1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

لماذا يؤثر تغير المناخ على بعض المجتمعات أكثر من غيرها؟

٧ أغسطس ٢٠٢٢

يرى خبراء علم الاجتماع والبيئة والكوارث أن الكوارث المناخية خلال السنوات الماضية ضربت بقوة المجتمعات الضعيفة والمهمشة والعرقية بشكل أكبر من باقي المجتمعات. فلماذا يكون تأثير تغير المناخ على هؤلاء الأشخاص بهذه الحدة؟

https://p.dw.com/p/4FD7L
رجل يسير في أحد شوارع باكستان التي تعرضت لفيضانات في أواخر شهر يوليو من هذا العام
يقول علماء إن المجتمعات منخفضة الدخل تتلقى استثمارات أقل بكثير في بنيتها التحتية ما يجعلها أكثر عرضة لخطر التغير المناخي.صورة من: SAJJAD QAYYUM/AFP

خلال الأيام الماضية، تسببت مياه الفيضانات الكارثية في ولاية كنتاكي في مقتل أكثر من ثلاثين شخصًا. إذ جرفت المياه عدداً من الأشخاص على مسافة أميال من مكان وجودهم ليقضي عدد منهم نحبه.

وفي ألمانيا تسببت فيضانات في وفيات وخسائر هائلة كما لقي الكثير من الناس في فرنسا وإسبانيا وإيطاليا مصرعهم جراء حرائق للغابات. ويضرب التغير المناخي الكثير من المناطق حول العالم فيما تتزايد حدة الظواهر الجوية المتطرفة.

تأثيرات غير متكافئة لتغير المناخ

ويلقي فيضان ولاية كنتاكي الأخير وتردي حالة المناخ حول العالم بالضوء على حقيقة أوسع، وهي أن المجتمعات ذات الدخل المنخفض والمجتمعات العرقية تتحمل العبء الأكبر من أزمة المناخ.

ويؤكد ديك أرندت، رئيس علوم وخدمات المناخ في المراكز الوطنية للمعلومات البيئية التابعة للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA)، على وجود تأثيرات غير متكافئة لتغير المناخ بحسب اختلاف المجتمعات.

يقول أرندت إن "الكثير من الصور التي نشاهدها لأشخاص يتم إنقاذهم من ارتفاع منسوب المياه في هذه الأيام هي لأشخاص لا يسكنون في أحياء راقية، وإنما في مناطق منخفضة المستوى الاجتماعي". وأضاف: "في سياق مناخنا المتغير، فإن التغيرات الحادة في المناخ - وخاصة الفيضانات المفاجئة - يكون تأثيرها أشد عنفاً على الفئات المجتمعية الضعيفة".

وفقاً لمكتب حاكم ولاية كنتاكي فقد وقعت 16 حالة وفاة في مقاطعة نوت، وقتل سبعة أشخاص في مقاطعة بريثيت واثنان في مقاطعة كلاي واثنان في مقاطعة ليتشر وثلاثة في مقاطعة بيري. ومن المعروف أن هذه المقاطعات الخمس هي من بين أفقر المقاطعات في الولايات المتحدة، وفقًا لبيانات تعداد الولايات المتحدة لعام 2020، بحسب ما نشر موقع سي ان ان.

يقول أرندت: "الحقيقة هي أنه عندما يرتفع مستوى الأنهار والبحار، فإنها دائماً ما تواجه الأشخاص الذين يعيشون بالفعل على هامش الحياة، سواء كانوا أشخاصاً في مساكن مُصنعة يدوياً أو منازل متنقلة أو أشخاص في منازل تقع داخل السهول الفيضية.. هذا الأمر تكرر في عدد من المناطق الفقيرة خلال السنوات الماضية حول العالم".

يؤكد الخبراء أن الأمر مقلق للغاية، فالفيضانات الخاطفة، على وجه الخصوص، تضرب بشدة المجتمعات الضعيفة بالفعل. ومن أجل المساعدة في الحماية من الأخطار المتعلقة بالمناخ، يجب التفكير في التخفيف من حدة الكوارث ليس كهدف قصير الأجل - وإنما كهدف استراتيجي طويل الأجل.

التوسع يدفع بالفئات الضعيفة إلى الهامش

تقول سامانثا مونتانو، الأستاذة المساعدة لإدارة الطوارئ في أكاديمية ماساتشوستس البحرية ومؤلفة كتاب "علم الكوارث: رسائل من الخطوط الأمامية لأزمة المناخ"، إن هناك عدة أسباب وراء تأثر بعض المجتمعات بأزمة المناخ أكثر من غيرها.

على سبيل المثال، على مدار عقود عديدة ، تم بناء المجتمعات ذات الدخل المنخفض والمجتمعات الملونة والعرقية في مواقع أكثر عرضة للتأثر بظواهر الطقس المتطرفة.

وقالت مونتانو لشبكة CNN: "مع توسع المدينة، فإنه عادة ما يتم دفع مجموعات معينة إلى مناطق أقرب إلى المسطحات المائية مثل المستنقعات أو مناطق الخليج أو غيرها من المناطق عالية الخطورة".

وتلعب البنية التحتية دوراً فاعلاً أيضاً في زيادة حجم التأثر بالكوارث الطبيعية، إذ تميل المجتمعات منخفضة الدخل إلى تلقي استثمارات أقل بكثير في بنيتها التحتية، والتي بدورها تصبح أكثر عرضة للخطر. "لذلك، عندما تكون هناك عاصفة ممطرة أو أي حدث مناخي قوي يحمل عوامل الخطر، فإن البنية التحتية لهذه المجتمعات تكون غير قادرة على تحمل تلك التأثيرات على العكس تماماً من البنية التحتية الأكثر حداثة في مجتمع أكثر ثراءً" بحسب ما قالت مونتانو.

دور محوري للضعف الاجتماعي

ويقول الخبراء إن قضايا الضعف الاجتماعي الأخرى تلعب دوراً مهماً أيضاً. إذ يمتلك الأشخاص الأثرياء المال لبناء منازلهم باستخدام مواد بناء عالية المستوى وفقاً لقوانين بناء محكمة. علاوة على ذلك، يمتلك الأشخاص الأكثر ثراء المزيد من الأموال لإنفاقها على التخفيف من حدة المخاطر.

نيبال: حماية المناخ من الفساد

وتوضح مونتانو: "فكر في المثال السيئ السمعة لتوظيف بعض المشاهير في كاليفورنيا لرجال إطفاء خاصين .. إنهم أكثر قدرة على حماية أنفسهم عندما تحدث هذه المخاطر."

يتفق مع هذا التحليل الدكتورة نجوكي موارومبا، الأستاذ المساعد لإدارة الطوارئ والتأهب للكوارث في جامعة نبراسكا، والتي قالت لشبكة سي إن إن: "الشيء الوحيد الذي يساء فهمه باستمرار والذي لا يحظى بالاهتمام المطلوب هو حقيقة أن الناس لا يستيقظون ويقررون أن يكونوا عرضة للخطر".. "في كثير من الأحيان، نفتقد الإشارة إلى الأنظمة التي تسببت في ذلك الضعف لهذه المجتمعات."

وتتابع موارومبا قائلة إن سوء التعليم، وتردي جودة الحياة في مجتمعات السكان الأصليين والمجتمعات الفقيرة والعرقية، والتهميش وتراجع الاستثمارات في المناطق التي يسكنها هؤلاء، كلها عوامل تتراكم مع الوقت لخلق حالة من الضعف في مواجهة الكوارث.

وتؤكد مورومبا أنه يجب توجيه المزيد من الانتباه نحو معالجة بعض هذه الأسباب الجذرية للظروف غير الآمنة. وقالت: "هذا أمر مهم ، لأنك أثناء التعافي ، لا تريد التفكير فقط في الاستجابة الفورية ولكن أيضًا في التخفيف طويل الأجل من حدة تأثير الأزمات والكوارث".

وفي المحصلة، يؤكد خبراء علم الاجتماع وخبراء البيئة والكوارث أن ما تختار الحكومات القيام به أو ما ترفض عمله بعد وقوع الكارثة هو أمر مهم للغاية ، ويمكن أن يكون له عواقب وخيمة على الأشخاص الذين يقعون في قلب حدث بيئي شديد القسوة.

قال أرندت: "غالباً ما نصور تغير المناخ على أنه قضية علمية أو قضية تقنية أو قضية طاقة أو قضية سياسية ، لكنها في النهاية قضية أنثروبولوجية.. أو بعبارة أكثر صراحة: ما هي الأرواح التي نقدرها ونعمل على الحفاظ عليها؟ ومن الذي نتركه في مواجهة الأخطار دون حماية كافية".

ع.ح./هـ.د