1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

كفاح مرير للأرامل السوريات في المنفى

مات ناشد/ عبد الرحمن عثمان٢٦ ديسمبر ٢٠١٥

تعاني النساء السوريات، خصوصا اللاجئات منهن من انتهاكات لحقوقهن وسوء المعاملة في أماكن العمل أثناء كفاحهن من أجل إعالة أسرتهن في المنفى، وقد يصبحن عرضة لقسوة أرباب العمل، خاصة بعد وفاة الأزواج أو اختفائهم.

https://p.dw.com/p/1HRm8
Libanon Syrer im Flüchtlingslager
صورة من: Zakira/UNICEF

تحمل نورا ابنها بين ذراعيها وهي تتذكر آخر مرة شاهدت فيها زوجها، حين طبع قبلة على وجنتي ابنه، قبل أن يغادر المنزل إلى دكان القماش الذي يملكه. نورا في الثانية والعشرين من العمر ولاجئة من مخيم اليرموك، الذي بات الآن منطقة من ضواحي دمشق المدمرة.

"كان ذهابه للعمل يشكل خطراً على حياته، إذ عليه اجتياز ثلاث نقاط تفتيش للنظام قبل الوصول إلى دكانه. وكان يقول إن عليه أن يكسب المال كي نبقى على قيد الحياة". نورا التي ترتدي حجاباً رماديا يؤكد في لقائها مع DW"أنا أعرف أنهم (النظام) أخذوه. أنا أعرف، لأنه كان يعد دائماً بأنه سيعود إلينا".

اختفى زوج نورا بتاريخ 24/06/2013، أي قبل شهر واحد من فرض النظام حصاراً محكما على مخيم اليرموك الذي أدى إلى تجويع آلاف المدنيين. بعد سنتين من ذلك التاريخ فرّت نورا إلى مخيم شاتيلا للاجئين الفلسطينيين في جنوب بيروت. وهي الآن واحدة من آلاف النساء اللاجئات اللواتي يكافحن لتوفير نفقات بيتها وحيدة. وحسب مفوضية شؤون اللاجئين التابعة للأم المتحدة، فإن امرأة من بين كل أربع نساء من سوريا تقوم بهذه المهمة بعد موت زوجها أو اختفائه. وبينما ينجح بعضهن في ذلك، تعاني أغلبية النساء من الاعتداءات الجنسية والاستغلال والاكتئاب.

Lebanon Shatlia Flüchtlingscamp Beirut
هربت نورا إلى لبنان بعد اختفاء زوجهاصورة من: DW/M. Nashed

وتقول رندا حداد، الأخصائية الاجتماعية في منظمة نجدة غير الحكومية في لبنان والتي تساعد النساء الفلسطينيات في المخيمات التي يلتجئ إليها السوريون، إن الأرامل اللواتي دخلن سوق العمل معرضات بشكل كبير للتحرش الجنسي، خاصة حينما يعلم رب العمل أنها بدون أب أو زوج أو أخ. "النساء السوريات العاملات في لبنان يعانين من التمييز بسبب الجنس والجنسية"، تقول حداد. وتضيف "اللواتي بدون أزواج مجبرات على العمل، والكثيرات منهن يعملن للمرة الأولى في حياتهن. لكن حين يكتشف رب العمل أنهن بدون رجل، فقد يحاول الاعتداء عليهن جنسيا أو ابتزازهن". لذا تلجأ نساء كثيرات إلى الكذب والقول بأن لهن زوجا في البيت لحماية أنفسهن من رب العمل.

عملت نورا لفترة في مصنع للألبان والأجبان، لكنها تركته: "كان الرجال يحدقون بي وقد أخافتني نظراتهم، وشعرت أنهم سيلمسوني في أية لحظة". إن افتقارها لإقامة قانونية في لبنان يحرمها من طلب مساعدة من السلطات. ومعظم اللاجئين السوريين يقيمون في لبنان بدون إقامة شرعية بسبب المتطلبات الإدارية و الصارمة أوالمستحيلة في بعض الأحيان لتمديد الإقامة.

آليات التكيف

فقدان شخص الأب يعطل ديناميكيات الأسرة، حيث لا تزال الأدوار التقليدية فيها قوية. وفي بعض العائلات المفككة فقد يشعر الابن البكر بضغوط عليه للقيام بدور الأب والسيطرة على نساء العائلة. "هناك حالات قام فيها أولاد بضرب أمهاتهم اعتقادا منهم بأن هذه هي الطريقة لتولي دور الرجل في الأسرة"، كما تقول حداد.

كذلك هناك نساء يخشين من فقد "أنوثتهن" حين يُدفعن إلى العمل، وهذا سبب لبعضهن اكتئاباً وقلقاً. وبعضهن جوّعن أنفسهن لتأمين قوت أطفالهن، وقد يلجأ بعض النساء غير القادرات على العمل إلى تدابير أكثر قسوة.

تقول رلى المصري، وهي أخصائية اجتماعية لدى مركز المساواة بين الجنسين "أبعاد" لمواجهة العنف ضد المرأة، إن بعض الأرامل يدفعن أطفالهن للعمل أو يجوزن بناتهن في سن مبكر للحصول على "المقدم"، وتضيف "الزواج المبكر هو آلية للتكيف، وقد تلجأ الأسر غير المستقرة إلى مثل هذا (الحل) سريعا".

Libanon Flüchtlingslager
معركة الأرامل تتجلى في التأقلم مع الأوضاع بعد فقدان الزوج والأبناءصورة من: picture-alliance/dpa/T. Rassloff

أن تكون الأب والأم والأخت والصديق

وفقاً لتقرير صدر السنة الماضية عن منظمة "أنقذوا الأطفال" ، فإن الأرامل أكثر ترددا للقيام بذلك. تقول أم ندا (43 عاماً) وهي أم فلسطينية من سوريا، إنها جاءت إلى مخيم شاتيلا مع بناتها الثلاث بعد اختفاء ابنها الأكبر. وقد رفضت سبعة عروض لتزويج ابنتها البالغة من العمر 15 عاما خلال العامين الماضيين. "لن أتخلى عنها" تقول أم ندا وهي تسكب فنجان قهوة عربية لابنتها الصغرى، وتضيف "سوف نعمل على البقاء على قيد الحياة، وسنكون بخير إذا بقينا معاً".

تقول منار، وهي أخصائية اجتماعية فلسطينية تعمل في مخيم شاتيلا، إن أم ندا لا تتولى فقط دور معيل الأسرة، لكنها أيضاً السند العاطفي لبناتها. "أم ندا هي الأب والأم والأخت والصديق الوفي لبناتها"، وتضيف "إنها كل شيء بالنسبة لهن".

ومع ذلك، تواجه معظم النساء صعوبة في إدارة شؤون أسرهن تحت هذه الظروف غير المستقرة. وقد يلجأن إلى بيع أجسادهن للحصول على مال. وعلى الرغم من حياة الاستغلال وسوء المعاملة، فإن معركتهن الكبرى تتجلى في التأقلم مع الوضع بعد فقدان الأزواج والأبناء.

تنظر نورا إلى أصابع يدها وتقول، إنها باعت خاتم الزواج بمائة دولار لإطعام ابنها. ولم يعد لها الكثير للتذكير بحياتها قبل الحرب، غير أنها دائما ما تروي قصصا لابنها عن أبيه وحياتهم في مخيم اليرموك، الذي كان يعج بالحياة. "أشعر بالخواء بدونه" ثم تنظر الى الأرض وتضيف "أفتقد كيف كان يلاعب طفلنا".

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد