1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

"ثورة الشموع"..شكل جديد من الاحتجاجات في المغرب

سهام أشطو٥ نوفمبر ٢٠١٥

"ثورة طنجة" أو "ثورة الشموع" لفتت الانتباه وخلقت الجدل في المغرب وخارجه، سواء بسبب الأعداد الكبيرة التي خرجت إلى الشارع، أو أشكال الاحتجاج الجديدة والفريدة التي اتخذتها، ما دفع بالحكومة إلى التدخل لاحتواء الموقف.

https://p.dw.com/p/1H0dA
Marokko Tanger Demonstration gegen AMNEDIS Strompreiserhöhung
صورة من: Mohammed Anegay

تحولت مظاهرات مدينة طنجة شمال المغرب إلى عنوان بارز في الصحافة المحلية والدولية أيضا مع استمرار المتظاهرين في النزول إلى الشارع للأسبوع الرابع على التوالي احتجاجا على ما أسماه المحتجون ارتفاع فواتير شركة أمانديس، التي تسير شبكات المياه ومياه الصرف والكهرباء في مدينتي طنجة وتطوان منذ عام 2002، في احتجاجات اعتبرها متابعون الأكبر من نوعها في المغرب منذ احتجاجات حركة 20 فبراير، التي قادت الحراك السلمي في المغرب في 2011 مع بدايات ما سمي بالربيع العربي.

احتجاجات طنجة الحاشدة كانت ملفتة من جهة، من حيث أشكال التعبير التي اتخذتها إذ اختار المتظاهرون الخروج بشكل سلمي والاحتجاج من خلال حمل الشموع وهم يجوبون أكبر شوارع المدينة ويحملون فواتير الكهرباء المرتفعة القيمة، وشعارات تطالب برحيل الشركة الفرنسية. بالإضافة إلى مقاطعة دفع فواتير الماء والكهرباء وإطفاء الأنوار بشكل جماعي في وقت واحد وتعويضها بالشموع. ومن جهة أخرى من حيث الأعداد الكبيرة التي نزلت إلى الشارع والتنظيم الكبير والتنسيق في صفوف المحتجين والمنظمين.

"ثورة الشموع"

بدأت القصة من حي شعبي في مدينة طنجة حيث انتقل سكان الحي إلى مقر وكالة تابعة لشركة أمانديس الفرنسية المسيرة لقطاع الماء والكهرباء في المدينة للاحتجاج على غلاء الفواتير، لتنتقل العدوى بعدها بشهر إلى باقي أحياء المدينة وتتحول إلى مسيرات هي الأضخم منذ مظاهرات 20 فبراير، ويتوقع المتابعون أن تنتقل إلى مدن مغربية أخرى.

مظاهرات طنجة صارت تعرف برمز الشمعة وتوصف إعلاميا بـ"ثورة الشموع". وأدى تصاعدها برئيس الحكومة عبد الإله بنكيران ووزير الداخلية محمد حصاد إلى الانتقال لطنجة بأمر من العاهل المغربي الملك محمد السادس لتدارس شكاوي المواطنين وبهدف "تصحيح الوضعية وإرجاع الأمور إلى نصابها"، حسب بيان لوزارة الداخلية.

وعن سبب نجاح هذه المظاهرات يقول محمد المساوي، وهو ناشط مشارك في المظاهرات في تصريحات لDWعربية، "هي نجحت لأنها مبنية على مطالب مشروعة، كان هناك استياء منذ سنوات من أداء هذه الشركة لكن القشة التي قصمت ظهر البعير كانت زيادة إضافية منذ بداية العام الحالي في الأسعار، وهو ما حدا بالناس للخروج إلى الشارع ومقاطعة الشركة".

وأعلنت لجنة من وزارة الداخلية ومجلس مدينة طنجة وشركة أمانديس - تشكلت بعد بداية الاحتجاجات قبل أسبوعين - يوم الجمعة الماضي أن الشركة ستراجع بعض الفواتير وستصحح أي أخطاء فيها.

ورغم الإجراءات التي اتخذتها السلطات المغربية حتى الآن من تشكيل لجنة للتحقيق في أسباب هذه الاحتجاجات ومطالبة الشركة بالتدقيق في نظام الفواتير وفتح مكاتب لاستقبال شكاوي سكان المدينة، يعتزم المتظاهرون الخروج مرة أخرى إلى الشارع يوم السبت المقبل ومطلبهم هو رحيل الشركة. يقول المساوي "نعلم أن هذه الإجراءات قد تؤدي إلى تحسن في الأوضاع سيدوم بضعة أشهر ثم نعود إلى سابق عهدنا. لذا مطلبنا الأساسي هو رحيل هذه الشركة وإيقاف متابعة بعض المتظاهرين خاصة أننا علمنا بوجود ملتمس من طرف الشرطة القضائية إلى النيابة العامة لاعتقال نشطاء بارزين في المدينة بدعوى أنهم المحرضون على المظاهرات بناء على أقوال المتابعين". ولا توجد إحصاءات دقيقة بخصوص أعداد المتظاهرين لكن المساوي يقدر أن عدد المحتجين وصل إلى حوالي مائة وخمسون ألف شخص.

Marokko Tanger Demonstration gegen AMNEDIS Strompreiserhöhung
مظاهرات طنجة تشكل حسب المراقبين شكلا احتجاجيا جديدا في المغرب.صورة من: Mohammed Anegay

تغير في الأشكال الاحتجاجية

وكانت المحكمة الابتدائية بطنجة، قررت إرجاء النظر في ملف المتابَعين على خلفية الاحتجاجات ضد أمانديس يوم 24 أكتوبر الماضي. وشهدت الجلسة الثانية لهذه المحاكمة، حضورا مكثفا للهيئات الحقوقية ومحامين بهدف توفير الدعم المعنوي والقانوني لهؤلاء المتابَعين البالغ عددهم 12 شخصا. وتم توقيفهم إثر فض قوات الأمن تجمع احتجاجي سلمي وهو ما أثار استياء كبيرا في المدينة.

وبالإضافة إلى مقاطعة خدمات الشركة وتعويضها بالشموع ابتدع سكان طنجة أشكالا أخرى منها إطلاق أغاني تتغنى بالشمعة ومزاياها وتنتقد شركة أمانديس. ويرى ادريس بن سعيد، رئيس مجموعة الأبحاث والدراسات السوسيولوجية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية في الرباط والمتخصص في دراسة الحركات الاحتجاجية والفئات المهمشة في المغرب، أن مظاهرات طنجة طرحت شكلا احتجاجيا غير مسبوق في المغرب. ويشرح ذلك في مقابلة مع DWعربية قائلا "أولا من ناحية التنظيم فهي مظاهرات منظمة جدا واستمرت للأسبوع الرابع على التوالي، حيث يتم توافد الناس من الأحياء نحو مكان الاحتجاج بمواقيت مضبوطة ويتم توزيع المهام وتنسيق عملية إطفاء الأنوار بمستوى عال وفي نفس الوقت يهيمن على الاحتجاجات الشكل العفوي الجماهيري. وزاد الإقبال على الاحتجاجات خاصة من طرف الشباب". ويضيف الخبير المغربي أن نجاح هذه الاحتجاجات له عدة دلالات أولها إمكانية انتقالها إلى مناطق أخرى لنفس السبب، وهو تفويض مرافق حيوية كالماء والكهرباء والنقل، لشركات أجنبية، الأمر الذي ينعكس على الأسعار بصرف النظر عن جودة الخدمات، حسب قوله.

Marokko Tanger Demonstration gegen AMNEDIS Strompreiserhöhung
للأسبوع الرابع على التوالي سينزل المتظاهرون للشارع رغم إجراءات السلطات لاحتواء المشكلة.صورة من: Mohammed Anegay

دور وسائل التواصل الاجتماعي

على وسائل التواصل الاجتماعي وتحديدا موقع فيسبوك الأكثر استخداما في المغرب انتشرت صفحات عديدة تدعو للاحتجاج ضد الشركة ومقاطعتها والمطالبة برحيلها وتسليم تدبير قطاع الماء والكهرباء لشركة حكومية، وعما إذا كانت هذه المواقع أصبحت تشكل بديلا عن دور النقابات والجمعيات والأطر التقليدية في تنظيم الحركات الاحتجاجية بالنسبة للشباب، يقول مساوي "هي لا يمكن أن تشكل بديلا. مظاهرات طنجة خرجت دون حمل أفكار أيديولوجية وبدون انتماءات سياسية، ومواقع التواصل الاجتماعي لعبت دورا كبيرا في تسهيل التواصل والتنسيق بين المشاركين في المظاهرات".

أما الخبير بن سعيد فيرى أن هذه المواقع حلت مشكلة الفراغ في التواصل والتنظيم خاصة أنها توفر لمستخدميها إمكانية إخفاء هوياتهم الحقيقية بالإضافة إلى أنها ليست مرتبطة بزعامات أو أيديولوجيات لتنظيم حركات أو احتجاجات، "بالتالي يمكن التعبير عن الأفكار بشكل حر خصوصا أنها توفر أيضا سرعة تبادل المعلومات والأفكار والأخبار". ويضيف بن سعيد أن الإحصائيات الحديثة الصادرة عن منظمات دولية مختصة أظهرت أن الإقبال على هذه الفضاءات كبير جدا في المجتمعات التي تشهد مشاكل وصعوبات في الوصول إلى المعلومة والتعبير عن الرأي وتعرف فقدان الثقة في التنظيمات التقليدية.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد