1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

بريطانيا تستعين بالذكاء الاصطناعي لتشديد الرقابة على الحدود

٢٧ مايو ٢٠٢٣

تستعين المملكة المتحدة بشركة أمريكية ناشئة متخصصة في الذكاء الاصطناعي، لكشف قوارب المهاجرين التي تعبر بحر المانش بما يتماشى مع سياسة الحكومة للحد من أعداد الوافدين. إلا أن استخدام هذه التقنيات الحديثة يثير مخاوف.

https://p.dw.com/p/4Rhxh
برج مراقبة مجهز ببرامج الذكاء الاصطناعي. الصورة ملتقطة من فيديو ترويجي للشركة الأمريكية Anduril
برج مراقبة مجهز ببرامج الذكاء الاصطناعي. الصورة ملتقطة من فيديو ترويجي للشركة الأمريكية Andurilصورة من: Infomigrants

في سعيها للحد من محاولات عبور القناة البحرية الفاصلة بين المملكة المتحدة وفرنسا، تعمل وزارة الداخلية البريطانية مع شركة دفاع أمريكية ناشئة تدعى Anduril وهي متخصصة في استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، وكانت تعاونت سابقا مع وزارة الدفاع الأمريكية لمنع دخول الوافدين من المكسيك الأراضي الأمريكية.

ومنذ حوالي عامين، وسّعت هذه الشركة مجال أعمالها ووقعت ثلاث عقود مع المملكة المتحدة  بقيمة 8 ملايين جنيه إسترليني تقريبا، وفقا لبيانات من شركة Tussell، التي تتعقب العقود الحكومية.

بدأت الشركة بالفعل في تنفيذ إجراءاتها على الحدود المشتركة مع فرنسا، ووضعت برج مراقبة في ميناء دوفر البريطاني، كما أنها من الممكن أن تطرح أدوات وتقنيات أخرى في ظل تحسن الطقس والتوقعات بزيادة محاولات العبور. وفي عام 2021، افتتحت فرعا في لندن تنضوي مهمته على "الجمع بين أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي وتقنيات الاستشعار التجارية لتعزيز الأمن القومي من خلال الاكتشاف الآلي وتحديد وتتبع الأهداف".

إلا أن استخدام الذكاء الاصطناعي في هذا المجال يثير مخاوف خبراء يحذرون من المخاطر والثغرات العملية في توظيف الذكاء الاصطناعي للتعرف على المهاجرين.

يؤكد من جهته الباحث المتخصص في قانون العقوبات أوليفييه كان، على أن هذا التعاون هو نتيجة لسياسات الهجرة المتشددة بعد إقرار "قانون الهجرة غير الشرعية" الجديد الشهر الماضي، والذي يمنع أي شخص دخل البلاد بشكل غير نظامي من تقديم طلب لجوء. كما يتيح القانون الجديد ترحيل هؤلاء الوافدين  إلى دولة ثالثة، لا سيما وأن المملكة المتحدة توصلت إلى اتفاق مع رواندا العام الماضي لإرسال طالبي اللجوء إليها. لكن حتى اليوم لم تتمكن السلطات من ترحيل أي طالب لجوء إلى رواندا بسبب عوائق قانونية.

منذ بداية العام الجاري، عبر أكثر من خمسة آلاف شخص القناة البحرية إلى المملكة المتحدة على متن قوارب صغيرة، بحسب الأرقام الرسمية.

مراقبة مساحات كبيرة

الهدف من التعاون مع هذه الشركة، بحسب كان، هو "استرداد الصور التي تلتقط في البحر، واستخدام  الذكاء الاصطناعي  لإظهار دخول (المهاجرين) إلى أراضي  المملكة المتحدة  بشكل غير قانوني". وبالتالي، تسهيل ترحيل المهاجرين.

عندما ترصد الأجهزة حركة ما، فإنها ترسل إخطارا إلى هواتف عناصر  حرس الحدود  مثلا، وتظهر صورة تحدد العنصر الذي التقطته الأجهزة، وفقا لفيديو ترويجي للشركة.

وتصمم الشركة الناشئة بشكل خاص أبراج التحكم والطائرات بدون طيار المجهزة بكاميرات وبرامج التحليل، بحيث تكون المعلومات مركزية ضمن برنامج يسمى Lattice. ويمكن لمنصة البرامج أن تقوم بمراجعة البيانات الواردة من أجهزة الاستشعار المختلفة، سواء كانت أبراج مراقبة أو طائرات بدون طيار أو غيرها من المعدات، لمراقبة مساحات كبيرة جدا.

ووصفت وكالة الجمارك وحماية الحدود الأمريكية هذه الأبراج بأنها "شريك لا ينام أبدا، ولا يحتاج أبدا إلى أخذ استراحة لشرب القهوة"، حسبما جاء في صحيفة "الغارديان" البريطانية.

من وراء شركة Anduril؟

تأسست الشركة في عام 2017 على يد الرئيس التنفيذي بالمر لوكي وبدعم من مستثمر آخر في بنك "سليكون فالي" بيتير ثيل وهو معروف بدعمه للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.

قد يكمن سبب توجه المملكة المتحدة للاستعانة بخدمات شركة أمريكية ناشئة  في المعلومات التي تمتلكها بفضل مبدأ التعلم الذاتي للذكاء الاصطناعي. "الولايات المتحدة فيها مجموعات عرقية وأثنية متنوعة أكثر من بريطانيا، وبالتالي قد تمتلك بيانات من مجموعات بشرية يمكن مقارنتها عرقيا بالسكان الذين يعبرون القناة، مثل المهاجرين المتحدرين من الصومال على سبيل المثال، وبالتالي تسهل عملية التعرف على الوجه".

وفقا للباحث كان، بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، فإن الحكومة لم تعد ملزمة بالخضوع للائحة العامة لحماية البيانات (RGPDP) ، وهو مكون لحماية البيانات ويعالج أيضا نقل البيانات الشخصية خارج مناطق الاتحاد الأوروبي والمنطقة الاقتصادية الأوروبية.

لكن حتى بعد بريكست، فإن المملكة المتحدة لديها قوانين حماية البيانات الخاصة بها والتي لا يمكن للحكومة انتهاكها. الأمر الذي يدفع الباحث للتساؤل "أين سيتم الاحتفاظ بالخوادم التي تحتوي على البيانات الواردة؟ ما هي حقوق الاستئناف لمواطني المملكة المتحدة الذين تتم معالجة بياناتهم بواسطة الخوادم؟".

التشديد على وضع إجراءات عادلة

كما أشار الخبير كان إلى الصعوبات التقنية في تحديد هوية المهاجرين في البحر، مشيرا إلى أنه "غالبا ما تكون الظروف الجوية غير مثالية، وتحدث العديد من عمليات عبور القوارب الصغيرة ليلا. كيف ستعمل تقنية التعرف على الوجه في مثل هذه الظروف؟". كما تحدث عن أساليب يمكن أن يستخدمها المهربون  لتجنب هذه التقنيات مثل وضع أقنعة على وجوه  المهاجرين  مقابل تكلفة إضافية.

كما أن هذه التقنيات سيكون لها تحديات قانونية، إذ تشدد المنظمات الحقوقية على ضرورة إمكانية مثول طالبي اللجوء أمام العدالة.

في ورقة بحثية بعنوان "حماية اللاجئين في عصر الذكاء الاصطناعي"، يشير الباحث تشاتام هاوس إلى أن "التحديات الأخلاقية والقانونية الأكثر شيوعا المرتبطة باستخدام الذكاء الاصطناعي في اللجوء وأنظمة الهجرة والحدود تتضمن قضايا التعتيم وعدم القدرة على التنبؤ وإمكانية التحيز والتمييز غير القانوني، وكيف تؤثر هذه العوامل على قدرة الأفراد على الحصول على تعويض في حالة اتخاذ قرارات خاطئة أو غير عادلة".

إضافة إلى ذلك، يطرح الباحث إشكالية تخزين البيانات مشددا على أهمية وضع إجراءات عادلة تتيح للقضاة إصدار أوامر لجعل البيانات متاحة. "ستكون هناك سلسلة كاملة من الأسئلة التي سيتعين على الحكومة توضيحها". ويضيف متخوفا "غالبا ما تُستخدم الإجراءات المتعلقة باللاجئين كخطط تجريبية، أي إذا نجحت هذه التقنيات، فمن الممكن تطبيقها قريبا على بقية السكان".

وكان رئيس الوزراء السابق بوريس جونسون كلف الجيش بتولي  مراقبة المانش  وقوارب المهاجرين، وفي بداية العام الجاري، تولت وزارة الداخلية المسؤولية بأمر من رئيس الحكومة، وأنشأت وحدة قيادة تشغيلية. وقالت وزارة الداخلية إنها من خلال هذه الوحدة الجديدة ستقدم "طائرات بدون طيار وقوارب ورادار أرضي وكاميرات"، لكنها رفضت الرد على أسئلة صحيفة "الفايننشال تايمز" فيما بتعلق بالعقد الموقع مع هذه الشركة مبررة ذلك بأنها لا تعلّق على العقود التجارية في هذا المجال.

 دانا البوز - مهاجر نيوز 2023