1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

زيارة غاوك: العلاقات الألمانية الإسرائيلية بين الماضي والحاضر

٢٧ مايو ٢٠١٢

رغم التاريخ الألماني المثقل بالمحرقة اليهودية، فإن العلاقات الألمانية الإسرائيلية تعتبر وطيدة. ومنذ أكثر من 60 عاما والساسة الألمان يؤكدون دعمهم لإسرائيل. ولكن كيف يرى الألمان اليوم هذه العلاقة؟ وكيف يقيّمها الخبراء؟

https://p.dw.com/p/152xG
epa03206656 German president Joachim Gauck (L) holds the traditional 05 May speech at a church in Breda, The Netherlands, 05 May 2012. Gauck held the traditional 05 May lecture during the celebration of Liberation Day. EPA/KOEN VAN WEEL
صورة من: picture-alliance/dpa

ينحدر الرئيس الألماني يوآخيم غاوك من الجمهورية الديمقراطية الألمانية سابقا، أي مما كان يعرف بدولة "ألمانيا الشرقية"، التي لم تكن لها علاقات رسمية مع دولة إسرائيل. وكانت ألمانيا الشرقية سابقا تعتبر نفسها "دولة معادية للفاشية" وأنها ليست خلفا للحكم النازي ومن ثم لم تتحمل مسؤولية عبء هذه الفترة من التاريخ الألماني. أما بالنسبة لجمهورية ألمانيا الاتحادية أو ما كان يعرف ب"ألمانيا الغربية" سابقا فإن التضامن غير المشروط مع إسرائيل كان ولا يزال واحدا من ثوابت السياسة الألمانية. وبالتالي فإن أول جولة رسمية له خارج الاتحاد الأوروبي ستقود الرئيس الألماني الجديد يواخيم غاوك إلى إسرائيل في زيارة تستمر من 28 إلى 31 من الشهر الجاري، من المنتظر أن يزور خلالها أيضا الأراضي الفلسطينية.

التضامن وأوليات السياسة

وكان كونراد أديناور، أول مستشار لألمانيا الاتحادية بعد الحرب العالمية الثانية، قد بذل جهودا كبيرة من أجل إقامة علاقات جيدة مع إسرائيل التي تأسست عام 1948، ففي عام 1953 وقع مع مؤسس دولة إسرائيل ديفيد بن غوريون على اتفاقية التصالح وإعادة العلاقات. وفي عام 1965 تمت إقامة علاقات دبلوماسية بين البلدين، واليوم تعد ألمانيا أحد أهم حلفاء الدولة العبرية، حتى أن المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل كانت أعلنت أن أمن إسرائيل من منطق مصلحة دولة ألمانيا. وبعكس الساسة الألمان فإن المواطنين في ألمانيا يرون سياسة إسرائيل من منظور مختلف، ففي استطلاع للرأي أجرته مجلة "شتيرن" الألمانية مؤخرا اعتبر 59 بالمائة من المشاركين فيه أن إسرائيل "دولة عدوانية"، وهي نسبة تزيد 10 في المائة عن مثيلتها قبل عشرة أعوام. كما يرى ثلثا المواطنين الألمان أن إسرائيل تسعى إلى تحقيق مصالحها دون مراعاة للشعوب الأخرى. بينما لم يبد تضامنه مع إسرائيل سوى 36 في المائة فقط، وهي نسبة تقل قرابة 10 في المائة عن مثيلتها قبل ثلاثة أعوام. بل إن 13 في المائة لا يرون أن "لإسرائيل حق في الوجود".

Der deutsche Historiker Michael Wolffsohn, Professor für Neuere Geschichte an der Universität der Bundeswehr in München und Sachbuchautor mit Spezialgebiet Israel und deutsch-jüdische Beziehungen ("Wem gehört das heilige Land?", "Die ungeliebten Juden", "Ewige Schuld?"), aufgenommen im September 2003 in Mainz.
المؤرخ الألماني ميشائيل فولفزونصورة من: dpa

صداقة بين الدولتين ونظرة نقدية

من جهته، يخلص المؤرخ ميشائيل فولفزون، المنحدر من مدينة ميونيخ الألمانية، إلى أنه "لا توجد صداقة بين ألمانيا وإسرائيل"، ففي إحدى الندوات الحوارية في برلين أشار إلى أنه "يظهر بوضوح من خلال قراءة استطلاعات الرأي أن المسافة بين البلدين في اتساع منذ عام 1981". ويشير المؤرخ الألماني إلى أن إسرائيل كانت تتمتع في ألمانيا بعد حرب 6 يونيو/ حزيران 1967 بسمعة جيدة للغاية، لكنها أصيبت بخدش بعد حرب 6 أكتوبر/ تشرين الأول 1973. وفي عام 1981 أصيبت العلاقات بين إسرائيل وألمانيا بشرخ عميق، عندما وقع جدال حاد بين المستشار الألماني آنذاك هيلموت شميت ورئيس وزراء إسرائيل مناحم بيغن على خلفية خطط ألمانيا لتوريد أسلحة إلى المملكة العربية السعودية. ويرى فولفزون أن إسرائيل "تعد اليوم واحدة من أكثر دول العالم غير المحبوبة لدى الرأي العام الألماني."

وتزداد النظرة النقدية لإسرائيل خاصة لدى الشباب الألماني، الذي قلّ لديه الشعور بالمسؤولية عن الذنب التاريخي إزاء إسرائيل. ولكن اهتمام الكثيرين من الشبان الألمان بإسرائيل يبقى كبيرا.

نقد لسياسة إسرائيل واهتمام كبير بها

وتؤكد المؤرخة الألمانية الإسرائيلية "تامار أمار- دال" في حوار مع DW أن هناك اهتماما كبيرا لدى الطلبة الألمان بإسرائيل، فهي تدرس مادة "تاريخ إسرائيل" في جامعة برلين الحرة وتلحظ الإقبال المتزايد على محاضراتها.

وتقول أمار - دال: "إسرائيل تمثل للألمان شيئا مبهرا، غامضا في حد ذاته، شيئا يصعب فك لغزه". وتضيف المؤرخة قائلة: "إن الانشغال بإسرائيل يعني للطلبة مواجهة مع تاريخ معاناة اليهود واضطهادهم (خلال حقبة ألمانيا النازية) وكذلك مواجهة مع الماضي الألماني اليهودي المشترك. فهناك رغبة في فهم إسرائيل على أنها مشروع دولة قومية يمكن أن يؤدي نجاحه إلى تخفيف الذنب الألماني".

لكن المؤرخة الألمانية الإسرائيلية ترى أن "المشروع الصهيوني قد فشل بعد 70 عاما من المحرقة". وتوضح قائلة: "فالدولة العبرية لا تقدم الأمن لمواطنيها سواء من اليهود أو غير اليهود". وتشير إلى أن هذا الإدراك قد بدأ يفرض نفسه تدريجيا أيضا في ألمانيا. "يفهم المرء مع الوقت أن السياسة الإسرائيلية، التي لا تبعث على التفاؤل، قد ساهمت بدورها في ذلك". وحسب تامار أمار-دال فإن الألمان "يرون أنفسهم في حيرة، إذ يتعين عليهم في الوقت نفسه الجمع بين شعورهم الكبير بالذنب وانتقادهم لإسرائيل في حالة الضرورة. وهذا يفترض فيهم مقدما الاستقلالية والتدقيق في تعاملهم مع إسرائيل."

وبالرغم من ذلك لا تريد المؤرخة أمار-دال الحديث عن "علاقة طبيعية بين ألمانيا وإسرائيل"، فهي ترى أن هذا "غير ممكن على المدى الطويل، لأن الجرائم الألمانية التي ارتكبت ضد اليهود شديدة التطرف والوحشية، فالمحرقة ستظل قائمة لمدة طويلة بين الشعبين."

غواصات وقصيدة شعر

وبالرغم من ذلك فإن العلاقات بين ألمانيا وإسرائيل جيدة ومستقرة بعد ما يقرب من 70 عاما من نهاية الحرب العالمية الثانية. وتعقد بانتظام منذ عام 2008 مشاورات حكومية بين البلدين في برلين والقدس بالتبادل. كما تعد ألمانيا مؤيدا موثوقا به لإسرائيل داخل الاتحاد الأوروبي. كما تعتبر ألمانيا موضع تقدير كبير في إسرائيل كمورد سلاح لها، فقد تسلمت إسرائيل قبل أربعة أسابيع رابع غواصة من نوع "دولفين" وهي من صناعة ألمانية. وقد طلبت إسرائيل من ألمانيا ست غواصات قادرة على حمل رؤوس نووية، تكلفة كل واحدة منها تصل إلى نصف مليار يورو، وبهذا تكون أغلى سلاح إسرائيلي. يذكر أن ألمانيا تتحمل جزء من تكلفة الغواصات، فقد أهدت لإسرائيل الغواصة الأولى والثانية، وتساهم بمئات آلاف اليورو في صناعة بقية الغواصات.

*****Bitte den Namen des Fotografen nennen und das Foto bitte nur für diesen Artikel verwenden**** im Anhang das Foto von Tamar Amar-Dahl, die Autorin des Peres-Buches. Ihre Genehmigung, das Foto zu nutzen, habe ich schon weitergeleitet.
المؤرخة الألمانية الإسرائيلية تامار أمار-دال هي مؤلفة السيرة الذاتية لشمعون بيريزصورة من: Björn Duddeck

وكان توريد الغواصات الألمانية لإسرائيل سببا دفع الأديب الألماني غونتر غراس للتعبير عن مخاوفه من التوترات المتصاعدة في الشرق الأوسط وانتقاده للسياسة الإسرائيلية. فقد نشر غراس - الحائز على جائزة نوبل في الآداب - في أبريل/نيسان الماضي قصيدة في عدد من الصحف الألمانية والعالمية هاجم فيها بشدة إسرائيل بسبب تهديداتها بالهجوم على إيران. وبهذا أثار غراس موجة من الاستياء والحكومة الإسرائيلية اعتبرته شخصا غير مرغوب فيه. وهذا الموضوع يمكن أن يكون أحد الموضوعات المطروحة للنقاش أثناء زيارة الرئيس الألماني غاوك لإسرائيل.

بيتينا ماركس / صلاح شرارة

مراجعة: شمس العياري