عبد المقصود ظاهرة تزايد الإرهاب الإلكتروني في مصر قائلا "إن عملية اتساع توظيف الشبكات الاجتماعية في الإرهاب في مصر ارتبطت بمدى قدرة الأجهزة الأمنية على مواجهة تلك التنظيمات، حيث رأت تلك التنظيمات مثل بيت المقدس في الإنترنت وسيلة لشن حرب نفسية ضد الجيش عبر إطلاق فيديوهات مثل صليل الصوارم بهدف الرد على خسائرها أو بغرض البحث عن تأييد. ورأوا في الشبكات الاجتماعية والإنترنت وسيلة لعولمة نشاطها، وذلك بالعمل على تقديم نموذج جهادي يكون ملهماً لغيره من الجماعات الإرهابية".

ويرى عبد المقصود، والذي له رسالة دكتوراه في الإرهاب الإلكتروني في مصر، أن مواقع التواصل الاجتماعي أحدثت تغيرا كبيرا لما تتمتع به من القدرة على التشبيك والتعبئة وسرعه الاتصال وتجاوز الرقابة التقليدية، خاصة وأن من يستخدمها هم من الشباب وهم الفريسة، التي تركز عليها الجماعات الإرهابية والأكثر تأثرا بالمشاكل الاقتصادية والاجتماعية".

رحلة تجنيد الشباب عبر الإنترنت

تحدث الدكتور عادل عبد الصادق عن أن عملية التجنيد ونشر التأثير تمر بثلاثة مراحل "الأولى تتعلق بمرحلة التأثير الوجداني، من خلال إثارة العاطفة والنعرة والغيرة الدينية بحجة الدفاع عن القيم المقدسة، ويتم استخدام نصوص دينية عبر شبكات التواصل الاجتماعي".

ويضيف "أما المرحلة الثانية، فتتعلق بدور الشبكات الاجتماعية في نقل المعلومات والبيانات، التي تعبر فقط عن وجهة نظر الجماعات الجهادية. وتأتي المرحلة الثالثة، والتي هي أخطر المراحل، وتتعلق بالانتقال من مرحلة التأثير في الأفكار إلى المشاركة الفعلية في التغيير بالقوة والعنف وهو ما يظهر في التغيير السلوكي".

Ahmed Zaghlol
أحمد زغلول: محاربة الإرهاب في التربية الاجتماعية والنفسية للشبابصورة من: privat

التضييق السياسي يزيد من الإرهاب الإلكتروني

تستفيد التنظيمات المتطرفة في مصر من حالة تضييق الخناق على جماعة الإخوان والسلفيين وتزايد أعداد القتلى والمعتقلين في صفوفهم، لتصدير فكرة أن السلمية لن تجدي نفعا وأن الجهاد هو السبيل الوحيد لإسقاط النظام. ويجد هذا الخطاب صدى لدى بعض الشباب.

وفي هذا السياق يقول أحمد زغلول الباحث بالمركز الفرنسي، إن التضييقات الأمنية المتزايدة ضد الإسلاميين تدفعهم للعمل كجزر منعزلة أسفل الأرض مما سيغذي اعتمادهم على الشبكة العنكبوتية للتواصل فيما بينهم وتنسيق التحركات".

واستقبل عدد من الشباب الإسلامي المستقل في مصر بيعة أنصار بيت المقدس لتنظيم "الدولة الإسلامية" بالترحيب، بل ورفعت لافتات مؤيدة "لتنظيم داعش" في عدد من المظاهرات، والإعلان عن الكفر بالسلمية، التي طالما تنادوا بها، بدعوى أن السلمية كانت سببا في عودة نظام سلطوي أشد مما سبق في عهد مبارك.

كيفية مواجهة الفكر المتطرف

تسعى مصر لتشديد الرقابة على الإنترنت، وخاصة على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث قدم وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات المهندس خالد نجم مقترحًا لتعزيز التعاون بين الدول العربية لمكافحة الإرهاب الإلكترونى، مشيرا إلى أن كثيرًا من الأحداث الإرهابية المؤسفة التى وقعت مؤخرًا فى العديد من بلدان العالم، استغلت وسائل الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.

إلا أن أحمد زغلول يؤكد، أن محاربة الإرهاب الإلكتروني يكون من خلال "الاهتمام بالتربية الاجتماعية والنفسية للنشء والرقابة الكامنة تجاه الأفكار والسلوكيات الناشئة. أيضا ضرورة الوصول لحلول للأزمة السياسية لتجنب العنف الانتقامي المتزايد وكذلك ضرورة الإدماج السياسي والاجتماعي للتيار الإسلامي، بحيث يكون هناك مساحات معلنة للحركة والوجود من خلال تقوية دور المؤسسة الأزهرية والمجتمع المدني والدفع نحو تطوير أساليبهم الدعوية كي تواكب التطور الحادث في وسائل التواصل المختلفة.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد