1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

شركات أوروبية تتملص من تعهداتها بالتخلص من البلاستيك

١٠ أغسطس ٢٠٢٢

توصل تحقيق أجرته DW إلى أن ثلثي تعهدات الشركات بالمحافظة على البيئة بشأن مخلفات البلاستيك إما أنها لم تتحقق أو تم التغاضي عنها لاحقاً. فكيف تُخلّ شركات الطعام والشراب الأوروبية بالتزاماتها، وما هو دور التشريعات؟

https://p.dw.com/p/4FKS4
صورة تخيلية لعملية الغسيل البلاستيكي الأخضر
تعد صناعة الأغذية والمشروبات من بين أكبر مصادر التلوث بالبلاستيك في العالم

 

في عام 2008، قدمت شركة الأغذية الفرنسية العملاقة دانون وعدًا طموحًا مفاده أنه في غضون عام واحد سيتم تصنيع 50 ٪ من البلاستيك المستخدم في زجاجات مياه الشركة من مواد معاد تدويرها.

وصف تقرير الاستدامة الصادر عن شركة دانون هذا الإجراء بأنه "سيسهم في تقليل وزن العبوة وأيضاً تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون".

كان يمكن أن يكون القرار خطوة في الاتجاه الصحيح في مكافحة التلوث البلاستيكي العالمي. فالبلاستيك ليس فقط أحد المنتجات الرئيسية المصنوعة من الوقود الأحفوري بل إنه أيضاً أحد أكثر المنتجات بقاء في البيئة.

الزجاجات البلاستيكية، على سبيل المثال، يمكن أن تستغرق ما يصل إلى 450 عامًا حتى تتحلل. وبحسب العلماء فإن القطع الناتجة من اللدائن الدقيقة بأنواعها المختلفة تخلق الضرر بالحيوانات والبشر على حد سواء، إذ إنها تلوث المحيطات والتربة وحتى الهواء. وتعد صناعة تعبئة الطعام والشراب واحدة من أكبر الملوثات بالبلاستيك في العالم.

وفقًا لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، تم إطلاق 79 مليون طن من النفايات البلاستيكية في البيئة من خلال التسرب الأرضي أو المائي ، أو الحرق في حفر مكشوفة أو مكبات النفايات في عام 2019. وهذا يمثل أكثر من خُمس الإجمالي العالمي من النفايات.

هل تفي الشركات بوعودها بخفض الاعتماد على البلاستيك؟

بحثت  DW  وشبكة صحافة البيانات الأوروبية عن بعض أكبر شركات الأطعمة والمشروبات في أوروبا لمعرفة ما الذي تم عمله في هذا المجال.

شركة دانون، على سبيل المثال، لم تفعل ذلك. بحلول عام 2009، تغير هدف الشركة بشأن المواد البلاستيكية المعاد تدويرها: "تهدف المجموعة إلى تحقيق 20-30٪ من أهدافها بشأن إعادة تدوير البلاستيك في عام 2011،" كما ورد في تقرير عام 2009، على أن تصل النسبة إلى "50٪ في النهاية."

عندما فشلت الشركة في تحقيق هذا الهدف، قامت بتغيير النسبة، وهو ما حدث كلما فشلت الشركة في تحقيق الهدف. في عام 2020، كانت دانون لا تزال تستخدم 20٪ فقط من مادة البولي إيثيلين تيريفثالات PET المُعاد تدويرها في زجاجات المياه الخاصة بها في جميع أنحاء العالم. مجدداً، حددت شركة دانون لنفسها هدفًا آخر حتى عام 2025، أي بعد 16 عامًا من الموعد النهائي الأول الذي فرضته على نفسها: استخدام 50٪ من المواد البلاستيكية المعاد تدويرها في زجاجات المياه.

ولم تستجب دانون لطلبات التعليق على هذه التناقضات في الأهداف المعلنة بشأن البلاستيك.

أعيد تدوير 9 بالمائة فقط من نفايات البلاستيك عالمياً في 2019
أعيد تدوير 9 بالمائة فقط من نفايات البلاستيك عالمياً في 2019

سجل ضعيف

في المجمل ، توصلت DW وشركاؤها إلى وجود 98 التزامًا من 24 شركة أطعمة ومشروبات مقرها في أوروبا تتعلق باستخدام البلاستيك المعاد تدويره، وهي الالتزامات التي تم تقديمها خلال العشرين عامًا الماضية. تم تقديم أكثر من نصف هذه التعهدات في السنوات القليلة الماضية فقط، وكان معظمها يتعلق بالهدف المعلن لعام 2025.

وجدت DW وشبكة صحافة البيانات الأوروبية أن هناك 37 تعهدًا كان من المفترض أن يتم الوفاء بها بالفعل وفق التواريخ المنصوص عليها في أهداف الشركات، لكن سجل الإنجاز في هذا المجال لم يكن جيدًا: فمن بين هذه التعهدات الـ 37 كان هناك ما نسبته 68 ٪ منها إما فشلت بشكل واضح أو لم يتم الإبلاغ عن مدى النجاح المتحقق بشأنها مطلقاً.

عندما تفشل الشركات في الوفاء بتعهداتها، فإنها عادة لا تذكر ذلك علانية. بدلاً من ذلك، يتم إسقاط الهدف بصمت أو يتم تغيير نطاقه أو حتى تغيير العام المستهدف تحقيق الهدف فيه.

وفي حالة عدم إمكانية التحقق من الأهداف، اتصلت DW بالشركة المسؤولة، وعندما تم توفير المعلومات التي توضح الهدف ونسبة تحقيقه والعام المستهدف، قامت بتحديث البيانات ذات الصلة، أما إذا لم تعلق الشركات على الأهداف بشكل أكثر وضوحاً، فإن DW كانت تبقي على البيانات تحت تصنيف "غير واضحة".

تتوافق هذه الأرقام مع الدراسات الخاصة بصناعات أخرى، ففي عام 2021، حقق الاتحاد الأوروبي في "الادعاءات الخضراء" (أهداف حددتها الشركة لنفسها للحفاظ على البيئة) على مواقع الشركات من قطاعات مثل الملابس ومستحضرات التجميل والمعدات المنزلية، ووجد أن 42٪ من هذه الادعاءات كانت على الأرجح مبالغ فيها أو خاطئة أو مضللة.

من بين الأهداف التي يُفترض تحقيقها، كان بعضها عبارة عن حيل تسويقية أكثر من كونها تحسينات طويلة الأجل. على سبيل المثال، هناك مصنع الجعة البلجيكي Anheuser-Busch InBev، وهي الشركة التي تقف وراء إنتاج أنواع البيرة مثل بدويايزر الأمريكية، كورونا وبيك. في عام 2017، أعلنت AB InBev أنها تعهدت "بحماية 100 جزيرة من التلوث البلاستيكي البحري بحلول عام 2020".

لكن في الممارسة العملية، لم تشارك الشركة في حماية طويلة الأجل. وبدلاً من ذلك، نظمت الشركة نحو 214 عملية تنظيف للشواطئ لمرة واحدة في 13 دولة، ثم أعلنت عن نجاح الجهود قبل عام من الموعد المحدد.

قالت لاريسا كوبيلو، الناشطة السياسية في المنظمة البيئية غير الحكومية Zero Waste Europe (أوروبا صفر مخلفات) ومقرها بروكسل: "تستخدم الكثير من الشركات عمليات تنظيف الشواطئ للترويج لنفسها"، مضيفة: "لكنهم هم من يضعون كل هذه النفايات على الشواطئ في المقام الأول." وتطالب منظمات مثل Zero Waste Europe الشركات بـ "إغلاق صنبور النفايات" ابتداء لتقليل نفايات التغليف.

قد يتزايد الانتاج العالمي من البلاستيك ثلاثة أضعاف بحلول 2030
قد يتزايد الانتاج العالمي من البلاستيك ثلاثة أضعاف بحلول 2030

ومن بين 98 تعهداً قطعتها الشركات على نفسها بشأن التلوث البلاستيكي، عرض 19 تعهدًا فقط توصلت إليها DW تقليل كمية البلاستيك المستخدم في التغليف أو كمية البلاستيك الخام، لكن معظم هذه التعهدات لن يتم الوفاء بها إلا مستقبلاً وليس في الوقت الحالي.

وجدت DW تعهدات من 24 شركة بشأن مخلفات البلاستيك، 16 منها كان تعهداً بإنتاج عبوات بلاستيكية قابلة لإعادة التدوير. لكن هذا لا يضمن إعادة تدوير البلاستيك الذي تستخدمه الشركة.

قالت كوبيلو: "إذا لم تكن هناك بنية تحتية لجمع هذه المنتجات بشكل منفصل، فلا يمكن إعادة تدويرها". وينطبق الشيء نفسه على المنتجات التي يُفترض أنها قابلة للتحلل، أو قابلة فعلا للتحلل. قالت كوبيلو: "على الأقل هنا في بلجيكا، ليس لدينا مجموعة منفصلة للأشياء القابلة للتحلل". "لقد انتهى بها الأمر في سلة المهملات المختلطة". الجدير بالذكر أنه لطالما ضغط منتجو البلاستيك بشكل خاص ضد أنظمة إعادة التدوير الفعالة.

في ثلث التعهدات الموثقة، التزمت الشركات بإدراج المزيد من المواد البلاستيكية المعاد تدويرها في عبواتها. وقالت كوبيلو إن ذلك سيكون بمثابة تحسن لعملية تقليل الاعتماد على انتاج البلاستيك الخام.

وهناك بعض الشركات التي اتخذت بالفعل بعض الخطوات الصغيرة. شركة فيريرو الإيطالية، على سبيل المثال، بدأت في زيادة كمية البولي إيثيلين تيريفثالات (PET) المُعاد تدويرها والمُستخدمة في التغليف الثانوي مرة أخرى في عام 2010. أطلقت شركة تعبئة الزجاجات السويسرية Coca-Cola HBC زجاجة مصنوعة من مادة PET المُعاد تدويرها بنسبة 100٪ لأربعة من علاماتها التجارية الخاصة بالمياه في عام 2019، بعد الإعلان عن الإجراء في العام السابق.

الالتزامات الطوعية ليست كافية للتغيير

بشكل عام، لا يزال الطلب على المواد البلاستيكية المعاد تدويرها منخفضاً والأسعار مرتفعة، مما يعني أنه من المربح للشركات استخدام البلاستيك حديث الانتاج.

قالت نوسا أوربانسيك، مديرة الحملات في مؤسسة Changing Markets ومقرها بروكسل، إن المبادرات الطوعية ليست كافية، وهي المبادرات التي تعمل على فضح ممارسات الشركات غير المسؤولة والتي تشكلها جماعات الضغط من أجل إنتاج تشريعات أكثر شمولاً بشأن البلاستيك.

قالت أوربانسيك: "بدلاً من استخدام قوتهم وأموالهم ومواردهم للدفع للوصول إلى حلول، فإن الشركات غالباً ما تميل لفعل العكس". "إنهم يختبئون وراء تعهدات طوعية من اجل عدم القيام بإجراء التغييرات التي يجب عليهم إجراؤها"، وتضيف: "في الواقع فإن الالتزامات الطوعية غالبًا ما تكون تكتيكًا واعيًا يهدف إلى تأخير التشريعات التقدمية الخاصة بالمخلفات البلاستيكية وصرف الانتباه عنها".

كثير من تعهدات الشركات إما لم يتم الوفاء بها أو لم يتم الحديث عنها مجدداً
كثير من تعهدات الشركات إما لم يتم الوفاء بها أو لم يتم الحديث عنها مجدداً

التشريع يدفع باتجاه إعادة تدوير مادة PET

على الرغم من ضغوط منتجي البلاستيك، أصدر الاتحاد الأوروبي مؤخرًا تشريعات طموحة. بموجب توجيه "المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الفردي"، على سبيل المثال، أصبح لا يمكن توزيع العناصر التي يمكن التخلص منها مثل الأكياس البلاستيكية وأدوات المائدة والقش داخل أسواق الاتحاد الأوروبي بعد الآن. ويتبع ذلك خطى دول إفريقية مثل إريتريا التي حظرت تداول الأكياس البلاستيكية في عام 2005، ورواندا (2008) والمغرب (2009).

يتضمن توجيه الاتحاد الأوروبي أيضًا هدفًا يتمثل في دمج ما لا يقل عن 25٪ من البلاستيك المعاد تدويره في زجاجات PET بحلول عام 2025 و 30٪ في جميع الزجاجات بحلول عام 2030.

ومن المحتمل أن يكون التشريع الجديد جزءًا من سبب الزيادة السريعة في التزامات الشركات حيال المواد البلاستيكية. قالت أوربانسيك: "لقد جعل هذا الأمر الشركات تدرك أنها بحاجة إلى تكثيف جهودها لتحقيق تلك الأهداف". وقالت إن الشركات نفسها تدعو الآن إلى تحسين أنظمة إعادة التدوير لمساعدتها على الوفاء بالتزاماتها القانونية.

الالتزامات الطوعية تشجع عملية "الغسيل الأخضر"

تقوم المزيد من المبادرات أيضًا بجمع التعهدات الطوعية للشركات في قواعد البيانات العامة. يجمع الاتحاد الأوروبي تلك الالتزامات على منصة أصحاب المصلحة الأوروبية للاقتصاد الدائري، وتجمع مؤسسة إيلين ماك آرثر ومقرها المملكة المتحدة مبادرات البلاستيك الخاصة بالموقعين في برنامج الالتزام العالمي الخاص بها.

تختلف التعهدات المقدمة للمؤسسة بشكل كبير في طموحها. أعلنت شركة يونيليفر Unilever، على سبيل المثال، عن هدفها المتمثل في تقليل استخدام المواد البلاستيكية المنتجة حديثًا بنسبة 50٪ من عام 2020 إلى عام 2025، ولكن تعهدت فيريرو Ferrero بنسبة 10٪ فقط، وقدمت شركة النبيذ والمشروبات الروحية الفرنسية بيرنود ريكارد Pernod Ricard تخفيضًا بنسبة 5٪ فقط.

وقالت أوربانسيك: "الشركات ليست ملزمة حتى بالكشف عن معلومات أساسية مثل بصمتها البلاستيكية. والبيانات التي يتم نشرها لم يتم التحقق منها بشكل مستقل". وأضافت أن الأمر مثل المخططات التطوعية الأخرى، ينطوي على خطر استخدامه كستار من الدخان لتسهيل عملية "الغسيل الأخضر" وتأخير التغيير الفعلي.

محاولات لتقليل إنتاج البلاستيك المتزايد

توصي Changing Markets، على الأقل، بوضع المبادرات الطوعية أهدافًا طموحة للمشاركة في عمليات خفض انتاج البلاستيك، والتأكد من قيام الأعضاء بالإبلاغ عن تقدمهم ومحاسبة الشركات علنًا على أدائها.

في السنوات القليلة المقبلة، يخطط الاتحاد الأوروبي لتنفيذ تشريعات بلاستيكية أكثر شمولاً في إطار خطة عمل ما يسمى بالاقتصاد الدائري، والتي ستتضمن أهدافًا لإعادة تدوير البلاستيك إلى جانب تدابير أخرى لتجنب تراكم نفايات التغليف. هناك حاجة ماسة إلى التغيير: لا يزال الإنتاج العالمي للبلاستيك ينمو ويتوقع أن يستمر في ذلك خلال العقود القليلة القادمة.

ومن أجل إبطاء هذه الزيادة في الإنتاج، ستحتاج بلدان أخرى غير بلجيكا إلى أن تحذو حذوها. تظهر البيانات أن الشركات لا تغير تكتيكاتها إلا عند الضغط عليها من خلال التشريعات والمساءلة العامة وطلب المستهلك. سيأتي الاختبار التالي في عام 2025، عندما يتعين على الشركات الوفاء بمجموعتها الحالية من الوعود المتعلقة بالبلاستيك. بعض هذه العناصر أصبح إلزامي الآن - على الأقل داخل الاتحاد الأوروبي.

كيرا شاخت

ساهمت جوليا ميرك في البحث في هذا التحقيق.

حرره: ميلان جاجنون، سارة ستيفين، جيانا غرون

ترجمة: عماد حسن

هذا المشروع هو تعاون بين عدد من وسائل الإعلام في شبكة صحافة البيانات الأوروبية. بينما كانت DW تقود المشروع ، عملت مؤسسات أخرى هي Alternatives Economiques و EURACTIV و Interruptor و OBC Transeuropa و Openpolis و Pod crto كشركاء مساهمين.