1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

مناطق "بلا سكاكين" .. خطة ألمانية لمكافحة الجريمة

٢١ أبريل ٢٠٢٣

دعت وزيرة الداخلية الألمانية والشرطة الاتحادية إلى فرض حظر على حمل السكاكين في القطارات ومناطق داخل المدن في محاولة لمكافحة سلسلة جرائم السكاكين في البلاد. لكن هناك من يشكك في نجاعة هذه الخطة ويشير إلى تعقيدات تنفيذها.

https://p.dw.com/p/4QOd9
جرائم الطعن بالسكاكين في ألمانيا  صورة رمزية لشخص يحمل سكينا في يده (23.01.2012)
تزايدت مؤخرا جرائم الطعن بالسكاكين في ألمانياصورة من: imagrbroker/imago

قالت وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر التي تنتمي إلى الحزب الديمقراطي الاشتراكي، إنها ترغب في اتخاذ سلسلة من الإجراءات الرادعة من أجل مكافحة جرائم السكاكين في البلاد.

وأضافت في مقابلة مع مجموعة "فونكه" الإعلامية" بداية الشهر الحالي أنه "يجب أن  نفكر في حظر حمل السكاكين  في وسائل النقل العام وفي الحافلات والقطارات"، وذلك على غرار حظر حمل السكاكين على متن الطائرات.

ومع تعزيز الإجراءات الأمنية في وسائل النقل العام، أشارت الوزيرة إلى أنه يمكن أيضا إنشاء مناطق يحظر فيها حمل السكاكين داخل مدن بعينها. وجاءت مبادرة فيزر بعد أيام قليلة من دعوة مماثلة أطلقها رئيس المكتب الفيدرالي للشرطة الجنائية هولغر مونش لإنشاء مناطق خالية من الأسلحة داخل وحول محطات القطارات وفي مراكز المدن.

وأضاف مونش أن العديد من المدن أقامت مناطق يُحظر فيها حمل الأسلحة في مناطق تتسم بالحساسية حيث يمكن للشرطة إجراء "عمليات تفتيش بشكل نشط"، مشيرا إلى أنه يُجرى استخدام السكاكين في 5.6٪ من حالات الاعتداء وفي 11٪ من السرقات.

وأبدى المسؤول ترحيبه بتشديد قوانين حيازة الأسلحة في ألمانيا، فيما عادت جرائم السكاكين إلى الواجهة في البلاد بعد مقتل شخصين وإصابة سبعة آخرين بجروح جراء هجوم بسكين  في قطار محلي متجه من مدينة كيل إلى هامبورغ بشمال البلاد في يناير / كانون الثاني.

وقبل ذلك بشهر، توفيت فتاة تبلغ من العمر 14 عاما وأصيبت أخرى بجروح خطيرة بعد أن تعرضتا لهجوم بسكين من قبل رجل وهما في طريقهما إلى مدرسة في قرية بجنوب ألمانيا.

وقالت صحيفة "بيلد أم سونتاغ" في يناير / كانون الثاني إن الشرطة الألمانية سجلت 39848 جريمة في القطارات ومحطات القطارات العام الماضي بزيادة قدرها 12٪ عن عام 2021 بما في ذلك أكثر من 14 ألف جريمة اعتداء جسدي و336 جريمة شملت استخدام سكين أي ما يعادل ضعف الجرائم التي سجلت عام 2021.

"جرائم السكاكين أصبحت مشكلة "

وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر
وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر دعت مؤخرا إلى حظر حمل السكاكين في الحافلات والقطاراتصورة من: picture alliance/dpa

وقد ذكرت آخر إحصائيات للشرطة أن هناك 8160 هجوما بالسكاكين خلال العام الماضي بزيادة قدرها 15.4٪ عن عام 2021، لكن المكتب الفيدرالي للشرطة الجنائية لم ينشر أي إحصاءات عن جرائم السكاكين خلال عام 2021 الذي شهد فرض عمليات إغلاق وتدابير صحية احترازية في عموم البلاد إبان ذروة تفشي وباء كورونا.

بدوره، قال رئيس نقابة الشرطة الألمانية يوخن كوبيلكي في مقابلة مع شبكة "آر أن دي" الإعلامية الألمانية إن هذه الأرقام تدل على أن جرائم السكاكين أصبحت مشكلة على مستوى البلاد".

ويحدد المكتب الفيدرالي للشرطة الجنائية الاعتداء بالسكين بأنه أي فعل يشمل استخدام السكين سواء للتهديد أو للاعتداء فيما تقدم بعض الولايات الألمانية على إحصاء الحوادث التي يتم فيها العثور على الجاني بحوزته سكين باعتبارها جرائم السكاكين.

وقد نشرت الشرطة الاتحادية الألمانية، المسؤولة عن الأمن في محطات القطارات والمطارات، إحصائيات أكثر موثوقية حيث أفادت بأن عدد جرائم السكاكين تضاعف من 46 إلى 98 خلال الفترة من النصف الثاني من عام 2021 والى النصف الأول من عام 2022.

تشكيك في نجاعة مناطق الحظر

بدوره، قال رئيس لجنة السياسة الداخلية بالبرلمان الألماني مارسيل إمريش إنه على الرغم من الاهتمام العام بقضية جرائم السكاكين إلا أن البيانات المنشورة لا تظهر زيادة معدلها.

وفي مقابلة مع DW، قال إمريش وهو سياسي عن حزب الخضر إنه يتعين "عدم الاستخفاف بفكرة إنشاء مناطق يُحظر فيها حمل الأسلحة لأنها تعني أنه يمكن إيقاف أي شخص وتفتيشه دون سبب. هذا تعدي على الحقوق الأساسية".

بدورها، قالت إيلينا راوش، الباحثة في مركز علم الجريمة بمدينة فيسبادن والتي أجرت أبحاثا عن جرائم السكاكين، إنه لا يوجد دليل حقيقي يثبت أن فكرة "المناطق الخالية من الأسلحة" تعد الحل الأمثل.

وأضافت في مقابلة مع  DW "أن مرتكبي جرائم السكاكين ليسوا بالضرورة أشخاصا قادرين على اتخاذ أحكام عقلانية فضلا عن أن إنشاء مناطق يحُظر فيها حمل الأسلحة ستعالج فقط نسبة صغيرة من جرائم السكاكين."

وأشارت إلى أن معظم جرائم السكاكين تحدث في المنازل فيما يلعب تعاطي الكحوليات والمخدرات والظروف النفسية الاستثنائية، دورا في ذلك سواء داخل المنازل أو في الأماكن العامة.

أشخاص يضعون الزهور ويشعلون الشموع في موقع طعن فتاة بولاية بادن فورتمبيرغ )06.12.2022)
لقيت فتاة مصرعها في هجوم بسكين في قرية بولاية بادن فورتمبيرغ نهاية العام الماضيصورة من: Bernd Weißbrod/dpa/picture alliance

وقد أقامت مدن ألمانية مثل في كولونيا دوسيلدورف مناطق يُحظر فيها حمل الأسلحة إذ يتم تغريم أي شخص يحمل وسيلة صاعقة أو سكينا تبلغ طول شفرتها أكثر من 4 سم بدفع عشرة آلاف يورو فيما جرى مصادرة ما يقرب من 350 قطعة سلاح خلال الأشهر الـ 12 الماضية بما في ذلك مصادرة سكاكين وخناجر.

يشار إلى أنه في سبتمبر / أيلول الماضي، أعلنت حكومة ولاية بادن فورتمبيرغ أن سلطات المحلية ستكون قادرة على إنشاء مناطق يحظر فيها حمل الأسلحة في "النقاط الساخنة" التي تشهد ارتفاعا في معدلات الجريمة داخل المدن والبلدات خاصة بعد أن سجلت الولاية الواقعة في جنوب غرب البلاد ما يقرب من 1500 جريمة بالسكاكين عام 2021  ما يعني أن من بين عشرة جرائم عنف توجد جريمة جرى استخدام سكين فيها.

وجرى إنشاء أول منطقة يُحظر فيها حمل الأسلحة في مدينة لايبزيغ بولاية ساكسونيا الشرقية عام 2018 فيما من المقرر إلغاء ذلك بشكل تدريجي فيما أظهرت دراسة أجرتها جامعة لايبزيغ أن تأثير ذلك كان ضئيلا فيما يتعلق بمكافحة الجرائم بشكل عام.

وكشف استطلاع للرأي شمل غالبية سكان المدينة عن أن هناك رغبة في اتخاذ خطوات للحد من تجارة المخدرات وإلقاء القمامة والمخالفات المرورية.

بدورها، قالت إيلينا راوش، الباحثة في مركز علم الجريمة بمدينة فيسبادن، إن إنشاء مناطق يحظر فيها حمل الأسلحة لم تسهم في تحسين شعور المواطنين بالأمان، مضيفة أن الأمر قد يكون له تأثير سلبي مع زيادة احتمالية حمل السكاكين للدفاع عن النفس.

وأشارت إلى أن القضاء على تعاطي المخدرات قد يكون بالأمر الأكثر فعالية في مكافحة جرائم السكاكين.

وضع قانوني معقد

يشار إلى أن قوانين حيازة السكاكين في ألمانيا تتباين حسب نوع السكين فعلى سبيل المثال لا يتعين الحصول على رخصة من أجل حمل أو استخدام السكاكين التي يتم تصنيفها كأسلحة على النقيض من قضية حمل الأسلحة النارية.

ويتم تصنيف الأدوات التي يمكن استخدامها لإحداث إصابة سواء بالطعن أو الرمي باعتبارها أسلحة فيما يحوز امتلاك مثل هذه الأدوات إلا أنه يحظر حملها في الأماكن العامة.

ويتعين وضع سكاكين الجيب أو القابلة للطي في حاويات مقفلة عند نقلها من مكان لآخر فضلا أنه يجب تخزينها في أماكن آمنة داخل المنازل فيما تخضع السكاكين الأخرى مثل سكاكين المطبخ والسجاد والغوص لقانون الأسلحة إذا كانت الشفرة أطول من 12 سم بما يشمل حظر حملها في الأماكن العامة.

وقد أثارت قضية إنشاء مناطق يحظر فيها حمل الأسلحة الكثير من الجدل حيال صلاحيات الشرطة.

وفي ذلك، قالت راوش إن هذه الفكرة غالبا ما تثير قضايا حيال ما "سيُسمح لرجال الشرطة بفعله أو سيحوز لهم توقيف وتفتيش أي شخص دون سبب".

ويشير الخبراء إلى ضرورة التمييز بين المناطق التي يتم فيها حظر حمل الأسلحة من جهة والمناطق التي يتم تصنيفها بالخطرة والتي تحددها الشرطة.

ففي المناطق التي يتم في حظر حمل الأسلحة، لا يجوز للشرطة القيام بعمليات توقيف والتفتيش بدون سبب، لكن في المناطق الخطرة يجوز للشرطة القيام بعمليات تفتيش بحثا عن أسلحة فيما لا يُلزم على الشرطة والأجهزة الأمنية الكشف عن المناطق التي تم تحديدها كمناطق خطر.

ولا تعد ألمانيا الدولة الوحيدة التي قامت أو تعتزم القياد بإنشاء مناطق خالية من السكاكين إذ أقامت مدن أمريكية وبريطانية مناطق يُحظر فيها حمل السكاكين التي يبلغ طول شفرتها أكثر من 7.62 سم كما الحال في مدينة واشنطن.

هيلين ويتل /  م. ع

 

 

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد