1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

كردستان العراق بين مطرقة الجيران وبين سندان التوازن

٢٦ أغسطس ٢٠١١

تركيا وإيران تقصفان كردستان العراق. حكومة الإقليم تحافظ على التوازن فلا تحتج، حكومة المركز تخشى الدخول في مواجهة مفتوحة مع الدولتين، والولايات المتحدة ساكتة لأنها تستعجل الخروج من العراق. يموت الناس والصمت سيد الموقف.

https://p.dw.com/p/12O7v
صورة من: dpa/AP

خلال هذا الأسبوع تكررت عمليات القصف المدفعي على المناطق الحدودية في إقليم كردستان العراق من جانب إيران وتركيا على حد سواء. الإيرانيون يدّعون أنهم يقصفون مواقع حزب بيجاك الكردستاني المعارض الذي اتخذ من أراض في كردستان العراق معسكرات له ، والأتراك يزعمون أنهم يقصفون مواقع حزب العمال الكردستاني التركي بي كا كا في شمال دهوك. المثير إن أي رد فعل رسمي لم يصدر عن حكومة المركز في بغداد كما لم تصدر أية إدانة عن حكومة إقليم كردستان، رغم مصرع عدد من السكان المدنيين في القرى الكردية.

Superteaser No-Flash Türkische Armee an die Irakische Grenze
قوات تركية تتهيأ للهجوم على العراق من قاعدة هيكاري في تركيا- صورة من الآرشيفصورة من: AP

من جانبه ألتمس الرئيس جلال طالباني يوم أمس الوزراء أن يكونوا موحدين في تصريحاتهم تجاه مجريات الأحداث لأن تناقض التصريحات يؤدي إلى خلق بلبلة في الرأي العام الخارجي خاصة القضايا التي تجري بيننا وبين الكويت وبيننا وبين إيران وبيننا وبين تركيا لأنها كلها ممكن معالجتها بالحوار وليس بالتشنج".

تساؤلات كثيرة تدور اليوم حول حقيقة صمت حكومة المركز وحكومة الإقليم. في المقابل وفي مبادرة فردية أطلقت نخبة من المهتمين بالشأن السياسي العراقي حملة إدانة استمرار الاعتداءات التركية - الإيرانية على إقليم كردستان وسيادة العراق.

رئيس برلمان إقليم كردستان حمّل الجانب الأمريكي مسؤولية الرد على الاعتداءات الإيرانية التركية، وهو أمر أثار استغراب النائب السابق عن التحالف الكردستاني د.آزاد بامرني الذي تحدث إلى مايكروفون برنامج العراق اليوم- دويتشه فيله مستعرضا وقائع ما يجري بالقول:

تنسيق إيراني تركي ضد العراق

Der Irakische Parlament Mitglied Dr Azad Bamerni
النائب السابق عن التحالف الكردستاني آزاد بامرنيصورة من: Bamerni

" يبدو أن هناك تنسيق عملياتي عسكري مخابراتي إيراني تركي ضد دولة مجاورة هي العراق، وهذا مدان دوليا والقانون الدولي يحظره بشكل كامل، واحيي العراقيين الذين شنوا حملة إدانة لهذا العمل.

وبالعودة إلى تفاصيل الموضوع، فإن حكومة إقليم كردستان احتجت على العمليات التركية في يوم 20 آب/ أغسطس الماضي ببيان قصير جدا - يبدو كأنه يشجع العدوان - ويطالب حكومة المركز الاتحادية بالتدخل. حكومة المركز من جانبها لم يكن لها موقفا واضحا واكتفت بالتصريحات غير الرسمية. وفي 25 أغسطس - أي اليوم- دعت حكومة الإقليم الصليب الأحمر الدولي ومنظمة اليونسكو إلى التدخل ، لكن هذه الإجراءات قليلة جدا مقارنة بجسامة ما يحدث، خصوصا أن الحكومة التركية أطلقت عملية عسكرية في 18 أغسطس/ آب الجاري أسمتها " عملية العهد الجديد" حيث تشن حملات جوية بمعدل 10 طائرات في اليوم غارات منظمة على مناطق داخل حدود الإقليم، فيما الجانب الإيراني مستمر بالقصف منذ شهور دون توقف".

د بامرني عاد ليشير إلى " أن العراقيين إذا عجزوا عن حل مشكلاتهم مع جيرانهم فلماذا ينتظروا من الآخرين أن يحلوها نيابة عنهم، المقصر هنا حكومة المركز وحكومة الإقليم، إذا لابد من موقف حاسم من كل الأطراف لأن الموضوع هنا سيادة العراق، والحلول يمكن بالتأكيد أن تكون دبلوماسية".

من جانب آخر أكد د.آزاد بامرني "أن حكومة إقليم كردستان ما زالت جديدة ودول المنطقة القوية- تركيا وإيران- غير راغبة في وجودها أصلا ، واليوم حقق الإقليم تقدما كبيرا في مجالات الحقوق، ويبدو أن الأبواب مفتوحة مع الدولتين في مجالات التعاون الاقتصادي والتجاري، إلا أنها موصدة في مجالات السياسة ، والإقليم معرض دائما للعدوان العسكري من جارتيه وهو بحاجة إلى دعم حكومة بغداد التي تبدو متفقة إلى حد كبير مع الدولتين في هذا الموضوع، وهو أمر مرفوض ومؤسف وغير وطني، وحل مشكلة الأتراك والإيرانيين مع الأكراد في بلدانهم يكمن في داخل أراضيهما.نحن ككرد لا نريد أن نظهر بمظهر المدافع عن مصالح الأكراد القومية وتطالعاتهم وقضاياهم في كل المنطقة ، وأكرر هنا القول إننا بحاجة إلى دعم الحكومة الاتحادية، وهذه الحكومة ما زالت تتعامل معنا بعقلية تعود إلى ما قبل عقدين أو ثلاثة من الزمن، العقل الشرق أوسطي لا يريد أن يعترف بوجود 40 مليون كردي ولا يريد أن يمنحهم حقوقهم.

على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤوليته"

Symbolbild Iran Irak
تشابك العلاقة بين حكومة العراق وبين حكومة ايرانصورة من: DW-Montage

الكاتب والمحلل السياسي د تيسير عبد الجبار الآلوسي، وهو احد القائمين على إصدار بيان الإدانة شارك في حوار العراق اليوم مؤكدا " أن المطلوب في المرحلة الحالية هو وقف فوري للهجمات التي يذهب ضحيتها أعداد من المدنيين كل يوم، وحين نطالب المجتمع الدولي بتحمل مسؤوليته فنحن نعني أولا القوات الأمريكية الموجودة في العراق لاسيما وان جزءا من مسؤولياتها هو حماية الحدود وهو ما نصّت عليه الاتفاقية الأمنية المعقودة بين العراق وبين الولايات المتحدة الأمريكية. في الجانب الآخر ينبغي على المنظمة الدولية- الأمم المتحدة ومجلس الأمن- وهما المسئولان عن حفظ الأمن والاستقرار في أنحاء العالم ، أن يلاحظا ما يجري على الحدود العراقية مع إيران وتركيا حيث تقصف قوات هذين البلدين مناطق الحدود ما يسفر عن مصرع وإصابة مدنيين عراقيين ليسوا طرفا في العمليات العسكرية وهو ما يهمنا في هذا المقام بالدرجة الأولى ".

وأشار د. الآلوسي إلى أن المذكرة التي قاموا بإصدارها قد حمّلت حكومتي المركز والإقليم مسؤولية حماية أرواح وممتلكات العراقيين ، ويمكن أن يتم هذا من خلال العلاقات الاقتصادية المتنامية مع البلدين، ومن خلال الجهد الدبلوماسي الذي يمكن ان يحقق شيئا علاوة على أن العراق تربطه بالدولتين اتفاقات يمكن الاتكاء عليها لحل الأزمة. وأبدى الالوسي استغرابه الشديد من استقبال رئاسة مجلس الوزراء العراقي لوفد إيراني رفيع المستوى في ذات الوقت الذي كانت القوات الإيرانية فيه تقصف القرى الحدودية العراقية، مشيرا إلى حقيقة مفادها" حتى إذا سلمنا بوجود اتفاق غير معلن بين حكومة المركز وحكومة إيران- وهو ما كشف عنه القنصل الإيراني في اربيل- فلا يعقل أن هذا الاتفاق يجيز للقوات الإيرانية قتل المدنيين في قرى كردستان العراق".

نافع الركابي تحدث إلى مايكروفون البرنامج من بغداد مشيرا إلى وجود اتفاق سري بين حكومة بغداد وبين حكومتي تركيا وإيران، وهذا يتجلى في تقرير اللجنة البرلمانية لتقصي الحقائق التي أرسلت إلى الإقليم قبل مدة قصيرة والذي خلص الى أن القوات التركية والإيرانية لم تتوغل داخل الأراضي العراقية حتى بمتر واحد. من جانب آخر، إذا كانت ثمة مفاوضات بين الجانبين فإن الجانب العراقي يفتقد عنصر القوة الذي يمكن أن يحقق توازنا في مثل هذه المفاوضات .

بعيدا عن قعقعة السلاح و قريبا من تغيرات المنطقة

Kurdische Familie in Irak
سكان المناطق الحدودية الكردية ، ضحايا السياسة على مر الزمن- صورة من الارشيفصورة من: AP

وفيما يستبعد أي مطلع على أوضاع العراق وقدراته العسكرية أية إمكانية للدخول في مواجهة عسكرية مع جارتيه الكبيرتين القويتين فأن بعض الساسة العراقيين يطالبون حكومتي المركز والإقليم بالرد بحزم على الاعتداءات، وقد أبدى الكاتب والمحلل السياسي عبد المنعم الأعسم حيرته من موقف حكومة بغداد مشيرا في الوقت ذاته إلى حلول متاحة أخرى بعيدة عن الرد العسكري ، من خلال اللجوء إلى الحزم في مجالات التسهيلات الاقتصادية الكبيرة المقدمة إلى كل من تركيا وإيران للتأثير على سياسات هذه الدول، لكن يجب القول بصراحة أن ليس هناك مؤشر على أن الحكومة العراقية يمكن أن تتخذ إجراء بهذا المستوى وكأنها متفقة مع المعتدي ليواصل اعتداءه ، وما يظهر على الأرض من حقائق يؤكد وجود اتفاق سري أو غير معلن".

وتسعى بعض النخب العراقية إلى استقطاب اهتمام أوروبي مؤثر يمكن أن يشكل عنصر ضغط قد يغير الموقف التركي- على الخصوص- في قضية استهداف المقاتلين الكرد داخل الأراضي العراقية في كردستان.

الكاتب عبد المنعم الاعسم استبعد احتمال نجاح مثل هذه المساعي مؤكدا "ضرورة النظر إلى ما يجري مع إيران وتركيا في ضوء ما يجري في الشرق الأوسط من أحداث عاصفة وتحولات كبرى، والاهتمام العالمي بما يجري في هذا القوس المشتعل بدءا من ليبيا ومرورا باليمن ووصولا إلى سوريا، وما يجري على الحدود العراقية الإيرانية التركية يبدو هامشيا تماما مقارنة بما يجري في المنطقة ، وأخشى أن تكون تركيا وإيران مدركتين لهذه الحقيقة وتستغلان انشغال العالم عنهما لتصفيا ملف الأكراد في بلديهما، ومن الصعب تماما أن ينجح أي مسعى لإثارة اهتمام العالم بهذه القضية في الظرف الراهن."

ملهم الملائكة

مراجعة: حسن حسين