1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

المد الديني في إسرائيل: تهديد للديمقراطية أو زوبعة في فنجان؟

٢٣ ديسمبر ٢٠١١

توالت مؤخراً في إسرائيل أحداث أعادت ظاهرة إبعاد النساء من الحياة العامة من قبل المتشددين المتدينين إلى الأضواء مجدداً، ما أثار حفيظة المجتمع المدني والأوساط السياسية، فهل يعتبر ذلك تهديداً للديمقراطية وسلطة القانون؟

https://p.dw.com/p/13YVo
صورة من: AP

شهدت القدس وتل أبيب احتجاجات هذا الأسبوع، ارتفعت خلالها نبرة الخطاب الإسرائيلي في أعقاب سلسلة من الحوادث التي اعتمدها المتشددون المتدينون "الحريديم" في الحياة العامة لبسط تعصبهم ضد المرأة، بعد أن كان مقتصراً على الفضاء الخاص. وكان آخرها استدعاء الشرطة إثر رفض إحدى الراكبات ترك مقعدها في حافلة عامة، ليجلس محلها أحد المتدنيين. أطلق هذا الحادث شرارة الاحتجاجات، فقد شهدت العاصمة مسيرة تضامن مع حقوق المرأة، شاركت فيها عربيات ويهوديات. كما شهدت الجامعة تل أبيب مظاهرة بمشاركة نسويه عالية، اعتبرت المشتركات فيها هذه الحادثة مساً بقانون الدولة الأساسي باحترام الحقوق والحريات.

مكانة المرأة.. قاعدة لمختلف الفئات الاجتماعية

Ultraorthodoxe Juden in Jerusalem
العزار بابو: "هناك عدة عوامل تغذي المد الديني، أولها انصراف العلوم والفلسفة إلى البحث في أسئلة مهمة مثل الخليقة والوجود الإلهي، مخلفة فراغاً لحاجة إنسانية إلى توجه إيجابي متفائل يعطي مفهوماً للكون والإنسان".صورة من: AP

من جانبه صرح رئيس بلدية القدس نير بركات بالقول: "إن هناك علاقة وثيقة بين تعزيز مكانة المرأة وتقليص ظاهرة العنف ضد النساء. لقد أكدتُ مراراً التزامي بمبدأ المساواة بين الرجال والنساء في فرص العمل على حد سواء". كما اصطف جميع القادة السياسيين، بدءا برئيس الدولة شمعون بيريز مروراً برئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ورئيسة المعارضة من حزب كديما تسيبي ليفني، لشجب الظاهرة بصورة قاطعة.

ووصفت اللجنة البرلمانية لمكانة المرأة ظاهرة إبعاد النساء من الحياة العامة بسياسة عنصرية، مؤكدة أنها ستدرس إمكانية سن قوانين لمكافحة هذه الظاهرة المرفوضة من قبل أغلبية المجتمع الإسرائيلي. ومن ضمن الأفكار المطروحة إجبار الحكومة على قطع المساعدات المالية لأي مؤسسة تتجاهل دور المرأة وطاقاتها، على غرار محطة راديو المتدنيين المتشددين، التي لا تستضيف نساء في برامجها.

عوامل تغذي المد الديني

عن العوامل التي تغذي المد الديني المتزايد في إسرائيل وجذوره يقول الأستاذ في جامعة بن غوريون بالنقب العزار بابو: "هناك عدة عوامل تغذي المد الديني، أولها انصراف العلوم والفلسفة إلى البحث في أسئلة مهمة مثل الخليقة والوجود الإلهي، مخلفة فراغاً لحاجة إنسانية إلى توجه إيجابي متفائل يعطي مفهوماً للكون والإنسان". ويضيف بابو في حوار مع دويتشه فيله: "كما نشهد ظروفاً اقتصادية عصيبة، تظهر فيها حاجة لتهدئة الخواطر والمخاوف من خلال معالجة نفسية مستندة إلى أحداث من التاريخ اليهودي. وحينها يسد الدين هذا النقص". ويرى الأستاذ في جامعة بن غوريون أن "الأزمة اليوم لا تقتصر على جوانب اقتصادية فقط، بل إن النخب الموجودة حلت النظام القديم، مما يستدعي لدى البعض التمسك بأطر تقليدية يجدها في الدين".

صراعٌ على الهوية

أما الكاتب والصحفي بن درور يميني الذي يرى في التطورات جزءا من ظاهرة أوسع، فيقول في حديث مع دويتشه فيله: "إن هذا النزاع يعكس تخبط الدولة في بلورة هويتها وحدودها في السنوات الأخيرة، بين اليهودية الديمقراطية وبين الدينية الوطنية. إن اليمين واليسار المتطرفين يقوضان الفكرة الصهيونية. فاليمين يحاول محو سمات الديمقراطية، فيما يحاول اليسار محو سمات اليهودية عن الدولة".

من جانبه يرى بابو أن هذا صراع مفتعل، وهو "نوع من التقليعة، فتارة يلجأ المتشددون إلى قذف السيارات المارة قرب سكناهم بالحجارة لمسهم بقدسية يوم السبت، وتارة الحيلولة دون تشييد أبنية، على أراض يعتقد أن تحيتها بعض القبور. لكن كلها تنصب في محاولات لتحقيق مكاسب داخل المعسكر الديني".

Ultraorthodoxe
بن درور يميني: "هذا النزاع يعكس تخبط الدولة في بلورة هويتها وحدودها في السنوات الأخيرة، بين اليهودية الديمقراطية وبين الدينية الوطنية".صورة من: picture-alliance/dp

تداعيات على الساحة السياسية

الحاخام والدكتور نفتالي روتنبرغ، من معهد فان لير للأبحاث، يلقي باللائمة في تأجيج الصراع على المعسكر العلماني: "إن المعسكر العلماني في حربه الضارية سيقوي من حزب المتدنيين الشرقيين (شاس). وليس من المستبعد أن يقوي مركزه بمقاعد إضافية في الانتخابات المقبلة. يجب أن نتذكر أن نداء الفصل بين الدين والسياسة نهاية تسعينات القرن الماضي، أسفر عن ظهور حزب "التغيير"، الذي حصد 15 مقعداً في الكنيست".

ويضيف روتنبرغ في حوار مع دويتشه فيله: "إن الساحة الحزبية ستستغل موضوع إبعاد النساء عن الحياة العامة، إما بظهور حزب وسط جديد على غرار حزب التغيير أو تبني حزب مثل (كديما) أجندة الصراع لتحقيق مكاسب في صناديق الاقتراع".

انعدام القضايا المصيرية

ويتفق روتنبرغ مع بابو في أن الصراع لا يدور على قضايا مصيرية، مشككين في النوايا الحقيقة لكلا طرفي النزاع. ويؤكدان أن الديمقراطية في البلاد لا تقف على شفا هاوية. من جانبه يرى بابو أن "الخطر الأكبر هو سكوت العلمانيين على تفريط الحكومة في الجيل الصاعد في المدارس الدينية، حيث لا يتعلمون العلوم واللغة الانجليزية". وهم في نظره رهائن بيد أولياء أمورهم، لأنهم "غير قادرين على الاختيار، والدولة تضع ختمها على شهادات تعليم مشكوك في مصداقيتها".

ليندا منوحين عبد العزيز- تل أبيب

مراجعة: عماد غانم

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد