1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

شعار احتجاجات تونس: "لدينا الحق في العمل يا عصابة اللصوص"

١٠ يناير ٢٠١١

تشهد تونس موجة احتجاجات اجتماعية انطلقت شرارتها في مناطق مهمشة قبل أن تتسع رقعتها لتشمل كامل التراب التونسي. النظام التونسي، ورغم فداحة الوضع، فضل الهروب إلى الأمام. الناشطة التونسية سهام بن سدرين وهذه المقالة الخاصة.

https://p.dw.com/p/zvyd
الكثير من التونسيين يشعرون بالإحباط بسبب غياب الحريات و بالغضب من أسرة الرئيس ومن الفساد وارتفاع معدلات البطالةصورة من: AP

"خلال ثلاثة وعشرين عاما من حكمه تونس بقبضة من حديد، نسي بن علي أو تناسى المناطق الداخلية في البلاد، واليوم يستيقظ منسيو الجمهورية، ليذكروه بوجودهم"، بهذه الكلمات وصف الخبير الاقتصادي عبد الجليل بدوي الاضطرابات الاجتماعية، التي اشتعلت شرارتها الأولى في مدينة سيدي بوزيد، متابعا:" حركات الاحتجاج الشعبية هذه، اشتعلت في منطقة تسجل رقما قياسيا في عدد العاطلين عن العمل من حملة الشهادات، يبلغ 32.3 في المائة.

تُعامل الدولة حملة الشهادات باحتقار، فهم يشعرون بأنفسهم مهمشين من طرف السلطات الحاكمة ولا يجدون أذانا صاغية ولا إطارا يعبرون فيه عن أنفسهم". هذه المنطقة من الأراضي التونسية، التي يتم إخفاءها بشكل دقيق خلف بيانات النمو الاقتصادي الايجابية، أغرقت البلاد في بحر من الغضب، ملطخة بالدم صورة تونس التي تشبهها الأدبيات الرسمية بـ "جزيرة الأعجوبة الاقتصادية" و"بقدوة للدول النامية"، تحققت بفضل رعاية رئيس يسهر على خدمة بلاده.

NO FLASH Tunesien Unruhe
صورة من: DW

"لدينا الحق في العمل يا عصابة اللصوص"

هذا هو شعار الاحتجاجات، التي انتشرت مثل حريق هائل، والتي جاءت خصوصا كرد فعل على الفساد المستشري في أوساط الرئيس زين العابدين بن علي وكل الإدارة التونسية. كل شيء بدأ بعد أن أقدم محمد بوعزيزي وهو شاب حاصل على دبلوم جامعي، وفي خطوة تعبر عن يأس كبير، على إحراق نفسه بعد أن قامت الشرطة بتدمير عربته، التي كان يبيع عليها الخضار كما فعلت مرات كثيرة من قبل، وهو العمل الوحيد الذي كان يكسب به قوته، والذي فضل القيام به بدلا عن التسكع في الشوارع أو طلب دينار كل يوم من أمه لارتياد المقهى.

أراد رجال الشرطة إرغامه على دفع رشوة كما يفعلون مع بقية الباعة المتجولين، معاقبين كل من رفض الإذعان لابتزازهم بتدمير بضاعته. فبسبب مدخولهم الشهري الضعيف، الذي لا يتجاوز ثلاثمائة دينار، يعمد رجال الشرطة إلى ابتزاز المواطنين من أجل الحصول على المال. رؤساءهم يحثونهم على القيام بذلك من أجل تحكم أفضل بهم، ولا يتسامحون مع الذين يرفضون القيام بذلك، بل إنه قد ينتهي الأمر بالرافضين منهم إلى السجن أو يتعرضون لعقوبات إدارية، قبل إعادتهم إلى عملهم بعد التأكد من تعلمهم الدرس واستعدادهم لتنفيذ الأوامر.

وفي هذا السياق قامت السلطات التونسية بالتحقيق بين عامي 2009 و 2010 مع ألف وثلاثمائة شرطي بسبب الفساد وسوء استغلال السلطة. ومع ذلك فإن أغلبية الشعب ترى أن النظام السياسي في البلاد غارق في الفساد. فقد أكد تقرير لمنظمة الشفافية الدولية بأن حجم الرساميل التي هربت إلى خارج البلاد يقارب ثمانية عشر مليار دولار، أي ما يعادل الدين الخارجي لتونس.

لقد أضحى الفساد المنتشر في محيط الرئيس زين العابدين بن علي حديث الناس في تونس، ويمكننا أن نقرأ في التقارير التي بعث بها السفير الأمريكي في تونس غوردون غراي والتي نشرها موقع ويكيليكس ما يلي:

"الرئيس بن علي طاعن في السن، ونظامه متكلس ولا أحد يعرف من سيخلفه. الكثير من التونسيين يشعرون بالإحباط بسبب غياب الحريات و بالغضب من أسرة الرئيس ومن الفساد وارتفاع معدلات البطالة والتفاوتات الكبيرة بين مناطق البلاد.. تونس دولة بوليسية، لا مجال فيها لحرية التعبير وحرية عقد تجمعات، كما أنها تشهد خروقات كبيرة لحقوق الإنسان".

بعد سيدي بوزيد ومنزل بوزيان ومزونة ومكنيسي، امتدت الاحتجاجات لتشمل كل المناطق المجاورة رافعة الشعارات نفسها ضد فساد وطغيان النظام الحاكم. رد الفعل الرسمي كان الهروب إلى الأمام، فالرئيس التونسي بن علي وعد بفرض القانون بيد من حديد معطيا الأوامر بإطلاق النار على المتظاهرين، ما تسبب حتى الآن بمقتل ثلاثة وعشرين شخصا وجرح المئات من الذين لا يمكن نقلهم إلى المستشفيات بسبب حصار رجال الشرطة للمدن، وتعطيلهم لحركة المرور، كما أنه ألقي القبض على مئات من المتظاهرين الشباب وأعلنت حالة الطوارئ.

حركات تضامن في كافة أنحاء البلاد

Superteaser NO FLASH Frankreich Tunesien Proteste in Paris
صورة من: AP

ولأسبوعين، خرجت مظاهرات متضامنة في كل مدن البلاد، من القيروان وحتى تونس وصفاقس وجربة وسوسة وتونس العاصمة، وتحولت إلى مواجهات مع قوات الأمن، التي أفرطت في استعمال العنف ضد مظاهرات سلمية. كما أنه تمت عرقلة الصحفيين من تغطية الأحداث، وقامت السلطات بمعاقبة من تجرأ منهم على القيام بذلك.

لكن الأخطر من ذلك هو مهاجمة رجال الأمن للمحامين، الذين قرروا تلبية نداء الهيئة الوطنية للمحامين إلى التضامن مع المحتجين، إلا أن السلطات منعتهم من الالتحاق بمحاكم البلاد، واعتدت على العديد منهم، خصوصا في جفصة وجندوبة ومهدية وجربة والموناستير وسوسة وصفاقس وتونس العاصمة، التي أصيب فيها عدد كبير منهم بجراح. الهيئة الوطنية للمحاكمين كانت قد دعت بعيد ذلك إلى يوم احتجاجي كرد فعل على تلك الاعتداءات والتي حدث بعضها داخل المحكمة.

ومن جانبه دعا الاتحاد الإقليمي للنقابات في سيدي بوزيد إلى إضراب عام يوم الثاني عشر من الشهر الحالي. وتخوفا من ردة فعل الطلبة والتلاميذ، عمدت الشرطة إلى استعمال العنف أيضا بشكل استباقي ضد التلاميذ، الذين عادوا إلى مؤسساتهم التعليمية يوم الثالث من يناير/كانون الثاني، وقد تسبب ذلك التدخل في مواجهات عرفتها الكثير من المدن التونسية. ومن المؤكد أن إدارة الأزمة كما تمارسها الدولة التونسية حاليا والمعتمدة فقط على الجانب الأمني لن تطفئ الغضب الشعبي.

سهام بن سدرين

ترجمة: رشيد بوطيب

مراجعة: لؤي المدهون

حقوق النشر: قنطرة 2011

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد