1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

تعليق: عام على حكم مرسي ـ إسلاميون طيبون وإسلاميون أشرار؟

راينر زوليش. ترجمة: عماد غانم٢٨ يونيو ٢٠١٣

فيما تتجه مصر نحو تصعيد خطير، تنتهج الدول الغربية سياسة متحفظة إزاء الرئيس الإسلامي محمد مرسي الذي يعرف بدوره ما يريده الغرب، ما يجعل هذه الدول أمام اختبار لجدية التزامها بدعم الديمقراطية في المنطقة، كما يرى راينر زوليش.

https://p.dw.com/p/18xdX
صورة من: Getty Images

صفقات سلاح مع العربية السعودية، ومقاطعة لإيران ومختلف التنظيمات المسلحة مثل حماس وحزب الله: من يلقي نظرة خاطفة على  سياسة الدول الغربية إزاء منطقة الشرق الأوسط، فسرعان ما يتولد لديه انطباع بأنها تقوم على أساس التمييز قدر الإمكان بين إسلاميين "معتدلين" و "ومتشددين"؛ أي بين "جيدين" و"أشرار" نوعا ما. وهذا الانطباع ليس بالخاطئ، لكن هذا التصنيف لا يخضع لمعايير الديمقراطية وحقوق الإنسان بشكل منطقي، وإنما يتم التفريق بين الإسلاميين، الذين يراعون المصالح الغربية إجمالاً، وبين الذين يتجاهلونها أو يحاربونها. الأمر نفسه ينطبق أيضا على أسلوب التعامل مع ثورات "الربيع العربي"، حيث دأب الناس في المنطقة على اعتباره ازدواجية في المعايير. إن الغرب لا يكف عن الحديث عن قيم الديمقراطية والترويج لها بشكل هجومي، لكن في حالات الضرورة تعطى الأهمية الأكبر للاستقرار والمصالح الجيوستراتيجية. ومثال حي على ذلك العربية السعودية بتفسيرها الصارم للشريعة وخروقاتها المستمرة لحقوق الإنسان. لكن ماذا عن مصر؟

مرسي يضع في الاعتبار ما يريده الغرب

 محمد مرسي، أول رئيس منتخب لمصر، يعرف هذه المعايير الغربية ويضعها في الحسبان. في الماضي، باعتباره ناشطاً في حركة الإخوان المسلمين، نعت اليهود علناً بـ"مصاصي الدماء"، لكنه اليوم، باعتباره رئيساً للدولة، لا يريد المساس بشكل جدي بمعاهدة السلام مع إسرائيل رغم حجم الخطاب المعادي للصهيونية. كما أنه سوف لن يتجرأ على إنهاء الشراكة مع الولايات المتحدة الأمريكية بدون حاجة حقيقية لذلك. هذه الشراكة التي يحصل بموجبها الجيش المصري على مليار دولار سنوياً. مرسي يدرك جيداً أن بلاده بحاجة إلى هذه الأموال، وهو يعرف أيضاً أن هناك رغبة كبيرة في الغرب -خلال هذه الفترة الانتقالية الحبلى بالاضطرابات منذ سقوط نظام مبارك- في اعتباره إسلامياً "معتدلاً" أيضاً، أي شريكاً "صعباً"، لكن يمكن تقبله في نهاية المطاف، وعلى كل حال فقد تم انتخابه ديمقراطياً. من وجهة النظر الغربية أيضاً سيكون من الكارثيإقصاء مصر من التحالف المؤيد للتوجهات الغربية أو إغراق البلد في عدم استقرار تام.

Deutsche Welle Rainer Sollich Arabische Redaktion
راينر زوليش، رئيس موقع DW عربية بونصورة من: DW/P. Henriksen

يوجد ما يكفي من المؤشرات على وجود أزمة خطيرة في مصر، فمنذ اندلاع الثورة يعيش الاقتصاد المصري في خطيرة، وليس هناك أي وصفة سحرية أو حل ناجع للخروج من هذه الدوامة – ولا حتى لدى معارضي الرئيس مرسي. ورغم ذلك يقف الرئيس المصري عاجزا عنالحفاظ على توحيد الصفوف على الأقل في هذا الوضع الصعب. على العكس من ذلك، فإن أسلوبه المتعجرف في القيادة جر البلد إلى استقطابات وانقسامات خطيرة. فقد سارع ـ ضد إرادة أقلية كبيرة لايستهان بها ـ إلى إيجاد دستور للبلاد يرى كثير من المصريين بأنه ديني أكثر من اللازم، ويدفع باستمرار باتجاه أسلمة مؤسسات الدولة والمجتمع بأكمله. كما تقاسم السلطة مع مؤسسة الجيش القوية في عملية لا يمكن تبريرها بأي وسيلة ديمقراطية. وفيما يتعلق بسجل حقوق الإنسان تشكو منظمات الحقوقية المعنية من أن القمع في فترة حكم مرسي أصبح أكثر وحشية مقارنة بفترة حكم الرئيس السابق حسني مبارك.

Ägypten Proteste gegen Mursi
"وقد يكون من الكارثي أن يترسخ لدى المصريين المؤمنين بالديمقراطية انطباع بأن الغرب يتخلى عنهم من جديد في دعم مطالبهم، تماماً كما حدث سابقاً خلال حكم مبارك"صورة من: Reuters

تضاؤل تأثير الغرب

في كل هذا لا تمارس الدول الغربية حتى الآن سوى النقد بتحفظ، حتى حين مُست مصالحها ـ كما هو الحال عند صدور أحكام قضائية ضد عاملين في منظمات أجنبية ـ تواردت ردود الأفعال على استحياء. إن الكثير من المواطنين المصريين أصبحوا غير قادرين على تحمل سياسة مرسي أكثر من ذلك. فبمناسبة مرور عام على رئاسته تم الإعداد لمظاهرات عارمة وحملة لجمع التواقيع بهدف إسقاطه. من جانبه حث مرسي أنصاره على الخروج بمظاهرات مضادة، وهذا ما يضع البلد من جديد على أعتاب تصعيد خطير، وسقط بالفعل ضحايايا. أما الجيش فيتعامل مع هذه المخاطر بجدية كبيرة لدرجة أنه هدد، بشكل لم يسبق له مثيل، بالتدخل.

ويبقى أنه يجب أن يتبين فيما إذا كان يجب تصنيف الإسلامي مرسي في إطار المنطقة كـ"معتدل" أو "متشدد"، فهو هنا لا يلعب بأوراق مكشوفة، لكن من الواضح أن مرسي كرئيس ينوء تحت أعباء ثقيلة. في أحدث خطاب له الأربعاء الماضي (26 حزيران/ يونيو 2013) صب الزيت على النار من جديد وصور أعدائه على أنهم أعداء للثورة ولمصر. وقد يكون من الكارثي أن يترسخ لدى المصريين المؤمنين بالديمقراطية انطباع بأن الغرب يتخلى عنهم من جديد في دعم مطالبهم، تماماً كما حدث سابقاً خلال حكم مبارك.