1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

مصر - مواجهة الأزمة الاقتصادية بخطة لتقليل استهلاك الكهرباء

٢٠ أغسطس ٢٠٢٢

أعلنت الحكومة المصرية تدابير تقشفية جديدة لمساعدة اقتصاد البلاد بما يشمل ترشيد الطاقة بهدف تعزيز صادرات البلاد من الغاز الطبيعي لبيعه بأسعار مرتفعة. فهل تنجح الخطة في إنعاش الاقتصاد المصري؟

https://p.dw.com/p/4Fg4C
صورة رمزية لشارع مصري وقد علقت به زينة شهر رمضان التقليدية (أرشيف 13/6/2016)
بدأت الحكومة المصرية في تنفيذ خطة لترشيد استخدام الكهرباءصورة من: Mohamed Hossam/dpa/picture alliance

أصبحت ليالي الصيف في معظم مناطق القاهرة والمدن الكبرى أكثر سخونة في منتصف شهر أغسطس/ آب، فيما باتت الشوارع مظلمة إلى حد ما، خاصة بمرور ساعات الليل مع بدء خطة ترشيد استهلاك الكهرباء الأحد (13/8/2022).

فمع الشروع في تدابير تقشفية جديدة، باتت ميادين رئيسية و متاجر ومراكز تسوق بلا إضاءة كبيرة بعد الساعة الحادية عشرة مساء كما جرى ضبط درجات حرارة أجهزة تكييف الهواء داخل مراكز التسوق والمتاجر على 25 درجة مئوية بعد أن كانت في السابق أقل من 20 درجة مئوية. 

وفقا لرئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، فإن خطة ترشيد استهلاك الكهرباء ترمي إلى تحقيق معادلة بسيطة ومباشرة تتمثل في خفض 15٪ من الاستهلاك المحلي من الكهرباء لتوفير المزيد من الغاز الطبيعي وتصديره بسعر أكثر عشر مرات من السعر المحلي، حيث يعتمد تشغيل محطات الكهرباء في البلاد على الغاز الطبيعي.

وفي ذلك، قالت أليس غوير، مديرة الجغرافيا السياسية والأمن لدى شركة "أزور إستراتيجي” للاستشارات ومقرها لندن، إن إعلان الحكومة المصرية "يأتي في قلب ذروة فصل الصيف حيث تنخفض صادرات الغاز عادة بشكل كبير مع ارتفاع الطلب المحلي".

الجدير بالذكر أن 60% من إنتاج مصر من الغاز الطبيعي يذهب إلى محطات الكهرباء، لكن في حالة تنفيذ خطة الترشيد بشكل كامل يُمكن توفير حوالي 174 مليون متر مكعب من الغاز يوميا، ما يعادل ثلث القدرة التصديرية للبلاد، وفقا لتقديرات شركة "ريستاد إنرجي" النرويجية المتخصصة في أبحاث الطاقة.

وفي هذا السياق، قالت غوير إن "محطتي إدكو ودمياط لتصدير الغاز الطبيعي المسال كانتا تعملان بأقل من طاقتهما خلال يونيو/ حزيران ويوليو/ تموز مما يشير إلى وجود سعة وحيز لنقل كميات أكبر من الغاز".

وأضافت أن "أوروبا قد تبدو السوق المحتمل لهذا الفائض في ظل ارتفاع الأسعار والطلب في القارة، لكن مصر بشكل تقليدي كانت تزود الهند ودولا آسيوية أخرى بكميات أكبر (من الغاز)".

وفي حال نجاح خطة الترشيد في مصر، فمن شأن ذلك أن يساعد اقتصاد البلاد، الذي يعاني كثيرا في الوقت الحالي مع ارتفاع معدلات التضخم وتزايد الاقتراض.

انخفاض قيمة الجنيه

يشار إلى أن الحكومة المصرية قامت بتخفيض قيمة الجنيه بنسبة 14٪ مع قيام المستثمرين الأجانب بسحب الدولار من السوق على وقع الغزو الروسي لأوكرانيا فيما أفادت وكالة "بلومبرغ" في وقت سابق من الأسبوع بأن البنك المركزي المصري قد يُقدم على خطوة مماثلة.

وعلى إثر الحرب في أوكرانيا، ارتفعت أسعار السلع الأساسية في مصر بأكثر من الضعف مع توقعات نقص واردات القمح والوقود وزيت الطهي في البلاد.

ويعيش ثلث سكان مصر البالغ تعداد سكانها قرابة 102 مليون نسمة، في فقر فيما يعتمد حوالي 70 مليون من السكان على برامج الدعم الحكومية لا سيما الخبز.

موزع للخبز يسير بدراجة في أحد شوارع القاهرة (9/5/2022)
ارتفع سعر الخبز غير المدعوم بمعدل الضعف في مصرصورة من: Roger Anis/Getty Images

وأضافت غاور أن "برامج الدعم في مصر للعديد من السلع الأساسية تُكلف الحكومة الكثير، لذا فإن فكرة الاستفادة من ارتفاع أسعار الغاز من خلال زيادة الصادرات يعد أمرا منطقيا".

لكن الخبيرة قال إن هذا الطرح يحمل في طياته خطرا؛ إذ يزيد من "الضغوط المالية على سكان البلاد ويتعين على الرئيس عبد الفتاح السيسي تحقيق التوازن بشكل أكثر حرصا".

ومع ارتفاع معدلات التضخم، تحتاج الحكومة المصرية إلى توفير إجراءات حمائية لسكان البلاد خاصة لذوي الدخل المنخفض.

كذلك فإن الحرب في أوكرانيا قد أدت إلى انخفاض حركة السياحة، خاصة من روسيا وأوكرانيا، مما ألقى بظلاله على قطاع السياحة الحيوي في البلاد والذي كان في طور الانتعاش مرة أخرى بعد فترة صعبة في ظل جائحة كورونا.

وتمثل مشروعات البنية التحتية الكبيرة مثل إنشاء العاصمة الإدارية الجديدة وسداد الديون الخارجية الضخمة عبئا ماليا إضافيا على كاهل الحكومة المصرية، فيما لا يزال صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في حالة تردد حيال منح مصر قروضا من دون وجود رؤية إصلاحات اقتصادية كبيرة أو جذب استثمارات أجنبية كبيرة.

ورغم أن خطة ترشيد الكهرباء قد تدفع إلى زيادة صادرات مصر من الغاز وسط ارتفاع أسعار الغاز على مستوى العالم ما يعني تعزيز احتياطيات مصر من العملات الأجنبية، إلا أن الخطة تواجه عقبات.

"ضارة للبيئة"

ومع بدء تنفيذ خطة الترشيد، لا يزال يتساءل كثيرون حيال كيفية تطبيق الخطة خاصة أصحاب المحال التجارية.

وفي مقابلة مع DW، قال عبد الرؤوف، صاحب متجر لبيع لعب الأطفال في مدينة الجيزة، "لا أعرف كيف سيتم تطبيق القرار الجديد".

ولا يتوقع عبد الرؤوف البالغ من العمر 60 عاما، أن يتأثر عمله كثيرا بالقرار الجديد على الأقل في الوقت الحالي، مضيفا "لم تُفرض قيود كورونا والحظر في ذاك الوقت بشكل صارم".

وأشار محمد صلاح السبكي، أستاذ تخطيط الطاقة في جامعة القاهرة والرئيس السابق لهيئة الطاقة الجديدة والمتجددة، إلى أن هناك معايير بيئية يجب مراعاتها عند تطبيق خطة الترشيد.

وتأتي خطوة تقليل أو ترشيد استخدام الكهرباء كأحدث خطوة في خطة طويلة الأمد حيث بدأت الحكومة المصرية بالفعل في استبدال الغاز الطبيعي بالمازوت لتشغيل محطات الكهرباء منذ أكتوبر/ تشرين الأول العام الماضي.

صورة رمزية لسياح أمام أهرامات الجيزة في زمن كورونا (26/1/2021)
تأثر قطاع السياحة في مصر بتداعيات الحرب في أوكرانيا وقبلها جائحة كوروناصورة من: Anne-Christine POUJOULAT/AFP/Getty Images

وفي ذلك، قال رئيس الوزراء مصطفى مدبولي أنه في المقابل حقق بيع فائض الغاز ما يقرب من 150 مليون دولار (147 مليون يورو) شهريا.

وقد سجل جهاز تنظيم مرفق الكهرباء وحماية المستهلك في مصر زيادة كبيرة في استخدام المازوت في الوقت الحالي مقارنة بالعام الماضي.

وفي هذا السياق، قال السبكي "إن استخدام الوقود الضار بالبيئة مثل المازوت لتشغيل محطات الطاقة ليس حلا طويل الأمد. يجب استخدام الطاقات المتجددة بدلا من ذلك".

ومع اشتداد درجات الحرارة في مصر نهارا حيث تقترب من 40 درجة مئوية، يجد كثير من المصريين في أوقات المساء متنفسا للخروج مع تحسن الطقس ليلا، ما يمثل رواجا للمطاعم والمقاهي.

وفي هذا السياق، قال أيمن أشرف، صاحب مقهى بوسط القاهرة، إنه تنفس الصعداء عندما عرف أنه يمكن فتح المقهى الذي يمتلكه حتى الواحدة صباحا.

وفي مقابلة مع DW، قال أشرف: "بالنظر إلى أن المحلات التجارية التي يجب أن تغلق عند الساعة 11 مساءً ، فأنا في الواقع سعيد جدا بالخطة الجديدة".

جينفر هوليس / محمد فرحان