روسيا البيضاء: الشرطة تهاجم المعارضين وتعتقل المئات منهم

في أحدث تطور بشأن الازمة بين النظام والمعارضة في جمهورية روسيا البيضاء قامت شرطة مكافحة الشغب باعتقال المتظاهرين الذين كانوا مجتمعين في ساحة أكتوبر في العاصمة مينسك. فقد ذكرت وكالات الأنباء صباح اليوم أن قوات تابعة للشرطة قامت فجر اليوم في عملية خاطفة بإزالة تجمع للخيام التي نصبها المتظاهرون في وسط المدينة حسب نموذج الثورة البرتقالية في أوكرانيا. ونُقلت وحدات الشرطة الناشطين على متن شاحنات إلى سجن مينسك. كما اعتقلت الشرطة في هذه الحملة السفير البولندي السابق في مينسك، ماريوس ماسكفيتش، الذي كان يتواجد في الساحة المركزية للتحدث مع الشبان المتظاهرين في الخيم. وجاءت هذه العملية بغية وضع حد لموجة المظاهرات والقضاء على بؤرة المعارضة الرمزية التي تلت إعادة انتخاب رئيس روسيا البيضاء ألكسندر لوكاشنكو. يُذكر أن كل من الإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لم يعترفا بنتائج الانتخابات التي أجمع غالبية المراقبين على أنها لم تكن حرة ونزيهة. وبعد تلك الانتخابات انطلقت سلسلة من المظاهرات والاحتجاجات بدأت يوم الأحد الماضي وضمت عشرات الآلاف من الأشخاص وعدد مهم من رموز المعارضة في البلاد.

المعارضة مصممة على التحدي

والملاحظ أن الاعتقالات الأخيرة التي قامت بها السلطات الأمنية، والتي اعتقل على إثرها مئات من أنصار المعارضة، لم تُؤثر على الإرادة القوية للمعارضة في الاستمرار بالتظاهر. فقد أعلن زعيم المعارضة في روسيا البيضاء، الكسندر ميلينكفيتش، وهو استاذ جامعي سابق كان أبرز مرشحي المعارضة وأوفرها حظا بالفوز بكرسي الرئاسة، اليوم أنه متمسك بدعوته إلى تظاهرة كبيرة غدا السبت في العاصمة مينسك. ولا يستبعد المراقبون أن تقوم السلطات الحكومية بحملات مشابهة لتلك التي جرت اليوم لتطهير الأجواء من المعارضة التي مازالت على ما يبدو مصممة على موقفها، فهي لا تكترث بسياسة الترهيب التي تتهجها حكومة روسيا البيضاء لإحباط طموحات المعارضة وإسكات صوتها، على حد قول رئيسها في خطابه بانصاره. وأكد ميلينكفيتش لبعض الصحفيين أمام سجن مينسك الذي وضعت شرطة مكافحة الشغب أنصاره فيه، "نحن مستمرون في ما قررناه في 25 مارس/آذار". وأضاف أن "هذه السلطة لا تعرف سوى لغة واحدة، هي لغة القمع. ولقد استخدمتها مرة أخرى. وأتوقع ذلك كل ليلة."

قلق منظمات حقوق الإنسان

على ضوء التطورات الأخيرة التي تشهدها الساحة السياسية في روسيا البيضاء عبرت دول غربية عدة عن قلقها تجاه تدخل الجهات الرسمية في البلاد لقمع التظاهرات. وفي هذا الصدد عبرت الناطقة باسم وزارة الخارجية الأمريكية في ندوة صحفية عن قلق الحكومة الأمريكية إزاء الاعتقالات التي طالت صفوف المعارضة والمتظاهرين في روسيا البيضاء. كما أعربت عن إدانة بلادها لمبادرة حكومة روسيا البيضاء التي تهدف إلى حرمان سكان ذالك البلد من حقهم في التعبير عن رأيهم بشكل سلمي. الى ذلك اعربت المنظمات الحقوقية الدولية والمحلية انها تشعر بقلق شديد ازاء تطورات الاوضاع في روسيا البيضاء. من ناحيتها احتجت بولندا على اعتقال أحد دبلوماسيها، وأفاد القنصل البولندي في مينسك ، كريستوف سفيدريك، في تصريح صحفي أمام سجن العاصمة البيلاروسية الذي اقتيد إليه السفير السابق، أن ما جرى هو "انتهاك لاتفاقيات جنيف".

ضغوط غربية

من جهته، ندد المقرر الخاص في الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في روسيا البيضاء أدريان سيفيرين بما وصفه بانتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبت في حق المعارضين خلال الانتخابات الرئاسية، وطالب المسؤولين السياسيين في البلاد الإفراج الفوري عن جميع المعتقلين السياسيين. وفي إطار الضغوط الغربية على مينسك أعلن الاتحاد الأوروبي أنه قد يوسع إجراءات حظر الدخول المفروضة على بعض المسؤولين في روسيا البيضاء لتشمل كل أعضاء الحكومة, بسبب نتائج الانتخابات التي وصفتها منظمة الأمن والتعاون في أوروبا بأنها لم تكن نزيهة. أما موسكو التي ترأس في الوقت الحالي مجموعة الثماني والتي تعد الحليف التقليدي لروسيا البيضاء فيُعتقد أنها قد تمارس هي الأخرى ضغوطا على القيادة السياسية في روسيا البيضاء لعدم الإفراط في استخدام القوة ضد المحتجين.

دويتشه فيله/ وكالات