1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

"ما دامت الإنسانية هي الدعامة الاجتماعية الرئيسية في أوروبا، فلن تتغير النظرة إلى الحقبة النازية اللاإنسانية "

المؤرخ الإنجليزي ايان كيرشو هو أحد أفضل الدارسين للحقبة النازية الألمانية، في حوار دويتشه فيله معه يوضح مدى أهمية تاريخ الثامن من مايو/ايار، ويشير إلى التغيرات التي طرأت على وعي الناس بكارثة الحرب.

https://p.dw.com/p/6cLt
المؤرخ الإنجليزي اين كيرشوصورة من: AP

دويتشه فيله: ماذا يعني الثامن من أيار/ مايو 1945 بالنسبة لألمانيا؟

إيان كيرشو: لقد شكل الثامن من أيار/مايو نهاية حقبة الحربين العالميتين. فبالرغم من أن أوروبا وجدت نفسها بين الأنقاض، لكن هذا اليوم، يوم الثامن من أيار/ مايو 1945 مهد الطريق لبداية جديدة في ألمانيا وفي أوروبا معاً. لا شك من أن هذا قد احتاج إلى وقت. لقد كانت نهاية الحرب العالمية الثانية بحقٍ الحدث المركزي.

دويتشه فيله: لقد وُصف يوم الثامن من أيار/ مايو بالنسبة لألمانيا مراراً بـساعة الصفر. لكن العديد من النازيين استمروا في وظائفهم بالرغم من تغيير النظام السياسي آنذاك. فهل يمكننا حقاً أن نتكلم عن ساعة الصفر؟

كثيراً ما يُفَسر تعبير " ساعة الصفر " تفسيراً خاطئاً. بالطبع لم ينته كل شيء في الثامن من أيار/ مايو ولم يبدأ كل شيء من جديد في التاسع منه لأن حياة الناس تتواصل رغم حدوث انقطاع في السياسة: فلا يوجد شيء اسمه "ساعة الصفر" بالمفهوم الاجتماعي. أياً كان الأمر، فإن رأي الناس لم يتغير بين ليلة وضحاها، وبقي الموظفين أنفسهم في دوائر الدولة.

ومع ذلك تشير نهاية الحرب إلى فاصل في التاريخ الأوروبي وخاصة في التاريخ الألماني فقد كانت نقطة تحول بين نصفي القرن الماضي. صحيح أن النصف الثاني من القرن العشرين قد اتسم بسمات الحرب، لكن الثامن من أيار/ مايو أعطى ألمانيا فرصة بداية جديدة تدريجياً على الرغم من اختلافها في شطري ألمانيا.

دويتشه فيله: هل يمكن مقارنة حدث الثامن من أيار/ مايو 1945 بحدث عظيم آخر من تاريخ العالم؟

إن المشابهة الوحيدة الممكنة هي حقبة نابليون فقد كانت سنة 1815 أيضاً بداية جديدة لأوروبا لكن حدة الانقطاع في عام 1945 كانت أشد من تلك التي حصلت في عام 1815. فلم يكن هناك شيء يمكن مقارنته به فبعد أي حرب يجب أن تمضي بضعة سنوات حتى تعود المياه إلى مجاريها. ولقد تغيرت أوروبا فعلاً بشدة أكبر من التغير الذي حصل في 1815.

دويتشه فيله: هل تغير الوعي بالثامن من أيار/ مايو وبالحرب في ألمانيا بمرور السنين ؟

دون شك، فلقد رأى العديد من الألمان بلدهم محتلا ورأوا أنفسهم مهزومين. ويصف المؤرخ الألماني فريدريش ماينكه في كتابه " الكارثة الألمانية " (1946) الهزيمة قبل كل شيء بالكارثة لألمانيا. أما بالنسبة للمعاصرين فكانت تعني الانحطاط الكامل بعينه. و يبدو اليوم هذا الانحطاط للناس ضرورة حتمية بهذه الطريقة فقط كان ممكناً وضع حد للتاريخ الألماني المدمر الذي يرجع إلى فترة طويلة قبل حقبة هتلر. وبهذه الحالة تم بناء مجتمع وبلد من جديد لهما قيم مختلفة كل الاختلاف عن قيم هتلر.

دويتشه فيله: كيف تغير الإحساس بالـ "هولوكاوست " في ألمانيا في السنوات الستين التي مضت؟

لم يكن بالكاد هناك نقاش في الرأي العام الألماني حول الـهولوكاوست (المحرقة) في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي فقد كانت هناك بعض الأبحاث العلمية التي لم تلق أي اعتبار برأيي. واتفق الجميع على أن ألمانيا تورطت في أعمال فظيعة ولكنه بنفس الوقت لم يكن أحد مستعدا للبحث والتقصي في دور الدولة الألمانية أو دور المجتمع الألماني في هذه الأحداث واكتفوا بإلقاء المسؤولية بكاملها على هتلر ونظامه الديكتاتوري.

دويتشه فيله: ما الذي لفت نظر الناس إلى ما حدث؟

شيئان اثنان. أولهما، لقد اهتم بعض المؤرخين في السبعينيات من القرن الماضي بالأحداث اليومية للناس إبان الحرب فاكتشفوا تورط قسم كبير من السكان في سياسة النظام النازي العنصرية والمعادية للسامية. وثانيهما ، الفيلم الذي ترك الانطباع الكبير رغم كونه نوعا ما فيلماً تلفزيونياً تافهاً بعنوان "هولوكاوست". فلقد أثار هذا الفيلم اهتمام الجماهير بمصير اليهود وبذلك انتبهت الصحافة الألمانية إلى أحداث مثل الذكرى السنوية لتحرير أوشفيتس منذ الثمانينيات من القرن الماضي.فمنذ ذلك الحين ازداد الاهتمام وازداد معه الشعور بالذنب والبرهان على ذلك هو على سبيل المثال كثرة الأبحاث العلمية والاحتفالات بالذكرى السنوية والنقاشات حول النصب التذكاري في برلين. لكنني لا أستطيع أن أحكم فيما إذا كان هذا الاهتمام متواجد فقط لدى وسائل الإعلام والطبقة المثقفة أم أنه متأصل في أدنى طبقات المجتمع.

دويتشه فيله: هل توجد اختلافات كبيرة في تفسير وتحليل الرايخ الثالث والحرب العالمية الثانية بين الخبراء الألمان وغير الألمان؟

كلا. فتاريخ ألمانيا بين 1871 و 1945 هو تاريخ عالمي بكل معنى الكلمة. توجد جمعية عالمية من المؤرخين في داخل ألمانيا وخارجها ودراستنا للتاريخ متشابهةً.

دويتشه فيله: توجد مخاوف بأنه بموت شهود عيان ذلك الزمن سيموت الاهتمام بالحرب العالمية الثانية. فهل تشاطر هذه المخاوف أيضاً؟

ستون عاماً بعد نهاية الحرب قد تكون المرة هي الأخيرة التي نتمكن فيها من استرجاع الماضي والتأمل فيه مع الناجين ويبدو أن اهتمام الرأي العام قد أُشبع. فقد انخفض عدد المهتمين ببرامج الحرب العالمية الثانية في محطات الإذاعة والتلفزة البريطانية وهذا الأمر أعتبره طبيعيا ً جداً. ولكن أهمية الحرب والـ " هولوكاوست " وهتلر والحقبة النازية ستبقى. فقد كانت المحاولة الأكثر مأساوية لخلق مجتمع وحشي. فما دام مفهوم "الإنسانية " هو الدعامة الاجتماعية الرئيسية في أوروبا، فلن تتغير النظرة إلى هتلر والحرب العالمية الثانية أبداً.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد