1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

ماذا وراء الإفراط في تأسيس أحزاب جديدة في تونس؟

٢ أغسطس ٢٠١١

بعد ستة اشهر من "ثورة الياسمين"، عدد الأحزاب في تونس يقفز إلى مائة وجدل حول مصداقيتها ومصادر تمويلها، فيما أغلبية التونسيين تعارض افراط الحكومة في منح التراخيص لتأسيس أحزاب لا يتمتع الكثير منها بقاعدة شعبية تذكر.

https://p.dw.com/p/128D3
الثورة التونسية اطاحت بالحزب الحاكم ومهدت الطريق امام ظهور عشرات الاحزاب الجديدةصورة من: picture alliance/dpa

ارتفع عدد الأحزاب السياسية المرخّص لها في تونس بشكل غير مسبوق منذ الإطاحة بالرئيس المخلوع زين العابدين بن علي الذي هرب إلى السعودية يوم 14 يناير/كانون الثاني في أعقاب ثورة شعبية أنهت 23 عاما من حكمه.

ومنحت وزارة الداخلية التونسية (حتى يوم 20 يوليو/تموز) الرخصة لتأسيس 100 حزب سياسي فيما يواصل عشرات من النشطاء السياسيين إيداع مطالب لدى الوزارة للحصول على تراخيص لأحزاب جديدة.

ورفضت الداخية لغاية نفس التاريخ الترخيص لـ 145 حزبا بسبب عدم تطابقها مع الشروط الواردة في قانون الأحزاب (الصادر سنة 1988) والذي يحظر تأسيس أحزاب على أساس ديني أو جهوي أو عرقي، أو قيام أحزاب تتشابه برامجها مع برامج أحزاب قائمة.

جهل بالأحزاب وعزوف عن الانخراط فيها

Politische Parteien in Tunis
المبنى الرئيسي لحزب التجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم سابقاصورة من: DW/S.Mounir

في عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي كانت هناك 9 أحزاب قانونية فقط هي الحزب الحاكم "التجمع الدستوري الديمقراطي" الذي هيمن على الحياة السياسية بشكل كامل و8 أحزاب معارضة منها 5 توصف بأحزاب "ديكور" لأنها كانت موالية للنظام القائم و3 توصف بأنها أحزاب معارضة "حقيقية".

غالبية التونسيين يتخذون موقفاً سلبياً من الارتفاع المفاجئ في عدد الأحزاب ببلادهم بعد الإطاحة بنظام بن علي. إذ أظهر استطلاع للرأي أعدّه "معهد البحوث الإحصائية وتحليل المعطيات" ونشرت نتائجه في أبريل/نيسان الماضي، أن 68 % من المستطلعة آراؤهم يعارضون الترخيص لمزيد من الأحزاب فيما اعتبر حوالي 65 % أداء الأحزاب الموجودة على الساحة غير ناجع.

وقال 60 % إنهم غير منخرطين في أي حزب فيما صرّح نحو 49 % أنه لا وجود لأيّ حزب يمثّلهم أو يتماشى مع توجهاتهم وقناعاتهم.

فيما أشار 36 % إلى أنهم لا يعرفون اسم أي حزب سياسي في تونس مقابل 30 % قالوا إنهم يعرفون ما بين حزب واحد وثلاثة أحزاب فقط و11 % ذكروا أنهم يعرفون 10 أحزاب فأكثر.

الباجي قايد السبسي الوزير الأول في الحكومة التونسية الانتقالية قال في آخر مقابلة له مع التلفزيون الرسمي التونسي إن أنصار كثير من الأحزاب السياسية في بلاده "لا يملؤون حافلة" في إشارة إلى عدم شعبية هذه الأحزاب.

أحزاب معارضة "تجمّعية"

لا يرى كثير من التونسيين في كثرة الأحزاب مؤشرا صحّيا على تعدّدية سياسية حقيقيّة في بلادهم وينعتون الأحزاب الجديدة بأنها "تجمّعية" في إشارة إلى حزب "التجمع الدستوري الديمقراطي" الذي تمّ حله بقرار قضائي يوم 9 مارس/آذار 2011.

Tunesien Tunis La Kasbah Platz Protest Demonstration Ausschreitungen NO FLASH
التونسيون مستمرون في المظاهرات حتى بعد الاطاحة ببن علي وممارسة الديمقراطية وتاسيس عشرات الاحزاب السياسيةصورة من: picture alliance/dpa

وينتقد مواطنون منح وزارة الداخلية تراخيص أحزاب لشخصيات سبق لها تقلّد مناصب في حزب "التجمّع" مثل كمال مرجان آخر وزير خارجية في عهد بن علي ومؤسس حزب "المبادرة" ومحمد جغام وزير الداخلية (1995-1997) والدفاع (1999-2001) ومؤسس حزب "الوطن".

وسبق لمرجان وجغام أن شغلا عضوية اللجنة المركزية في حزب التجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم إبان حكم بن علي.

نشطاء على شبكة التواصل الاجتماعي فيسبوك أطلقوا حملات واسعة النطاق لـ"فضح" الأحزاب "التجمّعية" وللتحذير من الانخراط فيها.

ومنع مواطنون بعدد من مناطق البلاد أحزابا "تجمّعية" من عقد اجتماعات في مدنهم فيما أقام محامون دعاوى قضائية للمطالبة بحلّ عشرات من الأحزاب "التجمّعية".

مجدي مدرس تعليم ثانوي قال لدويتشه فيله إن "التجمّع بصدد إعادة إنتاج نفسه في شكل أحزاب معارضة" متوقعا أن "تشكل هذه الأحزاب تحالفات سياسية في المحطات الانتخابية المرتقبة".

وأضاف قائلا:"حتى الأحزاب المعروفة سابقا بمعارضتها الشديدة للتجمّع مثل الحزب الديمقراطي التقدمي (يساري) وحركة النهضة (إسلامية) أصبحت تتسابق على ضمّ أنصار هذا الحزب من أجل توسيع قاعدتها الجماهيرية".

وكان التجمع أكبر تنظيم سياسي في تونس إذ بلغ عدد أنصاره في السنوات الأخيرة من حكم بن علي نحو 2,5 مليون شخص أي حوالي ربع سكان البلاد المقدر عددهم بأكثر من 10 ملايين نسمة.

الباحث الاجتماعي طارق بلحاج يصف أغلب الأحزاب بأنها "افتراضية" باعتبار أنها "تقوم على النخبوية والفئوية والقرابة العائلية والعلاقات الشخصية".

وتعاني هذه الأحزاب، بحسب الباحث، من "غياب البرامج السياسية الدقيقة" إذ تعد كلها بتوفير وظائف للعاطلين وتنمية المناطق المحرومة "دون تقديم تفاصيل برامج ولا آليات تطبيق ولا ضمانات للالتزام بهذه الوعود".

ويقول الباحث إن "أولوية" هذه الأحزاب هي "الانقضاض على الحكم" وأنها تعاني من "مرض الزعامة" بسبب تركيزها على الدعاية لزعيم الحزب معتبرا أن "مشاغل التونسي اليوم مختلفة تماما عن رهانات وصراعات الطبقة السياسية".

تمويلات "مشبوهة"

Chef der Nahda Partei Rachid Al-Ghannoushi
راشد الغنوشي، زعيم حركة النهضة، التي تتهمها صحف محلية بتلقي اموال من دول خليجيةصورة من: DW

صادقت "الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والانتقال الديمقراطي والإصلاح السياسي" في يوليو/تموز على "مشروع مرسوم قانون "يحظر على الأحزاب السياسية التونسية " تلقّي تمويل مباشر أو غير مباشر صادر عن أي جهة أجنبية "بعد تحذيرات مهتمين بالشأن التونسي من تلقي أحزاب "تمويلات مشبوهة" من جهات أجنبية بعد أن أظهرت عدة أحزاب قدرة إنفاق عالية سواء من خلال اقتناء مقرّات جديدة فخمة أو عبر تمويل حملات دعائية في مختلف وسائل الإعلام.

ويسمح مرسوم القانون (الذي ينتظر أن يصبح نافذا بعد مصادقة الحكومة عليه) للأحزاب بتلقي تبرعات مالية من الدولة ومن "أشخاص طبيعيين (شرط أن) لا تتجاوز قيمتها السنوية ستين ألف دينار (30 ألف يورو) بالنسبة لكل متبرع".

حمّة الهمامي الناطق الرسمي باسم حزب العمال الشيوعي حذر من تأثير "المال السياسي" على عملية الانتقال الديمقراطي في تونس. وقال في تصريح صحفي: "لقد كانت الانتخابات تزور (في عهد بن علي) بالإدارة والبوليس، لكن الخوف اليوم هو من التزوير عن طريق المال السياسي".

محمد الكيلاني أمين عام الحزب الاشتراكي اليساري اتهم أحزابا تونسية بالتورط في "ممارسات تهدف إلى شراء ضمائر الناخبين واستقطابهم بشتى الطرق والوسائل".

وتحدثت صحف محلية عن قيام حركة النهضة (الإسلامية) بتقديم مساعدات مالية واستخلاص فواتير الكهرباء والماء وتنظيم حفلات زواج جماعي لمواطنين فقراء ودروس دعم خصوصية للطلاب الذين يستعدون لاجتياز امتحان البكالوريا (الثانوية العامة).

وتواجه الحركة اتهامات بتلقي أموال من دول خليجية وإسلامية فيما تواجه أحزاب يسارية اتهامات بتلقي أموال من دول ومنظمات غربيّة. لكن هذه الأحزاب تنفي هذه الاتهامات جملة وتفصيلا وتقول إنها على استعداد للكشف عن مصادر تمويلها والخضوع لرقابة الدولة.

تونس/ منير السويسي

مراجعة:عارف جابو

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد