1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

في رومانيا.. آثار "الصفقات القذرة" للتخلص من نفاياتنا!

٣ أبريل ٢٠٢٢

ماذا يحدث للقمامة التي نقوم بفرز، وهل تستفيد البيئة منها حقا في إعادة التصنيع؟ هذا الموضوع تتناوله مسرحية Waste للمخرجة الرومانية جيانينا كاربوناريو، لتكشف عن اشياء مخفية تقوم بها دول أوروبية على حساب الدول الفقيرة.

https://p.dw.com/p/49Aw8
دمى وممثلون من مسرحية رومانية بخصوص النفايات
وظفت المسرحية شخصيات خيالية في تناولها لأحداث واقعيةصورة من: Björn Klein

نمتاز نحن الألمان بالجد وشعور عال بالمسؤولية فيما يتعلق بفرز النفايات. فنقوم بفرزها بدقة وعناية، ولدينا حس مرهف بهذا الأمر، فنحن نحمي بذلك البيئة. حيث نراكم الأوراق ونجمعها لوحدها ونفصل البلاستيك، وكل شيء تقريبا يعاد تدويره. هكذا نتعلم منذ صغرنا، في المنزل والمدرسة. ولكن ماذا لو علمت أن أكثر من نصف نفاياتنا البلاستيكية لا تصبح أكواب بلاستيكية جديدة أو عبوات للزبادي؟ ماذا لو علمت أنكميات هائلة من البلاستيك يتم حرقها في مصانع الاسمنت، مع عواقب وخيمة في كثير من الأحيان على البيئة؟ ماذا لو علمنا أن ألمانيا، مثلها مثل الدول الغربية الأخرى، سعيدة للغاية بتصدير هذه النفايات إلى رومانيا، على سبيل المثال، أو حتى بلغاريا وبولندا حيث يكون من الأرخص بكثير حرقها في تلك البلدان التي لا تتبع نظم صارمة كما هو الحال لدينا. هل سيشعر ضميرنا بالراحة بعد كل هذا؟

الكاتبة المسرحية والمخرجة الرومانية جيانينا كاربوناريو، مديرة "مسرح الشباب" في بياترا نيامت (Piatra Neamț)، وهي مدينة في شمال شرق رومانيا، تنير لنا الطريق عبر العرض الأولي لمسرحيتها WASTE في مسرح مدينة شتوتغارت، العاصمة الإدارية لولاية بادن فورتيمبيرغ.

تقول الكاتبة والمخرجة الرومانية كاربوناريو في حوار مع DW "إنها ليست مشكلة رومانية أو ألمانية، ولكنها مشكلة أوروبية – تضطلع بها العديد من الجهات" وتتابع  "لم أكن أعرف أيضا أن النفايات تستخدم كوقود في مصانع الاسمنت. وأن الكثير من النفايات غير القانونية تأتي إلى رومانيا، وأن البيئة والناس في المنطقة يعانون منها بشكل كبير. ولا تكاد تكون هناك أية عواقب!".

المخرجة المسرحية الرومانية جيانينا كاربوناريو مؤلفة ومخرجة مسرحية Waste
جيانينا كاربوناريو تتناول في مسرحية Waste الصفقات "القذرة" للتخلص من النفايات وآثار حرقها على البيئة وحياة الناس في بلدها رومانياصورة من: Ricardo Frati

النفايات باعتبارها "سلعا مستعملة"

في مسرحيتها الجديدة "النفايات!" ، تتناول كاربوناريو "كارثة بيئية" حدثت في مصنع تديره شركة هايدلبرغ للاسمنت في رومانيا في عام 2021. بعد إلقاء أكثر من 5 أطنان من الأمونيا في نهر بيكاز في قرية تاشكا، ماتت جميع الأسماك. وقد تضرر مزارعو سمك السلمون المرقط في المنطقة بشدة. "كان على الشركة دفع غرامة قدرها حوالي 50 ألف يورو، واعتذرت وأكدت أن البيئة كانت دائما على رأس الأولويات. هذا كل شيء!".

استمدت الكاتبة المعلومات عن هذا الموضوع من تحقيق استقصائي قامت به الصحيفة الرومانية "رومانا بيوليت" والتي تناولت عواقب نقل القمامة والتخلص منها في رومانيا.  في عام 2020 زارت المخرجة الأماكن التي تدير فيها شركة أسمنت هايدلبرغ مصانع للأسمنت في رومانيا، وتحدثت مع السكان المحليين. وفي قرية كيشكاداغا، وهي واحدة من هذه الأماكن المتضررة، يحتج الناس هناك منذ حوالي 15 عاما، ولكن دون جدوى. "لقد سئم المجتمع القروي الصغير من القتال. لكن العواقب على الطبيعة والإنسان ما تزال مرئية. لم تعد أشجار الفاكهة تؤتي ثمارها، والآبار ملوثة، ويموت الناس بسبب سرطان الرئة وأمراض القلب. لا أحد يعرف ما الذي يتم حرقه فعلا. غالبا ما تأتي القمامة غير القانونية إلى رومانيا كسلع مستعملة معلنة".

هذه الحقائق المروعة صدم بها أيضا فريق عمل مسرح شتوتغارت. "لقد تحدثنا للتو لمدة أسبوعين قبل بدء التدريبات. كان هناك عدد لا يصدق من الأشياء لتوضيحها وفهمها"، تقول كاربوناريو. وتتحدث الممثلة كريستيان روسباخ لـ DW عن تجربتها في هذا العمل الذي يتحدث عن التعامل مع القمامة وعن انتشار الفساد في رومانيا: "ألعب دور رئيسة البلدية التي تعمل أيضا مدرسة وتملك فندقا تديره هي أيضا. جميع هذه الوظائف هي بدوام كامل. إنه أمر يبعث على القلق بشكل لا يصدق". وتضيف "لديك هنا ثلاثه صناديق قمامة مختلفة وتعتقد أنك تفعل شيئا ما. لكن في النهاية يبدو الأمر مختلفا. يعرف الكثيرون أيضا أن النفايات يتم التخلص منها في مكان بعيد، من خلال هذا العمل المسرحي، أصبحت أكثر انتباها ولن أصدق بعد الآن كل ما يقال بسهولة".

هكذا لوث حرق قمامة أوروبا بخارست عاصمة رومانيا بالدخان

"القمامة هي الذهب الجديد"

أما الممثلة كارولين لوش فتقول لـ DW "لم نكن نعرف الكثير عن هذا الامر، وكيف تستخدم مصانع الاسمنت النفايات كوقود، مع عواقب على البيئة. بشأن صادرات النفايات إلى أوروبا الشرقية، إنها صفقات تدار بالخفاء تشبه عمل المافيا. القمامة هي الذهب الجديد". وتسأل لوش "ماذا عن التضامن في الاتحاد الأوروبي؟ ماذا عن القيم الأوروبية؟ هل يحل الاتحاد الأوروبي مشكلة النفايات على حساب الدول الأكثر فقرا؟"

عرضت كاربوناريو موضوع النفايات وكأنه "قصة خرافية" لكن بأسلوب وثائقي، عالم خيالي يعيش فيه طاووس ودب وسمكة؛ بيد أن الأحداث مستوحاة من الواقع، كلها حقيقية. فمصنع الاسمنت موجود فعلا، والتلوث الناجم عن النفايات أيضا موجود في القرية.

"المفارقة تخلق مسافة. لم أكن أرغب في أن يأتي الجمهور الألماني إلى المسرح ويشعر بالأسف لمن هم على بعد آلاف الكيلومترات. أردت أن يفهم رواد المسرح هذه الظاهرة. هذا الكوكب ملكنا جميعا. وما يحدث على بعد أميال من هنا، يهمنا جميعا. سنشعر جميعا بالعواقب. ومع ذلك، هذه حقيقة وليست قصة خيالية" تقول كاربوناريو.

تناول الخوف والإحباط

في مسرحيتها التي تبلغ مدتها الساعة والنصف، تتناول المخرجة الرومانية مشكلة أخرى أيضا، وهي الشعبوية. "الحركات الشعبوية اليمينية المتطرفة، لن أسميها أحزابا، لأنه لا توجد أيديولوجية حقيقية وراءها، وتزدهر على أرض مليئة بالخوف والإحباط، كما هو الحال في رومانيا على سبيل المثال"، بحسب كاربوناريو التي تضيف بأن "مخاوف الشعب مفهومة." وقد ازدادت خلال جائحة كورونا، والآن بعد الغزو الروسي لأوكرانيا. نحن نعيش في قرية عالمية، لذلك غالبًا لا يكون للحلول المحلية أي تأثير، والشرط الأساسي لتغيير شيء ما هو المعرفة والتنوير والتفكير. والمسرح له دور مهم لجعل الناس يفكرون" تختم كاربوناريو حديثها مع DW.

ميدانا فايدينت/ علاء جمعة