1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

مفتي سوريا الأول: "على المسلمين في ألمانيا التكيف مع العادات والقوانين المعمول بها"

محمد سامي الحبال٢٩ أكتوبر ٢٠٠٧

خلال زيارته الحالية لألمانيا خص مفتي سوريا د. احمد حسون موقعنا بمقابلة خاصة تناول فيها قضايا حساسة مثل علاقة الدين بالعلمانية والمسلم بغير المسلم، داعيا المسلمين في ألمانيا إلى التكيف مع قوانين وعادات مجتمعهم الجديد.

https://p.dw.com/p/BxeR
سماحة مفتي سوريا الأول د. أحمد بدر الدين حسون في لقاء خص به دويتشه فيلهصورة من: DW/Sami Al-Habbal

ببشاشته المعهودة استقبلنا سماحة مفتي سوريا الأول، د. أحمد بدر الدين حسون في مكان إقامته في فندق هيلتون في برلين، خلال زيارته إلى ألمانيا. المفتي الذي يتعالى صوته منادياً بالاعتدال، وسط أصوات تتعالى من كل الجهات لتنادي بالأصولية. فالدكتور حسون يعول على حوار مفتوح مع رجال الأديان الأخرى و شرائح المجتمع المدني المختلفة ويريد مخاطبة الشباب المثقف، في وقت أثبت فيه السياسيون فشلهم في هذا المجال. وفي رأيه الخاص، يقع نجاح حوار الثقافات على عاتق كل واعٍ على وجه البسيطة.

من هذا المنطلق لبى د. حسون دعوة وجهت إليه من الرابطة السورية الألمانية، آملاً أن تضيف زيارته إلى ألمانيا لبنة تساعد في بناء جسر من التواصل بين الشرق و الغرب، لردم الهوة بينهما وإفساح المجال لإقامة حوار مشترك أساسه العقلانية، يشارك فيه كل من يدعُ إلى التعايش السلمي ونبذ العنف. وفي إطار هذه الزيارة كان لسماحة المفتي لقاءٌ خص به موقع دويتشه فيله.

دويتشه فيله: ما هي أسباب التطرف الديني في رأيكم وكيف يمكن معالجته؟

د. حسون: بعد أحداث 11 /أيلول (سبتمبر) هنالك فوضى في الخطاب الديني الإسلامي والمسيحي واليهودي. فعندما تسمع رجل دين إسلامي متطرف يقف على المنبر ويطالب بالجهاد وبقتل الكافرين، لن تستغرب حينما تسمع خطاب آخر من أحد المبشرين البروتستانتيين وهو يطالب بمحو الكعبة ومحو الأمة العربية، ولن تستغرب حينما تسمع الحاخام الأكبر في إسرائيل يقول أن العرب والمسلمين أفاعي. الخطاب المتطرف لرجال الدين ظهر بعد 11/ أيلول، ورجال الدين الإسلامي والمسيحي واليهودي لم يستوعبوا المأساة؛ كان عليهم أن يغيروا الخطاب من الحقد إلى العقل والمحبة كي لا تتكرر أحداث 11/ أيلول ومدريد ولندن وباريس. لذلك يجب أن نتعامل مع ظاهرة تطرف رجال الدين بطريقتين، الطريقة الأولى الطريقة المدرسية أن نربي أطفالنا تربية سليمة على الحب لا على الحقد، وعلى الاعتراف بالشخص الآخر، الذي هو أخوه. لذلك أعتقد أن هنالك دور للحكومات وللمؤسسات الدينية لا زال مهملاً: وهو تثقيف الأطفال في البداية وضبط المساجد والمؤسسات الدينية كي لا يستغلها المتطرف أو المحدود عقلياً لبث الحقد والكراهية في قلوب المستمعين.

دويتشه فيله: قمتم بجولات عديدة في العالم في محاولة لتفعيل لغة الحوار. هل لاقيتم صدىً إيجابياً في هذا المجال؟

د. حسون: أصحاب الرسالات لا ييأسون، فأصحاب الرسالات جميعاً بدأوا وحدهم. أنا صاحب رسالة وسأصبر حتى أوصل رسالتي. قبل 20 سنة، ربما كان في خطابي شيء من التشدد، سببه أنني لم أكن قد غادرت مدينتي ولم أرَ العالم ولم أرَ الإنسان الذي هو أخي في العالم، إنما كنت أرى بيئتي فقط، ولكن لما خرجت منها واختلطت بالعالم وجدت أن العالم أوسع بكثير. فلذلك بدأت أحمل رسالتي للعالم. وصاحب الرسالة لا ييأس إذا قيل له: نحن لا نقبل الحوار. أحياناً أعاني داخل بلدي من بعض المتطرفين دينياً أكثر مما أعاني ممن أزورهم في العالم؛ حيث لا أجد صعوبة حين أتكلم بلغة الإيمان الإنساني وليس الإيمان المذهبي الطائفي . وأنا لا أؤمن أن المسيح كان بروتستانتياً أو كاثوليكياً أو أرثوذوكسياً؛ ولا أن محمداً كان شيعياً أو سنياً أو درزياً أو علوياً. لذلك قررت أن أضع لنفسي منهجاً في الدعوة إلى الله: فأنا مسلم في عقيدتي، عربي في لغتي، إنساني في عالميتي، سني في اقتدائي، شيعي في ولائي، سلفي في جذوري، صوفي في حبي ونقائي، فلذلك أحمل رسالتي للعالم براحة تامة ولا أحزن إن رفضوها. وعلينا، فيما يخص المساجد، أن نتعاون مع الحكومة الألمانية لنجعل من المسجد واحة سلام لامكانا لتغذية التطرف. وأن نجعل من خطباء المساجد في ألمانيا مجموعة متكاملة وليس مجموعة متنافرة. وألا يكون المسجد مسؤولية المسلم وحده، وإنما مسؤولية الدولة الألمانية بما أنها دولة علمانية لا تعادي الدين، إنما تنظم حياة المواطنين؛ فهناك قانون يحكم الجميع. فالعلمانية ليست ضد الدين وإنما الإنسان الجاهل هو ضد الدين.

دويتشه فيله: اجتمعتم في زيارتكم إلى ألمانيا بقداسة قسيس الكنيسة الكاثوليكية ياشكه وقسيس الكنيسة الإنجيلية هاين، هل يعني حوار الثقافات بالنسبة لكم حوار الثقافة الإسلامية مع الثقافة المسيحية تحديداً، أم بشكل عام الثقافة الشرقية مع الغربية؟

د. حسون: أعتقد أن الكثير منا يحكم على الدين من خلال المتدينين. وهذه الصورة غير صحيحة؛ مشكلتنا في العالم الآن تكمن في أننا لا ندرس الأديان دراسة علمية صحيحة. فلقاؤنا مع رجال الدين يهدف لتوضيح صورة الدين وليس صورة المسلم فقط. فهم ينظرون إلى الإسلام خلال أعمال بعض أبنائه، الشيء الذي يتسبب في كره الدين. فعلى المرء أن يدرس الدين في الأصل ويرى تطبيقه على المتدينين. فكثيرون ممن يقرأون النصوص يقرأون جزءاً ويتركون الآخر، والإيمان بالله هو شيء بين المرء وبين ربه. وقد أغرى رجال الدين الناس في القرون الوسطى بقضية الجنة والنار، وهذا الكلام مرفوض تماماً أمام الواقع الديني القائم على العلم والمعرفة. فلقاءاتنا مع القيادات الدينية المختلفة، حتى العلمانية، لقاءات مفيدة لتوضيح صورة الدين الحقيقية وعدم الاكتفاء بصورة المتدينين وحدهم، وهذا ضروري الآن كما أنه مثمر. وحواراتي السابقة خير شاهد على ذلك.

دويتشه فيله: قلتم في لقاء سابق "يجب أن يكون الإسلام في ألمانيا إسلاماً ألمانياً"، ما هي ماهية الإسلام الألماني من وجه نظركم؟ وهل هناك اختلاف جوهري بين إسلام ألماني وإسلام عربي على سبيل المثال؟

د. حسون: الثوابت الدينية هي ثوابت في كل مكان، ولكن النظرة إلى الديانة تتغير بتغير المكان والزمان، فكما يوجد مسلم شافعي وحنبلي يمكن أن يوجد مسلم ألماني فليس هناك مشكلة. وليس المقصود تغيير الإسلام، بل أن يتلاءم مع الواقع الألماني، فأول دعوة في الإسلام هي الحمد لله رب العالمين وليس رب المسلمين. فالعقائد لن تتغير أما تطبيقها يجب أن يتلاءم مع المجتمع الألماني، فيجب على الإسلام الألماني أن يراعي القانون الألماني. فمثلاً هناك رمضان سوري وسعودي ومصري – إن شئنا أم أبينا- فلا ضير أن يكون هناك رمضان ألماني. إذاً كلمة إسلام ألماني لا تعني إسلاماً غير الإسلام، وأنا أرجو من الأئمة والمسلمين أن يستوعبوا هذا، وأن يشرحوا للدولة بأن إسلامهم يتلاءم مع القانون الألماني ولا يتصادم معه ليجعلوا من موقعهم موقع محبة، فالإسلام يتلاءم مع كل الأمم لأنه دين عالمي.

دويتشه فيله: ما هو الدور الذي يمكن أن يلعبه رجال الدين في التقريب بين الأديان والشعوب؟ هل يمكن تفعيل حوار ناجح بين الأديان والثقافات على أساس ديني وإهمال الحوار السياسي؟

د. حسون: المطلوب أولاً هو اللقاء بين العلماء المسلمين في رابطة واحدة ومن ثم تقسم إلى الرابطة الأوروبية و الإفريقية وإلخ. وأن تنتخب مجلساً ينسق أمور المسلمين في العالم. فعلى العالم الإسلامي أن ينظر إلى نفسه على أنه جزء من العالم يجب أن يتكامل معه، لا أن يتصادم معه. فعلينا أن نتفاهم ونتحاور مع العالم ولكن لن يبدأ ذلك حتى نبدأ الحوار بين بعضنا البعض أولاً. واللقاءات مع رجال الدين المسيحي واليهودي والعلمانيين ضرورية جداً لإبراز صورة الإسلام الحقيقية ولإبعاد بعض أفعال المسلمين السيئة عن الإسلام وما يساء به إلى الإسلام.

دويتشه فيله: في لقاءات سابقة أعطيتم مثالاً واقعياً عن التعايش السلمي بين الأديان والأعراق في سوريا. هل لمستم إمكانية تطبيق هذا التعايش في ألمانيا؟

د. حسون: إننا نعيش في سوريا في تكامل رائع عجيب ونحاول أن نحل عقد التطرف بالحوار لا بالقهر. والتعايش السلمي موجود في ألمانيا، ولكن بعض المتطرفين يخربون الطريق؛ فأنا وجدت أن الشعب الألماني لا يسألك من أنت وما دينك وما كذا، وإنما يسألك ما عملك وينظر إلى نتائج عملك. وأرجو أن نستوعب هذه القضية؛ فقد وجدت أن هناك بعض المسلمين الذين يعيشون في ألمانيا وكأنهم لم يخرجوا من حارتهم حتى الآن، فحتى لغة وعادات البلد لم يتعلموها. فهم جالسون في مسجد أو في بيت مغلق عليهم، وهم بذلك يسيئون إلى صورة الإسلام.

دويتشه فيله: في لقاء مع دويتشه فيله دعا الشيخ فضل الله مسلمي أوربا إلى الالتزام بقوانين دولهم الجديدة والابتعاد عن التطرف. هل من كلمة أخيرة توجهونها إلى الجالية الإسلامية في أوروبا؟

د. حسون: يستطيع المسلم أن يستوعب قيم وقوانين العالم كله دون أن يتخلى عن إسلامه وقيمه وحضارته، لذلك أنا مع السيد حسين فضل الله فيما قال بل وأصر على أنه على المسلم الأوروبي أن يصوغ لغة متميزة في التعامل وفي الحوار، حتى يجعل من إسلامه منارة عمل في أوروبا وليس اتجاه مضاد لأوروبا، تخشى من أخطاره.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

المزيد من الموضوعات