1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

حكومة نتانياهو.. اختبار صعب لسياسة ألمانيا تجاه إسرائيل؟

١٣ يناير ٢٠٢٣

يبدو أن هناك وزراء في حكومة إسرائيل الحالية ضد قيام دولة فلسطينية، بينما تؤيد ألمانيا "حل الدولتين"، لكن برلين متحفظة. خبراء وساسة يرون أنه ينبغي على ألمانيا انتهاك سياسة أكثر حسما تجاه كل من إسرائيل والسلطة الفلسطينية.

https://p.dw.com/p/4M5bg
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو  (03.01.2023)
هل سيقلم نتانياهو أظافر صقور حكومته وتجنب الخلاف والمواجهة مع الحلفاء الغربين ومنهم ألمانياصورة من: Atef Safadi/Pool European Pressphoto Agency/AP/dpa/picture alliance

بدأ الأمر وكأنه شيء روتيني ومعتاد بين الأصدقاء، حين هنأ المستشار الألماني أولاف شولتس، بنيامين نتانياهو على تشكيل الحكومة بقوله في تغريدة "أتمنى لكم السداد والتوفيق والنجاح في المهام القادمة"، مشيرا إلى أن إسرائيل وألمانيا تربطهما صداقة خاصة ووثيقة. وقال شولتس إنه سيواصل الحفاظ على هذا الأساس للتعاون القائم على الشراكة بين البلدين.

من "المهام القادمة" حسب الخطوط العريضة لبرنامج الحكومة الإسرائيلية، توسيع الاستيطان في المناطق التي يطالب بها الفلسطينيون لبناء دولتهم المستقبلية، وهو ما يجعل الأمر يبدو مستحيلا من الناحية العملية.

وقد وصف متحدث باسم رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، الخطوط العريضة لحكومة نتانياهو بأنها "تصعيد خطير" ستكون له عواقب على المنطقة.

موريل أسيبورغ، الخبيرة بشؤون الشرق الأوسط، في مؤسسة الدراسات الأمنية والسياسية في برلين (SWP) تعتقد أن "الأمر لا يتعلق فقط بتثبيت توسيع الاستيطان والتضييق على الفلسطينيين، وإنما يتعلق أيضا بالانتقال من احتلال عسكري مؤقت إلى سيطرة مدنية دائمة على الضفة الغربية"، تقول أسيبورغ في حوارها مع DW

"حل الدولتين" في اتفاقية الائتلاف الحكومي

وتؤيد "حل الدولتين" الولايات المتحدة أيضا والاتحاد الأوروبي ومن ضمنه ألمانيا. وجاء في اتفاقية الائتلاف الحكومي في برلين لعام 2021 "سنواصل الدعوة للتفاوض حول حل الدولتين على أساس حدود عام 1967" و"نطالب بوقف توسيع الاستيطان المخالف للقانون الدولي".

وهذا يعني أن الحكومة الألمانية يمكن أن تدخل في خلاف عميق مع الحكومة الإسرائيلية، إذا تمسكت الأخيرة بخططها. وفي هذا السياق سألت DW خلال مؤتمر صحفي عقد في برلين بعد تشكيل نتانياهو الحكومة، عن العواقب وما يمكن أن تلجأ إليه المستشارية أو وزارة الخارجية الألمانية، لكن كان هناك تهرب من الإجابة المباشرة عن هذا السؤال. إذ قالت كريستيانه هوفمان، نائبة المتحدث باسم الحكومة الألمانية خلال المؤتمر الصحفي: إن حل الدولتين هو الطريق الصحيح لدفع العملية في الشرق الأوسط، مكررة الموقف الرسمي من دون الخوض في التفاصيل والتناقضات، وأوضحت أن "الأمر يتعلق أولا بتقوية العلاقات مع الحكومة الجديدة، ونرى في ذلك أساسا جيدا".

مستوطنة غيفات سيف قرب القدس
تنتقد ألمانيا توسيع المستوطنات في الضفة الغربيةصورة من: Muammar Awad/XinHua/dpa/picture alliance

مسؤولية تاريخية

التزاما بمسؤولية ألمانيا التاريخية فيما يتعقلق  بالهولوكوست في الحقبة النازية، قليلا ما تعلق الحكومة الألمانية على توجهات السياسة الإسرائيلية. ولعقود عديدة كان يبدو مستحيلا أن يتقارب البلدان، إسرائيل وألمانيا. وقد لخص الكاتب الإسرائيلي المعروف عاموس أوز، الذي فقد كثيرين من افراد عائلته وأقاربه في المحرقة، العلاقة الخاصة التي تربط البلدين مستشهدا بقول والدته "إذا لم يسامح الألمان أنفسهم، ربما سنسامحهم بعض الشيء في وقت ما. ولكن إذا سامحوا أنفسهم، فإننا لن نسامحهم". وإذا كان سيقع خلاف مع وجهة النظر الألمانية، فإن برلين ستبحث عن مخرج بديل عبر الاتحاد الأوروبي.

وزيران إسرائيليان يرفضان قيام دولة فلسطينية

مارست الحكومة الألمانية سياسة متحفظة إزاء تجاه تصريحات وزيرين متطرفين في الحكومة الإسرائيلية: إيتمار بن غفير وزير الأمن زعيم حزب القوة اليهودية، ويتسئيل سموتريتش وزير المالية زعيم حزب "الصهيونية الدينية"، إذ يرفض كلاهما قيام دولة فلسطينية بشكل قاطع ويؤيدان توسيع الأراضي الإسرائيلية في المناطق المحتلة من الضفة الغربية.

بل حتى أن بن غفير طالب عام 2019 بترحيل كل الفلسطينيين الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية إن "لم يكونوا مخلصين لإسرائيل". وحتى قبل أعوام قليلة يعلق في غرفته صورة باروخ غولدشتاين، المستوطن الأمريكي الإسرائيلي المتطرف الذي قتل 29 فلسطينيا عام 1994 أثناء أدائهم صلاة الفجر في الخليل. أما يتسئيل سموتريتش فطرح خطة عام 2017 بهدف "محو أي أمل بدولة فلسطينية". وفي مجالات أخرى أيضا أظهر سموتريتش تطرفه، حيث أعلن تقريبا أنه "فخور برهاب المثلية".

نتنياهو يشكل حكومة دينية يمينية متشددة

انتقاد ألماني لزيارة جبل الهيكل/ الحرم القدسي 

لكن ألمانيا تخلت عن صمتها بعدما زار بن غفير مؤخرا جبل الهيكل/الحرم القدسي، وهو المكان المقدس عند اليهود والمسلمين. وقد احتج الفلسطينيون ودول عربية وغربية بشدة على الزيارة، حتى واشنطن الحليفة عبرت عن حيرتها. وبعد يوم من الزيارة وصفها متحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية بأنها "استفزاز".

موريل أسيبورغ تقيّم موقف الحكومة الألمانية بأن "الإدانات الفردية مع الانتظار والتحفظ (...) ليست سياسة تقود إلى الهدف". فبدل "استحضار حل الدولتين" كان على الحكومة الألمانية "أن تسمي بشكل واضح ما حدث"، وتقول "إننا نتعامل مع حقيقة دولة واحدة بحقوق غير متساوية، مع احتلال دائم والانتقال من الضم الفعلي إلى الضم القانون. ونحن نتعامل مع حكومة إسرائيلية، نتقاسم معها القليل من القيم".

غابرييلا هاينريش من كتلة الحزب الاشتراكي الديمقراطي البرلمانية ورئيسة المجموعة البرلمانية الإسرائيلية- الألمانية، التي تكرس جهودها للحوار بين الطرفين وتنظيم لقاءات بين نواب من البوندستاغ والكنيست، عبرت عن قلقها لـ DW بالقول "إنه أمر مثير للقلق مشاركة قوى يمينية ودينية متطرفة في الحكومة" الإسرائيلية. لكنها عبرت عن أملها في ألا تتحقق المخاوف السيئة. وتضيف يبقى "الانتظار، لمعرفة كيف ستتصرف الحكومة الإسرائيلية في السلطة بعد زوال دخان المعركة الانتخابية. وسيتم الحكم على نتانياهو من خلال إعلانه، أنه سيكون رئيس وزراء لكل الإسرائيليين. وهذا يشمل العدد الكبير من الذين يرفضون توسيع المستوطنات.آمالي معلقة على المجتمع المدني والرأي العام الناقد".

ويطالب المؤرخ الإسرائيلي موشي تسيمرمان، بالتصرف بحزم. وقال في حوار مع راديو ألمانيا(دويتشلاند فونك) بعد تولي نتانياهو رئاسة الحكومة، إن حل الدولتين بالنسبة للاتحاد الأوروبي وألمانيا مجرد "عبارة منمقة". وأضاف "استخدام هذه العبارة ليس حلا، ويستخدمها المرء ليظهر أنه يريد فعل شيء ما، ولكن في الحقيقة لا يفعل شيئا"، حيث يُترك الفلسطينيون وحيدين؛ ويقول"فقط إذا تم التصرف مع إسرائيل كما مع بولندا أو هنغاريا أو بيلاروسيا، يمكن أن يكون هناك تأثير. ومن البديهي أن ألمانيا وأوروبا لا تسمح لنفسها بذلك، لأنه دائما هناك خوف من الاتهام  بمعاداة السامية ".

"معايير مزدوجة"

لكن سفير إسرائيل في برلين، رون بروزور، يرى في موقف الكثير من الساسة ازدواجية، حيث صرح لصحيفة "تاغس شبيغل" الألمانية بأن الساسة يطالبون بكل سرور بحل الدولتين، لكن "من ناحية يريدون دولة يهودية ديمقراطية، ولكن من ناحية أخرى هل يطالبون بدولة فلسطينية ديمقراطية؟ والجواب هو: لا. إن دولة قانون فعالة يجب أن يكون أقل ما يطلب من الفلسطينيين. فقط هكذا يمكن تحقيق السلام".

موريل أسيبورغ، الخبيرة في شؤون الشرق الأوسط، أيضا تتهم سلطة الحكم الذاتي الفلسطيني بأنها "تزداد استبدادا في حكمها" وتضيف "العقد الاجتماعي بين السلطة وشعبها تم خرقه منذ مدة طويلة. (...) لا يمكن استقرار الوضع من دون تجديد الشرعية". من هنا على الحكومة الألمانية أن تضغط على القيادة الفلسطينية من أجل "إجراء انتخابات على أساس المصالحة وتقاسم السلطة".

وترى أسيبورغ بالنسبة للعلاقة مع الحكومة الإسرائيلية، أنه على الوزارات الألمانية أن تفحص بدقة التعاون مع الوزارات الإسرائيلية. وتضيف ستكون الحدود قد تم تجاوزها "مثلا عندما لا يمكن حصر التعاون مع إسرائيل في حدود عام 1967 بوضوح، أو عندما لم تعد المعايير الدولية الضرورية تنطبق على الجيش الإسرائيلي، أو عندما يقوم وزراء بطرد سكان بشكل عدواني"؛ وإلا فإنه سيكون هناك خطر "المشاركة في تحمل المسؤولية عن انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان"، تقول أسيبورغ لـ DW.

لكن النائبة البرلمانية هاينريش متفائلة بأن العلاقات الإسرائيلية الألمانية ستصمد من خلال الحوار الصريح، وتقول لـ DW "ستستمر علاقة الصداقة القوية بين ألمانيا وإسرائيل في المستقبل أيضا، بحيث يمكن الحديث علانية عن المخاوف والاختلاف في الرأي".

كريستوف هاسلباخ/ع.ج/ع.ج.م