1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

ليبيا.. قبور جماعية في ترهونة تكشف تحديات السلام المتعثر!

١٣ أكتوبر ٢٠٢١

سيطرت ميليشيا "الكانيات" على ترهونة من 2012 حتى فرارها من المدينة القريبة من طرابلس العام الماضي؛ تاركة إرثا مروعا يرمز لعشر سنوات ضائعة من الفوضى والعنف في ليبيا. ماهي ميليشيا الكانيات؟ وما علاقتها بخليفة حفتر؟

https://p.dw.com/p/41dou
منذ فرار الكانيات من ترهونة يجري اكتشاف مقابر جماعية لضحايا الميلشيا، المتحالفة مع خليفة حفتر.
منذ فرار الكانيات من ترهونة يجري اكتشاف مقابر جماعية لضحايا الميلشيا، المتحالفة مع خليفة حفتر. صورة من: Hamza Turkia/picture alliance/Xinhua News Agency

أمضى عمالٌ في مدينة ترهونة الليبية أكثر من عام في استخراج الجثث من مقابر جماعية في مشهد يعكس بجلاء الثمن الباهظ للصراع المستمر منذ عشر سنوات والمخاطر الكبيرة التي تكتنف خطة السلام الهشة التي توارى فيها الضحايا وظلوا على الهامش.

وأعلنت الهيئة العامة للبحث والتعرف على المفقودين في ليبيا في بيان أوردته وكالة الأنباء الليبية ( وال) اليوم الأربعاء (13 أكتوبر/ تشرين الأول) انتشال 25 جثة من خمس مقابر جماعية وفردية بمدينة ترهونة. وأوضحت الهيئة أنه تم استخراج عشر جثث من المقبرة الأولى، وتسع جثث من المقبرة الثانية، وأربع جثث من المقبرة الثالثة وجثتين من المقبرتين الرابعة والخامسة. وأشارت إلى أن كل الجثث مجهولة الهوية.

وكانت ترهونة (95 كم جنوب شرق طرابلس)، مقرا للواء التاسع المسمى بـ "الكانيات" نسبة لعائلة الكاني التي تزعم أبناؤها اللواء التابع لخليفة حفتر والذي خاض معه الحرب على العاصمة الليبية منذ شهر نيسان/ أبريل 2019.

وسيطرت ميليشيا "الكانيات" على ترهونة منذ 2012 وحتى انتزعت قوات موالية لحكومة طرابلس السيطرة عليها في العام الماضي؛ ففرت تاركة إرثا مروعا يرمز لعشر سنوات ضائعة من الفوضى والعنف في ليبيا.

ومع ظهور عملية سلام إلى النور هذا العام تهدف إلى إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية، يدرك سكان ترهونة أن الأمل ضئيل في تحقيق العدالة إذا ظلت ليبيا مقسمة بين الفصائل المتحاربة. لكن البعض يخشى كذلك من أن تؤدي التوافقات المطلوبة لمنع انهيار عملية السلام إلى التغاضي عن جرائم الماضي أو حتى تصعيد من ارتكبوها أو أمروا بتنفيذها.

وتتجمع أُسر القتلى والمفقودين كل يوم سبت في الميدان الرئيسي بالمدينة، حيث مازال العديد من المباني يحمل آثار الحرب من دمار وحرائق، للمطالبة بتحقيق أوسع نطاقا وبذل جهود أكبر لمحاكمة منفذي عمليات القتل.

وعلى مقربة ما زال عمال يعكفون على استخراج رفات من تحت طمي ترهونة الأحمر وقد استخرجوا بالفعل 203 جثث وتعرفوا على هويات 52 منها. وقدم سكان المدينة 375 بلاغا عن اختفاء أشخاص حتى الآن.

"الكانيات.. القتل أسهل مما تتخيل!"

وكان أسامة السويح وهو أستاذ جامعي في الهندسة الميكانيكية بين المحتشدين. وقال إن جماعة "الكانيات" أخذت شقيقه من سجن في طرابلس في 2013 وأعادته إلى ترهونة ثم أعدمته على عجل وهو بملابس السجن. وأضاف أنه بعد ذلك بعامين أطلقت الجماعة النار على منزله من دبابة فقتلت والده.

وغادر جزء من العائلة ولم يتمكن من العودة إلا بعد فرار الكانيات الصيف الماضي. لكن في هذه الأثناء كانت الجماعة قد قتلت ثلاثة من أشقائه وأربعة من أقاربه قال إن أحدهم قُتل لأنه لم يقدم واجب العزاء في وفاة أحد أفراد الجماعة.

وتابع "بدت معاناتنا من يوم خطف أخي إبراهيم السويح من سجن الرومي يوم 20-11-2013 وتم جلبه إلي مدينة ترهونة من سجن رئيسي بطرابلس في سيارات الكاني. وتم إعدامه بعدة طلقات نارية وهو يرتدي ملابس السجن ومقيد اليدين. وعلى أثر هذا بدأ استهداف عائلتي بالكامل وجانا تهديد  بإفناء العائلة  بالكامل بكبارها بصغارها".

وأردف قائلا "فعلا بدأوا في تنفيذ مخططهم بقتل العائلة، فتمت تصفية أخي مراد بعد العملية هذه بستة أشهر يوم 11-6-2014. أخي مراد عمره 19 سنة، تم استهدافه بطلقة قناص من ميليشيا الكانيات بعد تهديده بالقتل وتهديد كامل العائلة، بعدها بست شهور تم الهجوم علي منزلنا بقوة عسكرية كبيرة، فيها حتي دبابات وأسلحة ثقيلة، في هدا الهجوم استشهد والدي سويح الهمال".

ومنذ انتفاضة عام 2011 المدعومة من حلف شمال الأطلسي والتي أطاحت بحكم معمر القذافي سيطرت جماعات مسلحة على أغلب أراضي ليبيا وأحيانا كانت الأطراف المتحاربة تتبادل السيطرة على المؤسسات الاقتصادية والأنشطة الإجرامية.

الميدان الليبي .. أي أسلحة هي الأقوى الفرنسية أم التركية؟

"تحالف بين ميليشيا الكانيات وقوات حفتر"

وفي السنوات الأخيرة تحالفت جماعة الكانيات مع الجيش الوطني الليبي (قوات شرق ليبيا) بقيادة خليفة حفتر. وبعد سقوط ترهونة، التي تقع على مسافة 65 كيلومترا جنوب شرقي العاصمة طرابلس، في يونيو/ حزيران 2020 تقهقرت الجماعة مع قوات حفتر عائدة إلى شرق البلاد.

وأطلقت هزيمة حفتر العسكرية جهود السلام الأخيرة في ليبيا التي تشمل وقف إطلاق النار وتشكيل حكومة وفاق مؤقتة والسعي من أجل إجراء انتخابات في ديسمبر/ كانون الأول.

وتعمل حكومة الوفاق الوطني في طرابلس مع المدعي العام ومحققين من الأمم المتحدة لكن الأسر في ترهونة تقول إن التقدم بطئ في التعرف على هويات القتلى. وباستثناء إصدار أوامر اعتقال بحقهم ما زال مرتكبو هذه الجرائم بمنأى عن المساءلة.

وقُتل زعيم الجماعة محمد الكاني برصاص أفراد وحدة تابعة للجيش الوطني الليبي في يوليو/ تموز في بنغازي لكن محققي الأمم المتحدة قالوا إن أغلب رفاقه ما زالوا طلقاء وقال محللون إنهم في الشرق تحت حماية الجيش الوطني الليبي.

ولم يتسن على الفور الاتصال بمتحدث باسم الجيش الوطني الليبي للتعليق على وضع الجماعة في الشرق ولم يورد أي مسؤول هناك أي تصريح علني عن مقتل كاني.

ومن ناحية أخرى لمّح حفتر، زعيم الجيش الوطني الليبي، والذي يعتبره بعض سكان ترهونة مسؤولا عن السنوات الأخيرة من العهد الدموي لسيطرة جماعة الكانيات على المدينة، إلى إنه ينوي الترشح للرئاسة.

وهذا أمر لا تطيق مبروكة أبوكليش (76 عاما) تحمله، كما أنه يظهر أن عملية السلام التي تسمح لأمراء الحرب بالاستمرار في السلطة قد لا تتمكن من رأب الانقسامات في ليبيا. ووصفت مبروكة طغيان الجماعة التي تحمل اسم عائلة كاني المحلية التي قتلت شقيقها وابنيها قائلة "قتلوا كل من رفضوا التعاون معهم. لم يتركوا طفلا ولا امرأة. لم يتركوا أحدا".

ويخشى السويح وغيره من سكان ترهونة من أن يصرف التركيز على حفتر الانتباه عن جماعة الكانيات مما يعني التغاضي عن الجرائم التي ارتكبتها قبل التحالف معه.

ورغم ذلك يبدو السويح متحمسا لإجراء انتخابات برلمانية، وهو احتمال ما زال غير مؤكد بسبب الخلافات بين الفصائل على قواعد إجرائها، ويراه سبيلا لاستبدال طبقة سياسية يقول إنها غضت الطرف عن الانتهاكات.

ص.ش/أ.ح (رويترز، د ب أ)